الباحث القرآني

وهؤلاء المعارضون للوحي بعقولهم جمعوا بين الأمور الثلاثة الكذب على الله والصد عن سبيل الله وبغيها عوجا. أما الكذب على الله فإنهم نفوا عنه ما أثبته لنفسه من صفات الكمال ووصفوه بما لم يصف به نفسه. وأما صدهم عن سبيله وبغيها عوجا فإنهم أفهموا الناس بل صرحوا لهم بأن كلام الله ورسوله ظواهر لفظية لا تفيد علما ولا يقينا، وأن العقول عارضتها فيجب تقديم العقول عليها. وأي عوج أعظم من عوج مخالفة العقل الصريح، وقد وصف الله كتابه بأنه ﴿غير ذي عوج﴾ ولا ريب أن الله هو الصادق في ذلك وأنهم هم الكاذبون. فإن قلت ﴿يبغونها﴾ متعدي إلى مفعول واحد فما وجه انتصاب ﴿عوجا﴾؟ قيل: فيه وجوه: أحدها: أنه نصب على الحال أي يطلبونها ذات عوج لا يطلبونها مستقيمة والمعنى يطلبون لها العوج. الثاني: أن ﴿عوجا﴾ مفعول ﴿يبغونها﴾ على تقدير حذف اللام أي يطلبون لها عوجا يرمونها به ويصفونها به وأحسن منهما أن تضمن يبغونها إما معنى يعوجونها فيكون عوجا منصوبا على المصدر ودل فعل البغي على طلب ذلك وابتغائه. وأما معنى يسومونها ويؤولونها وعلى كل تقدير فسبيل الله هداه وكتابه الهادي للطريق الأقوم والسبيل الأقصد فمن زعم أن في العقل ما يعارضه فقد بغاه عوجا ودعا إلى الصد عنه ومن له خبرة بالمعقول الصحيح يعلم أن العوج في كلام هؤلاء المعوجين الذين هم عن الصراط ناكبون، وعن سبيل الرشد حائدون، وعن آيات الله بعيدون وبالباطل، والقضايا الكاذبة يصدقون، وفي ضلالهم يعمهون وفي ريبهم يترددون، وهم للعقل الصريح والسمع الصحيح مخالفون: ﴿وَإذا قِيلَ لَهم لا تُفْسِدُوا في الأرْضِ قالُوا إنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) ألا إنَّهم هُمُ المُفْسِدُونَ ولَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢) وإذا قِيلَ لَهم آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ قالُوا أنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ ألا إنَّهم هُمُ السُّفَهاءُ ولَكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣) وإذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إنّا مَعَكم إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ويَمُدُّهم في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب