الباحث القرآني
﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى﴾ تَفْرِيعُ فَذْلَكَةٍ لِما ذُكِرَ مِن أوَّلِ السُّورَةِ: مِمّا يَخْتَصُّ بِالنَّبِيءِ ﷺ مِن ذَلِكَ كَقَوْلِهِ ﴿ما ضَلَّ صاحِبُكم وما غَوى﴾ [النجم: ٢] إلى قَوْلِهِ ﴿لَقَدْ رَأى مِن آياتِ رَبِّهِ الكُبْرى﴾ [النجم: ١٨] . ومِمّا يَشْمَلُهُ ويَشْمَلُ غَيْرَهُ مِن قَوْلِهِ ﴿وأنَّهُ هو أضْحَكَ وأبْكى﴾ [النجم: ٤٣] إلى قَوْلِهِ ﴿هُوَ رَبُّ الشِّعْرى﴾ [النجم: ٤٩] فَإنَّ ذَلِكَ خَلِيطٌ مِن نِعَمٍ وضِدِّها عَلى نَوْعِ الإنْسانِ وفي مَجْمُوعِها نِعْمَةُ تَعْلِيمِ الرَّسُولِ ﷺ وأُمَّتِهِ بِمَنافِعِ الِاعْتِبارِ بِصُنْعِ اللَّهِ. ثُمَّ مِن قَوْلِهِ ﴿وأنَّهُ أهْلَكَ عادًا﴾ [النجم: ٥٠] إلى هُنا. فَتِلْكَ نِقَمٌ مِنَ الضّالِّينَ والظّالِمِينَ لِنَصْرِ رُسُلِ اللَّهِ، وذَلِكَ نِعْمَةٌ عَلى جَمِيعِ الرُّسُلِ ونِعْمَةٌ خاصَّةٌ بِالرَّسُولِ ﷺ وهي بِشارَتُهُ بِأنَّ اللَّهَ سَيَنْصُرُهُ، (p-١٥٦)فَجَمِيعُ ما عَدَّدَ مِنَ النِّعَمِ عَلى أقْوامٍ والنِّقَمِ عَنْ آخَرِينَ هو نِعَمٌ مَحْضَةٌ لِلرَّسُولِ ﷺ ولِلْمُؤْمِنِينَ.
و”أيِّ“ اسْمُ اسْتِفْهامٍ يُطْلَبُ بِهِ تَمْيِيزُ مُتَشارِكٍ في أمْرٍ يَعُمُّ بِما يُمَيِّزُ البَعْضَ عَنِ البَقِيَّةِ مِن حالٍ يَخْتَصُّ بِهِ مُسْتَعْمَلٌ هُنا في التَّسْوِيَةِ كِنايَةً عَنْ تَساوِي ما عُدِّدَ مِنَ الأُمُورِ في أنَّها نِعَمٌ عَلى الرَّسُولِ ﷺ إذْ لَيْسَ لِواحِدٍ مِن هَذِهِ المَعْدُوداتِ نَقْصٌ عَنْ نَظائِرِهِ في النِّعْمَةِ كَقَوْلِ فاطِمَةَ بِنْتِ الخُرْشُبِ وقَدْ سُئِلَتْ: أيُّ بَنِيكِ أفْضَلُ ؟ ”ثَكِلْتُهم إنْ كُنْتُ أدْرِي أيُّهم أفْضَلُ“، أيْ: إنْ كُنْتُ أدْرِي جَوابَ السُّؤالِ، وكَقَوْلِ الأعْشى:
؎بِأشْجَعَ أخّاذٍ عَلى الدَّهْرِ حُكْمَهُ فَمِن أيِّ ما تَجْنِي الحَوادِثُ أفْرَقُ
والمَقْصُودُ مِن هَذا الِاسْتِفْهامِ تَذْكِيرُ النَّبِيءِ ﷺ بِهَذِهِ النِّعَمِ.
فالمَعْنى أنَّكَ لا تَحْصُلُ لَكَ مِرْيَةٌ في واحِدَةٍ مِن آلاءِ رَبِّكَ فَإنَّها سَواءٌ في الإنْعامِ، والخِطابُ بِقَوْلِهِ ”رَبِّكَ“ الأظْهَرُ أنَّهُ لِلنَّبِيءِ ﷺ وهو مُناسِبٌ لِذِكْرِ الآلاءِ والمُوافِقُ لِإضافَةِ (رَبِّ) إلى ضَمِيرِ المُفْرَدِ المُخاطَبِ في عُرْفِ القُرْآنِ.
وجَوَّزُوا أنْ يَكُونَ الخِطابُ في قَوْلِهِ ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكَ﴾ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنَ النّاسِ، أيِ المُكَذِّبِينَ، أيْ: بِاعْتِبارِ أنَّهُ لا يَخْلُو شَيْءٌ مِمّا عَدَّدَ سابِقًا عَنْ نِعْمَةٍ لِبَعْضِ النّاسِ أوْ بِاعْتِبارِ عَدَمِ تَخْصِيصِ الآلاءِ بِما سَبَقَ ذِكْرُهُ بَلِ المُرادُ جِنْسُ الآلاءِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ١٣] .
والآلاءُ: النِّعَمُ، وهو جَمْعٌ مُفْرَدُهُ: إلًى، بِكَسْرِ الهَمْزَةِ وبِفَتْحِها مَعَ فَتْحِ اللّامِ مَقْصُورًا، ويُقالُ: إلْيٌ، وألْيٌ، بِسُكُونِ اللّامِ فِيهِما وآخِرُهُ ياءٌ مُتَحَرِّكَةٌ، ويُقالُ: ألْوٌ، بِهَمْزٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَها لامٌ ساكِنَةٌ وآخِرُهُ واوٌ مُتَحَرِّكَةٌ مِثْلُ: دَلْوٍ.
والتَّمارِي: التَّشَكُّكُ وهو تَفاعُلٌ مِنَ المِرْيَةِ فَإنْ كانَ الخِطابُ بِقَوْلِهِ ”رَبِّكَ“ لِلنَّبِيءِ ﷺ كانَ تَتَمارى مُطاوِعَ ماراهُ، مِثْلُ: التَّدافُعُ مُطاوِعُ دَفَعَ، في قَوْلِ المُنَخَّلِ:
؎فَدَفَعْتُها فَتَدافَعَتْ ∗∗∗ مَشْيَ القَطاةِ إلى الغَدِيرِ
(p-١٥٧)والمَعْنى: فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكَ يُشَكِّكُونَكَ، وهَذا يُنْظَرُ إلى قَوْلِهِ تَعالى ﴿أفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى﴾ [النجم: ١٢]، أيْ: لا يَسْتَطِيعُونَ أنْ يُشَكِّكُوكَ في حُصُولِ آلاءِ رَبِّكَ الَّتِي هي نِعَمُ النُّبُوَّةِ والَّتِي مِنها رُؤْيَةُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهى. فالكَلامُ مَسُوقٌ لِتَأْيِيسِ المُشْرِكِينَ مِنَ الطَّمَعِ في الكَفِّ عَنْهم.
وإنْ كانَ الخِطابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كانَ تَتَمارى تَفاعُلًا مُسْتَعْمَلًا في المُبالَغَةِ في حُصُولِ الفِعْلِ، ولا يُعْرَفُ فِعْلٌ مُجَرَّدٌ لِلْمِراءِ، وإنَّما يُقالُ: امْتَرى، إذا شَكَّ.
{"ayah":"فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق