الباحث القرآني

* [فَصْلٌ: الحُبُّ أصْلُ كُلِّ عَمَلٍ] وَإذا كانَ الحُبُّ أصْلَ كُلِّ عَمَلٍ مِن حَقٍّ وباطِلٍ، فَأصْلُ الأعْمالِ الدِّينِيَّةِ حُبُّ اللَّهِ ورَسُولِهِ، كَما أصْلُ الأقْوالِ الدِّينِيَّةِ تَصْدِيقُ اللَّهِ ورَسُولِهِ، وكُلُّ إرادَةٍ تَمْنَعُ كَمالَ الحُبِّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وتُزاحِمُ هَذِهِ المَحَبَّةَ أوْ شُبْهَةٍ تَمْنَعُ كَمالَ التَّصْدِيقِ، فَهي مُعارِضَةٌ لِأصْلِ الإيمانِ أوْ مُضْعِفَةٌ لَهُ، فَإنْ قَوِيَتْ حَتّى عارَضَتْ أصْلَ الحُبِّ والتَّصْدِيقِ كانَتْ كُفْرًا أوْ شِرْكًا أكْبَرَ، وإنْ لَمْ تُعارِضْهُ قَدَحَتْ في كَمالِهِ، وأثَّرَتْ فِيهِ ضَعْفًا وفُتُورًا في العَزِيمَةِ والطَّلَبِ، وهي تَحْجُبُ الواصِلَ، وتَقْطَعُ الطّالِبَ، وتُنَكِّسُ الرّاغِبَ، فَلا تَصِحُّ المُوالاةُ إلّا بِالمُعاداةِ كَما قالَ تَعالى عَنْ إمامِ الحُنَفاءِ المُحِبِّينَ أنَّهُ قالَ لِقَوْمِهِ: ﴿أفَرَأيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أنْتُمْ وآباؤُكُمُ الأقْدَمُونَ (٧٦) فَإنَّهم عَدُوٌّ لِي إلّا رَبَّ العالَمِينَ (٧٧)﴾. فَلَمْ يَصِحَّ لِخَلِيلِ اللَّهِ هَذِهِ المُوالاةُ والخُلَّةُ إلّا بِتَحْقِيقِ هَذِهِ المُعاداةِ، فَإنَّهُ لا ولاءَ إلّا بِالبَراءَةِ مِن كُلِّ مَعْبُودٍ سِواهُ، قالَ تَعالى: ﴿قَدْ كانَتْ لَكم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبْراهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ إذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إنّا بُرَآءُ مِنكم ومِمّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكم وبَدا بَيْنَنا وبَيْنَكُمُ العَداوَةُ والبَغْضاءُ أبَدًا حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وحْدَهُ﴾ [الممتحنة: ٤]. وَقالَ تَعالى: ﴿وَإذْ قالَ إبْراهِيمُ لِأبِيهِ وقَوْمِهِ إنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ إلّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإنَّهُ سَيَهْدِينِ - وجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِهِ لَعَلَّهم يَرْجِعُونَ﴾ [الزخرف: ٢٦-٢٨]. أيْ جَعَلَ هَذِهِ المُوالاةَ لِلَّهِ، والبَراءَةَ مِن كُلِّ مَعْبُودٍ سِواهُ كَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِهِ يَتَوارَثُها الأنْبِياءُ وأتْباعُهم بَعْضُهم عَنْ بَعْضٍ وهي كَلِمَةُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وهي الَّتِي ورَّثَها إمامُ الحُنَفاءِ لِأتْباعِهِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب