الباحث القرآني

* (فائدة) اختلف ابن قتيبة وابن الأنباري في السمع والبصر أيهما أفضل، ففضل ابن قتيبة السمع ووافقه طائفة واحتج بقوله تعالى: ﴿وَمِنهم مَن يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ أفَأنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ولَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ ومِنهم مَن يَنْظُرُ إلَيْكَ أفَأنْتَ تَهْدِي العُمْيَ ولَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ﴾ قال: "فلما قرن بذهاب السمع ذهاب العقل ولم يقرن بذهاب النظر إلا ذهاب البصر كان دليلا على أن السمع أفضل" قال ابن الأنباري: "هذا غلط وكيف يكون السمع أفضل وبالبصر يكون الإقبال والإدبار والقرب إلى النجاة والبعد من الهلاك وبه جمال الوجه وبذهابه شينة، وفي الحديث: "من ذهبت كريمتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة ". وأجاب عما ذكره ابن قتيبة بأن الذي نفاه الله تعالى مع السمع بمنزلة الذي نفاه عن البصر إذا كأنه أراد إبصار القلوب ولم يرد إبصار العيون والذي يبصره القلب هو الذي يعقله لأنها نزلت في قوم من اليهود كانوا يستمعون كلام النبي ﷺ فيقفون على صحته ثم يكذبونه فأنزل في الله فيهم ﴿أفأنت تسمع الصم﴾ أي المعرضين ولو كانوا لا يعقلون ومنهم من ينظر إليك بعين نقص أفأنت تهدي العمي أي المعرضين ولو كانوا لا يبصرون. قال: "ولا حجة في تقديم السمع على البصر هنا فقد أخبر في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الفَرِيقَيْنِ كالأعْمى والأصَمِّ والبَصِيرِ والسَّمِيعِ﴾. قلت: واحتج مفضلو السمع بأن به ينال غاية السعادة من سمع كلام الله وسماع كلام رسوله، قالوا وبه حصلت العلوم النافعة. قالوا وبه يدرك الحاضر والغائب والمحسوس والمعقول، فلا نسبة لمدرك البصر إلى مدرك السمع. قالوا ولهذا يكون فاقده أقل علما من فاقد البصر بل قد يكون فاقد البصر أحد العلماء الكبار بخلاف فاقد صفة السمع فإنه لم يعهد من هذا الجنس عالم ألبتة. قال مفضلو البصر أفضل النعيم النظر إلى الرب تعالى وهو يكون بالبصر والذي يراه البصر لا يقبل الغلط بخلاف ما يسمع فإنه يقع فيه الغلط والكذب والوهم، فمدرك البصر أتم وأكمل. قالوا وأيضا فمحله أحسن وأكمل وأعظم عجائب من محل السمع وذلك لشرفه وفضله. قال شيخنا: "والتحقيق أن السمع له مزية والبصر له مزية، فمزية السمع العموم والشمول، ومزية البصر كمال الإدراك وتمامه فالسمع أعم وأشمل، والبصر أتم وأكمل، فهذا أفضل من جهة شمول إدراكه وعمومه، وهذا أفضل من جهة كمال إدراكه وتمامه".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب