الباحث القرآني
وَقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الصّابِئُ المُسْتَحْدِثُ سِوى دِينِهِ دِينًا كالمُرْتَدِّ مِن أهْلِ الإسْلامِ عَنْ دِينِهِ، وكُلُّ خارِجٍ مِن دِينٍ كانَ عَلَيْهِ إلى آخَرَ غَيْرِهِ تُسَمِّيهِ العَرَبُ صابِئًا، يُقالُ مِنهُ: صَبَأ فُلانٌ يَصْبَأُ صَبَأً، ويُقالُ: صَبَأتِ النُّجُومُ إذا طَلَعَتْ، وصَبَأ عَلَيْنا فُلانٌ إذا طَلَعَ.
قُلْتُ: الصّابِئَةُ أُمَّةٌ كَبِيرَةٌ فِيهِمُ السَّعِيدُ والشَّقِيُّ، وهي إحْدى الأُمَمِ المُنْقَسِمَةِ إلى مُؤْمِنٍ وكافِرٍ، فَإنَّ الأُمَمَ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ نَوْعانِ:
نَوْعٌ كُفّارٌ أشْقِياءُ كُلُّهم لَيْسَ فِيهِمْ سَعِيدٌ كَعَبَدَةِ الأوْثانِ والمَجُوسِ.
وَنَوْعٌ مُنْقَسِمُونَ إلى سَعِيدٍ وشَقِيٍّ، وهُمُ اليَهُودُ والنَّصارى والصّابِئَةُ.
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ النَّوْعَيْنِ في كِتابِهِ فَقالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والنَّصارى والصّابِئِينَ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صالِحًا فَلَهم أجْرُهم عِنْدَ رَبِّهِمْ ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ﴾
وَكَذَلِكَ قالَ في المائِدَةِ. وقالَ في سُورَةِ الحَجِّ: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والصّابِئِينَ والنَّصارى والمَجُوسَ والَّذِينَ أشْرَكُوا إنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ إنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [الحج: ١٧]، فَلَمْ يَقُلْ هاهُنا: مَن آمَنَ مِنهم بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ؛ لِأنَّهُ ذَكَرَ مَعَهُمُ المَجُوسَ والَّذِينَ أشْرَكُوا فَذَكَرَ سِتَّ أُمَمٍ، مِنهُمُ اثْنَتانِ شَقِيَّتانِ، وأرْبَعٌ مِنهم مُنْقَسِمَةٌ إلى شَقِيٍّ وسَعِيدٍ، وحَيْثُ وعَدَ أهْلَ الإيمانِ والعَمَلِ الصّالِحِ مِنهم بِالأجْرِ ذَكَرَهم أرْبَعَ أُمَمٍ لَيْسَ إلّا.
فَفِي آيَةِ الفَصْلِ بَيْنَ الأُمَمِ أدْخَلَ مَعَهُمُ الأُمَّتَيْنِ، وفي آيَةِ الوَعْدِ بِالجَزاءِ لَمْ يُدْخِلْها مَعَهُمْ، فَعُلِمَ أنَّ الصّابِئِينَ فِيهِمُ المُؤْمِنُ والكافِرُ والشَّقِيُّ والسَّعِيدُ وهَذِهِ أُمَّةٌ قَدِيمَةٌ قَبْلَ اليَهُودِ والنَّصارى وهم أنْواعٌ: صابِئَةٌ حُنَفاءُ وصابِئَةٌ مُشْرِكُونَ.
وَكانَتْ حَرّانُ دارَ مَمْلَكَةِ هَؤُلاءِ قَبْلَ المَسِيحِ، ولَهم كُتُبٌ وتَآلِيفُ وعُلُومٌ، وكانَ في بَغْدادَ مِنهم طائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنهم إبْراهِيمُ بْنُ هِلالٍ الصّابِئُّ صاحِبُ " الرَّسائِلِ " وكانَ عَلى دِينِهِمْ ويَصُومُ رَمَضانَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وأكْثَرُهم فَلاسِفَةٌ ولَهم مَقالاتٌ مَشْهُورَةٌ ذَكَرَها أصْحابُ المَقالاتِ.
وَجُمْلَةُ أمْرِهِمْ أنَّهم لا يُكَذِّبُونَ الأنْبِياءَ ولا يُوجِبُونَ اتِّباعَهُمْ، وعِنْدَهم أنَّ مَنِ اتَّبَعَهم فَهو سَعِيدٌ ناجٍ وأنَّ مَن أدْرَكَ بِعَقْلِهِ ما دَعَوْا إلَيْهِ فَوافَقَهم فِيهِ وعَمِلَ بِوَصاياهم فَهو سَعِيدٌ وإنْ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِهِمْ.
فَعِنْدَهُمْ: دَعْوَةُ الأنْبِياءِ حَقٌّ ولا تَتَعَيَّنُ طَرِيقًا لِلنَّجاةِ وهم يُقِرُّونَ أنَّ لِلْعالَمِ صانِعًا مُدَبِّرًا حَكِيمًا مُنَزَّهًا عَنْ مُماثَلَةِ المَصْنُوعاتِ، ولَكِنَّ كَثِيرًا مِنهم أوْ أكْثَرَهم قالُوا: نَحْنُ عاجِزُونَ عَنِ الوُصُولِ إلى جَلالِهِ بِدُونِ الوَسائِطِ، والواجِبُ التَّقَرُّبُ إلَيْهِ بِتَوَسُّطِ الرُّوحانِيِّينَ المُقَدَّسِينَ المُطَهَّرِينَ عَنِ المَوادِّ الجُسْمانِيَّةِ، المُبَرَّئِينَ عَنِ القُوى الجَسَدِيَّةِ المُنَزَّهِينَ عَنِ الحَرَكاتِ المَكانِيَّةِ والتَّغْيِيراتِ الزَّمانِيَّةِ بَلْ قَدْ جُبِلُوا عَلى الطَّهارَةِ وفُطِرُوا عَلى التَّقْدِيسِ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِـِٔینَ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق