الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِجالِكُمْ﴾
* [فَصْلٌ: سِرُّ تَخْصِيصِ خُزَيْمَةَ بِقَبُولِ شَهادَتِهِ وحْدَهُ]
وَأمّا قَوْلُهُ: " وجَعَلَ شَهادَةَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثابِتٍ بِشَهادَتَيْنِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ هو أفْضَلُ مِنهُ " فَلا رَيْبَ أنَّ هَذا مِن خَصائِصِهِ، ولَوْ شَهِدَ عِنْدَهُ ﷺ أوْ عِنْدَ غَيْرِهِ لَكانَ بِمَنزِلَةِ شاهِدَيْنِ اثْنَيْنِ، وهَذا التَّخْصِيصُ إنّما كانَ لِمُخَصِّصٍ اقْتَضاهُ، وهو مُبادَرَتُهُ دُونَ مَن حَضَرَ مِن الصَّحابَةِ إلى الشَّهادَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ قَدْ بايَعَ الأعْرابِيَّ، وكانَ فَرَضَ عَلى كُلِّ مَن سَمِعَ هَذِهِ القِصَّةَ أنْ يَشْهَدَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ بايَعَ الأعْرابِيَّ، وذَلِكَ مِن لَوازِمِ الإيمانِ والشَّهادَةِ بِتَصْدِيقِهِ ﷺ، وهَذا مُسْتَقِرٌّ عِنْدَ كُلِّ مُسْلِمٍ، ولَكِنَّ خُزَيْمَةَ تَفَطَّنَ لِدُخُولِ هَذِهِ القَضِيَّةِ المُعَيَّنَةِ تَحْتَ عُمُومِ الشَّهادَةِ لِصِدْقِهِ في كُلِّ ما يُخْبِرُ بِهِ؛ فَلا فَرْقَ بَيْنَ ما يُخْبِرُ بِهِ عَنْ اللَّهِ وبَيْنَ ما يُخْبِرُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ في صِدْقِهِ في هَذا وهَذا، ولا يَتِمُّ الإيمانُ إلّا بِتَصْدِيقِهِ في هَذا وهَذا؛ فَلَمّا تَفَطَّنَ خُزَيْمَةُ دُونَ مَن حَضَرَ لِذَلِكَ اسْتَحَقَّ أنْ تُجْعَلَ شَهادَتُهُ بِشَهادَتَيْنِ.
قول الله تعالى ذكره: ﴿أنْ تَضِلَّ إحْداهُما فَتُذَكِّرَ إحْداهُما الأُخْرى﴾ فيه دليل على أن الشاهد إذا نسي شهادته فذكّره بها غيره لم يرجع إلى قوله، حتى يذكرها. وليس له أن يقلده. فإنه سبحانه قال: فَتُذَكِّرَ إحْداهُما الأُخْرى ولم يقل: فتخبرها.
وفيها قراءتان: التثقيل والتخفيف. والصحيح: أنهما بمعنى واحد من «الذكر»
وأبعد من قال: فيجعلها «ذكرا» لفظا ومعنى. فإنه سبحانه جعل ذلك علة للضلال، الذي هو ضد الذكر.
فإذا ضلت أو نسيت ذكرتها الأخرى فذكرت.
وقوله: أنْ تَضِلَّ تقديره عند الكوفيين: لئلا تضل إحداهما.
ويطردون ذلك في كل ما جاء من هذا. كقوله تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكم أنْ تَضِلُّوا﴾ ونحوه.
ويرد عليهم نصب قوله: ﴿فَتُذَكِّرَ إحْداهُما الأُخْرى﴾ إذ يكون تقديره:
لئلا تضلوا. ولئلا تذكر.
وقدره البصريون بمصدر محذوف. وهو الإرادة والكراهة والحذر.
ونحوها فقالوا: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكم أنْ تَضِلُّوا﴾ أي حذر أن تضلوا، وكراهة أن تضلوا ونحوه.
ويشكل عليهم هذا التقدير في قوله: أنْ تَضِلَّ إحْداهُما فإنهم إن قدروه كراهة أن تضل إحداهما: كان حكم المعطوف - وهو «فتذكر» حكمه -، فيكون مكروها. وإن قدروها: إرادة أن تضل إحداهما، كان الضلال مرادا.
والجواب عن هذا: أنه كلام محمول على معناه. والتقدير: أن تذكّر إحداهما الأخرى إن ضلت. وهذا مراد قطعا.
وقال الشيخ ابن تيمية رحمة الله عليه: قوله تعالى: ﴿فَإنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامْرَأتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أنْ تَضِلَّ إحْداهُما فَتُذَكِّرَ إحْداهُما الأُخْرى﴾.
فيه دليل على استشهاد امرأتين مكان رجل هو لإذكار إحداهما الأخرى إذا ضلت.
وهذا إنما يكون فيما يكون فيه الضلال في العادة، وهو النسيان وعدم الضبط.
وإلى هذا المعنى أشار النبي ﷺ حيث قال: «أما نقصان عقلهن: فشهادة امرأتين بشهادة رجل»
فبين أن شطر شهادتهن إنما هو لضعف العقل، لا لضعف الدين. فعلم بذلك عدل النساء بمنزلة عدل الرجال.
وإنما عقلها ينقص عنه. فما كان من الشهادة لا يخاف فيه الضلال في العادة لم تكن فيه على نصف الرجل.
وما يقبل فيه شهادتهن منفردات إنما هو في أشياء تراها بعينها، أو تلمسها بيدها، أو تسمعها بأذنها، من غير توقف على عقل، كالولادة والاستهلال والارتضاع والحيض، والنفاس، والعيوب تحت الثياب. فإن مثل هذا لا ينسى في العادة، ولا تحتاج معرفته إلى كمال عقل، كمعاني الأقوال التي تسمعها من الإقرار بالدين وغيره. فإن هذه معان معقولة. ويطول العهد بها في الجملة.
ولولا أن هذه الآية تستدعي سفرا وحدها لذكرت بعض تفسيرها.
والغرض إنما هو التنبيه والإشارة، وقد ذكر أيضا العادل، وهو آخذ رأس ماله من غريمه بلا زيادة ولا نقصان.
ثم ختم السورة بهذه الخاتمة العظيمة، التي هي من كنز تحت عرشه.
والشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه، وفيها من العلوم والمعارف وقواعد الإسلام وأصول الإيمان، ومقامات الإحسان ما يستدعي بيانه كتابا مفردا.
* (فائدة)
قالَ تَعالى في شَهادَةِ المالِ: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ﴾ وقالَ في الوَصِيَّةِ والرَّجْعَةِ ﴿ذَوَيْ عَدْلٍ مِنكُمْ﴾ [الطلاق: ٢] لِأنَّ المُسْتَشْهِدَ هُناكَ صاحِبُ الحَقِّ فَهو يَأْتِي بِمَن يَرْضاهُ لِحِفْظِ حَقِّهِ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا كانَ هو المُضَيِّعُ لَحِقَهُ، وهَذا المُسْتَشْهِدُ يَسْتَشْهِدُ بِحَقٍّ ثابِتٍ عِنْدَهُ، فَلا يَكْفِي رِضاهُ بِهِ، بَلْ لا بُدَّ أنْ يَكُونَ عَدْلًا في نَفْسِهِ، وأيْضًا فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ وتَعالى قالَ هُناكَ: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ﴾ لِأنَّ صاحِبَ الحَقِّ هو الَّذِي يَحْفَظُ مالَهُ بِمَن يَرْضاهُ، وإذا قالَ مَن عَلَيْهِ الحَقُّ: أنا راضٍ بِشَهادَةِ هَذا عَلَيَّ، فَفي قَبُولِهِ نِزاعٌ، والآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّهُ يُقْبَلُ، بِخِلافِ الرَّجْعَةِ والطَّلاقِ فَإنَّ فِيهِما حَقًّا لِلَّهِ، وكَذَلِكَ الوَصِيَّةُ فِيها حَقٌّ لِغائِبٍ.
(فائدة أخرى)
في قوله تعالى: ﴿إلا أنْ تَكُونَ تَجارَة حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنكُمْ﴾ إرشاد إلى حيلة العِينة وما يشبهها.
فإن السلعة تدور بين المتعاقدين، للتخلص من الربا.
قالوا: وقد دلت السنة على أنه يجوز للإنسان أن يتخلص من القول الذي يأثم به أو يخاف بالمعاريض، وهى حيلة في الأقوال، كما أن تلك حيلة في الأعمال.
فروى قيس بن الربيع عن سليمان التيمى عن أبى عثمان النهدى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن في معاريض الكلام ما يغنى الرجل عن الكذب.
وقال الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما: ما يسرني بمعاريض الكلام حمر النعم.
وقال الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة ابن أبى معيط، وكانت من المهاجرات الأول: "لَمْ أسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صلى الله تعالى عليه وآلهِ وسلمَ يُرَخِّصُ في شَئْ مَّمِا يَقُولُ النّاسُ إنّهُ كَذِبٌ إلا في ثَلاثٍ: الرَّجُل يُصْلِحُ بَيْنَ النّاسِ، والَّرجُلِ يَكْذِبُ لامْرَأتِه، والكَذِبِ في الحَرْبِ".
ومعنى الكذب في ذلك هو المعاريض لا صريح الكذب.
وقال منصور: كان لهم كلام يدرءون به عن أنفسهم العقوبة والبلايا، وقد لقي رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم طليعة للمشركين، وهو في نفر من أصحابه فقال المشركون: "مًمَّنْ أنْتُمْ؟ فقالَ النَّبُى صلى اللهُ تعالى عليهِ وآله وسلمَ: نَحْنَ مِن ماءٍ. فَنَظَرَ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ فَقالُوا: أحْياءُ اليَمَنِ كَثِيرٌ، لَعَلّهم منهم، وانْصَرَفُوا".
وأراد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بقوله "نحن من ماء" قوله تعالى: ﴿خُلقَ مِن ماءٍ دافِقٍ﴾ [الطارق: ٦].
ولما وطئ عبد الله بن رواحة جاريته أبصرته امرأته فأخذت السكين وجاءته فوجدته قد قضى حاجته. فقالت: لو رأيتك حيث كنت لوجأت بها في عنقك. فقال ما فعلت؟ فقالت: إن كنت صادقًا فاقرأ القرآن. فقال:
؎شَهِدْتُ بأنّ وعْدَ اللهِ حَق ∗∗∗ وأنّ النّارَ مَثْوى الكافِرينا
؎وَأنّ العَرْش فَوْقَ الماءِ طافٍ ∗∗∗ وفَوْقَ العَرْشِ رَبُّ العالَمِينَ
؎وَتَحْمِلُهُ مَلائِكَةٌ شِدادٌ ∗∗∗ مَلائِكَةُ الإلهِ مُسَوَّمِينا
فقالت: آمنت بكتاب الله وكذبت بصري.
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فضحك حتى بدت نواجذه.
قال ابن عبد البر: ثبت ذلك عن عبد الله بن رواحة.
ويذكر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: عجبت لمن يعرف المعاريض، كيف يكذب؟
ودعى أبو هريرة رضي الله عنه إلى طعام فقال: "إنى صائم ثم رأوه يأكل. فقالوا: ألم تقل: إنى صائم. فقال: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "صِيامَ ثَلاثَةِ أيّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ صِيامُ الدَّهرِ".
وكان محمد بن سيرين إذا اقتضاه غريم ولا شيء معه، قال: أعطيك في أحد اليومين إن شاء الله تعالى. فيظن أنه أراد يومه والذي يليه، وإنما أراد يومى الدنيا والآخرة.
وذكر الأعمش عن إبراهيم أنه قال له رجل: إن فلانًا أمرني أن آتي مكان كذا وكذا وأنا لا أقدر على ذلك المكان، فكيف الحيلة؟ فقال له: قل والله ما أبصر إلا ما سددنى غيرى، يعني إلا ما أبصرك ربك.
وقال حماد عن إبراهيم في رجل أخذه رجل، فقال: إن لي معك حقًا. فقال: لا. فقال: احلف بالمشي إلى بيت الله، فقال أحلف بالمشي إلى بيت الله واعْنِ مسجد حَيِّك.
وذكر هشام بن حسان عن ابن سيرين أن رجلًا كان يصيب بالعين، فرأى بغلة شريح فأراد أن يعينها ففطن له شريح.
فقال: إنها إذا ربضت لم تقم حتى تقام.
فقال الرجل: أف أف. وسلمت بغلته.
وإنما أراد: أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقيمها.
وقال الأعمش عن إبراهيم: إنه سئل عن الرجل يبلغه عن الرجل الشيء يقوله فيه: فيسأله عنه، فقال: قل: والله إن الله ليعلم ما من ذلك من شيء، يعني بـ "ما": الذي.
وقال عقبة بن المعيرة: كنا نأتى إبراهيم وهو خائف من الحجاج فكنا إذا خرجنا من عنده يقول: إن سئلتم عنى وحلفتم، فاحلفوا بالله ما تدرون أين أنا. ولا لنا به علم ولا في أي موضع هو. واعنوا أنكم لا تدرون أي موضع أنا فيه قائم أو قاعد، وقد صدقتم.
وجاءه رجل فقال: إنى اعترضت على دابة فنفقت فأخذت غيرها، ويريدون أن يحلفونى أنها الدابة التي اعترضت عليها؟ فقال: اركبها واعترض عليها على بطنك راكنًا. ثم احلف أنها الدابة التي اعترضت عليها.
وقال أبو عوانة عن أبى مسكين: كنت عند إبراهيم، وامرأته تعاتبه في جارية له، وبيده مروحة، فقال: أشهدكم أنها لها، فلما خرجنا قال: علام شهدتم؟ قلنا: شهدنا أنك جعلت الجارية لها. قال: أما رأيتمونى أشير إلى المروحة؟ إنما قلت لكم: اشهدوا أنها لها، وأنا أعني المروحة.
وقال محمد بن الحسن عن عمر بن ذر عن الشعبى: من حلف على يمين لا يستثنى، فالبر والإثم فيها على علمه. قلت: ما تقول في الحيل؟ قال: لا بأس بالحيل فيما يحل ويجوز، وإنما الحيل شيء يتخلص به الرجل من الحرام، ويخرج به إلى الحلال. فما كان من هذا ونحوه، فلا بأس به، وإنما نكره من ذلك أن يحتال الرجل في حق لرجل حتى يبطله، أو يحتال في باطل حتى يموهه، أو يحتال في شيء حتى يدخل فيه شبهة، وأما ما كان على السبيل الذي قلنا فلا بأس بذلك.
وكان حماد رحمه الله إذا جاءه من لا يريد الاجتماع به وضع يده على ضرسه ثم قال: ضرسى، ضرسى.
ووجه الرشيد إلى شريك رجلًا ليحضره، فسأله شريك أن ينصرف ويدافع بحضوره، ففعل. فحبسه الرشيد، ثم أرسل إليه رسولًا آخر فأحضره، وسأله عن تخلفه لما جاءه رسوله. فحلف له بالأيمان المغلظة أنه ما رأى الرسول في اليوم الذي أرسله فيه، وعنى بذلك الرسول الثاني، فصدقه، وأمر بإطلاق الرجل.
وأحضر الثورى إلى مجلس المهدى فأراد أن يقوم فمنع، فحلف بالله أنه يعود، فترك نعله وخرج ثم رجع فلبسها ولم يعد، فقال المهدى: ألم يحلف أنه يعود؟
فقالوا: إنه عاد فأخذ نعله.
قالوا: وليس مذهب من مذاهب الأئمة المتبوعين إلا وقد تضمن كثيرا من مسائل الحيل.
فأبعد الناس عن القول بها مالك، وأحمد، وقد سئل أحمد عن المروزى وهو عنده، ولم يرد أن يخرج إلى السائل، فوضع أحمد إصبعه في كفه، وقال: ليس المروزى هاهنا. وماذا يصنع المروزى هاهنا؟،.
وقد سئل أحمد عن رجل حلف بالطلاق ليطأن امرأته في نهار رمضان، فقال يسافر بها ويطؤها في السفر.
وقال صاحب المستوعب: وجدت بخط شيخنا أبى حكيم: حكى أن رجلًا سأل أحمد عن رجل حلف أن لا يفطر في رمضان؟ فقال له: اذهب إلى بشر ابن الوليد، فاسأله ثم ائتني فأخبرني، فذهب فسأله، فقال له بشر: إذا أفطر أهلك فاقعد معهم ولا تفطر، فإذا كان وقت السحر، فكل، واحتج بقول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:
"هَلُمَّ إلى الغَداءِ المبارَكِ" فاستحسنه أحمد.
قالوا: وقد علم الله سبحانه نبيه يوسف عليه السلام الحيلة التي توصل بها إلى أخذ أخيه، بإظهار أنه سارق ووضع الصواع في رحله، ولم يكن كذلك حقيقة. لكن أظهر ذلك توصلًا إلى أخذ أخيه وجعله عنده. وأجزه الله سبحانه أن ذلك كيد، كاده سبحانه ليوسف، ليأخذ أخاه، ثم أخبر سبحانه وتعالى أن ذلك من العلم الذي رفع به درجات من يشاء، وأن الناس متفاوتون فيه. فوق كل ذي علم عليم.
(فائدة: الفرق بين الشهادة والرواية)
أن الرواية يعم حكمها الراوي وغيره على ممر الأزمان، والشهادة تخص المشهود عليه وله ولا يتعداهما إلا بطريق التبعية المحضة فإلزام المعين يتوقع منه العداوة وحق المنفعة والتهمة الموجبة للرد، فاحتيط لها بالعدد والذكورية، وردت بالقرابة والعداوة وتطرق التهم، ولم يفعل مثل هذا في الرواية التي يعم حكمها ولا يخص، فلم يشترط فيها عدد ولا ذكورية، بل اشترط فيها ما يكون مغلبا على الظن صدق المخبر وهو العدالة المانعة من الكذب، واليقظة المانعة من غلبة السهو والتخليط.
شهادة المرأة والعبد لما كان النساء ناقصات عقل ودين لم يكن من أهل الشهادة، فإذا دعت الحاجة إلى ذلك قويت المرأة بمثلها لأنه حينئذ أبعد من سهوها وغلطها لتذكير صاحبتها لها.
وأما اشتراط الحرية ففي غاية البعد، ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع
وقد حكى أحمد عن أنس بن مالك أنه قال: ما علمت أحدا رد شهادة العبد والله تعالى يقبل شهادته على الأمم يوم القيامة فكيف لا يقبل شهادته على نظيره من المكلفين؟
وتقبل شهادته على الرسول في الرواية فكيف لا يقبل على رجل في درهم.
ولا ينتقض هذا بالمرأة لأنها تقبل شهادتها مع مثلها لما ذكرناه.
والمانع من قبول شهادتها وحدها منتف في العبد.
وعلى هذه القاعدة مسائل أحدها الإخبار عن رؤية هلال رمضان من اكتفى فيه بالواحد جعله رواية لعمومه للمكلفين فهو كالأذان.
ومن اشترط فيه العدد ألحقه بالشهادة لأنه لا يعم الأعصار ولا الأمصار بل يخص تلك السنة، وذلك المصر في أحد القولين
وهذا ينتقض بالأذان نقضا لا محيص عنه.
وثانيها الإخبار بالنسب بالقافة فمن حيث أنه خبر جزئي عن شخص جزئي يخص ولا يعم جرى مجرى الشهادة.
ومن جعله كالرواية غلط فلا مدخل لها هنا، بل الصواب أن يقال من حيث هو منتصب للناس انتصابا عاما يستند قوله إلى أمر يختص به دونهم من الأدلة والعلامات جرى مجرى الحاكم، فقوله حكم لا رواية.
(الجرح للمحدث والشاهد)
ومن هذا الجرح للمحدث والشاهد هل يكتفي فيه بواحد إجراء له مجرى الحكم؟ أو لابد من اثنين إجراء له مجرى الشهادة على الخلاف؟
وأما أن يجري مجرى الرواية فغير صحيح.
وأما للرواية والجرح وإنما هو يجرحه باجتهاده لا بما يرويه عن غيره الترجمة للفتوى والخط والشهادة وغيرها هل يشترط فيها التعدد مبني على هذا ولكن بناءه على الرواية والشهادة صحيح ولا مدخل للحكم هنا.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا تَدَایَنتُم بِدَیۡنٍ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى فَٱكۡتُبُوهُۚ وَلۡیَكۡتُب بَّیۡنَكُمۡ كَاتِبُۢ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَلَا یَأۡبَ كَاتِبٌ أَن یَكۡتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُۚ فَلۡیَكۡتُبۡ وَلۡیُمۡلِلِ ٱلَّذِی عَلَیۡهِ ٱلۡحَقُّ وَلۡیَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥ وَلَا یَبۡخَسۡ مِنۡهُ شَیۡـࣰٔاۚ فَإِن كَانَ ٱلَّذِی عَلَیۡهِ ٱلۡحَقُّ سَفِیهًا أَوۡ ضَعِیفًا أَوۡ لَا یَسۡتَطِیعُ أَن یُمِلَّ هُوَ فَلۡیُمۡلِلۡ وَلِیُّهُۥ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَٱسۡتَشۡهِدُوا۟ شَهِیدَیۡنِ مِن رِّجَالِكُمۡۖ فَإِن لَّمۡ یَكُونَا رَجُلَیۡنِ فَرَجُلࣱ وَٱمۡرَأَتَانِ مِمَّن تَرۡضَوۡنَ مِنَ ٱلشُّهَدَاۤءِ أَن تَضِلَّ إِحۡدَىٰهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحۡدَىٰهُمَا ٱلۡأُخۡرَىٰۚ وَلَا یَأۡبَ ٱلشُّهَدَاۤءُ إِذَا مَا دُعُوا۟ۚ وَلَا تَسۡـَٔمُوۤا۟ أَن تَكۡتُبُوهُ صَغِیرًا أَوۡ كَبِیرًا إِلَىٰۤ أَجَلِهِۦۚ ذَ ٰلِكُمۡ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقۡوَمُ لِلشَّهَـٰدَةِ وَأَدۡنَىٰۤ أَلَّا تَرۡتَابُوۤا۟ إِلَّاۤ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً حَاضِرَةࣰ تُدِیرُونَهَا بَیۡنَكُمۡ فَلَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحٌ أَلَّا تَكۡتُبُوهَاۗ وَأَشۡهِدُوۤا۟ إِذَا تَبَایَعۡتُمۡۚ وَلَا یُضَاۤرَّ كَاتِبࣱ وَلَا شَهِیدࣱۚ وَإِن تَفۡعَلُوا۟ فَإِنَّهُۥ فُسُوقُۢ بِكُمۡۗ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ وَیُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق