الباحث القرآني

﴿إنَّهم يَرَوْنَهُ بَعِيدًا﴾ ﴿ونَراهُ قَرِيبًا﴾ تَعْلِيلٌ لِجُمْلَتَيْ (﴿سالَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ﴾ [المعارج: ١]) ولِجُمْلَةِ (﴿فاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: ٥])، أيْ سَألُوا اسْتِهْزاءً؛ لِأنَّهم يَرَوْنَهُ مُحالًا وعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ؛ لِأنّا نَعْلَمُ تَحَقُّقَهُ، أيْ وأنْتَ تَثِقُ بِأنَّهُ قَرِيبٌ، أيْ مُحَقَّقُ الوُقُوعِ، وأيْضًا هو تَجْهِيلٌ لَهم إذِ اغْتَرُّوا بِما هم فِيهِ مِنَ الأمْنِ ومُسالَمَةِ العَرَبِ لَهم ومِنَ الحَياةِ النّاعِمَةِ فَرَأوُا العَذابَ المَوْعُودَ بَعِيدًا، إنْ كانَ في الدُّنْيا فَلِأمْنِهِمْ، وإنْ كانَ في الآخِرَةِ فَلِإنْكارِهِمُ البَعْثَ، والمَعْنى: وأنْتَ لا تُشْبِهُ حالَهم وذَلِكَ يُهَوِّنُ الصَّبْرَ عَلَيْكَ فَهو مِن بابِ (﴿ولا تَتَّبِعْ أهْواءَهُمْ﴾ [المائدة: ٤٨])، ﴿ولا تُطِعْ مَن أغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا واتَّبَعَ هَواهُ﴾ [الكهف: ٢٨] . و(بَعِيدًا) هُنا كِنايَةٌ عَنْ مَعْنى الإحالَةِ؛ لِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِوُقُوعِ العَذابِ المَوْعُودِ بِهِ، ولَكِنَّهم عَبَّرُوا عَنْهُ بِبَعِيدٍ تَشْكِيكًا لِلْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ حَكى اللَّهُ عَنْهم أنَّهم قالُوا ﴿أإذا مِتْنا وكُنّا تُرابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ [ق: ٣] . واسْتُعْمِلَ (قَرِيبًا) كِنايَةً عَنْ تَحَقُّقِ الوُقُوعِ عَلى طَرِيقِ المُشاكَلَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ والمُبالَغَةِ في التَّحَقُّقِ. وبَيْنَ (بَعِيدًا) و(قَرِيبًا) مُحَسِّنُ الطِّباقِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب