(p-٤١٩)﴿ولَقَدْ أرْسَلَنا نُوحًا وإبْراهِيمَ وجَعَلْنا في ذُرِّيَّتِهِما النُّبُوءَةَ والكِتابَ فَمِنهم مُهْتَدٍ وكَثِيرٌ مِنهم فاسِقُونَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿لَقَدْ أرْسَلْنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ﴾ [الحديد: ٢٥] عَطَفَ الخاصَّ عَلى العامِّ لَمّا أُرِيدَ تَفْصِيلٌ لِإجْمالِهِ تَفْصِيلًا يُسَجِّلُ بِهِ انْحِرافَ المُشْرِكِينَ مِنَ العَرَبِ والضّالِّينَ مِنَ اليَهُودِ عَنْ مَناهِجِ أبَوَيْهِما: نُوحٍ وإبْراهِيمَ، قالَ تَعالى في شَأْنِ بَنِي إسْرائِيلَ ﴿ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إنَّهُ كانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ [الإسراء: ٣]، والعَرَبُ لا يَنْسَوْنَ أنَّهم مِن ذُرِّيَّةِ نُوحٍ كَما قالَ النّابِغَةُ يَمْدَحُ النُّعْمانَ بْنَ المُنْذِرِ:
؎فَألْفَيْتَ الأمانَةَ لَمْ تَخُنْها كَذَلِكَ كانَ نُوحٌ لا يَخُونُ
والنُّبُوءَةُ في ذُرِّيَّتِهِما كَنُبُوءَةِ هُودٍ وصالِحٍ وتُبَّعٍ ونُبُوءَةِ إسْماعِيلَ وإسْحاقَ وشُعَيْبٍ ويَعْقُوبَ.
والمُرادُ بِـ ”الكِتابَ“ ما كانَ بِيَدِ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ وذُرِّيَّةِ إبْراهِيمَ مِنَ الكُتُبِ الَّتِي فِيها أُصُولُ دِيانَتِهِمْ مِن صُحُفِ إبْراهِيمَ وما حَفِظُوهُ مِن وصاياهُ ووَصايا إسْماعِيلَ وإسْحاقَ.
والفِسْقُ: الخُرُوجُ عَنِ الِاهْتِداءِ، ومِنَ الفاسِقِينَ: المُشْرِكُونَ مِن عادٍ وثَمُودَ وقَوْمِ لُوطٍ واليَمَنِ والأوْسِ والخَزْرَجِ وهم مِن ذُرِّيَّةِ نُوحٍ، ومِن مَدْيَنَ والحِجازِ وتِهامَةَ وهم مِن ذُرِّيَّةِ إبْراهِيمَ.
والمُرادُ: مَن أشْرَكُوا قَبْلَ مَجِيءِ الإسْلامِ لِقَوْلِهِ ﴿ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وقَفَّيْنا بِعِيسى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [الحديد: ٢٧] .
{"ayah":"وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحࣰا وَإِبۡرَ ٰهِیمَ وَجَعَلۡنَا فِی ذُرِّیَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَـٰبَۖ فَمِنۡهُم مُّهۡتَدࣲۖ وَكَثِیرࣱ مِّنۡهُمۡ فَـٰسِقُونَ"}