الباحث القرآني

قال مجاهد: "المساكن والأنعام وسرابيل الثياب والحديد يعرفه كفار قريش ثم ينكرونه بأن يقولوا هذا كان لآبائنا ورثناه عنهم" وقال عون بن عبد الله: "يقولون لولا فلان لكان كذا وكذا" وقال الفراء وابن قتيبة: "يعرفون أن النعم من الله ولكن يقولون هذه بشفاعة آلهتنا" وقالت طائفة: "النعمة هاهنا محمد ﷺ وإنكارها جحدهم نبوته" وهذا يروى عن مجاهد والسدّي وهذا أقرب إلى حقيقة الإنكار فإنه إنكار لما هو أجل النعم أن تكون نعمة. وأما على القول الأول والثاني والثالث فإنهم لما أضافوا النعمة إلى غير الله فقد أنكروا نعمة الله بنسبتها إلى غيره فإن الذي قال إنما كان هذا لآبائنا ورثناه كابرا عن كابر جاحدا لنعمة الله عليه غير معترف بها وهو كالأبرص والأقرع اللذين ذكرهما الملك بنعم الله عليهما فأنكرا وقالا إنما ورثنا هذا كابرا عن كابر فقال إن كنتما كاذبين فصيركما الله إلى ما كنتما وكونها موروثة عن الآباء أبلغ في إنعام الله عليهم إذ أنعم بها على آباءهم ثم ورثهم إياها فتمتعوا هم وآباؤهم بنعمة، وأما قول الآخرين لولا فلان لما كان كذا فيتضمن قطع إضافة النعمة إلى من لولاه لم تكن، وإضافتها إلى من لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا وغايته أن تكون جزء من أجزاء السبب أجرى الله تعالى نعمته على يده، والسبب لا يستقل بالإيجاد وجعله سببا هو من نعم الله عليه وهو المنعم بتلك النعمة وهو المنعم بما جعله من أسبابها، فالسبب والمسبب من إنعامه وهو سبحانه قد ينعم بذلك السبب، وقد ينعم بدونه فلا يكون له أثر، وقد يسلبه تسبيبيته، وقد يجعل لها معارضا يقاومها، وقد يرتب على السبب ضد مقتضاه فهو وحده المنعم على الحقيقة. وأما قول القائل بشفاعة آلهتنا فتضمن الشرك مع إضافة النعمة إلى غير وليها، فالآلهة التي تعبد من دون الله أحقر وأذل من أن تشفع عند الله وهي محضرة في الهوان والعذاب مع عابديها، وأقرب الخلق إلى الله وأحبهم إليه لا يشفع عنده إلا من بعد إذنه لمن ارتضاه، فالشفاعة بإذنه من نعمة فهو المنعم بالشفاعة وهو المنعم بقبولها وهو المنعم بتأهيل المشفوع له إذ ليس كل أحد أهلا أن يشفع له فمن المنعم على الحقيقة سواه قال تعالى: ﴿وَما بِكم مِن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ فالعبد لا خروج له عن نعمته وفضله ومنته وإحسانه طرفة عين لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولهذا ذم الله سبحانه من أتاه شيئا من نعمه فقال ﴿إنما أوتيته على علم عندي﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب