الباحث القرآني
﴿وإنّا لَمّا سَمِعْنا الهُدى آمَنّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْسًا ولا رَهَقًا﴾
قَرَأ الجُمْهُورُ وأبُو جَعْفَرٍ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفْصٌ وخَلَفٌ بِفَتْحِها عَطْفًا عَلى المَجْرُورِ في قَوْلِهِ ﴿فَآمَنّا بِهِ﴾ [الجن: ٢] .
والمَقْصُودُ بِالعَطْفِ قَوْلُهُ ﴿فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْسًا ولا رَهَقًا﴾، وأمّا جُمْلَةُ ﴿لَمّا سَمِعْنا الهُدى آمَنّا بِهِ﴾ فَتَوْطِئَةٌ لِذَلِكَ.
(p-٢٣٥)بَعْدَ أنْ ذَكَّرُوا قَوْمَهم بِعَذابِ اللَّهِ في الدُّنْيا أوِ اطْمَأنُّوا بِتَذَكُّرِ ذَلِكَ في نُفُوسِهِمْ، عادُوا إلى تَرْغِيبِهِمْ في الإيمانِ بِاللَّهِ وحْدَهُ، وتَحْذِيرِهِمْ مِنَ الكُفْرِ بِطَرِيقِ المَفْهُومِ. وأُرِيدَ بِالهُدى القُرْآنُ إذْ هو المَسْمُوعُ لَهم ووَصَفُوهُ بِالهُدى لِلْمُبالَغَةِ في أنَّهُ هادٍ.
ومَعْنى ﴿يُؤْمِن بِرَبِّهِ﴾، أيْ: بِوُجُودِهِ وانْفِرادِهِ بِالإلَهِيَّةِ كَما يُشْعِرُ بِهِ إحْضارُ اسْمِهِ بِعُنْوانِ الرَّبِّ إذِ الرَّبُّ هو الخالِقُ فَما لا يَخْلُقُ لا يُعْبَدُ.
وجُمْلَةُ ﴿فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْسًا ولا رَهَقًا﴾ يَجُوزُ أنْ تَكُونَ مِنَ القَوْلِ المَحْكِيِّ عَنِ الجِنِّ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ كَلامًا مِنَ اللَّهِ مُوَجَّهًا لِلْمُشْرِكِينَ، وهي مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الجُمْلَتَيْنِ المُتَعاطِفَتَيْنِ.
والبَخْسُ: الغَبْنُ في الأجْرِ ونَحْوِهِ.
والرَّهَقُ: الإهانَةُ، أيْ: لا يَخْشى أنْ يُبْخَسَ في الجَزاءِ عَلى إيمانِهِ ولا أنْ يُهانَ. وفُهِمَ مِنهُ أنَّ مَن لا يُؤْمِنُ يُهانُ بِالعَذابِ. والخِلافُ في كَسْرِ هَمْزَةِ (إنّا) وفَتْحِها كالخِلافِ في الَّتِي قَبْلَها.
وجُمْلَةُ ﴿فَلا يَخافُ بَخْسًا ولا رَهَقًا﴾ جَوابٌ لِشَرْطِ (مَن) جُعِلَتْ بِصُورَةِ الجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ فَقُرِنَتْ بِالفاءِ مَعَ أنَّ ما بَعْدَ الفاءِ فِعْلٌ، وشَأْنُ جَوابِ الشَّرْطِ أنْ لا يَقْتَرِنَ بِالفاءِ إلّا إذا كانَ غَيْرَ صالِحٍ لِأنْ يَكُونَ فِعْلَ الشَّرْطِ فَكانَ اقْتِرانُهُ بِالفاءِ وهو فِعْلٌ مُضارِعٌ مُشِيرًا إلى إرادَةِ جَعْلِهِ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ بِحَيْثُ تَكُونُ الجُمْلَةُ اسْمِيَّةً، والِاسْمِيَّةُ تَقْتَرِنُ بِالفاءِ إذا وقَعَتْ جَوابَ شَرْطٍ، فَكانَ التَّقْدِيرُ هُنا: فَهو لا يَخافُ، لِيَكُونَ دالًّا عَلى تَحْقِيقِ سَلامَتِهِ مِن خَوْفِ البَخْسِ والرَّهَقِ، ولِيَدُلَّ عَلى اخْتِصاصِهِ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ الَّذِي لا يُؤْمِنُ بِرَبِّهِ، فَتَقْدِيرُ المُسْنَدِ إلَيْهِ قَبْلَ الخَبَرِ الفِعْلِيِّ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ تارَّةً والتَّقَوِّيَ أُخْرى وقَدْ يَجْتَمِعانِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥] . واجْتَمَعا هُنا كَما أشارَ إلَيْهِ في الكَشّافِ بِقَوْلِهِ: فَكانَ دالًّا عَلى تَحْقِيقِ أنَّ المُؤْمِنَ ناجٍ لا مَحالَةَ وأنَّهُ هو المُخْتَصُّ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ. وكَلامُ الكَشّافِ اقْتَصَرَ عَلى بَيانِ مَزِيَّةِ الجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وهو يَقْتَضِي تَوْجِيهَ العُدُولِ عَنْ جَزْمِ الفِعْلِ لِأجْلِ ذَلِكَ.
وقَدْ نَقُولُ: إنَّ العُدُولَ عَنْ تَجْرِيدِ الفِعْلِ مِنَ الفاءِ وعَنْ جَزْمِهِ لِدَفْعِ إيهامِ أنْ تَكُونَ (لا) ناهِيَةً، فَهَذا العُدُولُ صَراحَةٌ في إرادَةِ الوَعْدِ دُونَ احْتِمالِ إرادَةِ النَّهْيِ.
وفِي شَرْحِ الدَّمامِينِيِّ عَلى التَّسْهِيلِ أنَّ جَوابَ الشَّرْطِ إذا كانَ فِعْلًا مَنفِيًّا (p-٢٣٦)بِـ (لا) يَجُوزُ الِاقْتِرانُ بِالفاءِ وتَرْكُهُ. ولَمْ أرَهُ لِغَيْرِهِ، وكَلامُ الكَشّافِ يَقْتَضِي أنَّ الِاقْتِرانَ بِالفاءِ واجِبٌ إلّا إذا قُصِدَتْ مَزِيَّةٌ أُخْرى.
{"ayah":"وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰۤ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن یُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا یَخَافُ بَخۡسࣰا وَلَا رَهَقࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق