الباحث القرآني
﴿إنَّ لَدَيْنا أنْكالًا وجَحِيمًا﴾ ﴿وطَعامًا ذا غُصَّةٍ وعَذابًا ألِيمًا﴾ ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الأرْضُ والجِبالُ وكانَتِ الجِبالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ (p-٢٧١)وهَذا تَعْلِيلٌ لِجُمْلَةِ ﴿وذَرْنِي والمُكَذِّبِينَ﴾ [المزمل: ١١]، أيْ:؛ لِأنَّ لَدَيْنا ما هو أشَدُّ عَلَيْهِمْ مِن رَدِّكَ عَلَيْهِمْ، وهَذا التَّعْلِيلُ أفادَ تَهْدِيدَهم بِأنَّ هَذِهِ النِّقَمَ أُعِدَّتْ لَهم لِأنَّها لَمّا كانَتْ مِن خَزائِنِ نِقْمَةِ اللَّهِ تَعالى كانَتْ بِحَيْثُ يَضَعُها اللَّهُ في المَواضِعِ المُسْتَأْهِلَةِ لَها، وهُمُ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا، فَأعَدَّ اللَّهُ لَهم ما يَكُونُ عَلَيْهِمْ في الحَياةِ الأبَدِيَّةِ ضِدًّا لِأُصُولِ النِّعْمَةِ الَّتِي خُوِّلُوها، فَبَطِرُوا بِها وقابَلُوا المُنْعِمَ بِالكُفْرانِ.
فالأنْكالُ مُقابِلُ كُفْرانِهِمْ بِنِعْمَةِ الصِّحَّةِ والمَقْدِرَةِ؛ لِأنَّ الأنْكالَ: القُيُودُ. والجَحِيمُ: وهو نارُ جَهَنَّمَ مُقابِلُ ما كانُوا عَلَيْهِ مِن لَذَّةِ الِاسْتِظْلالِ والتَّبَرُّدِ. والطَّعامُ ذُو الغُصَّةِ مُقابِلُ ما كانُوا مُنْهَمِكِينَ فِيهِ مِن أطْعِمَتِهِمُ الهَنِيئَةِ مِنَ الثَّمَراتِ والمَطْبُوخاتِ والصَّيْدِ. والأنْكالُ: جَمْعُ نَكْلٍ، بِفَتْحِ النُّونِ وبِكَسْرِها وبِسُكُونِ الكافِ، وهو القَيْدُ الثَّقِيلُ.
والغُصَّةُ، بِضَمِّ الغَيْنِ: اسْمٌ لِأثَرِ الغَصِّ في الحَلْقِ وهو تَرَدُّدُ الطَّعامِ والشَّرابِ في الحَلْقِ بِحَيْثُ لا يُسِيغُهُ الحَلْقُ مَن مَرَضٍ أوْ حُزْنٍ وعَبْرَةٍ.
وإضافَةُ الطَّعامِ إلى الغُصَّةِ إضافَةٌ مَجازِيَّةٌ وهي مِنَ الإضافَةِ لِأدْنى مُلابَسَةٍ، فَإنَّ الغُصَّةَ عارِضٌ في الحَلْقِ سَبَبُهُ الطَّعامُ أوِ الشُّرْبُ الَّذِي لا يُسْتَساغُ لِبَشاعَةٍ أوْ يُبُوسَةٍ.
والعَذابُ الألِيمُ: مُقابِلُ ما في النِّعْمَةِ مِن مَلاذِّ البَشَرِ، فَإنَّ الألَمَ ضِدُّ اللَّذَّةِ. وقَدْ عَرَّفَ الحُكَماءُ اللَّذَّةَ بِأنَّها الخَلاصُ مِنَ الألَمِ.
وقَدْ جُمِعَ الأخِيرُ جَمْعَ ما يُضادُّ مَعْنى النَّعْمَةِ (بِالفَتْحِ) .
وتَنْكِيرُ هَذِهِ الأجْناسِ الأرْبَعَةِ لِقَصْدِ تَعْظِيمِها وتَهْوِيلِها، و(لَدى) يَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَلى حَقِيقَتِهِ ويُقَدَّرُ مُضافٌ بَيْنَهُ وبَيْنَ نُونِ العَظَمَةِ. والتَّقْدِيرُ: لَدى خَزائِنِنا، أيْ: خَزائِنِ العَذابِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَجازًا في القُدْرَةِ عَلى إيجادِ ذَلِكَ مَتى أرادَ اللَّهُ.
ويَتَعَلَّقُ (﴿يَوْمَ تَرْجُفُ﴾) بِالِاسْتِقْرارِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ خَبَرُ (إنَّ) في قَوْلِهِ ﴿إنَّ لَدَيْنا أنْكالًا﴾ .
والرَّجْفُ: الزَّلْزَلَةُ والِاضْطِرابُ، والمُرادُ: الرَّجْفُ المُتَكَرِّرُ المُسْتَمِرُّ، وهو الَّذِي يَكُونُ بِهِ انْفِراطُ أجْزاءِ الأرْضِ وانْحِلالُها.
(p-٢٧٢)والكَثِيبُ: الرَّمْلُ المُجْتَمِعُ كالرَّبْوَةِ، أيْ: تَصِيرُ حِجارَةُ الجِبالِ دِقاقًا.
ومَهِيلٌ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِن هالَ الشَّيْءَ هَيْلًا، إذا نَثَرَهُ وصَبَّهُ. وأصْلُهُ مَهْيُولٌ، اسْتُثْقِلَتِ الضَّمَّةُ عَلى الياءِ فَنُقِلَتْ إلى السّاكِنِ قَبْلَها فالتَقى ساكِنانِ فَحُذِفَتِ الواوُ، ولِأنَّها زائِدَةٌ، ويَدُلُّ عَلَيْها الضَّمَّةُ.
وجِيءَ بِفِعْلِ (كانَتْ) في قَوْلِهِ ﴿وكانَتِ الجِبالُ كَثِيبًا﴾، لِلْإشارَةِ إلى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ حَتّى كَأنَّهُ وقَعَ في الماضِي. ووَجْهُ مُخالَفَتِهِ لِأُسْلُوبِ (تَرْجُفُ) أنَّ صَيْرُورَةَ الجِبالِ كُثُبًا أمْرٌ عَجِيبٌ غَيْرُ مُعْتادٍ، فَلَعَلَّهُ يَسْتَبْعِدُهُ السّامِعُونَ، وأمّا رَجْفُ الأرْضِ فَهو مَعْرُوفٌ، إلّا أنَّ هَذا الرَّجْفَ المَوْعُودَ بِهِ أعْظَمُ ما عُرِفَ جِنْسُهُ.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["إِنَّ لَدَیۡنَاۤ أَنكَالࣰا وَجَحِیمࣰا","وَطَعَامࣰا ذَا غُصَّةࣲ وَعَذَابًا أَلِیمࣰا","یَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلۡجِبَالُ كَثِیبࣰا مَّهِیلًا"],"ayah":"یَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلۡجِبَالُ كَثِیبࣰا مَّهِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق