الباحث القرآني
(p-٢١٥)﴿إنَّ المُجْرِمِينَ في ضَلالٍ وسُعُرٍ﴾ ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ في النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ هَذا الكَّلامُ بَيانٌ لِقَوْلِهِ ﴿والسّاعَةُ أدْهى وأمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦] . واقْتِرانُ الكَلامِ بِحَرْفِ إنَّ لِفائِدَتَيْنِ: إحْداهُما الاِهْتِمامُ بِصَرِيحِهِ الإخْبارِيِّ، وثانِيهُما تَأْكِيدُ ما تَضَمَّنَهُ مِنَ التَّعْرِيضِ بِالمُشْرِكِينَ، لِأنَّ الكَّلامَ وإنْ كانَ مُوَجَّهًا لِلنَّبِيءِ ﷺ وهو لا يُشَكُّ في ذَلِكَ فَإنَّ المُشْرِكِينَ يَبْلُغُهم ويَشِيعُ بَيْنَهم وهم لا يُؤْمِنُونَ بِعَذابِ الآخِرَةِ فَكانُوا جَدِيرِينَ بِتَأْكِيدِ الخَبَرِ في جانِبِ التَّعْرِيضِ فَتَكُونَ (إنَّ) مُسْتَعْمَلَةً في غَرَضَيْها مِنَ التَّوْكِيدِ والاِهْتِمامِ.
والتَّعْبِيرُ عَنْهم بِ المُجْرِمِينَ إظْهارٌ في مَقامِ الإضْمارِ لِإلْصاقِ وُصْفِ الإجْرامِ بِهِمْ.
والضَّلالُ: يُطْلَقُ عَلى ضِدِّ الهُدى ويُطْلَقُ عَلى الخُسْرانِ، وأكْثَرُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ المُرادَ بِهِ هُنا المَعْنى الثّانِي. فَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: المُرادُ الخُسْرانُ في الآخِرَةِ، لِأنَّ الظّاهِرَ أنَّ ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ في النّارِ﴾ ظَرْفٌ لِلْكَوْنِ في ضَلالٍ وسُعُرٍ عَلى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرّاجِفَةُ﴾ [النازعات: ٦] ﴿تَتْبَعُها الرّادِفَةُ﴾ [النازعات: ٧] ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ﴾ [النازعات: ٨]، وقَوْلِهِ ﴿ويَوْمَ القِيامَةِ هم مِنَ المَقْبُوحِينَ﴾ [القصص: ٤٢] فَلا يُناسِبُ أنْ يَكُونَ الضَّلالُ ضِدَّ الهُدى.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ﴾ ظَرْفًا لِلْكَوْنِ الَّذِي في خَبَرِ إنَّ، أيْ كائِنُونَ في ضَلالٍ وسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ في النّارِ، فالمَعْنى: أنَّهم في ضَلالٍ وسُعُرٍ يَوْمَ القِيامَةِ و (سُعُرٍ) جَمْعُ سَعِيرٍ، وهو النّارُ، وجَمْعُ السَّعِيرِ لِأنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدٌ.
والسَّحْبُ: الجَرُّ، وهو في النّارِ أشَدُّ مِن مُلازَمَةِ المَكانِ لِأنَّ بِهِ يَتَجَدَّدُ مُماسَّةُ نارٍ أُخْرى فَهو أشَدُّ تَعْذِيبًا.
وجُعِلَ السَّحْبُ عَلى الوُجُوهِ إهانَةً لَهم.
و﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ. والذَّوْقُ مُسْتَعارٌ لِلْإحْساسِ.
(p-٢١٦)وصِيغَةُ الأمْرِ مُسْتَعْمَلَةٌ في الإهانَةِ والمُجازاةِ.
والمَسُّ مُسْتَعْمَلٌ في الإصابَةِ عَلى طَرِيقَةِ المَجازِ المُرْسَلِ.
وسَقَرُ: عَلَمٌ عَلى جَهَنَّمَ، وهو مُشْتَقٌّ مِنَ السَّقَرِ بِسُكُونِ القّافِ وهو التِهابٌ في النّارِ، فَ (سَقَرٍ) وُضِعَ عَلَمًا لِجَهَنَّمَ، ولِذَلِكَ فَهو مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ والتَّأْنِيثِ، لِأنَّ جَهَنَّمَ اسْمٌ مُؤَنَّثٌ مَعْنًى اعْتَبَرُوا فِيهِ أنَّ مُسَمّاهُ نارٌ والنّارُ مُؤَنَّثَةٌ.
والآيَةُ تَتَحَمَّلُ مَعْنًى آخَرَ، وهو أنْ يُرادَ بِالضَّلالِ ضِدُّ الهُدى وأنَّ الإخْبارَ عَنِ المُجْرِمِينَ بِأنَّهم لَيْسُوا عَلى هُدًى، وأنَّ ما هم فِيهِ باطِلٌ وضَلالٌ، وذَلِكَ في الدُّنْيا، وأنْ يُرادَ بِالسُّعُرِ نِيرانُ جَهَنَّمَ وذَلِكَ في الآخِرَةِ فَيَكُونَ الكَّلامُ عَلى التَّقْسِيمِ.
أوْ يَكُونَ السُّعُرُ بِمَعْنى الجُنُونِ، يُقالُ: سُعُرٌ بِضَمَّتَيْنِ وسُعُرٌ بِسُكُونِ العَيْنِ، أيْ: جُنُونٌ، مِن قَوْلِ العَرَبِ: ناقَةٌ مَسْعُورَةٌ، أيْ: شَدِيدَةُ السُّرْعَةِ كَأنَّ بِها جُنُونًا كَما تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿إنّا إذًا لَفي ضَلالٍ وسُعُرٍ﴾ [القمر: ٢٤] في هَذِهِ السُّورَةِ.
ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وفَسَّرَ بِهِ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ قائِلًا: لِأنَّهم إنْ كانُوا في السَّعِيرِ لَمْ يَكُونُوا في ضَلالٍ لِأنَّ الأمْرَ قَدْ كُشِفَ لَهم وإنَّما وصَفَ حالَهم في الدُّنْيا، وعَلَيْهِ فالضَّلالُ والسُّعُرُ حاصِلانِ لَهم في الدُّنْيا.
{"ayahs_start":47,"ayahs":["إِنَّ ٱلۡمُجۡرِمِینَ فِی ضَلَـٰلࣲ وَسُعُرࣲ","یَوۡمَ یُسۡحَبُونَ فِی ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ ذُوقُوا۟ مَسَّ سَقَرَ"],"ayah":"یَوۡمَ یُسۡحَبُونَ فِی ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ ذُوقُوا۟ مَسَّ سَقَرَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق