الباحث القرآني

وقوله: ﴿ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ولا هم يُسْتَعْتَبُونَ﴾ أي لا يطلب منهم إعتابنا وإعتابه تعالى إزالة عتبه بالتوبة والعمل الصالح فلا يطلب منهم يوم القيامة أن يعتبوا ربهم فيزيلوا عتبه بطاعته واتباع رسله. وكذلك قوله: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهم ولا هم يُسْتَعْتَبُونَ﴾ وقول النبي ﷺ في دعاء الطائف: "لك العتبى " هو اسم من الإعتاب لا من العتب أي أنت المطلوب إعتابه، ولك علي أن أعتبك وأرضيك بطاعتك فافعل ما ترضى به عني وما يزول به عتبك علي. فالعتب منه على عبده، والعتبي والإعتاب له من عبده. فهاهنا أربعة أمور: الأول: العتب وهو من الله تعالى فإن العبد لا يعتب على ربه، فإنه المحسن العادل فلا يتصور أن يعتب عليه عبده إلا والعبد ظالم، ومن ظن من المفسرين خلاف ذلك غلط أقبح غلط. الثاني: الإعتاب وهو من الله، ومن العبد باعتبارين، فإعتاب الله عبده إزالة عتب نفسه عن عبده، وإعتاب العبد ربه إزالة عتب الله عليه، والعبد لا قدرة له على ذلك إلا بتعاطي الأسباب التي يزول بها عتب الله تعالى عليه. الثالث: استعتاب وهو من الله أيضا ومن العبد بالاعتبارين، فالله تعالى يستعتب عباده أي يطلب منهم أن يعتبوه ويزيلوا عتبه عليهم. ومنه قول ابن مسعود وقد وقعت الزلزلة بالكوفة "إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه" والعبد يستعتب ربه أي يطلب منه إزالة عتبه. الرابع: العتبى وهي اسم الإعتاب فاشدد يديك بهذا الفصل الذي يعصمك من تخبيط كثير من المفسدين لهذه المواضع. ومنه قول النبي ﷺ: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل له، فإما محسن فلعله أن يزداد، وإما مسيء فلعله أن يستعتب" أي يطلب من ربه إعتابه إياه بتوفيقه للتوبة وقبولها منه، فيزول عتبة عليه. والاستعتاب نظير الاسترضاء وهو طلب الرضى وفي الأثر "إن العبد ليسترضي ربه فيرضى عنه" وإن الله ليسترضى فيرضى، لكن الاسترضاء فوق الاستعتاب فإنه طلب رضوان الله تعالى، والاستعتاب طلب إزالة غضبه وعتبه وهما متلازمان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب