الباحث القرآني
﴿وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرى اللَّهُ عَمَلَكم ورَسُولُهُ والمُؤْمِنُونَ وسَتَرُدُّونَ إلى عالِمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿ألَمْ يَعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ هو يَقْبَلُ التَّوْبَةَ﴾ [التوبة: ١٠٤] الَّذِي هو في قُوَّةِ إخْبارِهِمْ بِأنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وقُلْ لَهُمُ اعْمَلُوا، أيْ بَعْدَ قَبُولِ التَّوْبَةِ، فَإنَّ التَّوْبَةَ إنَّما تَرْفَعُ المُؤاخَذَةَ بِما مَضى فَوَجَبَ عَلى المُؤْمِنِ الرّاغِبِ في الكَمالِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ أنْ يَزِيدَ مِنَ الأعْمالِ الصّالِحَةِ لِيَجْبُرَ ما فاتَهُ مِنَ الأوْقاتِ الَّتِي كانَتْ حَقِيقَةً بِأنْ يُعَمِّرَها بِالحَسَناتِ فَعَمَّرَها بِالسَّيِّئاتِ، فَإذا ورَدَتْ عَلَيْها التَّوْبَةُ زالَتِ السَّيِّئاتُ وأصْبَحَتْ تِلْكَ المُدَّةُ فارِغَةً مِنَ العَمَلِ الصّالِحِ، فَلِذَلِكَ أُمِرُوا بِالعَمَلِ عَقِبَ الإعْلامِ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِمْ لِأنَّهم لَمّا قُبِلَتْ تَوْبَتُهم كانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ أنْ يَدُلُّوا عَلى صِدْقِ تَوْبَتِهِمْ وفَرْطِ رَغْبَتِهِمْ في الِارْتِقاءِ إلى مَراتِبِ الكَمالِ حَتّى يَلْحَقُوا بِالَّذِينَ سَبَقُوهم، فَهَذا هو المَقْصُودُ، ولِذَلِكَ كانَ حَذْفُ مَفْعُولِ (اعْمَلُوا) لِأجْلِ التَّعْوِيلِ عَلى القَرِينَةِ، ولِأنَّ الأمْرَ مِنَ اللَّهِ لا يَكُونُ بِعَمَلٍ غَيْرِ صالِحٍ. والمُرادُ بِالعَمَلِ ما يَشْمَلُ العَمَلَ النَّفْسانِيَّ مِنَ الِاعْتِقادِ والنِّيَّةِ. وإطْلاقُ العَمَلِ عَلى ما يَشْمَلُ ذَلِكَ تَغْلِيبٌ.
وتَفْرِيعُ ﴿فَسَيَرى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾ زِيادَةٌ في التَّحْضِيضِ. وفِيهِ تَحْذِيرٌ مِنَ التَّقْصِيرِ أوْ مِنَ ارْتِكابِ المَعاصِي لِأنَّ كَوْنَ عَمَلِهِمْ بِمَرْأًى مِنَ اللَّهِ مِمّا يَبْعَثُ عَلى جَعْلِهِ يُرْضِي اللَّهَ تَعالى.
وذَلِكَ تَذْكِيرٌ لَهم بِاطِّلاعِ اللَّهِ - تَعالى - بِعِلْمِهِ عَلى جَمِيعِ الكائِناتِ. وهَذا كَقَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ في بَيانِ الإحْسانِ هو «أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فَإنَّهُ يَراكَ» .
وعَطْفُ (ورَسُولُهُ) عَلى اسْمِ الجَلالَةِ لِأنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - هو المُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ وهو الَّذِي يَتَوَلّى مُعامَلَتَهم عَلى حَسَبِ أعْمالِهِمْ.
(p-٢٦)وعَطْفُ (المُؤْمِنُونَ) أيْضًا لِأنَّهم شُهَداءُ اللَّهِ في أرْضِهِ ولِأنَّ هَؤُلاءِ لَمّا تابُوا قَدْ رَجَعُوا إلى حَضِيرَةِ جَماعَةِ الصَّحابَةِ فَإنْ عَمِلُوا مِثْلَهم كانُوا بِمَحَلِّ الكَرامَةِ مِنهم وإلّا كانُوا مَلْحُوظِينَ مِنهم بِعَيْنِ الغَضَبِ والإنْكارِ. وذَلِكَ مِمّا يَحْذَرُهُ كُلُّ أحَدٍ هو مِن قَوْمٍ يَرْمُقُونَهُ شَزْرًا ويَرَوْنَهُ قَدْ جاءَ نُكْرًا.
والرُّؤْيَةُ المُسْنَدَةُ إلى اللَّهِ - تَعالى - رُؤْيَةٌ مَجازِيَّةٌ. وهي تَعَلُّقُ العِلْمِ بِالواقِعاتِ سَواءً كانَتْ ذَواتِ مُبْصِراتٍ أمْ كانَتْ أحْداثًا مَسْمُوعاتٍ ومَعانِيَ مُدْرَكاتٍ، وكَذَلِكَ الرُّؤْيَةُ المُسْنَدَةُ إلى الرَّسُولِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ المَعْنى المُجْزى لِقَوْلِهِ (عَمَلَكم)
وجُمْلَةُ ﴿وسَتُرَدُّونَ إلى عالِمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ﴾ مِن جُمْلَةِ المَقُولِ. وهو وعْدٌ ووَعِيدٌ مَعًا عَلى حَسَبِ الأعْمالِ، ولِذَلِكَ جاءَ فِيهِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وقَدْ تَقَدَّمَ القَوْلُ في نَظِيرِهِ آنِفًا.
{"ayah":"وَقُلِ ٱعۡمَلُوا۟ فَسَیَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق