الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَمّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أفْرِغْ﴾ آيَةُ ٢٥٠ [٢٥٢٦] حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ أبِي الرَّبِيعِ، أنْبَأ عَبْدُ الرَّزّاقِ، أنْبَأ بَكّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: سَمِعْتُ وهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يُحَدِّثُ قالَ: لَمّا بَرَزَ طالُوتُ لِجالُوتَ، قالَ جالُوتُ: أبْرِزُوا إلَيَّ مَن يُقاتِلُنِي، فَإنْ قَتَلَنِي فَلَكم مُلْكِي، وإنْ قَتَلْتُهُ فَلِي مُلْكُكُمْ، فَأُتِيَ بِداوُدَ إلى طالُوتَ، فَقاضاهُ إنْ قَتَلَهُ أنْ يُنْكِحَهُ ابْنَتَهُ، وأنْ يُحَكِّمَهُ في مالِهِ. قالَ: فَألْبَسَهُ طالُوتُ سِلاحَهُ، فَكَرِهَ داوُدُ أنْ يُقاتِلَهُ بِسِلاحٍ وقالَ: إنِ اللَّهُ لَمْ يَنْصُرْنِي عَلَيْهِ، لَمْ يُغْنِنِي السِّلاحُ شَيْئًا، فَخَرَجَ إلَيْهِ بِالمِقْلاعِ وبِمِخْلاةٍ فِيها أحْجارٌ، ثُمَّ بَرَزَ لَهُ. فَقالَ لَهُ جالُوتُ: أنْتَ تُقاتِلُنِي؟ قالَ داوُدُ: نَعَمْ. قالَ: ويْلَكَ ما خَرَجْتَ إلّا كَما يُخْرَجُ إلى الكَلْبِ بِالمِقْلاعِ والحِجارَةِ لَأُبَدِّدَنَّ لَحْمَكَ ولَأُطْعِمَنَّكَ اليَوْمَ الطَّيْرَ والسِّباعَ. (p-٤٧٨)فَقالَ لَهُ داوُدُ: بَلْ أنْتَ عَدُوُّ اللَّهِ شَرٌّ مِنَ الكَلْبِ. فَأخَذَ داوُدُ حَجَرًا، فَرَماهُ بِالمِقْلاعِ فَأصابَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ حَتّى نَفَذَتْ في دِماغِهِ، فَصَرَخَ جالُوتُ وانْهَزَمَ مَن مَعَهُ، واحْتَزَّ داوُدُ رَأْسَهُ. [٢٥٢٧] حَدَّثَنا أبِي، ثَنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ قالَ: فَجاءَ جالُوتُ في عَدَدٍ كَثِيرٍ وعُدَّةٍ ﴿ولَمّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا وثَبِّتْ أقْدامَنا وانْصُرْنا عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ﴾ قَوْلُهُ: ﴿رَبَّنا أفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا﴾ [٢٥٢٨] حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ، ثَنا الهَيْثَمُ بْنُ يَمانٍ، ثَنا سِنانُ بْنُ هارُونَ، ثَنا أبُو حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، قالَ: إذا جَمَعَ اللَّهُ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ، يُنادِي مُنادٍ: أيْنَ الصّابِرُونَ؟ لِيَدْخُلُوا الجَنَّةَ قَبْلَ الحِسابِ. قالَ: فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النّاسِ فَتَلَقّاهُمُ المَلائِكَةُ، فَيَقُولُوا: إلى أيْنَ يا بَنِي آدَمَ؟ فَيَقُولُونَ: إلى الجَنَّةِ. قالُوا: وقَبْلَ الحِسابِ؟ قالُوا: نَعَمْ قالُوا: ومَن أنْتُمْ؟ قالُوا: الصّابِرُونَ. قالُوا: وما كانَ صَبْرُكُمْ؟ قالُوا: صَبَرْنا عَلى طاعَةِ اللَّهِ، وصَبَرْنا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، حَتّى تَوَفّانا اللَّهُ. قالُوا: أنْتُمْ كَما قُلْتُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ فَنِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وثَبِّتْ أقْدامَنا﴾ [٢٥٢٩] حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَبّاسِ، ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنا سَلَمَةُ، قالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ: ﴿وثَبِّتْ أقْدامَنا﴾ قالَ: سَألُوهُ أنْ يُثَبِّتَ أقْدامَهم. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وانْصُرْنا عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ﴾ وبِهِ قالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ: ﴿وانْصُرْنا عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ﴾ قالَ: اسْتَنْصَرُوهُ عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهَزَمُوهم بِإذْنِ اللَّهِ وقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ﴾ [البقرة: ٢٥١] [٢٥٣٠] حَدَّثَنا أبُو زُرْعَةَ، ثَنا عَمْرُو بْنُ حَمّادٍ، ثَنا أسْباطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ ﴿ولَمّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا﴾ فَعَبَرَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ أبُو داوُدَ فِيمَن عَبَرَ، في ثَلاثَةَ عَشَرَ ابْنًا لَهُ، وكانَ داوُدُ أصْغَرَ بَنِيهِ، وإنَّهُ أتاهُ ذاتَ يَوْمٍ فَقالَ لَهُ: يا أبَتاهُ ما أرْمِي بِقَذّافَتِي شَيْئًا إلّا صَرَعْتُهُ. قالَ: أبْشِرْ، فَإنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ رِزْقَكَ في قَذّافَتِكَ. (p-٤٧٩)ثُمَّ أتاهُ يَوْمًا آخَرَ فَقالَ: يا أبَتاهُ: لَقَدْ دَخَلْتُ بَيْنَ الجِبالِ فَوَجَدْتُ أسَدًا رابِضًا، فَرَكِبْتُ عَلَيْهِ، وأخَذْتُ بِأُذُنَيْهِ، فَلَمْ يَهِجْنِي فَقالَ: أبْشِرْ يا بُنَيَّ، فَإنَّ هَذا خَيْرٌ يُعْطِيكَهُ اللَّهُ. ثُمَّ أتاهُ يَوْمًا آخَرَ فَقالَ: يا أبَتاهُ: إنِّي لَأمْشِي بَيْنَ الجِبالِ فَأُسَبِّحُ، فَما يَبْقى جَبَلٌ إلّا سَبَّحَ مَعِي. فَقالَ: أبْشِرْ يا بُنَيَّ فَإنَّ هَذا خَيْرٌ أعْطاكَهُ اللَّهُ. وكانَ داوُدُ راعِيًا، وكانَ أبُوهُ خَلْفَهُ، يَأْتِي إلَيْهِ وإلِي إخْوَتِهِ بِالطَّعامِ، فَأتى النَّبِيَّ بِقَرْنٍ فِيهِ دُهْنٌ، وبِثَوْبٍ مِن حَدِيدٍ، فَبَعَثَ بِهِ إلى طالُوتَ فَقالَ: إنَّ صاحِبَكُمُ الَّذِي يَقْتُلُ جالُوتَ، يُوضَعُ هَذا القَرْنُ عَلى رَأْسَهِ فَيَغْلِي حِينَ يَدَّهِنُ مِنهُ، ولا يَسِيلُ عَلى وجْهِهِ، يَكُنْ عَلى رَأْسِهِ كَهَيْئَةِ الإكْلِيلِ، ويَدْخُلُ في هَذا الثَّوْبِ فَيَمْلَؤُهُ. فَدَعا طالُوتُ بَنِي إسْرائِيلَ، فَجَرَّبَهم بِهِ، فَلَمْ يُوافِقْهُ مِنهم أحَدٌ، فَلَمّا فَرَغُوا قالَ طالُوتُ لِأبِي داوُدَ: هَلْ بَقِيَ لَكَ ولَدٌ لَمْ يَشْهَدْنا؟ قالَ نَعَمْ، بَقِيَ داوُدُ، هو يَأْتِينا بِطَعامِنا، فَلَمّا أتى داوُدُ، مَرَّ في الطَّرِيقِ بِثَلاثَةِ أحْجارٍ، فَكَلَّمَتْهُ، وقُلْنَ لَهُ: يا داوُدُ، خُذْنا، تَقْتُلْ بِنا جالُوتَ، فَأخَذَهُنَّ، فَجَعَلَهُنَّ في مِخْلاةٍ - وقَدْ كانَ طالُوتُ قالَ: مَن قَتَلَ جالُوتَ زَوَّجْتُهُ ابْنَتِي، وأجْرَيْتُ خاتَمَهُ في مُلْكِي - فَلَمّا جاءَ داوُدُ، وضَعُوا القَرْنَ عَلى رَأْسِهِ، فَغَلى حِينَ ادَّهَنَ مِنهُ، ولَبِسَ الثَّوْبَ فَمَلَأهُ - وكانَ رَجُلًا مِسْقامًا مِصْفارًا - ولَمْ يَلْبَسْهُ أحَدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ إلّا تَقَلْقَلَ فِيهِ، فَلَمّا لَبِسَهُ داوُدُ، تَضايَقَ عَلَيْهِ الثَّوْبُ حَتّى تَنَقَّصَ، ثُمَّ مَشى إلى جالُوتَ وكانَ جالُوتُ مِن أجْسَمَ النّاسِ وأشَدِّهِمْ فَلَمّا نَظَرَ إلى داوُدَ: قُذِفَ في قَلْبِهِ الرُّعْبُ مِنهُ وقالَ لَهُ: يا فَتى ارْجِعْ فَإنِّي أرْحَمُكَ أنْ أقْتُلَكَ فَقالَ داوُدُ: لا بَلْ أنا أقْتُلُكَ، وأخْرَجَ الحِجارَةَ فَوَضَعَها في القَذّافَةِ، كُلَّما رَفَعَ حَجَرًا سَمّاهُ فَقالَ: بِاسْمِ أبِي إبْراهِيمَ، والثّانِي: بِاسْمِ أبِي إسْحاقَ، والثّالِثُ: بِاسْمِ أبِي إسْرائِيلَ ثُمَّ أدارَ القَذّافَةَ، فَعادَتِ الأحْجارُ حَجَرًا واحِدًا ثُمَّ أرْسَلَهُ، فَصَكَّ بِهِ بَيْنَ عَيْنَيْ جالُوتَ، فَنَقَبَتْ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَقْتُلُ كَلَّ إنْسانٍ يُصِيبُهُ يَنْفُذُ مِنهُ، حَتّى إذا لَمْ يَكُنْ بِحِيالِها أحَدٌ، فَهَزَمَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، وقَتْلَ داوُدُ جالُوتَ ورَجَعَ طالُوتُ فَأنْكَحَ داوُدَ ابْنَتَهُ وأجْرى خاتَمَهُ في مُلْكِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب