الباحث القرآني
﴿كَلّا﴾ .
رَدْعٌ وإبْطالٌ لِما تَضْمَنُهُ ما يُقالُ لَهم ﴿هَذا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [المطففين: ١٧] فَيَجُوزُ أنْ تَكُونَ كَلِمَةُ كَلّا مِمّا قِيلَ لَهم مَعَ جُمْلَةِ ﴿هَذا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [المطففين: ١٧] رَدْعًا لَهم فَهي مِنَ المَحْكِيِّ بِالقَوْلِ.
ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مُعْتَرِضَةً مِن كَلامِ اللَّهِ في القُرْآنِ إبْطالًا لِتَكْذِيبِهِمُ المَذْكُورِ.
* * *
﴿إنَّ كِتابَ الأبْرارِ لَفي عِلِّيِّينَ﴾ ﴿وما أدْراكَ ما عِلِّيُّونَ﴾ ﴿كِتابٌ مَرْقُومٌ﴾ ﴿يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ﴾ يَظْهَرُ أنَّ هَذِهِ الآياتِ المُنْتَهِيَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ﴾ مِنَ الحِكايَةِ ولَيْسَتْ مِنَ الكَلامِ المَحْكِيِّ بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ يُقالُ﴾ [المطففين: ١٧] إلَخْ، فَإنَّ هَذِهِ الجُمْلَةَ بِحَذافِرِها تُشْبِهُ جُمْلَةَ ﴿إنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] إلَخْ أُسْلُوبًا ومُقابَلَةً. فالوَجْهُ أنْ يَكُونَ (p-٢٠٣)مَضْمُونُها قَسِيمًا لِمَضْمُونِ شَبِيهِها فَتَحْصُلُ مُقابَلَةُ وعِيدِ الفُجّارِ بِوَعْدِ الأبْرارِ، ومِن عادَةِ القُرْآنِ تَعْقِيبُ الإنْذارِ بِالتَّبْشِيرِ والعَكْسُ؛ لِأنَّ النّاسَ راهِبٌ وراغِبٌ فالتَّعَرُّضُ لِنَعِيمِ الأبْرارِ إدْماجٌ اقْتَضَتْهُ المُناسَبَةُ وإنْ كانَ المَقامُ مِن أوَّلِ السُّورَةِ مَقامَ إنْذارٍ.
ويَكُونُ المُتَكَلِّمُ بِالوَعْدِ والوَعِيدِ واحِدًا وجَّهَ كَلامَهُ لِلْفُجّارِ الَّذِينَ لا يَظُنُّونَ أنَّهم مَبْعُوثُونَ، وأعْقَبَهُ بِتَوْجِيهِ كَلامٍ لِلْأبْرارِ الَّذِينَ هم بِضِدِّ ذَلِكَ، فَتَكُونُ هَذِهِ الآياتُ مُعْتَرِضَةً مُتَّصِلَةً بِحَرْفِ الرَّدْعِ عَلى أوْضَحِ الوَجْهَيْنِ المُتَقَدِّمَيْنِ فِيهِ.
ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مِنَ المَحْكِيِّ بِالقَوْلِ في ﴿ثُمَّ يُقالُ هَذا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [المطففين: ١٧] فَتَكُونُ مَحْكِيَّةً بِالقَوْلِ المَذْكُورِ مُتَّصِلَةً بِالجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها وبِحَرْفِ الإبْطالِ عَلى أنْ يَكُونَ القائِلُونَ لَهم ﴿هَذا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [المطففين: ١٧] عَلى وجْهِ التَّوْبِيخِ، أعْقَبُوا تَوْبِيخَهم بِوَصْفِ نَعِيمِ المُؤْمِنِينَ بِالبَعْثِ تَنْدِيمًا لِلَّذِينَ أنْكَرُوهُ وتَحْسِيرًا لَهم عَلى ما أفاتُوهُ مِنَ الخَيْرِ.
والأبْرارُ: جَمْعُ بَرٍّ بِفَتْحِ الباءِ، وهو الَّذِي يَعْمَلُ البِرَّ، وتَقَدَّمَ في السُّورَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ.
والقَوْلُ في الكِتابِ ومَظْرُوفِيَّتِهِ في عِلِّيِّينَ، كالقَوْلِ في ﴿إنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧] .
وعِلِّيُّونَ: جَمْعُ عِلِّيٍّ، وعِلِّيٌّ عَلى وزْنِ فِعِّيلٍ مِنَ العُلُوِّ، وهو زِنَةُ مُبالِغَةٍ في الوَصْفِ جاءَ عَلى صُورَةِ جَمْعِ المُذَكَّرِ السّالِمِ وهو مِنَ الأسْماءِ الَّتِي أُلْحِقَتْ بِجَمْعِ المُذَكَّرِ السّالِمِ عَلى غَيْرِ قِياسٍ.
وعَنِ الفَرّاءِ أنَّ عِلِّيِّينَ لا واحِدَ لَهُ. يُرِيدُ: أنَّ عِلِّيِّينَ لَيْسَ جَمْعَ (عِلِّيٍّ) ولَكِنَّهُ عَلَمٌ عَلى مَكانِ الأبْرارِ في الجَنَّةِ إذْ لَمْ يُسْمَعْ عَنِ العَرَبِ (عِلِّيٌّ)، وإنَّما قالُوا: عِلِّيَّةٌ لِلْغُرْفَةِ، وعِلِّيُّونَ عَلَمٌ بِالغَلَبَةِ لِمَحَلَّةِ الأبْرارِ.
واشْتُقَّ هَذا الِاسْمُ مِنَ العُلُوِّ، وهو عُلُوٌّ اعْتِبارِيٌّ، أيْ: رِفْعَةٌ في مَراتِبِ الشَّرَفِ والفَضْلِ، وصِيغَ عَلى صِيغَةِ جَمْعِ المُذَكَّرِ؛ لِأنَّ أصْلَ تِلْكَ الصِّيغَةِ أنْ تُجْمَعَ بِها أسْماءُ العُقَلاءِ وصِفاتُهم، فاسْتُكْمِلَ لَهُ صِيغَةُ جَمْعِ العُقَلاءِ الذُّكُورِ إتْمامًا لِشَرَفِ المَعْنى بِاسْتِعارَةِ العُلُوِّ وشَرَفِ النَّوْعِ بِإعْطائِهِ صِيغَةَ التَّذْكِيرِ.
(p-٢٠٤)والقَوْلُ في ﴿وما أدْراكَ ما عِلِّيُّونَ﴾ كالقَوْلِ في ﴿وما أدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٨] المُتَقَدِّمِ.
و﴿يَشْهَدُهُ﴾ يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ، أيْ: يُعْلَنُ بِهِ عِنْدَ المُقَرَّبِينَ، وهُمُ المَلائِكَةُ وهو إعْلانُ تَنْوِيهٍ بِصاحِبِهِ كَما يُعْلَنُ بِأسْماءِ النّابِغِينَ في التَّعْلِيمِ، وأسْماءِ الأبْطالِ في الكَتائِبِ.
{"ayahs_start":18,"ayahs":["كَلَّاۤ إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِی عِلِّیِّینَ","وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا عِلِّیُّونَ","كِتَـٰبࣱ مَّرۡقُومࣱ","یَشۡهَدُهُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ"],"ayah":"یَشۡهَدُهُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق