الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ أرْسَلَنا إلى أُمَمٍ مِن قَبْلِكَ فَأخَذْناهم بِالبَأْساءِ والضَّرّاءِ لَعَلَّهم يَتَضَرَّعُونَ﴾ ﴿فَلَوْلا إذْ جاءَهم بَأْسُنا تَضَرَّعُوا ولَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهم وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمُ أبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أخَذْنَهم بَغْتَةً فَإذا هم مُبْلِسُونَ﴾ ﴿فَقُطِعُ دابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ .
لَمّا أنْذَرَهم بِتَوَقُّعِ العَذابِ أعْقَبَهُ بِالِاسْتِشْهادِ عَلى وُقُوعِ العَذابِ بِأُمَمٍ مِن قَبْلُ، لِيَعْلَمَ هَؤُلاءِ أنَّ تِلْكَ سُنَّةُ اللَّهِ في الَّذِينَ ظَلَمُوا بِالشِّرْكِ.
وهَذا الخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ في إنْذارِ السّامِعِينَ مِنَ المُشْرِكِينَ عَلى طَرِيقَةِ التَّعْرِيضِ، وهُمُ المُخاطَبُونَ بِالقَوْلِ المَأْمُورِ بِهِ في الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها.
فَجُمْلَةُ (ولَقَدْ أرْسَلَنا) عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ (قُلْ أرَأيْتَكم)، والواوُ لِعَطْفِ الجُمَلِ، فَتَكُونُ اسْتِئْنافِيَّةً إذْ كانَتِ المَعْطُوفُ عَلَيْها اسْتِئْنافًا. وافْتُتِحَتْ هَذِهِ الجُمْلَةُ بِلامِ القَسَمِ (p-٢٢٧)و(قَدْ) لِتَوْكِيدِ مَضْمُونِ الجُمْلَةِ، وهو المُفَرَّعُ بِالفاءِ في قَوْلِهِ ﴿فَأخَذْناهم بِالبَأْساءِ والضَّرّاءِ﴾ . نَزَلَ السّامِعُونَ المُعَرَّضُ بِإنْذارِهِمْ مَنزِلَةَ مَن يُنْكِرُونَ أنْ يَكُونَ ما أصابَ الأُمَمَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ عِقابًا مِنَ اللَّهِ تَعالى عَلى إعْراضِهِمْ.
وقَوْلُهُ (فَأخَذْناهم) عَطْفٌ عَلى أرْسَلْنا بِاعْتِبارِ ما يُؤْذِنُ بِهِ وصْفُ مِن قَبْلِكَ مِن مُعامَلَةِ أُمَمِهِمْ إيّاهم بِمِثْلِ ما عامَلَكَ بِهِ قَوْمُكَ، فَيَدُلُّ العَطْفُ عَلى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَكَذَّبُوهم.
ولَمّا كانَ أخْذُهم بِالبَأْساءِ والضَّرّاءِ مُقارِنًا لِزَمَنِ وُجُودِ رُسُلِهِمْ بَيْنَ ظَهْرانَيْهِمْ كانَ المَوْقِعُ لِفاءِ العَطْفِ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ ذَلِكَ كانَ بِمَرْأى رُسُلِهِمْ وقَبْلَ انْقِراضِهِمْ لِيَكُونَ إشارَةً إلى أنَّ اللَّهَ أيَّدَ رُسُلَهُ ونَصَرَهم في حَياتِهِمْ؛ لِأنَّ أخْذَ الأُمَمِ بِالعِقابِ فِيهِ حِكْمَتانِ: إحْداهُما زَجْرُهم عَنِ التَّكْذِيبِ، والثّانِيَةُ إكْرامُ الرُّسُلِ بِالتَّأْيِيدِ بِمَرْأًى مِنَ المُكَذِّبِينَ. وفِيهِ تَكْرِمَةٌ لِلنَّبِيءِ ﷺ بِإيذانِهِ بِأنَّ اللَّهَ ناصِرُهُ عَلى مُكَذِّبِيهِ.
ومَعْنى أخَذْناهم أصَبْناهم إصابَةَ تَمَكُّنٍ. وتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الأخْذِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ﴾ [البقرة: ٢٠٦] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وقَدْ ذُكِرَ مُتَعَلِّقُ الأخْذِ هُنا لِأنَّهُ أخْذٌ بِشَيْءٍ خاصٍّ بِخِلافِ الآتِي بُعَيْدَ هَذا.
والبَأْساءُ والضَّرّاءُ تَقَدَّما عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿والصّابِرِينَ في البَأْساءِ والضَّرّاءِ﴾ [البقرة: ١٧٧] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وقَدْ فُسِّرَ البَأْساءُ بِالجُوعِ والضَّرّاءُ بِالمَرَضِ، وهو تَخْصِيصٌ لا وجْهَ لَهُ، لِأنَّ ما أصابَ الأُمَمَ مِنَ العَذابِ كانَ أصْنافًا كَثِيرَةً. ولَعَلَّ مَن فَسَّرَهُ بِذَلِكَ اعْتَبَرَ ما أصابَ قُرَيْشًا بِدَعْوَةِ النَّبِيءِ ﷺ .
و(لَعَلَّ) لِلتَّرَجِّي. جُعِلَ عِلَّةً لِابْتِداءِ أخْذِهِمْ بِالبَأْساءِ والضَّرّاءِ قَبْلَ الِاسْتِئْصالِ.
ومَعْنى يَتَضَرَّعُونَ يَتَذَلَّلُونَ لِأنَّ الضَّراعَةَ التَّذَلُّلُ والتَّخَشُّعُ، وهو هُنا كِنايَةٌ عَنِ الِاعْتِرافِ بِالذَّنْبِ والتَّوْبَةِ مِنهُ، وهي الإيمانُ بِالرُّسُلِ.
والمُرادُ: أنَّ اللَّهَ قَدَّمَ لَهم عَذابًا هَيِّنًا قَبْلَ العَذابِ الأكْبَرِ، كَما قالَ ولَنُذِيقَنَّهم مِنَ (p-٢٢٨)العَذابِ الأدْنى دُونَ العَذابِ الأكْبَرِ لَعَلَّهم يَرْجِعُونَ وهَذا مِن فَرْطِ رَحْمَتِهِ المُمازِجَةِ لِمُقْتَضى حِكْمَتِهِ، وفِيهِ إنْذارٌ لِقُرَيْشٍ بِأنَّهم سَيُصِيبُهُمُ البَأْساءُ والضَّرّاءُ قَبْلَ الِاسْتِئْصالِ، وهو اسْتِئْصالُ السَّيْفِ. وإنَّما اخْتارَ اللَّهُ أنْ يَكُونَ اسْتِئْصالُهم بِالسَّيْفِ إظْهارًا لِكَوْنِ نَصْرِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَيْهِمْ كانَ بِيَدِهِ ويَدِ المُصَدِّقِينَ بِهِ. وذَلِكَ أوْقَعُ عَلى العَرَبِ، ولِذَلِكَ رُوعِيَ حالُ المَقْصُودِينَ بِالإنْذارِ وهم حاضِرُونَ. فَنَزَّلَ جَمِيعَ الأُمَمِ مَنزِلَتَهم، فَقالَ ﴿فَلَوْلا إذْ جاءَهم بَأْسُنا تَضَرَّعُوا﴾، فَإنَّ (لَوْلا) هُنا حَرْفُ تَوْبِيخٍ لِدُخُولِها عَلى جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ ماضَوِيَّةٍ واحِدَةٍ، فَلَيْسَتْ (لَوْلا) حَرْفَ امْتِناعٍ لِوُجُودٍ.
والتَّوْبِيخُ إنَّما يَلِيقُ بِالحاضِرِينَ دُونَ المُنْقَرِضِينَ لِفَواتِ المَقْصُودِ. فَفي هَذا التَّنْزِيلِ إيماءٌ إلى مُساواةِ الحالَيْنِ وتَوْبِيخٌ لِلْحاضِرِينَ بِالمُهِمِّ مِنَ العِبْرَةِ لِبَقاءِ زَمَنِ التَّدارُكِ قَطْعًا لِمَعْذَرِهِمْ.
ويَجُوزُ أنْ تَجْعَلَ (لَوْلا) هُنا لِلتَّمَنِّي عَلى طَرِيقَةِ المَجازِ المُرْسَلِ، ويَكُونَ التَّمَنِّي كِنايَةً عَنِ الإخْبارِ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ الأمْرَ المُتَمَنّى فَيَكُونَ مِن بِناءِ المَجازِ عَلى المَجازِ، فَتَكُونَ هَذِهِ المَحَبَّةُ هي ما عُبِّرَ عَنْهُ بِالفَرَحِ في الحَدِيثِ «اللَّهُ أفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ» الحَدِيثَ. وتَقْدِيمُ الظَّرْفِ المُضافِ مَعَ جُمْلَتِهِ عَلى عامِلِهِ في قَوْلِهِ ﴿إذْ جاءَهم بَأْسُنا تَضَرَّعُوا﴾ لِلِاهْتِمامِ بِمَضْمُونِ جُمْلَتِهِ، وأنَّهُ زَمَنٌ يَحِقُّ أنْ يَكُونَ باعِثًا عَلى الإسْراعِ بِالتَّضَرُّعِ مِمّا حَصَلَ فِيهِ مِنَ البَأْسِ.
والبَأْسُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى (وحِينَ البَأْسِ) في سُورَةِ البَقَرَةِ. والمُرادُ بِهِ هُنا الشِّدَّةُ عَلى العَدُوِّ وغَلَبَتُهُ. ومَجِيءُ البَأْسِ: مَجِيءُ أثَرِهِ، فَإنَّ ما أصابَهم مِنَ البَأْساءِ والضَّرّاءِ أثَرٌ مِن آثارِ قُوَّةِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى وغَلَبِهِ عَلَيْهِمْ. والمَجِيءُ مُسْتَعارٌ لِلْحُدُوثِ والحُصُولِ بَعْدَ أنْ لَمْ يَكُنْ تَشْبِيهًا لِحُدُوثِ الشَّيْءِ بِوُصُولِ القادِمِ مِن مَكانٍ آخَرَ بِتَنَقُّلِ الخُطُواتِ.
ولَمّا دَلَّ التَّوْبِيخُ أوِ التَّمَنِّي عَلى انْتِفاءِ وُقُوعِ الشَّيْءِ عَطَفَ عَلَيْهِ بِـ (لَكِنْ) عَطْفًا عَلى مَعْنى الكَلامِ، لِأنَّ التَّضَرُّعَ يَنْشَأُ عَنْ لِينِ القَلْبِ فَكانَ نَفْيُهُ المُفادُ بِحَرْفِ التَّوْبِيخِ ناشِئًا عَنْ ضِدِّ اللِّينِ وهو القَساوَةُ، فَعَطَفَ بِـ (لَكِنْ) .
(p-٢٢٩)والمَعْنى: ولَكِنِ اعْتَراهم ما في خِلْقَتِهِمْ مِنَ المُكابَرَةِ وعَدَمِ الرُّجُوعِ عَنِ الباطِلِ كَأنَّ قُلُوبَهم لا تَتَأثَّرُ فَشُبِّهَتْ بِالشَّيْءِ القاسِي. والقَسْوَةُ: الصَّلابَةُ.
وقَدْ وجَدَ الشَّيْطانُ مِن طِباعِهِمْ عَوْنًا عَلى نَفْثِ مُرادِهِ فِيهِمْ فَحَسُنَ لَهم تِلْكَ القَساوَةُ وأغْراهم بِالِاسْتِمْرارِ عَلى آثامِهِمْ وأعْمالِهِمْ. ومِن هُنا يَظْهَرُ أنَّ الضَّلالَ يَنْشَأُ عَنِ اسْتِعْدادِ اللَّهِ في خِلْقَةِ النَّفْسِ.
والتَّزْيِينُ: جَعْلُ الشَّيْءِ زَيْنًا. وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ﴾ [آل عمران: ١٤] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ.
وقَوْلُهُ ﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ﴾ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ قَسَتْ قُلُوبُهم وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ. والنِّسْيانُ هُنا بِمَعْنى الإعْراضِ، كَما تَقَدَّمَ آنِفًا في قَوْلِهِ وتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ. وظاهِرُ تَفَرُّعِ التَّرْكِ عَنْ قَسْوَةِ القُلُوبِ وتَزْيِينِ الشَّيْطانِ لَهم أعْمالَهم. و(ما) مَوْصُولَةٌ ماصِدْقُها البَأْساءُ والضَّرّاءُ، أيْ لَمّا انْصَرَفُوا عَنِ الفِطْنَةِ بِذَلِكَ ولَمْ يَهْتَدُوا إلى تَدارُكِ أمْرِهِمْ. ومَعْنى ذُكِّرُوا بِهِ أنَّ اللَّهَ ذَكَّرَهم عِقابَهُ العَظِيمَ بِما قَدَّمَ إلَيْهِمْ مِنَ البَأْساءِ والضَّرّاءِ. و(لَمّا) حَرْفُ شَرْطٍ يَدُلُّ عَلى اقْتِرانِ وُجُودِ جَوابِهِ بِوُجُودِ شَرْطِهِ، ولَيْسَ فِيهِ مَعْنى السَّبَبِيَّةِ مِثْلَ بَقِيَّةِ أدَواتِ الشَّرْطِ.
وقَوْلُهُ ﴿فَتَحْنا عَلَيْهِمُ أبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ جَوابُ (لَمّا)، والفَتْحُ ضِدَّ الغَلْقِ. فالغَلْقُ: سَدُّ الفُرْجَةِ الَّتِي يُمْكِنُ الِاجْتِيازُ مِنها إلى ما وراءَها بِبابٍ ونَحْوِهِ، بِخِلافِ إقامَةِ الحائِطِ فَلا تُسَمّى غَلْقًا.
والفَتْحُ: جَعْلُ الشَّيْءِ الحاجِزِ غَيْرَ حاجِزٍ وقابِلًا لِلْحَجْزِ، كالبابِ حِينَ يُفْتَحُ. ولِكَوْنِ مَعْنى الفَتْحِ والغَلْقِ نِسْبِيَّيْنِ بَعْضُهُما مِنَ الآخَرِ قِيلَ لِلْآلَةِ الَّتِي يُمْسَكُ بِها الحاجِزُ ويُفْتَحُ بِها مِفْتاحًا ومِغْلاقًا، وإنَّما يُعْقَلُ الفَتْحُ بَعْدَ تَعَقُّلِ الغَلْقِ، ولِذَلِكَ كانَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَتَحْنا عَلَيْهِمُ أبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ مُقْتَضِيًا أنَّ الأبْوابَ المُرادَ هاهُنا كانَتْ مُغْلَقَةً وقْتَ أنْ أُخِذُوا بِالبَأْساءِ والضَّرّاءِ، فَعُلِمَ أنَّها أبْوابُ الخَيْرِ لِأنَّها الَّتِي لا تَجْتَمِعُ مَعَ البَأْساءِ والضَّرّاءِ.
(p-٢٣٠)فالفَتْحُ هُنا اسْتِعارَةٌ لِإزالَةِ ما يُؤْلِمُ ويَغُمُّ كَقَوْلِهِ ﴿ولَوْ أنَّ أهْلَ القُرى آمَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ والأرْضِ﴾ [الأعراف: ٩٦] . ومِنهُ تَسْمِيَةُ النَّصْرِ فَتْحًا لِأنَّهُ إزالَةُ غَمِّ القَهْرِ.
وقَدْ جَعَلَ الإعْراضَ عَمّا ذُكِّرُوا بِهِ وقْتًا لِفَتْحِ أبْوابِ الخَيْرِ، لِأنَّ المَعْنى أنَّهم لَمّا أعْرَضُوا عَنِ الِاتِّعاظِ بِنُذُرِ العَذابِ رَفَعْنا عَنْهُمُ العَذابَ وفَتَحْنا عَلَيْهِمْ أبْوابَ الخَيْرِ، كَما صَرَّحَ بِهِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وما أرْسَلْنا في قَرْيَةٍ مِن نَبِيءٍ إلّا أخَذَنا أهْلَها بِالبَأْساءِ والضَّرّاءِ لَعَلَّهم يَضَّرَّعُونَ﴾ [الأعراف: ٩٤] ﴿ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الحَسَنَةَ حَتّى عَفَوْا وقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنا الضَّرّاءُ والسَّرّاءُ فَأخَذْناهم بَغْتَةً وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٥] .
وقَرَأ الجُمْهُورُ فَتَحْنا بِتَخْفِيفِ المُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ. وقَرَأهُ ابْنُ عامِرٍ، وأبُو جَعْفَرٍ ورُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ بِتَشْدِيدِها لِلْمُبالَغَةِ في الفَتْحِ بِكَثْرَتِهِ كَما أفادَهُ قَوْلُهُ (أبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) .
ولَفْظُ (كُلِّ) هُنا مُسْتَعْمَلٌ في مَعْنى الكَثْرَةِ، كَما في قَوْلِ النّابِغَةِ:
؎بِها كُلُّ ذَيّالٍ وخَنْساءَ تَرْعَوِي إلى كُلِّ رَجّافٍ مِنَ الرَّمْلِ فارِدِ
أوِ اسْتُعْمِلَ في مَعْناهُ الحَقِيقِيِّ؛ عَلى أنَّهُ عامٌّ مَخْصُوصٌ، أيْ أبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ يَبْتَغُونَهُ، وقَدْ عُلِمَ أنَّ المُرادَ بِكُلِّ شَيْءٍ جَمِيعُ الأشْياءِ مِنَ الخَيْرِ خاصَّةً بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (حَتّى إذا فَرِحُوا)، وبِقَرِينَةِ مُقابَلَةِ هَذا بِقَوْلِهِ (أخَذْنا أهْلَها بِالبَأْساءِ والضَّرّاءِ)، فَهُنالِكَ وصْفٌ مُقَدَّرٌ، أيْ كُلَّ شَيْءٍ صالِحٍ، كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف: ٧٩] أيْ صالِحَةٍ.
و(حَتّى) في قَوْلِهِ ﴿حَتّى إذا فَرِحُوا﴾ ابْتِدائِيَّةٌ. ومَعْنى الفَرَحِ هُنا هو الِازْدِهاءُ والبَطَرُ بِالنِّعْمَةِ ونِسْيانُ المُنْعِمِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ﴾ [القصص: ٧٦] . قالَ الرّاغِبُ: ولَمْ يُرَخَّصْ في الفَرَحِ إلّا في قَوْلِهِ تَعالى ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: ٥٨] . و(إذا) ظَرْفُ زَمانٍ لِلْماضِي.
ومُرادُ اللَّهِ تَعالى مِن هَذا هو الإمْهالُ لَهم لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ اللَّهَ ويُوَحِّدُونَهُ فَتُطَهَّرُ (p-٢٣١)نُفُوسُهم، فابْتَلاهُمُ اللَّهُ بِالضَّرِّ والخَيْرِ لِيَسْتَقْصِيَ لَهم سَبَبَيِ التَّذَكُّرِ والخَوْفِ، لِأنَّ مِنَ النُّفُوسِ نُفُوسًا تَقُودُها الشِّدَّةُ ونُفُوسًا يَقُودُها اللِّينُ.
ومَعْنى الأخْذِ هُنا الإهْلاكُ. ولِذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُتَعَلِّقٌ كَما ذُكِرَ في قَوْلِهِ آنِفًا ﴿فَأخَذْناهم بِالبَأْساءِ والضَّرّاءِ﴾ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهُ أخْذٌ لا هَوادَةَ فِيهِ.
والبَغْتَةُ فَعْلَةٌ مِنَ البَغْتِ وهو الفَجْأةُ، أيْ حُصُولُ الشَّيْءِ عَلى غَيْرِ تَرَقُّبٍ عِنْدَ مَن حَصَلَ لَهُ وهي تَسْتَلْزِمُ الخَفاءَ. فَلِذَلِكَ قُوبِلَتْ بِالجَهْرَةِ في الآيَةِ الآتِيَةِ. وهُنا يَصِحُّ أنْ يَكُونَ مُؤَوَّلًا بِاسْمِ الفاعِلِ مَنصُوبًا عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ المَرْفُوعِ، أيْ مُباغِتِينَ لَهم، أوْ مُؤَوَّلًا باسِمِ المَفْعُولِ عَلى أنَّهُ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ المَنصُوبِ، أيْ مَبْغُوتِينَ، ﴿وكَذَلِكَ أخْذُ رَبِّكَ إذا أخَذَ القُرى وهي ظالِمَةٌ﴾ [هود: ١٠٢] .
وقَوْلُهُ ﴿فَإذا هم مُبْلِسُونَ﴾ (إذا) فُجائِيَّةٌ. وهي ظَرْفُ مَكانٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وحَرْفٌ عِنْدَ نُحاةِ الكُوفَةِ.
والمُبْلِسُونَ اليائِسُونَ مِنَ الخَيْرِ المُتَحَيِّرُونَ، وهو مِنَ الإبْلاسِ، وهو الوُجُومُ والسُّكُوتُ عِنْدَ طَلَبِ العَفْوِ يَأْسًا مِنَ الِاسْتِجابَةِ.
وجُمْلَةُ ﴿فَقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ أخَذْناهم، أيْ فَأخَذْناهم أخْذَ الِاسْتِئْصالِ. فَلَمْ يُبْقِ فِيهِمْ أحَدًا.
والدّابِرُ اسْمُ فاعِلٍ مِن دَبَرَهُ مِن بابِ كَتَبَ، إذا مَشى مِن ورائِهِ. والمَصْدَرُ الدُّبُورُ بِضَمِّ الدّالِّ، ودابِرُ النّاسِ آخِرُهم، وذَلِكَ مُشْتَقٌّ مِنَ الدُّبُرِ، وهو الوَراءُ، قالَ تَعالى ﴿واتَّبِعْ أدْبارَهُمْ﴾ [الحجر: ٦٥] . وقَطْعُ الدّابِرِ كِنايَةٌ عَنْ ذَهابِ الجَمِيعِ لِأنَّ المُسْتَأْصِلَ يَبْدَأُ بِما يَلِيهِ ويَذْهَبُ يَسْتَأْصِلُ إلى أنْ يَبْلُغَ آخِرَهُ وهو دابِرُهُ، وهَذا مِمّا جَرى مَجْرى المَثَلِ، وقَدْ تَكَرَّرَ في القُرْآنِ، كَقَوْلِهِ إنَّ دابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ.
والمُرادُ بِـ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) المُشْرِكُونَ، فَإنَّ الشِّرْكَ أعْظَمُ الظُّلْمِ، لِأنَّهُ اعْتِداءٌ عَلى حَقِّ اللَّهِ تَعالى عَلى عِبادِهِ في أنْ يَعْتَرِفُوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وحْدَهُ، وأنَّ الشِّرْكَ يَسْتَتْبِعُ مَظالِمَ عِدَّةً لِأنَّ أصْحابَ الشِّرْكِ لا يُؤْمِنُونَ بِشَرْعٍ يَزَعُ النّاسَ عَنِ الظُّلْمِ.
(p-٢٣٢)وجُمْلَةُ ﴿والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ يَجُوزُ أنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلى جُمْلَةِ ﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا إلى أُمَمٍ مِن قَبْلِكَ﴾ بِما اتَّصَلَ بِها. عَطْفُ غَرَضٍ عَلى غَرَضٍ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ اعْتِراضًا تَذْيِيلِيًّا فَتَكُونَ الواوُ اعْتِراضِيَّةً. وأيًّا ما كانَ مَوْقِعُها فَفي المُرادِ مِنها اعْتِباراتٌ ثَلاثَةٌ:
أحَدُها: أنْ تَكُونَ تَلْقِينًا لِلرَّسُولِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ أنْ يَحْمَدُوا اللَّهَ عَلى نَصْرِهِ رُسُلَهُ وأوْلِياءَهم وإهْلاكِ الظّالِمِينَ، لِأنَّ ذَلِكَ النَّصْرَ نِعْمَةٌ بِإزالَةِ فَسادٍ كانَ في الأرْضِ، ولِأنَّ في تَذْكِيرِ اللَّهِ النّاسَ بِهِ إيماءً إلى تَرَقُّبِ الأُسْوَةِ بِما حَصَلَ لِمَن قَبْلَهم أنْ يَتَرَقَّبُوا نَصْرَ اللَّهِ كَما نَصَرَ المُؤْمِنِينَ مِن قَبْلِهِمْ؛ فَيَكُونُ الحَمْدُ لِلَّهِ مَصْدَرًا بَدَلًا مِن فِعْلِهِ، عُدِلَ عَنْ نَصْبِهِ وتَنْكِيرِهِ إلى رَفْعِهِ وتَعْرِيفِهِ لِلدَّلالَةِ عَلى مَعْنى الدَّوامِ والثَّباتِ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى الحَمْدُ لِلَّهِ في سُورَةِ الفاتِحَةِ.
ثانِيها: أنْ يَكُونَ الحَمْدُ لِلَّهِ كِنايَةً عَنْ كَوْنِ ما ذُكِرَ قَبْلَهُ نِعْمَةً مِن نِعَمِ اللَّهِ تَعالى لِأنَّ مِن لَوازِمِ الحَمْدِ أنْ يَكُونَ عَلى نِعْمَةٍ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا. وتِلْكَ نِعْمَةٌ مِن نِعَمِ اللَّهِ تَقْتَضِي حَمْدَهُ.
ثالِثُها: أنْ يَكُونَ إنْشاءُ حَمْدِ لِلَّهِ تَعالى مِن قِبَلِ جَلالِهِ مُسْتَعْمَلًا في التَّعْجِيبِ مِن مُعامَلَةِ اللَّهِ تَعالى إيّاهم وتَدْرِيجِهِمْ في دَرَجاتِ الإمْهالِ إلى أنْ حَقَّ عَلَيْهِمُ العَذابَ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ إنْشاءُ اللَّهِ تَعالى ثَناءً عَلى نَفْسِهِ، تَعْرِيضًا بِالِامْتِنانِ عَلى الرَّسُولِ والمُسْلِمِينَ. واللّامُ في الحَمْدِ لِلْجِنْسِ، أيْ وجِنْسُ الحَمْدِ كُلُّهُ الَّذِي مِنهُ الحَمْدُ عَلى نِعْمَةِ إهْلاكِ الظّالِمِينَ.
وفِي ذَلِكَ كُلِّهِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّهُ يَحِقُّ الحَمْدُ لِلَّهِ عِنْدَ هَلاكِ الظَّلَمَةِ، لِأنَّ هَلاكَهم صَلاحٌ لِلنّاسِ، والصَّلاحُ أعْظَمُ النِّعَمِ، وشُكْرُ النِّعْمَةِ واجِبٌ. وهَذا الحَمْدُ شُكْرٌ لِأنَّهُ مُقابِلُ نِعْمَةٍ. وإنَّما كانَ هَلاكُهم صَلاحًا لِأنَّ الظُّلْمَ تَغْيِيرٌ لِلْحُقُوقِ وإبْطالٌ لِلْعَمَلِ بِالشَّرِيعَةِ، فَإذا تَغَيَّرَ الحَقُّ والصَّلاحُ جاءَ الدَّمارُ والفَوْضى وافْتُتِنَ النّاسُ في حَياتِهِمْ فَإذا هَلَكَ الظّالِمُونَ عادَ العَدْلُ، وهو مِيزانُ قِوامِ العالَمِ.
(p-٢٣٣)أخْرَجَ أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ قالَ: إذا رَأيْتَ اللَّهَ يُعْطِي العَبْدَ مِنَ الدُّنْيا عَلى مَعاصِيهِ ما يُحِبُّ فَإنَّما هو اسْتِدْراجٌ ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمُ أبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أخَذْناهم بَغْتَةً فَإذا هم مُبْلِسُونَ﴾ ﴿فَقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ .
{"ayahs_start":42,"ayahs":["وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰۤ أُمَمࣲ مِّن قَبۡلِكَ فَأَخَذۡنَـٰهُم بِٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ لَعَلَّهُمۡ یَتَضَرَّعُونَ","فَلَوۡلَاۤ إِذۡ جَاۤءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُوا۟ وَلَـٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَیۡهِمۡ أَبۡوَ ٰبَ كُلِّ شَیۡءٍ حَتَّىٰۤ إِذَا فَرِحُوا۟ بِمَاۤ أُوتُوۤا۟ أَخَذۡنَـٰهُم بَغۡتَةࣰ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ","فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"فَلَوۡلَاۤ إِذۡ جَاۤءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُوا۟ وَلَـٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق