الباحث القرآني
* (فصل)
الشر الثالث: شر النّفاثات في العقد.
وهذا الشر هو شر السحر. فإن النفاثات في العقد: هن السواحر اللاتي يعقدن الخيوط، وينفثن على كل عقدة، حتى ينعقد ما يردن من السحر. والنفث: هو النفخ مع ريق. وهو دون التّفل. وهو مرتبة بينهما.
والنفث: فعل الساحر. فإذا تكيّف نفسه بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور، ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة، نفخ في تلك العقد نفخا معه ريق، فيخرج من نفسه الخبيثة نفس ممازج للشر والأذى، مقترن بالريق الممازج لذلك. وقد تساعد هو والروح الشيطانية على أذى المسحور. فيقع فيه السحر بإذن الله الكوني القدري. لا الأمري الشرعي.
فإن قيل: فالسحر يكون من الذكور والإناث، فلم خص الاستعاذة من الإناث دون الذكور؟
قيل في جوابه: إن هذا خرج على السبب الواقع، وهو أن بنات لبيد ابن الأعصم سحرن النبي ﷺ.
هذا جواب أبي عبيدة وغيره. وليس هذا بسديد. فإن الذي سحر النبي ﷺ هو لبيد بن الأعصم، لا بناته، كما جاء في الصحيح.
والجواب المحقق: أن النفاثات هنا: هن الأرواح والأنفس النفاثات لا النساء النفاثات. لأن تأثير السحر إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة، والأرواح الشريرة وسلطانه إنما يظهر منها. فلهذا ذكرت النفاثات هنا بلفظ التأنيث، دون التذكير. والله أعلم.
ففي الصحيح: عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن النبي ﷺ طبّ، حتى إنه ليخيّل إليه أنه صنع شيئا وما صنعه، وإنه دعا ربه، ثم قال:
أشعرت أن الله قد أفتاني فيما أستفتيه فيه؟ فقالت عائشة: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجليّ فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال الآخر: مطبوب. قال: من طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال فيما ذا؟ قال: في مشط ومشاطة، وجفّ طلع ذكر. قال: فأين هو؟ قال: في ذروان، بئر في بني زريق. قالت عائشة رضي الله عنها فأتاها رسول الله ﷺ، ثم رجع إلى عائشة فقال: والله لكأن ماءها نقاعة الحنّاء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين. قالت: فقلت له:
يا رسول الله، هلّا أخرجته؟ قال: أما أنا فقد شفاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرا. فأمر بها، فدفنت» قال البخاري: وقال الليث وابن عيينة عن هشام «في مشط ومشاقة».
ويقال: إن المشاطة: ما يخرج من الشعر إذا مشط، والمشاقة: من مشاقة الكتان.
قلت: هكذا في هذه الرواية: أنه لم يخرجه، اكتفاء بمعافاة الله له. وشفائه إياه.
وقد روى البخاري من حديث ابن عيينة قال: «أول من حدثنا به ابن جريج يقول: حدثني آل عروة عن عروة. فسألت هشاما عنه؟ فحدثنا عن أبيه عن عائشة: كان رسول الله ﷺ سحر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن. قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر، إذا كان كذا. فقال:
يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي. فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب. قال: ومن طبّه؟
قال: لبيد بن الأعصم، رجل من بني زريق حليف ليهود. وكان منافقا. قال: وفيم؟ قال: في مشط ومشاقة. قال: وأين؟ قال في جفّ طلع ذكر، تحت راعوفة في بئر ذروان.
قال: فأتي البئر حتى استخرجه. فقال: هذه البئر التي أريتها، وكأنّ ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين. قال: فاستخرج. قالت.
فقلت: أفلا - أي تنشّرت -؟ قال: أمّا الله فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا».
ففي هذا الحديث: أنه استخرجه. وترجم البخاري عليه: باب هل يستخرج السحر. وقال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طبّ، ويؤخذ عن امرأته أيحلّ عنه وينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح. فأما ما ينفع الناس فلم ينه عنه.
فهذان الحديثان قد يظن في الظاهر تعارضهما. فإن حديث عيسى عن هشام عن أبيه: الأول فيه: أنه لم يستخرجه. وحديث ابن جريج عن هشام فيه «أنه استخرجه» ولا تنافي بينهما. فإنه استخرجه من البئر حتى رآه وعلمه، ثم دفنه بعد أن شفي. وقول عائشة «هلا استخرجته؟» أي هلا أخرجته للناس حتى يروه ويعاينوه؟ فأخبرها بالمانع له من ذلك، وهو أن المسلمين لم يكونوا ليسكتوا عن ذلك، فيقع الإنكار، ويغضب للساحر قومه، فيحدث الشر. وقد حصل المقصود بالشفاء والمعافاة.
فأمر بها فدفنت، ولم يستخرجها للناس. فالاستخراج الواقع غير الذي سألت عنه عائشة.
والذي يدل عليه: أنه ﷺ إنما جاء إلى البئر ليستخرجها منه ولم يجيء لينظر إليها ثم ينصرف، إذ لا غرض له في ذلك. والله أعلم.
وهذا الحديث ثابت عند أهل العلم بالحديث، متلقّى بالقبول بينهم.
لا يختلفون في صحته.
وقد اعتاص على كثير من أهل الكلام وغيرهم، وأنكروه أشد الإنكار. وقابلوه بالتكذيب، وصنف بعضهم فيه مصنفا مفردا، حمل فيه على هشام. وكان غاية ما أحسن القول فيه: أن قال: غلط، واشتبه عليه الأمر، ولم يكن من هذا شيء.
قال: لأن النبي ﷺ لا يجوز أن يسحر. فإنه يكون تصديقا لقول الكفار ﴿إنْ تَتَّبِعُونَ إلّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾.
قالوا: وهذا كما قال فرعون لموسى ﴿إنِّي لَأظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُورًا﴾
وكما قال قوم صالح له ﴿إنَّما أنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ﴾ وكما قال قوم شعيب له ﴿إنَّما أنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ﴾.
قالوا: فالأنبياء لا يجوز عليهم أن يسحروا. فإن ذلك ينافي حماية الله لهم، وعصمتهم من الشياطين.
وهذا الذي قاله هؤلاء مردود عند أهل العلم. فإن هشاما من أوثق الناس وأعلمهم، ولم يقدح فيه أحد من الأئمة بما يوجب رد حديثه. فما للمتكلمين وما لهذا الشأن؟ وقد رواه غير هشام عن عائشة.
وقد اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة.
والقصة مشهورة عن أهل التفسير والسنن والحديث والتاريخ والفقهاء.
وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله وأيامه من المتكلمين.
قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حباب عن زيد بن أرقم قال
«سحر النبيّ ﷺ رجل من اليهود، فاشتكى لذلك أياما. قال: فأتاه جبريل، فقال: إن رجلا من اليهود سحرك، وعقد لذلك عقدا. فأرسل رسول الله ﷺ عليا. فاستخرجها، فجاء بها، فجعل كلّما حلّ عقدة وجد لذلك خفّة. فقام رسول الله ﷺ كأنما نشط من عقال. فما ذكر ذلك لليهودي، ولا رآه في وجهه قط»
وقال ابن عباس وعائشة «كان غلام من اليهود يخدم رسول الله ﷺ. فدنت إليه اليهود. فلم يزالوا حتى أخذ مشاطة رأس النبي ﷺ، وعدّة أسنان من مشطه. فأعطاها اليهود، فسحروه فيها، وتولّى ذلك لبيد بن الأعصم: رجل من اليهود. فنزلت هاتان السورتان فيه».
قال البغوي: وقيل «كانت مغروزة بالأبر.
فأنزل الله عز وجل هاتين السورتين. وهما أحد عشر آية: سورة الفلق خمس آيات، وسورة الناس ست آيات فكلما قرأ آية انحلت عقدة، حتى انحلت العقد كلها. فقام النبي ﷺ كأنما أنشط من عقال» قال: وروى أنه لبث فيه ستة أشهر، واشتد عليه ثلاثة أيام فنزلت المعوذتان.
قالوا: والسحر الذي أصابه كان مرضا من الأمراض عارضا شفاه الله منه. ولا نقص في ذلك، ولا عيب بوجه ما. فإن المرض يجوز على الأنبياء. وكذلك الإغماء. فقد أغمى عليه ﷺ في مرضه، ووقع حين انفكّت قدمه وجحش شقّه وهذا من البلاء الذي يزيده الله به رفعة في درجاته.
ونيل كرامته. وأشد الناس بلاء الأنبياء. فابتلوا من أممهم بما ابتلوا به: من القتل، والضرب، والشتم، والحبس. فليس ببدع أن يبتلى النبي ﷺ من بعض أعدائه بنوع من السحر، كما ابتلى بالذي رماه فشجّه. وابتلى بالذي ألقى على ظهره السّلا وهو ساجد، وغير ذلك. فلا نقص عليهم. ولا عار في ذلك، بل هذا من كمالهم، وعلو درجاتهم عند الله.
قالوا: وقد ثبت في الصحيح عن أبي سعيد الخدري «أن جبريل أتى النبي ﷺ فقال: يا محمد اشتكيت؟ فقال: نعم. فقال: باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك»
فعوّذه جبريل من شر كل نفس وعين حاسد، لما اشتكى. فدل على أن هذا التعويذ مزيل لشاكيته ﷺ، وإلّا فلا يعوذه من شيء وشكايته من غيره.
وقالوا: وأما الآيات التي استدللتم بها فلا حجة لكم فيها.
أما قوله تعالى عن الكفار: إنهم قالوا: إنْ تَتَّبِعُونَ إلّا رَجُلًا مَسْحُورًا وقول قوم صالح وشعيب لهما إنَّما أنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ فقيل: المراد به من له سحر، وهي الرّثة، أي إنه بشر مثلهم، يأكل ويشرب، ليس بملك، وليس المراد به السحر.
وهذا جواب غير مرض. وهو في غاية البعد. فإن الكفار لم يكونوا يعبرون عن البشر بمسحور، ولا يعرف هذا في لغة من اللغات. وحيث أرادوا هذا المعنى أتوا بصريح لفظ البشر، فقالوا: ﴿ما أنْتُمْ إلّا بَشَرٌ مِثْلُنا﴾ و ﴿أنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا﴾ و ﴿أبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾.
وأما المسحور فلم يريدوا به ذا السّحر، وهي الرئة. وأيّ مناسبة لذكر الرئة في هذا الموضع؟
ثم كيف يقول فرعون لموسى ﴿إنِّي لَأظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُورًا﴾
أفتراه ما علم أن له سحرا، وأنه بشر؟
ثم كيف يجيبه موسى بقوله: ﴿إنِّي لَأظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾
ولو أراد بالمسحور: أنه بشر لصدّقه موسى، وقال: نعم، أنا بشر أرسلني الله إليك، كما قالت الرسل لقومهم لما قالوا لهم ﴿إنْ أنْتُمْ إلّا بَشَرٌ مِثْلُنا﴾ فقالوا: ﴿إنْ نَحْنُ إلّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ ولم ينكروا ذلك.
فهذا الجواب في غاية الضعف.
وأجابت طائفة، منهم ابن جرير وغيره: بأن المسحور هنا هو معلّم السحر الذي قد علمه إياه غيره. فالمسحور عنده: بمعنى ساحر، أي عالم بالسحر.
وهذا جيد إن ساعدت عليه اللغة. وهو أن من علّم السحر يقال له مسحور. ولا يكاد هذا يعرف في الاستعمال، ولا في اللغة. وإنما المسحور من سحره غيره، كالمطبوب والمضروب والمقتول وبابه. وأما من علّم السحر فإنه يقال له: ساحر، بمعنى أنه عالم بالسحر، وإن لم يسحر غيره. كما قال قوم فرعون لموسى ﴿إنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ﴾
ففرعون قذفه بكونه مسحورا، وقومه قذفوه بكونه ساحرا.
فالصواب: هو الجواب الثالث. وهو جواب صاحب الكشاف وغيره:
أن «المسحور» على بابه. وهو من سحر حتى جنّ. فقالوا: مسحور، مثل مجنون أي زائل العقل، لا يعقل ما يقول. فإن المسحور الذي لا يتّبع: هو الذي فسد عقله، بحيث لا يدرى ما يقول. فهو كالمجنون. ولهذا قالوا فيه ٤٤: ١٤ مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ فأما من أصيب في بدنه بمرض من الأمراض يصاب به الناس، فإنه لا يمنع ذلك من اتّباعه. وأعداء الرسل لم يقذفوهم بأمراض الأبدان، وإنما قذفوهم بما يحذّرون به سفهاءهم من أتباعهم. وهو أنهم قد سحروا، حتى صاروا لا يعلمون ما يقولون، بمنزلة المجانين.
ولهذا قال تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾
مثّلوك بالشاعر مرة، والساحر أخرى، والمجنون مرة، والمسحور أخرى. فضلوا في جميع ذلك ضلال من يطلب في تيهه وتحيّره طريقا يسلكه، فلا يقدر عليه. فإنه أيّ طريق أخذها فهي طريق ضلال وحيرة. فهو متحير في أمره، لا يهتدي سبيلا، ولا يقدر على سلوكها.
فهكذا حال أعداء رسول الله ﷺ معه، حتى ضربوا له أمثالا، برّأه الله منها.
وهو أبعد الله عنها. وقد علم كل عاقل أنها كذب وافتراء وبهتان.
وأما قولكم: إن سحر الأنبياء ينافي حماية الله لهم فإنه سبحانه كما يحميهم ويصونهم ويحفظهم ويتولاهم، فيبتليهم بما شاء من أذى الكفار لهم ليستوجبوا كمال كرامته، وليتسلى بهم من بعدهم من أممهم وخلفائهم إذا أوذوا من الناس، فرأوا ما جرى على الرسل والأنبياء، صبروا ورضوا، وتأسّوا بهم، ولتمتلئ صاع الكفار فيستوجبون ما أعدّ لهم من النكال العاجل، والعقوبة الآجلة، فيمحقهم بسبب بغيهم وعدوانهم، فيعجل تطهير الأرض منهم. فهذا من بعض حكمته تعالى في ابتلاء أنبيائه ورسله بإيذاء قومهم. وله الحكمة البالغة، والنعمة السابغة لا إله غيره، ولا رب سواه.
وقد دل قوله: مِن شَرِّ النَّفّاثاتِ في العُقَدِ وحديث عائشة المذكور على تأثير السحر، وأن له حقيقة.
وقد أنكر ذلك طائفة من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم.
وقالوا: إنه لا تأثير للسحر ألبتة لا في مرض، ولا قتل، ولا حل، ولا عقد.
قالوا: وإنما ذلك تخييل لأعين الناظرين، لا حقيقة له سوى ذلك.
وهذا خلاف ما تواترت به الآراء عن الصحابة والسلف، واتفق عليه الفقهاء، وأهل التفسير والحديث. وما يعرفه عامة العقلاء.
والسحر الذي يؤثر مرضا وثقلا وعقدا وحبا وبغضا ونزيفا وغير ذلك من الآثار موجود، تعرفه عامة الناس. وكثير منهم قد علمه ذوقا بما أصيب به منه، وقوله تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفّاثاتِ في العُقَدِ دليل على أن هذا النفث يضر المسحور في حال غيبته عنه، ولو كان الضرر لا يحصل إلا بمباشرة البدن ظاهرا، كما يقوله هؤلاء. لم يكن للنفث ولا للنفاثات شر يستعاذ منه.
وأيضا فإذا جاز على الساحر أن يسحر جميع أعين الناظرين مع كثرتهم حتى يروا الشيء بخلاف ما هو به، مع أن هذا تغيير في إحساسهم، فما الذي يحيل تأثيره في تغيير بعض أعراضهم وقواهم وطباعهم؟ وما الفرق بين التغيير الواقع في الرؤية والتغيير الواقع في صفة أخرى من صفات النفس والبدن؟ فإذا غير إحساسه حتى صار يرى الساكن متحركا، والمتصل منفصلا، والميت حيا، فما المحيل لأن يغير صفات نفسه، حتى يجعل المحبوب إليه بغيضا، والبغيض محبوبا، وغير ذلك من التأثيرات. وقد قال تعالى عن سحرة فرعون إنهم ﴿سَحَرُوا أعْيُنَ النّاسِ واسْتَرْهَبُوهم وجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾
فبين سبحانه أن أعينهم سحرت. وذلك إما أن يكون لتغيير حصل في المرئي، وهو الحبال والعصيّ، مثل أن يكون السحرة استغاثت بأرواح حركتها، وهي الشياطين. فظنوا أنها تحركت بأنفسها. وهذا كما إذا جرّ من لا تراه حصيرا أو بساطا فترى الحصير والبساط ينجر، ولا ترى الجار له، مع أنه هو الذي يجره، فهكذا حال الحبال والعصي التبستها الشياطين، فقلبتها كتقليب الحية. فظن الرائي أنها تقلبت بأنفسها، والشياطين هم الذين يقلبونها. وإما أن يكون التغيير حدث في الرائي. حتى رأى الحبال والعصي تتحرك، وهي ساكنة في أنفسها. ولا ريب أن الساحر يفعل هذا وهذا، فتارة يتصرف في نفس الرائي وإحساسه، حتى يرى الشيء بخلاف ما هو به، وتارة يتصرف في المرئي باستغاثته بالأرواح الشيطانية حتى يتصرف فيها.
وأما ما يقوله المنكرون: من أنهم فعلوا في الحبال والعصي ما أوجب حركتها ومشيها، مثل الزئبق وغيره، حتى سعت. فهذا باطل من وجوه كثيرة. فإنه لو كان كذلك لم يكن هذا خيالا، بل حركة حقيقية. ولم يكن ذلك سحرا لأعين الناس، ولا يسمى ذلك سحرا، بل صناعة من الصناعات المشتركة. وقد قال تعالى: ٢٠: ٦٦ فَإذا حِبالُهم وعِصِيُّهم يُخَيَّلُ إلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أنَّها تَسْعى ولو كانت تحركت بنوع حيلة - كما يقوله المنكرون - لم يكن هذا من السحر في شيء. ومثل هذا لا يخفى.
* [فصل هَدْيِهِ ﷺ في عِلاجِ السِّحْرِ الَّذِي سَحَرَتْهُ اليَهُودُ بِهِ]
* فَصْلٌ في هَدْيِهِ ﷺ في عِلاجِ السِّحْرِ الَّذِي سَحَرَتْهُ اليَهُودُ بِهِ
قَدْ أنْكَرَ هَذا طائِفَةٌ مِنَ النّاسِ وقالُوا: لا يَجُوزُ هَذا عَلَيْهِ، وظَنُّوهُ نَقْصًا وعَيْبًا، ولَيْسَ الأمْرُ كَما زَعَمُوا، بَلْ هو مِن جِنْسِ ما كانَ يَعْتَرِيهِ ﷺ مِنَ الأسْقامِ والأوْجاعِ، وهو مَرَضٌ مِنَ الأمْراضِ، وإصابَتُهُ بِهِ كَإصابَتِهِ بِالسُّمِّ لا فَرْقَ بَيْنَهُما، وقَدْ ثَبَتَ في " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، أنَّها قالَتْ: «سُحِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتّى إنْ كانَ لَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّهُ يَأْتِي نِساءَهُ ولَمْ يَأْتِهِنَّ»
وَذَلِكَ أشَدُّ ما يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ.
قالَ القاضِي عِياضٌ: والسِّحْرُ مَرَضٌ مِنَ الأمْراضِ، وعارِضٌ مِنَ العِلَلِ، يَجُوزُ عَلَيْهِ ﷺ كَأنْواعِ الأمْراضِ مِمّا لا يُنْكَرُ، ولا يَقْدَحُ في نُبُوَّتِهِ، وأمّا كَوْنُهُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ ولَمْ يَفْعَلْهُ، فَلَيْسَ في هَذا ما يُدْخِلُ عَلَيْهِ داخِلَةً في شَيْءٍ مِن صِدْقِهِ، لِقِيامِ الدَّلِيلِ والإجْماعِ عَلى عِصْمَتِهِ مِن هَذا، وإنَّما هَذا فِيما يَجُوزُ طُرُوُّهُ عَلَيْهِ في أمْرِ دُنْياهُ الَّتِي لَمْ يُبْعَثْ لِسَبَبِها، ولا فُضِّلَ مِن أجْلِها، وهو فِيها عُرْضَةٌ لِلْآفاتِ كَسائِرِ البَشَرِ، فَغَيْرُ بَعِيدٍ أنَّهُ يُخَيَّلَ إلَيْهِ مِن أُمُورِها ما لا حَقِيقَةَ لَهُ، ثُمَّ يَنْجَلِي عَنْهُ كَما كانَ.
والمَقْصُودُ: ذِكْرُ هَدْيِهِ في عِلاجِ هَذا المَرَضِ، وقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ نَوْعانِ:
أحَدُهُما - وهو أبْلَغُهُما - اسْتِخْراجُهُ وإبْطالُهُ، كَما صَحَّ عَنْهُ ﷺ أنَّهُ سَألَ رَبَّهُ سُبْحانَهُ في ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَيْهِ فاسْتَخْرَجَهُ مِن بِئْرٍ، فَكانَ في مُشْطٍ ومُشاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، فَلَمّا اسْتَخْرَجَهُ ذَهَبَ ما بِهِ حَتّى كَأنَّما أُنْشِطَ مِن عِقالٍ، فَهَذا مِن أبْلَغِ ما يُعالَجُ بِهِ المَطْبُوبُ، وهَذا بِمَنزِلَةِ إزالَةِ المادَّةِ الخَبِيثَةِ وقَلْعِها مِنَ الجَسَدِ بِالِاسْتِفْراغِ.
والنَّوْعُ الثّانِي: الِاسْتِفْراغُ في المَحَلِّ الَّذِي يَصِلُ إلَيْهِ أذى السِّحْرِ، فَإنَّ لِلسِّحْرِ تَأْثِيرًا في الطَّبِيعَةِ، وهَيَجانَ أخْلاطِها وتَشْوِيشَ مِزاجِها، فَإذا ظَهَرَ أثَرُهُ في عُضْوٍ، وأمْكَنَ اسْتِفْراغُ المادَّةِ الرَّدِيئَةِ مِن ذَلِكَ العُضْوِ، نَفَعَ جِدًّا.
وَقَدْ ذَكَرَ أبو عبيد في كِتابِ " غَرِيبِ الحَدِيثِ " لَهُ بِإسْنادِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلى، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ احْتَجَمَ عَلى رَأْسِهِ بِقَرْنٍ حِينَ طُبَّ».
قالَ أبو عبيد: مَعْنى طُبَّ: أيْ سُحِرَ.
وَقَدْ أشْكَلَ هَذا عَلى مَن قَلَّ عِلْمُهُ، وقالَ ما لِلْحِجامَةِ والسِّحْرِ، وما الرّابِطَةُ بَيْنَ هَذا الدّاءِ وهَذا الدَّواءِ، ولَوْ وجَدَ هَذا القائِلُ أبقراط أوِ ابْنَ سِينا أوْ غَيْرَهُما قَدْ نَصَّ عَلى هَذا العِلاجِ، لَتَلَقّاهُ بِالقَبُولِ والتَّسْلِيمِ، وقالَ: قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ مَن لا يُشَكَّ في مَعْرِفَتِهِ وفَضْلِهِ.
فاعْلَمْ أنَّ مادَّةَ السِّحْرِ الَّذِي أُصِيبَ بِهِ ﷺ انْتَهَتْ إلى رَأْسِهِ إلى إحْدى قُواهُ الَّتِي فِيهِ بِحَيْثُ كانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ ولَمْ يَفْعَلْهُ، وهَذا تَصَرُّفٌ مِنَ السّاحِرِ في الطَّبِيعَةِ والمادَّةِ الدَّمَوِيَّةِ بِحَيْثُ غَلَبَتْ تِلْكَ المادَّةُ عَلى البَطْنِ المُقَدَّمِ مِنهُ، فَغَيَّرَتْ مِزاجَهُ عَنْ طَبِيعَتِهِ الأصْلِيَّةِ.
والسِّحْرُ: هو مُرَكَّبٌ مِن تَأْثِيراتِ الأرْواحِ الخَبِيثَةِ، وانْفِعالِ القُوى الطَّبِيعِيَّةِ عَنْها، وهو أشَدُّ ما يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ، ولا سِيَّما في المَوْضِعِ الَّذِي انْتَهى السِّحْرُ إلَيْهِ، واسْتِعْمالُ الحِجامَةِ عَلى ذَلِكَ المَكانِ الَّذِي تَضَرَّرَتْ أفْعالُهُ بِالسِّحْرِ مِن أنْفَعِ المُعالَجَةِ إذا اسْتُعْمِلَتْ عَلى القانُونِ الَّذِي يَنْبَغِي.
قالَ أبقراط: الأشْياءُ الَّتِي يَنْبَغِي أنْ تُسْتَفْرَغَ يَجِبُ أنْ تُسْتَفْرَغَ مِنَ المَواضِعِ الَّتِي هي إلَيْها أمْيَلُ بِالأشْياءِ الَّتِي تَصْلُحُ لِاسْتِفْراغِها.
وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنَ النّاسِ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمّا أُصِيبَ بِهَذا الدّاءِ، وكانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ ولَمْ يَفْعَلْهُ، ظَنَّ أنَّ ذَلِكَ عَنْ مادَّةٍ دَمَوِيَّةٍ أوْ غَيْرِها مالَتْ إلى جِهَةِ الدِّماغِ، وغَلَبَتْ عَلى البَطْنِ المُقَدَّمِ مِنهُ، فَأزالَتْ مِزاجَهُ عَنِ الحالَةِ الطَّبِيعِيَّةِ لَهُ، وكانَ اسْتِعْمالُ الحِجامَةِ إذْ ذاكَ مِن أبْلَغِ الأدْوِيَةِ، وأنْفَعِ المُعالَجَةِ فاحْتَجَمَ، وكانَ ذَلِكَ قَبْلَ أنْ يُوحى إلَيْهِ أنَّ ذَلِكَ مِنَ السِّحْرِ، فَلَمّا جاءَهُ الوَحْيُ مِنَ اللَّهِ تَعالى، وأخْبَرَهُ أنَّهُ قَدْ سُحِرَ، عَدَلَ إلى العِلاجِ الحَقِيقِيِّ وهو اسْتِخْراجُ السِّحْرِ وإبْطالُهُ، فَسَألَ اللَّهَ سُبْحانَهُ فَدَلَّهُ عَلى مَكانِهِ، فاسْتَخْرَجَهُ، فَقامَ كَأنَّما أُنْشِطَ مِن عِقالٍ، وكانَ غايَةُ هَذا السِّحْرِ فِيهِ إنَّما هو في جَسَدِهِ، وظاهِرِ جَوارِحِهِ لا عَلى عَقْلِهِ وقَلْبِهِ، ولِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ ما يُخَيَّلُ إلَيْهِ مِن إتْيانِ النِّساءِ، بَلْ يَعْلَمُ أنَّهُ خَيالٌ لا حَقِيقَةَ لَهُ، ومِثْلُ هَذا قَدْ يَحْدُثُ مِن بَعْضِ الأمْراضِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
* [فصل عِلاجُ السِّحْرِ بِالأذْكارِ والآياتِ]
* فَصْلٌ ومِن أنْفَعِ عِلاجاتِ السِّحْرِ الأدْوِيَةُ الإلَهِيَّةُ، بَلْ هي أدْوِيَتُهُ النّافِعَةُ بِالذّاتِ، فَإنَّهُ مِن تَأْثِيراتِ الأرْواحِ الخَبِيثَةِ السُّفْلِيَّةِ، ودَفْعُ تَأْثِيرِها يَكُونُ بِما يُعارِضُها ويُقاوِمُها مِنَ الأذْكارِ والآياتِ والدَّعَواتِ الَّتِي تُبْطِلُ فِعْلَها وتَأْثِيرَها، وكُلَّما كانَتْ أقْوى وأشَدَّ كانَتْ أبْلَغَ في النُّشْرَةِ، وذَلِكَ بِمَنزِلَةِ التِقاءِ جَيْشَيْنِ مَعَ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما عُدَّتُهُ وسِلاحُهُ، فَأيُّهُما غَلَبَ الآخَرَ قَهَرَهُ، وكانَ الحُكْمُ لَهُ، فالقَلْبُ إذا كانَ مُمْتَلِئًا مِنَ اللَّهِ مَغْمُورًا بِذِكْرِهِ، ولَهُ مِنَ التَّوَجُّهاتِ والدَّعَواتِ والأذْكارِ والتَّعَوُّذاتِ وِرْدٌ لا يُخِلُّ بِهِ يُطابِقُ فِيهِ قَلْبُهُ لِسانَهُ، كانَ هَذا مِن أعْظَمِ الأسْبابِ الَّتِي تَمْنَعُ إصابَةَ السِّحْرِ لَهُ، ومِن أعْظَمِ العِلاجاتِ لَهُ بَعْدَ ما يُصِيبُهُ.
وَعِنْدَ السَّحَرَةِ: أنَّ سِحْرَهم إنَّما يَتِمُّ تَأْثِيرُهُ في القُلُوبِ الضَّعِيفَةِ المُنْفَعِلَةِ، والنُّفُوسِ الشَّهْوانِيَّةِ الَّتِي هي مُعَلَّقَةٌ بِالسُّفْلِيّاتِ، ولِهَذا فَإنَّ غالِبَ ما يُؤَثِّرُ في النِّساءِ والصِّبْيانِ والجُهّالِ وأهْلِ البَوادِي، ومَن ضَعُفَ حَظُّهُ مِنَ الدِّينِ والتَّوَكُّلِ والتَّوْحِيدِ، ومَن لا نَصِيبَ لَهُ مِنَ الأوْرادِ الإلَهِيَّةِ والدَّعَواتِ والتَّعَوُّذاتِ النَّبَوِيَّةِ.
وَبِالجُمْلَةِ: فَسُلْطانُ تَأْثِيرِهِ في القُلُوبِ الضَّعِيفَةِ المُنْفَعِلَةِ الَّتِي يَكُونُ مَيْلُها إلى السُّفْلِيّاتِ، قالُوا: والمَسْحُورُ هو الَّذِي يُعِينُ عَلى نَفْسِهِ، فَإنّا نَجِدُ قَلْبَهُ مُتَعَلِّقًا بِشَيْءٍ كَثِيرُ الِالتِفاتِ إلَيْهِ، فَيَتَسَلَّطُ عَلى قَلْبِهِ بِما فِيهِ مِنَ المَيْلِ والِالتِفاتِ، والأرْواحُ الخَبِيثَةُ إنَّما تَتَسَلَّطُ عَلى أرْواحٍ تَلْقاها مُسْتَعِدَّةً لِتَسَلُّطِها عَلَيْها بِمَيْلِها إلى ما يُناسِبُ تِلْكَ الأرْواحَ الخَبِيثَةَ، وبِفَراغِها مِنَ القُوَّةِ الإلَهِيَّةِ، وعَدَمِ أخْذِها لِلْعُدَّةِ الَّتِي تُحارِبُها بِها، فَتَجِدُها فارِغَةً لا عُدَّةَ مَعَها، وفِيها مَيْلٌ إلى ما يُناسِبُها، فَتَتَسَلَّطُ عَلَيْها، ويَتَمَكَّنُ تَأْثِيرُها فِيها بِالسِّحْرِ وغَيْرِهِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayah":"وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِی ٱلۡعُقَدِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق