الباحث القرآني
﴿قُلْ أرَأيْتَكم إنْ أتاكم عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إلّا القَوْمُ الظّالِمُونَ﴾ .
اسْتِئْنافٌ لِلتَّهْدِيدِ والتَّوَعُّدِ وإعْذارٌ لَهم بِأنَّ إعْراضَهم لا يَرْجِعُ بِالسُّوءِ إلّا عَلَيْهِمْ ولا يَضُرُّ بِغَيْرِهِمْ، كَقَوْلِهِ ﴿وهم يَنْهَوْنَ عَنْهُ ويَنْأوْنَ عَنْهُ وإنْ يُهْلِكُونَ إلّا أنْفُسَهم وما يَشْعُرُونَ﴾ [الأنعام: ٢٦] .
(p-٢٣٧)والقَوْلُ في ﴿قُلْ أرَأيْتَكم إنْ أتاكم عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً﴾ الآيَةَ. كالقَوْلِ في نَظِيرَيْهِ المُتَقَدِّمَيْنِ.
وجِيءَ في هَذا وفي نَظِيرِهِ المُتَقَدِّمِ بِكافِ الخِطابِ مَعَ ضَمِيرِ الخِطابِ دُونَ قَوْلِهِ ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ أخَذَ اللَّهُ سَمْعَكم وأبْصارَكُمْ﴾ [الأنعام: ٤٦] الآيَةَ لِأنَّ هَذا ونَظِيرَهُ أبْلَغُ في التَّوْبِيخِ لِأنَّهُما أظْهَرُ في الِاسْتِدْلالِ عَلى كَوْنِ المُشْرِكِينَ في مُكْنَةِ قُدْرَةِ اللَّهِ، فَإنَّ إتْيانَ العَذابِ أمْكَنُ وُقُوعًا مِن سَلْبِ الأبْصارِ والأسْماعِ والعُقُولِ لِنُدْرَةِ حُصُولِ ذَلِكَ، فَكانَ التَّوْبِيخُ عَلى إهْمالِ الحَذَرِ مِن إتْيانِ عَذابِ اللَّهِ، أقْوى مِنَ التَّوْبِيخِ عَلى الِاطْمِئْنانِ مِن أخْذِ أسْماعِهِمْ وأبْصارِهِمْ، فاجْتَلَبَ كافَ الخِطابِ المَقْصُودِ مِنهُ التَّنْبِيهُ دُونَ أعْيانِ المُخاطَبِينَ.
والبَغْتَةُ تَقَدَّمَتْ آنِفًا.
والجَهْرَةُ: الجَهْرُ، ضِدَّ الخُفْيَةِ، وضِدَّ السِّرِّ. وقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿وإذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وقَدْ أوْقَعَ الجَهْرَةَ هُنا في مُقابَلَةِ البَغْتَةِ وكانَ الظّاهِرُ أنْ تُقابَلَ البَغْتَةُ بِالنَّظْرَةِ أوْ أنْ تُقابَلَ الجَهْرَةُ بِالخُفْيَةِ، إلّا أنَّ البَغْتَةَ لَمّا كانَتْ وُقُوعَ الشَّيْءِ مِن غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ كانَ حُصُولُها خَفِيًّا فَحَسُنَ مُقابَلَتُهُ بِالجَهْرَةِ، فالعَذابُ الَّذِي يَجِيءُ بَغْتَةً هو الَّذِي لا تَسْبِقُهُ عَلامَةٌ ولا إعْلامٌ بِهِ. والَّذِي يَجِيءُ جَهْرَةً هو الَّذِي تَسْبِقُهُ عَلامَةٌ مِثْلَ الكَسْفِ المَحْكِيِّ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَلَمّا رَأوْهُ عارِضًا مُسْتَقْبِلَ أوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذا عارِضٌ مُمْطِرُنا﴾ [الأحقاف: ٢٤]، أوْ يَسْبِقُهُ إعْلامٌ بِهِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا في دارِكم ثَلاثَةَ أيّامٍ﴾ [هود: ٦٥] . فَإطْلاقُ الجَهْرَةِ عَلى سَبْقِ ما يَشْعُرُ بِحُصُولِ الشَّيْءِ إطْلاقٌ مَجازِيٌّ. ولَيْسَ المُرادُ مِنَ البَغْتَةِ الحاصِلُ لَيْلًا ومِنَ الجَهْرَةِ الحاصِلُ نَهارًا.
والِاسْتِفْهامُ في قَوْلِهِ ﴿هَلْ يُهْلَكُ﴾ مُسْتَعْمَلٌ في الإنْكارِ فَلِذَلِكَ جاءَ بَعْدَهُ الِاسْتِثْناءُ. والمَعْنى لا يُهْلَكُ بِذَلِكَ العَذابِ إلّا الكافِرُونَ.
والمُرادُ بِالقَوْمِ الظّالِمِينَ المُخاطَبُونَ أنْفُسُهم فَأُظْهِرَ في مَقامِ الإضْمارِ لِيَتَأتّى وصْفُهم أنَّهم ظالِمُونَ، أيْ مُشْرِكُونَ، لِأنَّهم ظالِمُونَ أنْفُسَهم وظالِمُونَ الرَّسُولَ والمُؤْمِنِينَ.
(p-٢٣٨)وهَذا يَتَضَمَّنُ وعْدًا مِنَ اللَّهِ تَعالى بِأنَّهُ مُنْجِي المُؤْمِنِينَ، ولِذَلِكَ أذِنَ رَسُولُهُ بِالهِجْرَةِ مِن مَكَّةَ مَعَ المُؤْمِنِينَ لِئَلّا يَحُلَّ عَلَيْهِمُ العَذابُ تَكْرِمَةً لَهم كَما أكْرَمَ لُوطًا وأهْلَهُ، وكَما أكْرَمَ نُوحًا ومَن آمَنَ مَعَهُ، كَما أشارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى ﴿وما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهم وأنْتَ فِيهِمْ﴾ [الأنفال: ٣٣]، ثُمَّ قَوْلُهُ ﴿وما لَهم ألّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ [الأنفال: ٣٤] .
{"ayah":"قُلۡ أَرَءَیۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغۡتَةً أَوۡ جَهۡرَةً هَلۡ یُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق