الباحث القرآني
قال الإمام أحمد: "كانوا يؤخرونها حتى يخرج الوقت".
* (فصل)
وَلَيْسَ السَّهْوُ عَنْها تَرْكَها، وإلّا لَمْ يَكُونُوا مُصَلِّينَ، وإنَّما هو السَّهْوُ عَنْ واجِبِها إمّا عَنِ الوَقْتِ كَما قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وغَيْرُهُ، وإمّا عَنِ الحُضُورِ والخُشُوعِ، والصَّوابُ أنَّهُ يَعُمُّ النَّوْعَيْنِ، فَإنَّهُ سُبْحانَهُ أثْبَتَ لَهم صَلاةً، ووَصَفَهم بِالسَّهْوِ عَنْها فَهو السَّهْوُ عَنْ وقْتِها الواجِبِ، أوْ عَنْ إخْلاصِها وحُضُورِها الواجِبِ، ولِذَلِكَ وصَفَهم بِالرِّياءِ، ولَوْ كانَ السَّهْوُ سَهْوَ تَرْكٍ لَما كانَ هُناكَ رِياءٌ.
قالُوا: ولَوْ قَدَّرْنا أنَّهُ السَّهْوُ عَنْ واجِبٍ فَقَطْ، فَهو تَنْبِيهٌ عَلى التَّوَعُّدِ بِالوَيْلِ عَلى سَهْوِ الإخْلاصِ والحُضُورِ بِطَرِيقِ الأوْلى لِوُجُوهٍ: أحَدُها: أنَّ الوَقْتَ يَسْقُطُ في حالِ العُذْرِ، ويَنْتَقِلُ إلى بَدَلِهِ، والإخْلاصَ والحُضُورَ لا يَسْقُطُ بِحالٍ، ولا بَدَلَ لَهُ.
الثّانِي: أنَّ واجِبَ الوَقْتِ يَسْقُطُ لِتَكْمِيلِ مَصْلَحَةِ الحُضُورِ، فَيَجُوزُ الجَمْعُ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ لِلشُّغْلِ المانِعِ مِن فِعْلِ إحْداهُما في وقْتِها بِلا قَلْبٍ ولا حُضُورٍ، كالمُسافِرِ، والمَرِيضِ، وذِي الشُّغْلِ الَّذِي يَحْتاجُ مَعَهُ إلى الجَمْعِ، كَما نَصَّ عَلَيْهِ أحْمَدُ وغَيْرُهُ.
فَبِالجُمْلَةِ: مَصْلَحَةُ الإخْلاصِ والحُضُورِ، وجَمْعِيَّةُ القَلْبِ عَلى اللَّهِ في الصَّلاةِ أرْجَحُ في نَظَرِ الشّارِعِ مِن مَصْلَحَةِ سائِرِ واجِباتِها، فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِ أنَّهُ يُبْطِلُها بِتَرْكِ تَكْبِيرَةٍ واحِدَةٍ، أوِ اعْتِدالٍ في رُكْنٍ، أوْ تَرْكِ حَرْفٍ، أوْ شَدَّةٍ مِنَ القُرْآنِ، أوْ تَرْكِ تَسْبِيحَةٍ أوْ قَوْلِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ أوْ قَوْلِ رَبَّنا ولَكَ الحَمْدُ أوْ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَحِّحُها مَعَ فَوْتِ لُبِّها، ومَقْصُودِها الأعْظَمِ، ورُوحِها وسِرِّها.
فَهَذا ما احْتَجَّتْ بِهِ هَذِهِ الطّائِفَةُ، وهي حُجَجٌ كَما تَراها قُوَّةً وظُهُورًا.
* وقال في (الصلاة وأحكام تاركها)
قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هم عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ﴾
وقد اختلف السلف في معنى السهو عنها، فقال سعد بن أبي وقاص ومسروق ابن الأجدع وغيرهما هو تركها حتى يخرج وقتها.
روي في ذلك حديث مرفوع قال محمد بن نصر المروذي حدثنا سفيان بن أبي شيبة حدثنا عكرمة بن إبراهيم حدثنا عبد الملك بن عمير بم مصعب بن سعد عن أبيه أنه سأل النبي ﷺ عن الذين هم عن الصلاة ساهون، قال: "هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها".
وقال حماد بن زيد حدثنا عاصم عن مصعب بن سعد قال "قلت: لأبي يا أبت أرأيت قول الله: ﴿الَّذِينَ هم عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ﴾؟
أينا لا يسهو؟ أينا لا يحدث نفسه؟ قال إنه ليس ذاك ولكنه إضاعة الوقت"
(سنن البيهقي).
وقال حيوة بن شريح أخبرني أبو صخر أنه سأل محمد بن كعب القرظي عن قوله: ﴿الَّذِينَ هم عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ﴾
قال هو تاركها ثم سأله عن الماعون قال: منع المال عن حقه.
إذا عرف هذا فالوعيد بالويل اطرد في القرآن للكفار كقوله: وويل للمشركين: ﴿الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ وقوله: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أفّاكٍ أثِيمٍ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ ألِيمٍ وإذا عَلِمَ مِن آياتِنا شَيْئًا اتَّخَذَها هُزُوًا أُولَئِكَ لَهم عَذابٌ مُهِينٌ﴾ وقوله: ﴿وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِن عَذابٍ شَدِيدٍ﴾ إلا في موضعين وهما
﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ و ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ فعلق الويل بالتطفيف وبالهمز واللمز، وهذا لا يكفر به بمجرده، فويل تارك الصلاة إما أن يكون ملحقا بويل الكفار، أو بويل الفساق، فإلحاقه بويل الكفار أولى لوجهين:
أحدهما: أنه قد صح عن سعد ابن أبي وقاص في هذه الآية أنه قال لو تركوها لكانوا كفارا ولكن ضيعوا وقتها.
الثاني: ما سنذكر من الأدلة على كفره يوضحه: الدليل الخامس: وهو قوله سبحانه: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أضاعُوا الصَّلاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾.
قال شعبة بن الحجاج حدثنا أبو إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله هو ابن مسعود في هذه الآية قال هو نهر في جهنم خبيث الطعم بعيد القعر قال محمد بن نصر حدثنا عبد الله بن سعد بن إبراهيم حدثنا محمد بن زياد بن زبار حدثني شرقي بن القطامي قال حدثني لقمان بن عامر الخزاعي قال جئت أبا أمامه الباهلي فقلت: حدثني حديثا سمعته من رسول الله ﷺ فقال سمعت من رسول الله ﷺ يقول: "لو أن صخرة قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفا ثم تنتهي إلى غي وأثام" قلت: وما غي وأثام قال: "بئران في أسفل جهنم يسيل فيهما صديد أهل جهنم فهذا الذي ذكره الله في كتابه" ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ و ﴿أثاما﴾
قال محمد بن نصر حدثنا الحسن بن عيسى حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا هشيم بن بشير قال أخبرني زكريا ابن أبي مريم الخزاعي قال سمعت أبا أمامة الباهلي يقول إن ما بين شفير جهنم إلى قعرها مسيرة خمسين خريفا من حجر يهوي أو قال صخرة تهوي عظمها كعشر عشراوات عظام سمان
فقال له مولى لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد هل تحت ذلك من شيء يا أبا أمامة قال نعم غي وأثام وقال أيوب بن بشير عن شفي بن ماتع قال إن في جهنم واديا يسمى غيا يسيل دما وقيحا فهو لمن خلق له قال تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾.
فوجه الدلالة من الآية أن الله سبحانه جعل هذا المكان من النار لمن أضاع الصلاة واتبع الشهوات ولو كان مع عصاة المسلمين لكانوا في الطبقة العليا من طبقات النار ولم يكونوا في هذا المكان الذي هو أسفلها فإن هذا ليس من أمكنة أهل الإسلام بل من أمكنة الكفار.
ومن الآية دليل آخر وهو قوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إلّا مَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحًا﴾ فلو كان مضيع الصلاة مؤمنا لم يشترط في توبته الإيمان وأنه يكون تحصيلا للحاصل.
{"ayahs_start":4,"ayahs":["فَوَیۡلࣱ لِّلۡمُصَلِّینَ","ٱلَّذِینَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ"],"ayah":"فَوَیۡلࣱ لِّلۡمُصَلِّینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق