الباحث القرآني

﴿إنَّ هَذا لَهْوَ حَقُّ اليَقِينِ﴾ تَذْيِيلٌ لِجَمِيعِ ما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ السُّورَةُ مِنَ المَعانِي المُثْبَتَةِ. والإشارَةُ إلى ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ المَذْكُورِ مِن تَحْقِيقِ حَقٍّ وإبْطالِ باطِلٍ. والحَقُّ: الثّابِتُ. واليَقِينُ: المَعْلُومُ جَزْمًا الَّذِي لا يَقْبَلُ التَّشْكِيكَ. وإضافَةُ ”حَقُّ“ إلى ”اليَقِينِ“ مِن إضافَةِ الصِّفَةِ إلى المَوْصُوفِ، أيْ: لَهو اليَقِينُ الحَقُّ. وذَلِكَ أنَّ الشَّيْءَ إذا كانَ كامِلًا في نَوْعِهِ وُصِفَ بِأنَّهُ حَقُّ ذَلِكَ الجِنْسِ، كَما في الحَدِيثِ ”لَأبْعَثَنَّ مَعَكم أمِينًا حَقَّ أمِينٍ“ . فالمَعْنى: أنَّ الَّذِي قَصَصْنا عَلَيْكَ في هَذِهِ السُّورَةِ هو اليَقِينُ حَقُّ اليَقِينِ، كَما يُقالُ: زَيْدٌ العالِمُ حَقُّ عالِمٍ. ومَآلُ هَذا الوَصْفِ إلى تَوْكِيدِ اليَقِينِ، فَهو بِمَنزِلَةِ ذِكْرِ مُرادِفِ الشَّيْءِ، وإضافَةُ المُتَرادِفَيْنِ تُفِيدُ مَعْنى التَّوْكِيدِ، فَلِذَلِكَ فَسَّرُوهُ بِمَعْنى: أنَّ هَذا يَقِينُ اليَقِينِ وصَوابُ الصَّوابِ. نُرِيدُ: أنَّهُ نِهايَةُ الصَّوابِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذا أحْسَنُ ما قِيلَ فِيهِ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ الإضافَةُ بَيانِيَّةً عَلى مَعْنى (مِن)، وحَقِيقَتُهُ عَلى مَعْنى اللّامِ بِتَقْدِيرِ: لَهو حَقُّ الأمْرِ اليَقِينِ، وسَيَجِيءُ نَظِيرُ هَذا التَّرْكِيبِ في سُورَةِ الحاقَّةِ. وسَأُبَيِّنُ هُنالِكَ ما يَزِيدُ عَلى ما ذَكَرْتُهُ هُنا فانْظُرْهُ هُنالِكَ. وقَدِ اشْتَمَلَ هَذا التَّذْيِيلُ عَلى أرْبَعَةِ مُؤَكِّداتٍ وهي: (إنَّ)، ولامُ الِابْتِداءِ، وضَمِيرُ الفَصْلِ، وإضافَةُ شِبْهِ المُتَرادِفَيْنِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب