الباحث القرآني

فإن قيل: فما الفرق بين قوله: ﴿فَمِنهم مَن هَدى اللَّهُ ومِنهم مَن حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ وبين قوله: ﴿فَرِيقًا هَدى وفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾؟ قيل: الفرق من وجهين لفظي ومعنوي أما اللفظي فهو أن الحروف الحواجز بين الفعل والفاعل في قوله: ﴿حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ أكثر منها في قوله: ﴿حَقَّتْ عَلَيْهِ﴾ وقد تقدم أن الحذف مع كثرة الحواجز أحسن وأما المعنوي فإن من في قوله: ﴿وَمِنهم مَن حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ واقعة على الأمة والجماعة وهي مؤنثة لفظا ألا تراه يقول: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا﴾ وأما: ﴿فَرِيقًا هَدى وفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ فالفريق مذكر ولو قال: فريقا ضلوا لكان بغير تاء وقولهم: ﴿حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ في معناه فجاء بغير تاء وهذا أسلوب لطيف من أساليب العربية تدع العرب حكم اللفظ الواجب له في قياس لغتها إذا كان في معنى كلمة لا يجب لها ذلك الحكم تراهم يقولون هو أحسن الفتيان وأجمله لأنه في معنى هو أحسن فتى وأجمله. ونظيره تصحيحهم حول وعور لأنه في معنى أحول وأعور ونظائره كثيرة جدا فإذا حسن الحمل على المعنى فيما كان القياس لا يجوزه فما ظنك به حيث يجوزه القياس والاستعمال وأحسن من هذا أن يقول إنهم أرادوا أحسن شيء وأجمله فجعلوا مكان شيء قولهم الفتيان تنبيها على أنه أحسن شيء من هذا الجنس فلو اقتصروا على ذكر شيء لم يدل على الجنس المفضل عليه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب