الباحث القرآني
﴿وأنَّهُ أهْلَكَ عادًا الاُؤْلى﴾ ﴿وثَمُودًا فَما أبْقى﴾ ﴿وقَوْمَ نُوحٍ مِن قَبْلُ إنَّهم كانُوا هم أظْلَمَ وأطْغى﴾ لَمّا اسْتُوفِيَ ما يَسْتَحِقُّهُ مَقامُ النِّداءِ عَلى باطِلِ أهْلِ الشِّرْكِ مِن تَكْذِيبِهِمُ النَّبِيءَ ﷺ وطَعْنِهِمْ في القُرْآنِ، ومِن عِبادَةِ الأصْنامِ، وقَوْلِهِمْ في المَلائِكَةِ، وفاسِدِ مُعْتَقَدِهِمْ في أُمُورِ الآخِرَةِ، وفي المُتَصَرِّفِ في الدُّنْيا، وكانَ مُعْظَمُ شَأْنِهِمْ في هَذِهِ الضَّلالاتِ شَبِيهًا بِشَأْنِ أُمَمِ الشِّرْكِ البائِدَةِ نُقِلَ الكَلامُ إلى تَهْدِيدِهِمْ بِخَوْفِ أنْ يَحُلَّ بِهِمْ ما حَلَّ بِتِلْكَ الأُمَمِ البائِدَةِ فَذَكَرَ مِن تِلْكَ الأُمَمِ أشْهُرَها عِنْدَ العَرَبِ وهم: عادٌ، وثَمُودُ، وقَوْمُ نُوحٍ، وقَوْمُ لُوطٍ.
(p-١٥٣)فَمَوْقِعُ هَذِهِ الجُمْلَةِ كَمَوْقِعِ الجُمَلِ الَّتِي قَبْلَها في احْتِمالِ كَوْنِها زائِدَةً عَلى ما في صُحُفِ مُوسى وإبْراهِيمَ ويُحْتَمَلُ كَوْنُها مِمّا شَمِلَتْهُ الصُّحُفُ المَذْكُورَةُ فَإنَّ إبْراهِيمَ كانَ بَعْدَ عادٍ وثَمُودَ وقَوْمِ نُوحٍ، وكانَ مُعاصِرًا لِلْمُؤْتَفِكَةِ عالِمًا بِهَلاكِها.
ولِكَوْنِ هَلاكِ هَؤُلاءِ مَعْلُومًا لَمْ تُقْرَنِ الجُمْلَةُ بِضَمِيرِ الفَصْلِ.
ووَصْفُ عادٍ بِ الأُولى عَلى اعْتِبارِ عادٍ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ كَما هو ظاهِرٌ. ومَعْنى كَوْنِها أُولى لِأنَّها أوَّلُ العَرَبِ ذِكْرًا وهم أوَّلُ العَرَبِ البائِدَةِ وهم أوَّلُ أُمَّةٍ أُهْلِكَتْ بَعْدَ قَوْمِ نُوحٍ.
وأمّا القَوْلُ بِأنَّ عادًا هَذِهِ لَمّا هَلَكَتْ خَلَفَتْها أُمَّةٌ أُخْرى تُعْرَفُ بِعادِ إرَمَ أوْ عادٍ الثّانِيَةِ كانَتْ في زَمَنِ العَمالِيقِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الأُولى وصْفًا كاشِفًا، أيْ: عادًا السّابِقَةَ. وقِيلَ الأُولى صِفَةُ عَظَمَةٍ، أيِ الأُولى في مَراتِبِ الأُمَمِ قُوَّةً وسِعَةً، وتَقَدَّمَ التَّعْرِيفُ بِعادٍ في سُورَةِ الأعْرافِ.
وتَقَدَّمَ ذِكْرُ ثَمُودَ في سُورَةِ الأعْرافِ أيْضًا.
وتَقَدَّمَ ذِكْرُ نُوحٍ وقَوْمِهِ في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ وفي سُورَةِ الأعْرافِ.
وإنَّما قَدَّمَ في الآيَةِ ذِكْرَ عادٍ وثَمُودَ عَلى ذِكْرِ قَوْمِ نُوحٍ مَعَ أنَّ هَؤُلاءِ أسْبَقُ؛ لِأنَّ عادًا وثَمُودَ أشْهَرُ في العَرَبِ وأكْثَرُ ذِكْرًا بَيْنَهم ودِيارَهم في بِلادِ العَرَبِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿عادًا الأُولى﴾ بِإظْهارِ تَنْوِينِ عادًا وتَحْقِيقِ هَمْزَةِ الأُولى. وقَرَأ ورْشٌ عَنْ نافِعٍ وأبُو عَمْرٍو (عادًا لُّولى) بِحَذْفِ هَمْزَةِ (الأُولى) بَعْدَ نَقْلِ حَرَكَتِها إلى اللّامِ المُعَرِّفَةِ وإدْغامِ نُونِ التَّنْوِينِ مِن (عادًا) في لامِ (لُّولى) . وقَرَأهُ قالُونُ عَنْ نافِعٍ بِإسْكانِ هَمْزَةِ (الأُولى) بَعْدَ نَقْلِ حَرَكَتِها إلى اللّامِ المُعَرِّفَةِ (عادًا لُّؤْلى) عَلى لُغَةِ مَن يُبْدِلُ الواوَ النّاشِئَةَ عَنْ إشْباعِ الضَّمَّةِ هَمْزًا، كَما قُرِئَ (فاسْتَوى عَلى سُؤْقِهِ) .
(p-١٥٤)وقَرَأ الجُمْهُورُ (وثَمُودًا) بِالتَّنْوِينِ عَلى إطْلاقِ اسْمِ جَدِّ القَبِيلَةِ عَلَيْها. وقَرَأهُ عاصِمٌ وحَمْزَةُ بِدُونِ تَنْوِينٍ عَلى إرادَةِ اسْمِ القَبِيلَةِ.
وجُمْلَةُ ﴿إنَّهم كانُوا هم أظْلَمَ وأطْغى﴾ تَعْلِيلٌ لِجُمْلَةِ ﴿أهْلَكَ عادًا﴾ إلى آخِرِها، وضَمِيرُ الجَمْعِ في ﴿إنَّهم كانُوا﴾ يَجُوزُ أنْ يَعُودَ إلى قَوْمِ نُوحٍ، أيْ: كانُوا أظْلَمَ وأطْغى مِن عادٍ وثَمُودَ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عائِدًا إلى عادٍ وثَمُودَ وقَوْمِ نُوحٍ والمَعْنى: أنَّهم أظْلَمُ وأطْغى مِن قَوْمِكَ الَّذِينَ كَذَّبُوكَ فَتَكُونَ تَسْلِيَةً لِلنَّبِيءِ ﷺ بِأنَّ الرُّسُلَ مِن قَبْلِهِ لَقُوا مِن أُمَمِهِمْ أشَدَّ مِمّا لَقِيَهُ مُحَمَّدٌ ﷺ، وفِيهِ إيماءٌ إلى أنَّ اللَّهَ مُبْقٍ عَلى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَلا يُهْلِكُها؛ لِأنَّهُ قَدَّرَ دُخُولَ بَقِيَّتِها في الإسْلامِ ثُمَّ أبْنائِها.
وضَمِيرُ الفَصْلِ في قَوْلِهِ ﴿كانُوا هم أظْلَمَ﴾ لِتَقْوِيَةِ الخَبَرِ.
{"ayahs_start":50,"ayahs":["وَأَنَّهُۥۤ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ","وَثَمُودَا۟ فَمَاۤ أَبۡقَىٰ","وَقَوۡمَ نُوحࣲ مِّن قَبۡلُۖ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ هُمۡ أَظۡلَمَ وَأَطۡغَىٰ"],"ayah":"وَثَمُودَا۟ فَمَاۤ أَبۡقَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











