الباحث القرآني
﴿إنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى﴾ ﴿وإنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ والأُولى﴾ .
اسْتِئْنافٌ مُقَرِّرٌ لِمَضْمُونِ الكَلامِ السّابِقِ مِن قَوْلِهِ: (﴿فَأمّا مَن أعْطى﴾ [الليل: ٥]) إلى قَوْلِهِ: (لِلْعُسْرى)، وذَلِكَ لِإلْقاءِ التَّبِعَةِ عَلى مَن صارَ إلى العُسْرى بِأنَّ اللَّهُ أعْذَرَ إلَيْهِ إذْ هَداهُ بِدَعْوَةِ الإسْلامِ إلى الخَيْرِ، فَأعْرَضَ عَنِ الِاهْتِداءِ بِاخْتِيارِهِ اكْتِسابَ السَّيِّئاتِ، فَإنَّ التَّيْسِيرَ لِلْيُسْرى يَحْصُلُ عِنْدَ مَيْلِ العَبْدِ إلى عَمَلِ الحَسَناتِ، والتَّيْسِيرَ لِلْعُسْرى يَحْصُلُ عِنْدَ مَيْلِهِ إلى عَمَلِ السَّيِّئاتِ. وذَلِكَ المَيْلُ هو المُعَبَّرُ عَنْهُ بِالكَسْبِ عِنْدَ الأشْعَرِيِّ، وسَمّاهُ المُعْتَزِلَةُ: قُدْرَةَ العَبْدِ، وهو أيْضًا الَّذِي اشْتَبَهَ عَلى الجَبْرِيَّةِ فَسَمَّوْهُ الجَبْرَ.
وتَأْكِيدُ الخَبَرِ بِـ (إنَّ) ولامِ الِابْتِداءِ يُومِئُ إلى أنَّ هَذا كالجَوابِ عَمّا يَجِيشُ في نُفُوسِ أهْلِ الضَّلالِ عِنْدَ سَماعِ الإنْذارِ السّابِقِ مِن تَكْذِيبِهِ بِأنَّ اللَّهَ لَوْ شاءَ مِنهم ما دَعاهم إلَيْهِ لَألْجَأهم إلى الإيمانِ. فَقَدْ حُكِيَ عَنْهم في الآيَةِ الأُخْرى: (﴿وقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمَنُ ما عَبَدْناهُمْ﴾ [الزخرف: ٢٠]) .
وحَرْفُ (عَلى) إذا وقَعَ بَيْنَ اسْمٍ وما يَدُلُّ عَلى فِعْلٍ، يُفِيدُ مَعْنى اللُّزُومِ، أيْ: لازِمٌ لَنا هُدى النّاسِ، وهَذا التِزامٌ مِنَ اللَّهِ اقْتَضاهُ فَضْلُهُ وحِكْمَتُهُ فَتَوَلّى إرْشادَ النّاسِ إلى الخَيْرِ قَبْلَ أنْ يُؤاخِذَهم بِسُوءِ أعْمالِهِمُ الَّتِي هي فَسادٌ فِيما صَنَعَ اللَّهُ مِنَ الأعْيانِ والأنْظِمَةِ الَّتِي أقامَ عَلَيْها فِطْرَةَ نِظامِ العالَمِ، فَهَدى اللَّهُ الإنْسانَ بِأنْ خَلَقَهُ قابِلًا لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الصَّلاحِ والفَسادِ، ثُمَّ عَزَّزَ ذَلِكَ بِأنْ أرْسَلَ إلَيْهِ رُسُلًا مُبَيِّنِينَ لِما قَدْ يَخْفى أمْرُهُ مِنَ الأفْعالِ أوْ يَشْتَبِهُ عَلى النّاسِ فَسادُهُ بِصَلاحِهِ، ومُنَبِّهِينَ النّاسَ لِما قَدْ يَغْفُلُونَ عَنْهُ مِن سابِقِ ما عَمِلُوهُ.
وعَطْفُ (﴿وإنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ والأُولى﴾) عَلى جُمْلَةِ (﴿إنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى﴾) تَتْمِيمٌ وتَنْبِيهٌ عَلى أنَّ تَعَهُّدَ اللَّهِ لِعِبادِهِ بِالهُدى فَضْلٌ مِنهُ وإلّا فَإنَّ الدّارَ الآخِرَةَ مِلْكُهُ (p-٣٨٩)والدّارَ الأُولى مِلْكُهُ بِما فِيهِما، قالَ تَعالى: (﴿لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما﴾ [الزخرف: ٨٥]) فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِما كَيْفَ يَشاءُ، فَلا يَحْسِبُوا أنَّ عَلَيْهِمْ حَقًّا عَلى اللَّهِ تَعالى إلّا ما تَفَضَّلَ بِهِ.
وفِي الآيَةِ إشارَةٌ عَظِيمَةٌ إلى أنَّ أُمُورَ الجَزاءِ في الأُخْرى تَجْرِي عَلى ما رَتَّبَهُ اللَّهُ وأعْلَمَ بِهِ عِبادَهُ، وأنَّ نِظامَ أُمُورِ الدُّنْيا وتَرْتِيبَ مُسَبَّباتِهِ عَلى أسْبابِهِ أمْرٌ قَدْ وضَعَهُ اللَّهُ تَعالى وأمَرَ بِالحِفاظِ عَلَيْهِ وأرْشَدَ وهَدى، فَمَن فَرَّطَ في شَيْءٍ مِن ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحَقَّ ما تَسَبَّبَ فِيهِ.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["إِنَّ عَلَیۡنَا لَلۡهُدَىٰ","وَإِنَّ لَنَا لَلۡـَٔاخِرَةَ وَٱلۡأُولَىٰ"],"ayah":"إِنَّ عَلَیۡنَا لَلۡهُدَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق