الباحث القرآني

هَذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعالى لِمَن أنْفَقَ مالَهُ في غَيْرِ طاعَتِهِ ومَرْضاتِهِ، فَشَبَّهَ سُبْحانَهُ ما يُنْفِقُهُ هَؤُلاءِ مِن أمْوالِهِمْ في المَكارِمِ والمَفاخِرِ وكَسْبِ الثَّناءِ وحُسْنِ الذِّكْرِ لا يَبْتَغُونَ بِهِ وجْهَ اللَّهِ، وما يُنْفِقُونَهُ لِيَصُدُّوا بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ واتِّباعِ رُسُلِهِ، بِالزَّرْعِ الَّذِي زَرَعَهُ صاحِبُهُ يَرْجُو نَفْعَهُ وخَيْرَهُ فَأصابَتْهُ رِيحٌ شَدِيدَةُ البَرْدِ جِدًّا، يُحْرِقُ بَرْدُها ما يَمُرُّ عَلَيْهِ مِن الزَّرْعِ والثِّمارِ، فَأهْلَكَتْ ذَلِكَ الزَّرْعَ وأيْبَسَتْهُ. واخْتُلِفَ في الصِّرِّ؛ فَقِيلَ: البَرْدُ الشَّدِيدُ، وقِيلَ: النّارُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وإنَّما وُصِفَتْ النّارُ بِأنَّها صِرٌّ لِتَصْرِيَتِها عِنْدَ الِالتِهابِ، وقِيلَ: الصِّرُّ الصَّوْتُ الَّذِي يَصْحَبُ الرِّيحَ مِن شِدَّةِ هُبُوبِها، والأقْوالُ الثَّلاثَةُ مُتَلازِمَةٌ؛ فَهو بَرْدٌ شَدِيدٌ مُحْرِقٌ بِيَبْسِهِ لِلْحَرْثِ كَما تُحْرِقُهُ النّارُ، وفِيهِ صَوْتٌ شَدِيدٌ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿أصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ﴾ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ سَبَبَ إصابَتِها لِحَرْثِهِمْ هو ظُلْمُهُمْ؛ فَهو الَّذِي سَلَّطَ عَلَيْهِمْ الرِّيحَ المَذْكُورَةَ حَتّى أهْلَكَتْ زَرْعَهم وأيْبَسَتْهُ، فَظُلْمُهم هو الرِّيحُ الَّتِي أهْلَكَتْ أعْمالَهم ونَفَقاتِهِمْ وأتْلَفَتْها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب