الباحث القرآني
﴿ومِن دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ ﴿مُدْهامَّتانِ﴾ ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ ﴿فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ﴾ ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ ﴿فِيهِما فاكِهَةٌ ونَخْلٌ ورُمّانٌ﴾ ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ .
عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ جَنَّتانِ، أيْ ومِن دُونِ تِينِكَ الجَنَّتَيْنِ جَنَّتانِ، أيْ لِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ.
ومَعْنى مِن دُونِهِما يُحْتَمَلُ أنَّ (دُونَ) بِمَعْنى (غَيْرَ)، أيْ ولِمَن خافَ مَقامَ (p-٢٧٢)رَبِّهِ جَنَّتانِ وجَنَّتانِ أُخْرَيانِ غَيْرُهُما كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنى وزِيادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] . ووُصِفَ ما في هاتَيْنِ الجَنَّتَيْنِ بِما يُقارِبُ ما وُصِفَ بِهِ ما في الجَنَّتَيْنِ الأوَّلِيَّيْنِ وصْفًا سَلَكَ فِيهِ مَسْلَكَ الإطْنابِ أيْضًا لِبَيانِ حُسْنِهِما تَرْغِيبًا في السَّعْيِ لِنَيْلِهِما بِتَقْوى اللَّهِ تَعالى فَذَلِكَ مُوجَبُ تَكْرِيرِ بَعْضِ الأوْصافِ أوْ ما يُقارِبُ مِنَ التَّكْرِيرِ بِالمُتَرادِفاتِ.
ويَكُونُ لِكُلِّ الجَنّاتِ الأرْبَعِ حُورٌ مَقْصُوراتٌ لا يَنْتَقِلْنَ مِن قُصُورِهِنَّ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ دُونَ بِمَعْنى أقَلِّ، أيْ لِنُزُولِ المَرْتَبَةِ، أيْ ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ أقَلُّ مِنَ الأوَّلِيَّيْنِ فَيَقْتَضِي ذَلِكَ مِن هاتَيْنِ الجَنَّتَيْنِ لِطائِفَةٍ أُخْرى مِمَّنْ خافُوا مَقامَ رَبِّهِمْ هم أقَلُّ مِنَ الأوَّلِينَ في دَرَجَةِ مَخافَةِ اللَّهِ تَعالى.
ولَعَلَّ هاتَيْنِ الجَنَّتَيْنِ لِأصْحابِ اليَمِينِ الَّذِينَ ورَدَ ذِكْرُهم في سُورَةِ الواقِعَةِ والجَنَّتَيْنِ المَذْكُورَتَيْنِ قَبْلَها في قَوْلِهِ جَنَّتانِ. . . ذَواتا أفْنانٍ إلى آخِرِ الوَصْفِ جَنَّتا السّابِقَيْنِ الوارِدِ ذِكْرَهم قَوْلَهُ في سُورَةِ الواقِعَةِ ﴿والسّابِقُونَ السّابِقُونَ﴾ [الواقعة: ١٠] الآياتِ.
ومُدْهامَّتانِ وصْفٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الدُّهْمَةِ بِضَمِّ الدّالِ وهي لَوْنُ السَّوادِ. ووَصَفَ الجَنَّتَيْنِ بِالسَّوادِ مُبالَغَةً في شِدَّةِ خُضْرَةِ أشْجارِهِما حَتّى تَكُونا بِالتِفافِ أشْجارِها وقُوَّةِ خُضْرَتِها كالسَّوْداوَيْنِ لِأنَّ الشَّجَرَ إذا كانَ رَيّانًا اشْتَدَّتْ خُضْرَةُ أوْراقِهِ حَتّى تَقْرُبَ مِنَ السَّوادِ، وقَدْ أخَذَ هَذا المَعْنى أبُو تَمامٍ ورَكَّبَ عَلَيْهِ فَقالَ:
؎يا صاحِبَيَّ تَقَصَّيا نَظَرَيْكُما تَرَيا وُجُوهَ الأرْضِ كَيْفَ تُصَوَّرُ
؎تَرَيا نَهارًا مُشْمِسًا قَدْ شابَهَ ∗∗∗ زَهْرَ الرُّبى فَكَأنَّما هو مُقْمِرٌ
و (﴿نَضّاخَتانِ﴾): فَوّارَتانِ بِالماءِ، والنَّضْخُ بِخاءٍ مُعْجَمَةٍ في آخِرِهِ أقْوى مِنَ النَّضْحِ بِالحاءِ المُهْمَلَةِ الَّذِي هو الرَّشُّ.
وقَدْ وصَفَ (العَيْنانِ) هُنا بِغَيْرِ ما وصَفَ بِهِ (العَيْنانِ) بِالجَنَّتَيْنِ المَذْكُورَتَيْنِ، فَقِيلَ: هُما صِنْفانِ مُخْتَلِفانِ في أوْصافِ الحُسْنِ يُشِيرُ اخْتِلافُهُما إلى أنَّ هاتَيْنِ الجَنَّتَيْنِ دُونَ الأوَّلَيْنِ في المَحاسِنِ ولِذَلِكَ جاءَ هُنا ﴿فِيهِما فاكِهَةٌ ونَخْلٌ ورُمّانٌ﴾، وجاءَ فِيها تَقَدَّمَ ﴿فِيهِما مِن كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ﴾ [الرحمن: ٥٢] . وقِيلَ: الوَصْفانِ سَواءُ، وعَلَيْهِ فالمُخالِفَةُ بَيْنَ الصِّنْفَيْنِ مِنَ الأوْصافِ تَفَنُّنٌ.
(p-٢٧٣)وعَطْفُ (﴿ونَخْلٌ ورُمّانٌ﴾) عَلى فاكِهَةٍ مِن بابِ عَطْفِ الجُزْئِيِّ عَلى الكُلِّيِّ تَنْوِيهًا بِبَعْضِ أفْرادِ الجَنَّتَيْنِ كَما قالَ تَعالى ﴿ومَلائِكَتِهِ ورُسُلِهِ وجِبْرِيلَ ومِيكائِلَ﴾ [البقرة: ٩٨] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وجاءَتْ جُمَلُ ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ مُعْتَرِضاتٌ بَيْنَ جَنَّتانِ وصِفاتِها اعْتِراضًا لِلْاِزْدِيادِ مِن تَكْرِيرِ التَّقْرِيرِ والتَّوْبِيخِ لِمَن حُرِمُوا مِن تِلْكَ الجَنّاتِ.
{"ayahs_start":62,"ayahs":["وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","مُدۡهَاۤمَّتَانِ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","فِیهِمَا عَیۡنَانِ نَضَّاخَتَانِ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","فِیهِمَا فَـٰكِهَةࣱ وَنَخۡلࣱ وَرُمَّانࣱ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"],"ayah":"فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق