الباحث القرآني

وتحت هذا الكلام من الاعتراض معنى: أخبرني، لم كرمته علي؟ وغور هذا الاعتراض: أن الذي فعلته ليس بحكمة ولا صواب، وأن الحكمة كانت تقتضى أن يسجد هو لي، لأن المفضول يخضع للفاضل، فلم خالفت الحكمة؟ ثم أردف ذلك بتفضيل نفسه عليه، وإزرائه به، فقال: ﴿أنا خَيْرٌ مِنهُ﴾ [الأعراف: ١٢]. ثم قرر ذلك بحجته الداحضة، في تفضيل مادته وأصله على مادة آدم عليه السلام وأصله. فأنتجت له هذه المقدمات إباءه وامتناعه من السجود، ومعصيته الرب المعبود. فجمع بين الجهل والظلم، والكبر والحسد والمعصية، ومعارضة النص بالرأي والعقل، فأهان نفسه كل الإهانة من حيث أراد تعظيمها، ووضعها من حيث أراد رفعتها، وأذلها من حيث أراد عزتها، وآلها كل الألم من حيث أراد لذتها، ففعل بنفسه ما لو اجتهد أعظم أعدائه في مضرته لم يبلغ منه ذلك المبلغ. ومن كان هذا غشه لنفسه فكيف يسمع منه العاقل ويقبل ويواليه؟
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب