الباحث القرآني
الشَّغَفُ يُقالُ: شُغِفَ بِكَذا. فَهو مَشْغُوفٌ بِهِ. وقَدْ شَغَفَهُ المَحْبُوبُ. أيْ وصَلَ حُبُّهُ إلى شَغافِ قَلْبِهِ. كَما قالَ النِّسْوَةُ عَنِ امْرَأةِ العَزِيزِ: ﴿قَدْ شَغَفَها حُبًّا﴾ وفِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ الحُبُّ المُسْتَوْلِي عَلى القَلْبِ، بِحَيْثُ يَحْجُبُهُ عَنْ غَيْرِهِ. قالَ الكَلْبِيُّ: حَجَبَ حُبُّهُ قَلْبَها حَتّى لا تَعْقِلَ سِواهُ.
الثّانِي: الحُبُّ الواصِلُ إلى داخِلِ القَلْبِ. قالَ صاحِبُ هَذا القَوْلِ: المَعْنى أحَبَّتْهُ حَتّى دَخَلَ حُبُّهُ شَغافَ قَلْبِها، أيْ داخِلَهُ.
الثّالِثُ: أنَّهُ الحُبُّ الواصِلُ إلى غِشاءِ القَلْبِ. والشَّغافُ غِشاءُ القَلْبِ إذا وصَلَ الحُبُّ إلَيْهِ باشَرَ القَلْبَ. قالَ السُّدِّيُّ: الشَّغافُ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ عَلى القَلْبِ. يَقُولُ: دَخَلَهُ الحُبُّ حَتّى أصابَ القَلْبَ.
وَقَرَأ بَعْضُ السَّلَفِ " شَعَفَها " بِالعَيْنِ المُهْمَلَةِ. ومَعْناهُ: ذَهَبَ الحُبُّ بِها كُلَّ مَذْهَبٍ. وبَلَغَ بِها أعْلى مَراتِبِهِ، ومِنهُ: شَعَفُ الجِبالِ، لِرُءُوسِها.
* (فصل)
هذا الكلام متضمن لوجوه من المكر.
أحدها: قولهن: ﴿امْرَأتُ العَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها﴾ ولم يسموها باسمها، بل ذكروها بالوصف الذي ينادي عليها بقبيح فعلها بكونها ذات بعل، فصدور الفاحشة من ذات الزوج أقبح من صدورها ممن لا زوج لها.
الثاني: أن زوجها عزيز مصر، ورئيسها، وكبيرها. وذلك أقبح لوقوع الفاحشة منها.
الثالث: أن الذي تراوده مملوك لا حرّ. وذلك أبلغ في القبح.
الرابع: أنه فتاها الذي هو في بيتها، وتحت كنفها، فحكمه حكم أهل البيت. بخلاف من تطلب ذلك من الأجنبي البعيد.
والخامس: أنها هي المراودة الطالبة.
السادس: أنها قد بلغ بها عشقها له كل مبلغ، حتى وصل حبها له إلى شغاف قلبها.
السابع: أن في ضمن هذا: أنه أعفّ منها وأبر، وأوفى، حيث كانت هي المراودة الطالبة، وهو الممتنع، عفافا وكرما وحياء. وهذا غاية الذم لها.
الثامن: أنهن أتين بفعل المراودة بصيغة المستقبل الدالة على الاستمرار والوقوع حالا واستقبالا، وأن هذا شأنها، ولم يقلن: راودت فتاها. وفرق بين قولك: فلان أضاف ضيفا، وفلان يقري الضيف ويطعم الطعام، ويحمل الكلّ. فإن هذا يدل على أن هذا شأنه وعادته.
التاسع: قولهن ﴿إنّا لَنَراها في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ أي إنا لنستقبح منها ذلك غاية الاستقباح. فنسبن الاستقباح إليهن ومن شأنهن مساعدة بعضهن بعضا على الهوى ولا يكدن يرين ذلك قبيحا، كما يساعد الرجال بعضهم بعضا على ذلك، فحيث استقبحن منها ذلك كان هذا دليلا على أنه من أقبح الأمور، وأنه مما لا ينبغي أن تساعد عليه، ولا يحسن معاونتها عليه.
العاشر: أنهن جمعن لها في هذا الكلام واللوم بين العشق المفرط، والطلب المفرط، فلم تقتصد في حبها، ولا في طلبها.
أما العشق فقولهن ﴿قَدْ شَغَفَها حُبًّا﴾ أي وصل حبه إلى شغاف قلبها.
وأما الطلب المفرط فقولهن تُراوِدُ فَتاها والمراودة: الطلب مرة بعد مرة فنسبوها إلى شدة العشق، وشدة الحرص على الفاحشة.
فلما سمعت بهذا المكر منهن هيأت لهن مكرا أبلغ منه، فهيأت لهن متكأ، ثم أرسلت إليهن، فجمعتهن، وخبأت يوسف عليه السلام عنهن.
وقيل: إنها جملته، وألبسته أحسن ما تقدر عليه، وأخرجته عليهن فجأة.
فلم يرعهنّ إلا وأحسن خلق الله وأجمله قد طلع عليهن بغتة، فراعهن ذلك المنظر البهي. وفي أيديهن مدى يقطعن بها ما يأكلن، فدهش حتى قطعن أيديهن، وهن لا يشعرن.
وقد قيل: إنهن أبنّ أيديهن. ولكن الظاهر خلاف ذلك. وإنما تقطيعهن أيديهن جرحها، وشقها بالمدى، لدهشتهن بما رأين. فقابلت مكرهن القولي بهذا المكر الفعلي، وكانت هذه في النساء غاية في المكر.
{"ayah":"۞ وَقَالَ نِسۡوَةࣱ فِی ٱلۡمَدِینَةِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِیزِ تُرَ ٰوِدُ فَتَىٰهَا عَن نَّفۡسِهِۦۖ قَدۡ شَغَفَهَا حُبًّاۖ إِنَّا لَنَرَىٰهَا فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق