الباحث القرآني
﴿الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ﴾ .
جُمْلَةٌ هي خَبَرٌ رابِعٌ عَنِ الرَّحْمَنِ وإلّا كانَ ذِكْرُهُ هُنا بِدُونِ مُناسِبَةٍ فَيَنْقَلِبَ اعْتِراضًا. ورابِطُ الجُمْلَةِ بِالمُبْتَدَأِ تَقْدِيرُهُ: بِحُسْبانِهِ، أيْ حُسْبانِ الرَّحْمَنِ وضَبْطِهِ.
وهَذا اسْتِدْلالٌ عَلى التَّفَرُّدِ بِخَلْقِ كَوْكَبِ الشَّمْسِ وكُرَةِ القَمَرِ وامْتِنانٌ بِما أوْدَعَ فِيهِما مِن مَنافِعَ لِلنّاسِ، ونِظامِ سَيْرِهِما الَّذِي بِهِ تَدْقِيقُ نِظامِ مُعامَلاتِ النّاسِ واسْتِعْدادِهِمْ لِما يَحْتاجُونَ إلَيْهِ عِنْدَ تَغَيُّراتِ أجْوائِهِمْ وأرْزاقِهِمْ. ويَتَضَمَّنُ الاِمْتِنانُ بِما في ذَلِكَ مِن مَنافِعِهِمْ، وفي كَوْنِ هَذا الخَبَرِ جارِيًا عَلى أُسْلُوبِ التَّعْدِيدِ ما قَدْ عَلِمْتَ آنِفًا مِنَ التَّبْكِيتِ، ووَجْهُهُ أنَّهم غَفَلُوا عَمّا في نِظامِ الشَّمْسِ والقَمَرِ مِنَ الحِكْمَةِ وما يَدُلُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ النِّظامُ مِن تَفَرُّدِ اللَّهِ بِتَقْدِيرِهِ، فاشْتَغَلَ بَعْضُهم بِعِبادَةِ الشَّمْسِ وبَعْضُهم بِعِبادَةِ القَمَرِ كَما قالَ تَعالى ﴿ومِن آياتِهِ اللَّيْلُ والنَّهارُ والشَّمْسُ والقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ ولا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: ٣٧] .
وجِيءَ بِهَذِهِ الجُمْلَةِ اسْمِيَّةً لِلتَّهْوِيلِ بِالاِبْتِداءِ بِاسْمِ الشَّمْسِ والقَمَرِ، ولِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ حُسْبانَهُما ثابِتٌ لا يَتَغَيَّرُ مُنْذُ بَدْءِ الخَلْقِ مُؤْذِنٌ بِحِكْمَةِ الخالِقِ. واسْتُغْنِيَ بِجَعْلِ اسْمِ الشَّمْسِ والقَمَرِ مُسْنَدًا إلَيْهِما عَنْ تَفْكِيكِ المُسْنَدِ إلى مَسْنَدَيْنِ: أحَدُهُما يَدُلُّ عَلى الاِسْتِدْلالِ، والآخَرُ يَدُلُّ عَلى الاِمْتِنانِ، كَما وقَعَ في قَوْلِهِ ﴿خَلَقَ الإنْسانَ﴾ [الرحمن: ٣] ﴿عَلَّمَهُ البَيانَ﴾ [الرحمن: ٤] .
والحُسْبانُ: مَصْدَرُ حَسَبَ بِمَعْنى عَدَّ مِثْلَ الغُفْرانِ.
والباءُ لِلْمُلابَسَةِ وهي ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ هو خَبَرٌ عَنِ الشَّمْسِ والقَمَرِ، والتَّقْدِيرُ: كائِنانِ بِحُسْبانٍ، أيْ بِمُلابَسَةِ حُسْبانٍ أيْ لِحِسابِ النّاسِ مَواقِعَ سَيْرِهِما.
وإسْنادُ هَذِهِ المُلابَسَةِ إلى الشَّمْسِ والقَمَرِ مَجازِيٌّ عَقْلِيٌّ لِأنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ (p-٢٣٥)سَبَبٌ لِتَلَبُّسِ النّاسِ بِحِسابِهِما كَما تَقُولُ: أنْتَ بِعِنايَةٍ مِنِّي، جَعَلْتَ عِنايَتَكَ مُلابِسَةً لِلْمُخاطَبِ مُلابَسَةً اعْتِبارِيَّةً، وقَوْلُهُ تَعالى ﴿فَإنَّكَ بِأعْيُنِنا﴾ [الطور: ٤٨]، وقَدْ تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿والشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا﴾ [الأنعام: ٩٦] في سُورَةِ الأنْعامِ. والحُسْبانُ كِنايَةٌ عَنِ انْتِظامِ سَيْرِهِما انْتِظامًا مُطَّرِدًا لا يَخْتَلُّ حِسابُ النّاسِ لَهُ والتَّوْقِيتُ بِهِ.
واقْتَصَرَ عَلى ذِكْرِ الشَّمْسِ والقَمَرِ دُونَ بَقِيَّةِ الكَواكِبِ وإنْ كانَ فِيها حُسْبانُ الأنْواءِ، والحَرِّ والبَرْدِ، مِثْلِ الجَوْزاءِ، والشِّعْرى، ومَنزَلَةِ الأسَدِ، والثُّرَيّا، لِأنَّ هَذَيْنِ الكَوْكَبَيْنِ هُما البادِيانِ لِجَمِيعِ النّاسِ لا يَحْتاجُ تَعَقُّلُ أحْوالِهِما إلى تَعْلِيمِ تَوْقِيتٍ مِثْلَ الكَواكِبِ الأُخْرى.
ولِأنَّ السُّورَةَ هَذِهِ بُنِيَتْ عَلى ذِكْرِ الأُمُورِ المُزْدَوِجَةِ والشَّمْسُ والقَمَرُ مُزْدَوِجانِ في مَعارِفِ عُمُومِ النّاسِ فالشَّمْسُ: كَوْكَبٌ سَماوِيٌّ لِأنَّهُ أعْلى مِنَ الأرْضِ والأرْضُ تَدُورُ حَوْلَهُ وداخِلَهُ في النِّظامِ الشَّمْسِيِّ. والقَمَرُ: كَوْكَبٌ أرْضِيٌّ لِأنَّهُ دُونَ الأرْضِ وتابِعٌ لَها كَبَقِيَّةِ أقْمارِ الكَواكِبِ فَذِكْرُ الشَّمْسِ والقَمَرِ كَذِكْرِ السَّماءِ والأرْضِ، والمَشْرِقِ، والمَغْرِبِ، والبَحْرِينِ.
{"ayah":"ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ بِحُسۡبَانࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق