الباحث القرآني
* [فصل: الفرق بين التوكل والعجز]
والفرق بين التوكل والعجز: أن التوكل عمل القلب وعبوديته اعتمادا على اللّه وثقة به والتجاء إليه وتفويضا إليه ورضا بما يقضيه له لعلمه بكفايته سبحانه وحسن اختياره لعبده إذا فوض إليه مع قيامه بالأسباب المأمور بها واجتهاده في تحصيلها فقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أعظم المتوكلين وكان يلبس لامته ودرعه بل ظاهر يوم أحد بين درعين واختفى في النار ثلاثا فكان متوكلا في السبب لا على السبب.
وأما العجز فهو تعطيل الأمرين أو أحدهما فإما أن يعطل السبب عجزا منه ويزعم أن ذلك توكل ولعمر اللّه أنه لعجز وتفريط وإما أن يقوم بالسبب ناظرا إليه معتمدا عليه غافلا عن المسبب معرضا عنه وإن خطر بباله لم يثبت معه ذلك الخاطر ولم يعلق قلبه به تعلقا تاما بحيث يكون قلبه مع اللّه وبدنه مع السبب فهذا توكله عجز وعجزه توكل.
وهذا الوضع انقسم فيه الناس طرفين ووسطا (فأحد الطرفين) عطل الأسباب محافظة على التوكل.
والثاني: عطل التوكل محافظة على السبب (والوسط) عليم أن حقيقة التوكل لا يتم إلا بالقيام بالسبب فتوكل على اللّه في نفس السبب، وأما من عطل السبب وزعم أنه متوكل فهو مغرور ومخدوع متمن كمن عطل النكاح والتسري وتوكل في حصول الولد، وعطل الحرث والبذور وتوكل في حصول الزرع، وعطل الأكل والشرب وتوكل في حصول الشبع والري، فالمتوكل نظير الرجاء. والعجز نظير المنى فحقيقة التوكل أن يتخذ العبد ربه وكيلا له قد فرض إليه كما يفرض الموكل إلى وكيله العالم بكفايته ونهضته ونصحه وأمانته وخبرته وحسن اختياره والرب سبحانه قد أمر عبده بالاحتيال وتوكل له أن يستخرج له من حليته ما يصلحه فأمره أن يحرث ويبذر ويسعى ويطلب رزقه في ضمان ذلك كما قدره سبحانه ودبره واقتضته حكمته وأمره أن لا يعلق قلبه بغيره بل يجعل رجاءه له وخوفه منه وثقته به وتوكله عليه وأخبره سبحانه الملي بالوكالة الوفي بالكفاية فالعاجز من رمى هذا كله وراء ظهره وقعد كسلان طالبا للراحة مؤثرا للبدعة يقول الرزق ويطلب صاحبه كما يطلبه أجله وسيأتيني ما قدر لي على ضعفي ولن أنال ما لم يقدر لي مع قوتي، ولو أني هربت من رزقي كما أهرب من الموت للحقني فيقال له نعم هذا كله حق وقد علمت أن الرزق مقدر فما يدريك كيف قدر لك، بسعيك أم بسعي غيرك.
وإذا كان بسعيك فبأي سبب ومن أي وجه، وإذا اختفى عليك هذا كله فمن أين علمت أن بقدر لك إتيانه عفوا بلا سعي ولا كد فكم من شيء سعيت فيه فقدر لغيرك وكم من شيء سعى فيه غيرك فقدر لك رزقا! فإذا رأيت هذا عيانا فكيف علمت أن رزقك كله بسعي غيرك؟
وأيضا فهذا الذي أوردته عليك النفس يجب عليك طرده في جميع الأسباب مع مسبباتها حتى في أسباب دخول الجنة والنجاة من النار فهل تعطلها اعتمادا على التوكل أم تقوم بها مع التوكل؟ بل لن تخلو الأرض من متوكل صير نفسه للّه وملأ قلبه من الثقة به ورجاءه وحسن الظن به فضاق قلبه مع ذلك عن مباشرة بعض الأسباب فسكن قلبه إلى اللّه واطمأن إليه ووثق به.
وكان هذا من أقوى حصول أسباب رزقه فلم يعطل السبب وإنما رغب عن سبب إلى سبب أقوى منه فكان توكله أوثق الأسباب عنده، فكان اشتغال قلبه باللّه وسكونه إليه وتضرعه إليه أحب إليه من اشتغاله بسببه يمنعه من ذلك أو من كماله فلم يتسع قلبه للأمرين فأعرض عن أحدهما إلى الآخر ولا ريب أن هذا أكمل حالا ممن امتلأ قلبه بالسبب واشتغل به عن ربه وأكمل منهما من جمع الأمرين وهي حال الرسل والصحابة، فقد كان زكريا نجارا.
وقد أمر اللّه نوحا أن يصنع السفينة ولم يكن في الصحابة من يعطل السبب اعتمادا على التوكل بل كانوا أقوم الناس بالأمرين ألا ترى أنهم بذلوا جهدهم في محاربة أعداء الدين وألسنتهم وقالوا في ذلك بحقيقة التوكل وعمروا أموالهم وأصلحوها وأعدوا لأهليهم كفايتهم من القوت اقتداء بسيد المتوكلين صلوات اللّه وسلامه عليه وآله.
{"ayah":"وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَیِّ ٱلَّذِی لَا یَمُوتُ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِهِۦۚ وَكَفَىٰ بِهِۦ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق