الباحث القرآني
﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وهاجَرُوا وجاهَدُوا بِأمْوالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ في سَبِيلِ اللَّهِ والَّذِينَ آوَوْا ونَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهم أوْلِياءُ بَعْضٍ والَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يُهاجِرُوا ما لَكم مِن ولايَتِهِمْ مِن شَيْءٍ حَتّى يُهاجِرُوا وإنِ اسْتَنْصَرُوكم في الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إلّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكم وبَيْنَهم مِيثاقٌ واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ هَذِهِ الآياتُ اسْتِئْنافٌ ابْتِدائِيٌّ لِلْإعْلامِ بِأحْكامِ مُوالاةِ المُسْلِمِينَ لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هاجَرُوا والَّذِينَ لَمْ يُهاجِرُوا وعَدَمِ مُوالاتِهِمْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا، نَشَأ عَنْ قَوْلِ العَبّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ حِينَ أُسِرَ بِبَدْرٍ أنَّهُ مُسْلِمٌ وأنَّ المُشْرِكِينَ أكْرَهُوهُ عَلى الخُرُوجِ إلى بَدْرٍ، ولَعَلَّ بَعْضَ الأسْرى غَيْرَهُ قَدْ قالَ ذَلِكَ وكانُوا صادِقِينَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ المُسْلِمِينَ عَطَفُوا عَلَيْهِمْ وظَنُّوهم أوْلِياءَ لَهم، فَأخْبَرَ اللَّهُ المُسْلِمِينَ وغَيْرَهم بِحُكْمِ مَن آمَنَ واسْتَمَرَّ عَلى البَقاءِ بِدارِ الشِّرْكِ.
قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَقْصِدُ هَذِهِ الآيَةِ وما بَعْدَها تَبْيِينُ مَنازِلِ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ والمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يُهاجِرُوا والكُفّارِ، والمُهاجِرِينَ بَعْدَ الحُدَيْبِيَةِ وذِكْرُ نِسَبِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ.
وتَعَرَّضَتِ الآيَةُ إلى مَراتِبِ الَّذِينَ أسْلَمُوا فابْتَدَأتْ بِبَيانِ فَرِيقَيْنِ اتَّحَدَتْ أحْكامُهم في الوِلايَةِ والمُؤاساةِ حَتّى صارُوا بِمَنزِلَةِ فَرِيقٍ واحِدٍ وهَؤُلاءِ هم فَرِيقا المُهاجِرِينَ والأنْصارِ (p-٨٤)الَّذِينَ امْتازُوا بِتَأْيِيدِ الدِّينِ. فالمُهاجِرُونَ امْتازُوا بِالسَّبْقِ إلى الإسْلامِ وتَكَبَّدُوا مُفارَقَةَ الوَطَنِ. والأنْصارُ امْتازُوا بِإيوائِهِمْ. وبِمَجْمُوعِ العَمَلَيْنِ حَصَلَ إظْهارُ البَراءَةِ مِنَ الشِّرْكِ وأهْلِهِ وقَدِ اشْتَرَكَ الفَرِيقانِ في أنَّهم آمَنُوا وأنَّهم جاهَدُوا، واخْتُصَّ المُهاجِرُونَ بِأنَّهم هاجَرُوا واخْتُصَّ الأنْصارُ بِأنَّهم آوَوْا ونَصَرُوا، وكانَ فَضْلُ المُهاجِرِينَ أقْوى لِأنَّهم فَضَّلُوا الإسْلامَ عَلى وطَنِهِمْ وأهْلِيهِمْ، وبادَرَ إلَيْهِ أكْثَرُهم، فَكانُوا قُدْوَةً ومِثالًا صالِحًا لِلنّاسِ.
والمُهاجَرَةُ هَجْرُ البِلادِ، أيِ الخُرُوجُ مِنها وتَرْكُها. قالَ عَبْدَةُ بْنُ الطَّبِيبِ:
؎إنَّ الَّتِي ضَرَبَتْ بَيْتًا مُهاجَـرَةً بِكُوفَةِ الجُنْدِ غالَتْ وُدَّها غُولُ
وأصْلُ الهِجْرَةِ التَّرْكُ واشْتُقَّ مِنهُ صِيغَةُ المُفاعَلَةِ لِخُصُوصِ تَرْكِ الدّارِ والقَوْمِ؛ لِأنَّ الغالِبَ عِنْدَهم كانَ أنَّهم يَتْرُكُونَ قَوْمَهم ويَتْرُكُهم قَوْمُهم إذْ لا يُفارِقُ أحَدٌ قَوْمَهُ إلّا لِسُوءِ مُعاشَرَةٍ تَنْشَأُ بَيْنَهُ وبَيْنَهم.
وقَدْ كانَتِ الهِجْرَةُ مِن أشْهَرِ أحْوالِ المُخالِفِينَ لِقَوْمِهِمْ في الدِّينِ فَقَدْ هاجَرَ إبْراهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ﴿وقالَ إنِّي ذاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩] . وهاجَرَ لُوطٌ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ﴿وقالَ إنِّي مُهاجِرٌ إلى رَبِّي إنَّهُ هو العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [العنكبوت: ٢٦]، وهاجَرَ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِقَوْمِهِ، وهاجَرَ مُحَمَّدٌ ﷺ وهاجَرَ المُسْلِمُونَ بِإذْنِهِ إلى الحَبَشَةِ، ثُمَّ إلى المَدِينَةِ يَثْرِبَ، ولَمّا اسْتَقَرَّ المُسْلِمُونَ مِن أهْلِ مَكَّةَ بِالمَدِينَةِ غَلَبَ عَلَيْهِمْ وصْفُ المُهاجِرِينَ وأصْبَحَتِ الهِجْرَةُ صِفَةَ مَدْحٍ في الدِّينِ، ولِذَلِكَ قالَ النَّبِيءُ ﷺ في مَقامِ التَّفْضِيلِ «لَوْلا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأنْصارِ» «وقالَ لِلْأعْرابِيِّ: ويْحَكَ إنَّ شَأْنَها شَدِيدٌ. وقالَ: لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ» .
والإيواءُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَآواكم وأيَّدَكم بِنَصْرِهِ﴾ [الأنفال: ٢٦] في هَذِهِ السُّورَةِ.
والنَّصْرُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ [البقرة: ١٢٣] إلى قَوْلِهِ: ﴿ولا هم يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة: ١٢٣] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
والمُرادُ بِالنَّصْرِ في قَوْلِهِ: ”ونَصَرُوا“ النَّصْرُ الحاصِلُ قَبْلَ الجِهادِ وهو نَصْرُ النَّبِيءِ ﷺ والمُسْلِمِينَ بِأنَّهم يَحْمُونَهم بِما يَحْمُونَ بِهِ أهْلَهم، ولِذَلِكَ غَلَبَ عَلى الأوْسِ والخَزْرَجِ وصْفُ الأنْصارِ.
(p-٨٥)واسْمُ الإشارَةِ في قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ بَعْضُهم أوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ لِإفادَةِ الِاهْتِمامِ بِتَمْيِيزِهِمْ بِالإخْبارِ عَنْهم، ولِلتَّعْرِيضِ بِالتَّعْظِيمِ لِشَأْنِهِمْ، ولِذَلِكَ لَمْ يُؤْتَ بِمِثْلِهِ في الإخْبارِ عَنْ أحْوالِ الفِرَقِ الأُخْرى.
ولَمّا أطْلَقَ اللَّهُ الوَلايَةَ بَيْنَهُمُ احْتَمَلَ حَمْلَها عَلى أقْصى مَعانِيها، وإنْ كانَ مَوْرِدُها في خُصُوصِ ولايَةِ النَّصْرِ فَإنَّ ذَلِكَ كَوُرُودِ العامِّ عَلى سَبَبٍ خاصٍّ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿أُولَئِكَ بَعْضُهم أوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ يَعْنِي في المِيراثِ جُعِلَ بَيْنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ دُونَ ذَوِي الأرْحامِ، حَتّى أنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ: ﴿وأُولُو الأرْحامِ بَعْضُهم أوْلى بِبَعْضٍ في كِتابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٧٥] أيْ في المِيراثِ فَنَسَخَتْها وسَيَأْتِي الكَلامُ عَلى ذَلِكَ. فَحَمَلَها ابْنُ عَبّاسٍ عَلى ما يَشْمَلُ المِيراثَ، فَقالَ: كانُوا يَتَوارَثُونَ بِالهِجْرَةِ وكانَ لا يَرِثُ مَن آمَنَ ولَمْ يُهاجِرِ الَّذِي آمَنَ وهاجَرَ فَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿وأُولُو الأرْحامِ بَعْضُهم أوْلى بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٥] . وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ وعِكْرِمَةَ وقَتادَةَ والحَسَنِ. ورُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ وابْنِ مَسْعُودٍ وهو قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ وأحْمَدَ، وقالَ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ هَذِهِ الوَلايَةُ هي في المُوالاةِ والمُؤازَرَةِ والمُعاوَنَةِ دُونَ المِيراثِ اعْتِدادًا بِأنَّها خاصَّةٌ بِهَذا الغَرَضِ وهو قَوْلُ مالِكِ بْنِ أنَسٍ والشّافِعِيِّ.
ورُوِيَ عَنْ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وزَيْدِ بْنِ ثابِتٍ وابْنِ عُمَرَ وأهْلِ المَدِينَةِ. ولا تَشْمَلُ هَذِهِ الآيَةُ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كانَ المُهاجِرُ لا يَتَوَلّى الأعْرابِيَّ ولا يَرِثُهُ وهو مُؤْمِنٌ ولا يَرِثُ الأعْرابِيُّ المُهاجِرَ أيْ ولَوْ كانَ عاصِبًا.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يُهاجِرُوا ما لَكم مِن ولايَتِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ جاءَ عَلى أُسْلُوبِ تَقْسِيمِ الفِرَقِ فَعُطِفَ كَما عُطِفَتِ الجُمَلُ بَعْدَهُ ومَعَ ذَلِكَ قَدْ جُعِلَ تَكْمِلَةً لِحُكْمِ الفِرْقَةِ المَذْكُورَةِ قَبْلَهُ فَصارَ لَهُ اعْتِبارانِ وقَدْ وقَعَ في المُصْحَفِ مَعَ الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ آيَةً واحِدَةً نِهايَتُها قَوْلُهُ تَعالى: واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
فَإنَّ وصْفَ الإيمانِ أيِ الإيمانِ بِاللَّهِ وحْدَهُ يُقابِلُهُ وصْفُ الشِّرْكِ وأنَّ وصْفَ الهِجْرَةِ يُقابِلُهُ وصْفُ المُكْثِ بِدارِ الشِّرْكِ، فَلَمّا بَيَّنَ أوَّلَ الآيَةِ ما لِأصْحابِ الوَصْفَيْنِ - الإيمانِ والهِجْرَةِ - مِنَ الفَضْلِ وما بَيْنَهم مِنَ الوَلايَةِ انْتَقَلَتْ إلى بَيانِ حالِ الفَرِيقِ الَّذِي يُقابِلُ أصْحابَ الوَصْفَيْنِ وهو فَرِيقٌ ثالِثٌ، فَبَيَّنَتْ حُكْمَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يُهاجِرُوا فَأثْبَتَتْ لَهم وصْفَ الإيمانِ وأمَرَتِ المُهاجِرِينَ والأنْصارَ بِالتَّبَرُّؤِ مِن ولايَتِهِمْ حَتّى يُهاجِرُوا، (p-٨٦)فَلا يَثْبُتُ بَيْنَهم وبَيْنَ أُولَئِكَ حُكْمُ التَّوارُثِ ولا النَّصْرِ إلّا إذا طَلَبُوا النَّصْرَ عَلى قَوْمٍ فَتَنُوهم في دِينِهِمْ.
وفِي نَفْيِ ولايَةِ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ لَهم، مَعَ السُّكُوتِ عَنْ كَوْنِهِمْ أوْلِياءَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا، دَلِيلٌ عَلى أنَّهم مُعْتَبَرُونَ مُسْلِمِينَ ولَكِنَّ اللَّهَ أمَرَ بِمُقاطَعَتِهِمْ حَتّى يُهاجِرُوا لِيَكُونَ ذَلِكَ باعِثًا لَهم عَلى الهِجْرَةِ.
والوَلايَةُ بِفَتْحِ الواوِ في المَشْهُورِ وكَذَلِكَ قَرَأها جُمْهُورُ القُرّاءِ، وهي اسْمٌ لِمَصْدَرِ ”تَوَلّاهُ“ وقَرَأها حَمْزَةُ وحْدَهُ بِكَسْرِ الواوِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: الفَتْحُ أجْوَدُ هُنا؛ لِأنَّ الوِلايَةَ الَّتِي بِكَسْرِ الواوِ في السُّلْطانِ يَعْنِي في وِلاياتِ الحُكْمِ والإمارَةِ. وقالَ الزَّجّاجُ: قَدْ يَجُوزُ فِيها الكَسْرُ لِأنَّ في تَوَلِّي بَعْضِ القَوْمِ بَعْضًا جِنْسًا مِنَ الصِّناعَةِ كالقِصارَةِ والخِياطَةِ، وتَبِعَهُ في الكَشّافِ وأرادَ إبْطالَ قَوْلِ أبِي عَلِيٍّ الفارِسِيِّ أنَّ الفَتْحَ هُنا أجْوَدُ. وما قالَهُ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ باطِلٌ، والفَتْحُ والكَسْرُ وجْهانِ مُتَساوِيانِ مِثْلَ الدَّلالَةِ بِفَتْحِ الدّالِ وكَسْرِها.
والظَّرْفِيَّةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْها ”في“ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنِ اسْتَنْصَرُوكم في الدِّينِ﴾ ظَرْفِيَّةٌ مَجازِيَّةٌ، تَؤُولُ إلى مَعْنى التَّعْلِيلِ، أيْ: طَلَبُوا أنْ تَنْصُرُوهم لِأجْلِ الدِّينِ، أيْ لِرَدِّ الفِتْنَةِ عَنْهم في دِينِهِمْ إذا حاوَلَ المُشْرِكُونَ إرْجاعَهم إلى دِينِ الشِّرْكِ وجَبَ نَصْرُهم؛ لِأنَّ نَصْرَهم لِلدِّينِ لَيْسَ مِنَ الوَلايَةِ لَهم بَلْ هو مِنَ الوَلايَةِ لِلدِّينِ ونَصْرِهِ وذَلِكَ واجِبٌ عَلَيْهِمْ، سَواءٌ اسْتَنْصَرَهُمُ النّاسُ أمْ لَمْ يَسْتَنْصِرُوهم إذا تَوَفَّرَ داعِي القِتالِ، فَجَعَلَ اللَّهُ اسْتِنْصارَ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يُهاجِرُوا مِن جُمْلَةِ دَواعِي الجِهادِ.
و”عَلَيْكُمُ النَّصْرُ“ مِن صِيَغِ الوُجُوبِ، أيْ: فَواجِبٌ عَلَيْكم نَصْرُهم، وقُدِّمَ الخَبَرُ وهو ”عَلَيْكم“ لِلِاهْتِمامِ بِهِ.
و”ال“ في ”النَّصْرِ“ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ لِأنَّ ”اسْتَنْصَرُوكم“ يَدُلُّ عَلى طَلَبِ نَصْرٍ والمَعْنى: فَعَلَيْكم نَصْرُهم.
والِاسْتِثْناءُ في قَوْلِهِ: ﴿إلّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكم وبَيْنَهم مِيثاقٌ﴾ اسْتِثْناءٌ مِن مُتَعَلِّقِ النَّصْرِ وهو المَنصُورُ عَلَيْهِمْ. ووَجْهُ ذَلِكَ أنَّ المِيثاقَ يَقْتَضِي عَدَمَ قِتالِهِمْ إلّا إذا نَكَثُوا عَهْدَهم مَعَ (p-٨٧)المُسْلِمِينَ، وعَهْدُهم مَعَ المُسْلِمِينَ لا يَتَعَلَّقُ إلّا بِالمُسْلِمِينَ المُتَمَيِّزِينَ بِجَماعَةٍ ووَطَنٍ واحِدٍ، وهم يَوْمَئِذٍ المُهاجِرُونَ والأنْصارُ، فَأمّا المُسْلِمُونَ الَّذِينَ أسْلَمُوا ولَمْ يُهاجِرُوا مِن دارِ الشِّرْكِ فَلا يَتَحَمَّلُ المُسْلِمُونَ تَبِعاتِهِمْ، ولا يَدْخُلُونَ فِيما جَرُّوهُ لِأنْفُسِهِمْ مِن عَداواتٍ وإحَنٍ لِأنَّهم لَمْ يَصْدُرُوا عَنْ رَأْيِ جَماعَةِ المُسْلِمِينَ، فَما يَنْشَأُ بَيْنَ الكُفّارِ المُعاهِدِينَ لِلْمُسْلِمِينَ وبَيْنَ المُسْلِمِينَ الباقِينَ في دارِ الكُفْرِ لا يُعَدُّ نَكْثًا مِنَ الكُفّارِ لِعَهْدِ المُسْلِمِينَ؛ لِأنَّ مِن عُذْرِهِمْ أنْ يَقُولُوا: لا نَعْلَمُ حِينَ عاهَدْناكم أنَّ هَؤُلاءِ مِنكم؛ لِأنَّ الإيمانَ لا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلّا بِمُعاشَرَةٍ، وهَؤُلاءِ ظاهِرُ حالِهِمْ مَعَ المُشْرِكِينَ يُساكِنُونَهم ويُعامِلُونَهم.
وقَوْلُهُ: واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ تَحْذِيرٌ لِلْمُسْلِمِينَ لِئَلّا يَحْمِلَهُمُ العَطْفُ عَلى المُسْلِمِينَ عَلى أنْ يُقاتِلُوا قَوْمًا بَيْنَهم وبَيْنَهم مِيثاقٌ.
وفِي هَذا التَّحْذِيرِ تَنْوِيهٌ بِشَأْنِ الوَفاءِ بِالعَهْدِ وأنَّهُ لا يَنْقُضُهُ إلّا أمْرٌ صَرِيحٌ في مُخالَفَتِهِ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِینَ ءَاوَوا۟ وَّنَصَرُوۤا۟ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یُهَاجِرُوا۟ مَا لَكُم مِّن وَلَـٰیَتِهِم مِّن شَیۡءٍ حَتَّىٰ یُهَاجِرُوا۟ۚ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ فَعَلَیۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُم مِّیثَـٰقࣱۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق