الباحث القرآني

قِيلَ: لابْتَغَوُا السَّبِيلَ إلَيْهِ بِالمُغالَبَةِ والقَهْرِ كَما يَفْعَلُ المُلُوكُ بَعْضُهم مَعَ بَعْضٍ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ في الآيَةِ الأُخْرى: ﴿وَلَعَلا بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ﴾. قالَ شَيْخُنا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: والصَّحِيحُ أنَّ المَعْنى: لابْتَغَوْا إلَيْهِ سَبِيلًا بِالتَّقَرُّبِ إلَيْهِ وطاعَتِهِ، فَكَيْفَ تَعْبُدُونَهم مِن دُونِهِ؟ وهم لَوْ كانُوا آلِهَةً كَما يَقُولُونَ لَكانُوا عَبِيدًا لَهُ، قالَ: ويَدُلُّ عَلى هَذا وُجُوهٌ: مِنها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أيُّهم أقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ﴾ [الإسراء: ٥٧]. أيْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ تَعْبُدُونَهم مِن دُونِي هم عِبادِي كَما أنْتُمْ عِبادِي، ويَرْجُونَ رَحْمَتِي ويَخافُونَ عَذابِي، فَلِماذا تَعْبُدُونَهم مِن دُونِي؟ الثّانِي: أنَّهُ سُبْحانَهُ لَمْ يَقُلْ لابْتَغَوْا عَلَيْهِ سَبِيلًا، بَلْ قالَ: لابْتَغَوْا إلَيْهِ سَبِيلًا، وهَذا اللَّفْظُ إنَّما يُسْتَعْمَلُ في التَّقَرُّبِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وابْتَغُوا إلَيْهِ الوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: ٣٥]. وَأمّا في المُغالَبَةِ فَإنَّما يُسْتَعْمَلُ بِعَلى كَقَوْلِهِ: ﴿فَإنْ أطَعْنَكم فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٣٤]. والثّالِثُ: أنَّهم لَمْ يَقُولُوا إنَّ آلِهَتَهم تُغالِبُهُ وتَطْلُبُ العُلُوَّ عَلَيْهِ، وهو سُبْحانَهُ قَدْ قالَ: ﴿قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ﴾ وهم إنَّما كانُوا يَقُولُونَ: إنَّ آلِهَتَهم تَبْتَغِي التَّقَرُّبَ إلَيْهِ وتُقَرِّبُهم زُلْفى إلَيْهِ، فَقالُوا: لَوْ كانَ الأمْرُ كَما تَقُولُونَ لَكانَتْ تِلْكَ الآلِهَةُ عَبِيدًا لَهُ، فَلِماذا تَعْبُدُونَ عَبِيدَهُ مِن دُونِهِ؟
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب