الباحث القرآني

قال ابن القيم - بعد كلام -: وَهَذِه المُتابَعَة هي التِّلاوَة الَّتِي أثنى الله على أهلها في قَوْله تَعالى ﴿إن الَّذين يَتلون كتاب الله﴾ وفي قَوْله ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ والمعْنى يتبعُون كتاب الله حق اتِّباعه وقالَ تَعالى ﴿اتْلُ ما أُوحِيَ إلَيْكَ مِنَ الكِتابِ وأقِمِ الصَّلاةَ﴾ وقالَ ﴿إنَّما أُمِرْتُ أنْ أعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ البَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها ولَهُ كُلُّ شَيْءٍ وأُمِرْتُ أنْ أكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ (٩١) وأنْ أتْلُوَ القُرْآنَ﴾ فحقيقة التِّلاوَة في هَذِه المَواضِع هي التِّلاوَة المُطلقَة التّامَّة، وهِي تِلاوَة اللَّفْظ والمعْنى، فتلاوة اللَّفْظ جُزْء مُسَمّى التِّلاوَة المُطلقَة وحَقِيقَة اللَّفْظ إنَّما هي الِاتِّباع. يُقال: اتل أثر فلان، وتلوت أثره وقفوته وقصصته بِمَعْنى تبِعت خَلفه، ومِنه قوله تَعالى: ﴿والشَّمْس وضُحاها والقَمَر إذا تَلاها﴾ أي تبعها في الطُّلُوع بعد غيبتها، ويُقال جاءَ القَوْم يَتْلُو بَعضهم بَعْضًا أي يتبع، وسمى تالي الكَلام تاليا لأنه يتبع بعض الحُرُوف بَعْضًا لا يُخرجها جملَة واحِدَة بل يتبع بَعْضها بَعْضًا مرتبَة كلما انْقَضى حرف أوْ كلمة أتبعهُ بِحرف آخر وكلمَة أخرى، وهَذِه التِّلاوَة وسِيلَة وطَرِيقَة، والمَقْصُود التِّلاوَة الحَقِيقِيَّة وهِي تِلاوَة المَعْنى واتباعه تَصْدِيقًا بِخَبَرِهِ وائتمارا بأمْره، وانتهاء بنهيه وائتماما بِهِ حَيْثُ ما قادك انقدت مَعَه، فتلاوة القُرْآن تتَناوَل تِلاوَة لَفظه ومَعْناهُ، وتلاوة المَعْنى أشرف من مُجَرّد تِلاوَة اللَّفْظ وأهْلُها هم أهل القُرْآن الَّذين لَهُم الثَّناء في الدُّنْيا والآخرة فَإنَّهُم أهل تِلاوَة ومتابعة حَقًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب