الباحث القرآني

* [فَصْلٌ: مَثَلُ الكافِرِ] ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ مَثَلَ الكَلِمَةِ الخَبِيثَةِ فَشَبَّهَها بِالشَّجَرَةِ الخَبِيثَةِ الَّتِي اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ ما لَها مِن قَرارٍ، فَلا عِرْقَ ثابِتٌ، ولا فَرْعَ عالٍ، ولا ثَمَرَةَ زاكِيَةٌ، فَلا ظِلَّ، ولا جَنًى، ولا ساقَ قائِمٌ، ولا عِرْقَ في الأرْضِ ثابِتٌ، فَلا أسْفَلَها مُغْدِقٌ ولا أعْلاها مُونِقٌ، ولا جَنى لَها، ولا تَعْلُو بَلْ تُعْلى. وَإذا تَأمَّلَ اللَّبِيبُ أكْثَرَ كَلامِ هَذا الخَلْقِ في خِطابِهِمْ وكَسْبِهِمْ وجَدَهُ كَذَلِكَ؛ فالخُسْرانُ الوُقُوفُ مَعَهُ والِاشْتِغالُ بِهِ عَنْ أفْضَلِ الكَلامِ وأنْفَعِهِ. قالَ الضَّحّاكُ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلْكافِرِ بِشَجَرَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ ما لَها مِن قَرارٍ، يَقُولُ: لَيْسَ لَها أصْلٌ ولا فَرْعٌ، ولَيْسَ لَها ثَمَرَةٌ، ولا فِيها مَنفَعَةٌ، كَذَلِكَ الكافِرُ لا يَعْمَلُ خَيْرًا ولا يَقُولُهُ، ولا يَجْعَلُ اللَّهَ فِيهِ بَرَكَةً ولا مَنفَعَةً. وَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ [إبراهيم: ٢٦]- وهي الشِّرْكُ - ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ [إبراهيم: ٢٦] يَعْنِي الكافِرَ، ﴿اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ ما لَها مِن قَرارٍ﴾ [إبراهيم: ٢٦]، يَقُولُ: الشِّرْكُ لَيْسَ لَهُ أصْلٌ يَأْخُذُ بِهِ الكافِرُ ولا بُرْهانٌ، ولا يَقْبَلُ اللَّهُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلًا، فَلا يُقْبَلُ عَمَلُ المُشْرِكِ، ولا يَصْعَدُ إلى اللَّهِ، فَلَيْسَ لَهُ أصْلٌ ثابِتٌ في الأرْضِ ولا فَرْعٌ في السَّماءِ؛ يَقُولُ: لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ صالِحٌ في السَّماءِ ولا في الأرْضِ. وَقالَ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: مَثَلُ الشَّجَرَةِ الخَبِيثَةِ مَثَلُ الكافِرِ، لَيْسَ لِقَوْلِهِ ولا لِعَمَلِهِ أصْلٌ ولا فَرْعٌ، ولا يَسْتَقِرُّ قَوْلُهُ ولا عَمَلُهُ عَلى الأرْضِ، ولا يَصْعَدُ إلى السَّماءِ. وَقالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتادَةَ في هَذِهِ الآيَةِ: أنَّ رَجُلًا لَقِيَ رَجُلًا مِن أهْلِ العِلْمِ فَقالَ لَهُ: ما تَقُولُ في الكَلِمَةِ الخَبِيثَةِ؟ قالَ: ما أعْلَمُ لَها في الأرْضِ مُسْتَقَرًّا ولا في السَّماءِ مِصْعَدًا، إلّا أنْ تَلْزَمَ عُنُقَ صاحِبِها حَتّى يُوافى بِها يَوْمَ القِيامَةِ. وَقَوْلُهُ: ﴿اجْتُثَّتْ﴾ [إبراهيم: ٢٦] أيْ اسْتُؤْصِلَتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب