الباحث القرآني
(p-٢٢٠)﴿واذْكُرُوا إذْ جَعَلَكم خُلَفاءَ مِن بَعْدِ عادٍ وبَوَّأكم في الأرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِها قُصُورًا وتَنْحِتُونَ الجِبالَ بِيُوتًا فاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ ولا تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ﴾
يَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلى قَوْلِهِ: (اعْبُدُوا اللَّهَ) وأنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلى قَوْلِهِ: فَذَرُوها تَأْكُلْ في أرْضِ اللَّهِ إلَخْ. والقَوْلُ فِيهِ كالقَوْلِ في قَوْلِهِ: ﴿واذْكُرُوا إذْ جَعَلَكم خُلَفاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ [الأعراف: ٦٩] .
وبَوَّأكم مَعْناهُ أنْزَلَكم، مُشْتَقٌّ مِنَ البَوْءِ وهو الرُّجُوعُ، لِأنَّ المَرْءَ يَرْجِعُ إلى مَنزِلِهِ ومَسْكَنِهِ، وتَقَدَّمَ في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ ﴿تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ﴾ [آل عمران: ١٢١] .
وقَوْلُهُ في الأرْضِ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَعْرِيفُ الأرْضِ لِلْعَهْدِ، أيْ في أرْضِكم هَذِهِ، وهي أرْضُ الحِجْرِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ لِلْجِنْسِ لِأنَّهُ لَمّا بَوَّأهم في أرْضٍ مُعَيَّنَةٍ فَقَدْ بَوَّأهم في جانِبٍ مِن جَوانِبِ الأرْضِ.
والسُّهُولُ جَمْعُ سَهْلٍ، وهو المُسْتَوِي مِنَ الأرْضِ، وضِدُّهُ الجَبَلُ.
والقُصُورُ: جَمْعُ قَصْرٍ وهو المَسْكَنُ، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهم كانُوا يُشَيِّدُونَ القُصُورَ، وآثارُهم تَنْطِقُ بِذَلِكَ. و(مِن) في قَوْلِهِ مِن سُهُولِها لِلظَّرْفِيَّةِ، أيْ: تَتَّخِذُونَ في سُهُولِها قُصُورًا.
والنَّحْتُ: بَرْيُ الحَجَرِ والخَشَبِ بِآلَةٍ عَلى تَقْدِيرٍ مَخْصُوصٍ.
والجِبالُ: جَمْعُ جَبَلٍ وهو الأرْضُ النّاتِئَةُ عَلى غَيْرِها مُرْتَفِعَةٌ، والجِبالُ: ضِدُّ السُّهُولِ.
والبُيُوتُ: جَمْعُ بَيْتٍ وهو المَكانُ المُحَدَّدُ المُتَّخَذُ لِلسُّكْنى، سَواءٌ كانَ مَبْنِيًّا مِن حَجَرٍ أمْ كانَ مِن أثْوابِ شَعْرٍ أوْ صُوفٍ. وفِعْلُ النَّحْتِ (p-٢٢١)يَتَعَلَّقُ بِالجِبالِ لِأنَّ النَّحْتَ يَتَعَلَّقُ بِحِجارَةِ الجِبالِ، وانْتَصَبَ (بُيُوتًا) عَلى الحالِ مِنَ الجِبالِ، أيْ صائِرَةً بَعْدَ النَّحْتِ بُيُوتًا، كَما يُقالُ: خِطْ هَذا الثَّوْبَ قَمِيصًا، وابْرِ هَذِهِ القَصَبَةَ قَلَمًا، لِأنَّ الجَبَلَ لا يَكُونُ حالُهُ حالَ البُيُوتِ وقْتَ النَّحْتِ، ولَكِنْ يَصِيرُ بُيُوتًا بَعْدَ النَّحْتِ.
ومَحَلُّ الِامْتِنانِ هو أنْ جَعَلَ مَنازِلَهم قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ صالِحٌ لِلْبِناءِ فِيهِ، وقِسْمٌ صالِحٌ لِنَحْتِ البُيُوتِ، قِيلَ: كانُوا يَسْكُنُونَ في الصَّيْفِ القُصُورَ، وفي الشِّتاءِ البُيُوتَ المَنحُوتَةَ في الجِبالِ.
وتَفْرِيعُ الأمْرِ بِذِكْرِ آلاءِ اللَّهِ عَلى قَوْلِهِ: ﴿واذْكُرُوا إذْ جَعَلَكم خُلَفاءَ مِن بَعْدِ عادٍ﴾ تَفْرِيعُ الأعَمِّ عَلى الأخَصِّ، لِأنَّهُ أمَرَهم بِذِكْرِ نِعْمَتَيْنِ، ثُمَّ أمَرَهم بِذِكْرِ جَمِيعِ النِّعَمِ الَّتِي لا يُحْصُونَها، فَكانَ هَذا بِمَنزِلَةِ التَّذْيِيلِ.
وفِعْلُ: اذْكُرُوا مُشْتَقٌّ مِنَ المَصْدَرِ، الَّذِي هو بِضَمِّ الذّالِ، وهو التَّذَكُّرُ بِالعَقْلِ والنَّظَرِ النَّفْسانِيِّ، وتَذَكُّرُ الآلاءِ يَبْعَثُ عَلى الشُّكْرِ والطّاعَةِ وتَرْكِ الفَسادِ، فَلِذَلِكَ عَطَفَ نَهْيَهم عَنِ الفَسادِ في الأرْضِ عَلى الأمْرِ بِذِكْرِ آلاءِ اللَّهِ.
ولا تَعْثُوا مَعْناهُ ولا تُفْسِدُوا، يُقالُ: عَثِيَ كَرَضِيَ، وهَذا الأفْصَحُ، ولِذَلِكَ جاءَ في الآيَةِ بِفَتْحِ الثّاءِ حِينَ أُسْنِدَ إلى واوِ الجَماعَةِ، ويُقالُ عَثا يَعْثُو - مِن بابِ سَما - عَثْوًا وهي لُغَةٌ دُونَ الأُولى، وقالَ كُراعٌ، كَأنَّهُ مَقْلُوبُ عاثَ. والعَثْيُ والعَثْوُ كُلُّهُ بِمَعْنى أفْسَدَ أشَدَّ الإفْسادِ.
و(مُفْسِدِينَ) حالٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَعْنى تَعْثُوا وهو وإنْ كانَ أعَمَّ مِنَ المُؤَكَّدِ فَإنَّ التَّأْكِيدَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ مَعْنى المُؤَكَّدِ.
{"ayah":"وَٱذۡكُرُوۤا۟ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَاۤءَ مِنۢ بَعۡدِ عَادࣲ وَبَوَّأَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورࣰا وَتَنۡحِتُونَ ٱلۡجِبَالَ بُیُوتࣰاۖ فَٱذۡكُرُوۤا۟ ءَالَاۤءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق