الباحث القرآني
﴿وأنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى﴾ ﴿ثُمَّ يُجْزاهُ الجَزاءَ الأوْفى﴾ .
يَجُوزُ أنْ تَكُونَ عَطْفًا عَلى جُمْلَةِ ألّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى فَهي مِن تَمامِ تَفْسِيرِ ما في صُحُفِ مُوسى وإبْراهِيمَ فَيَكُونُ تَغْيِيرُ الأُسْلُوبِ إذْ جِيءَ في هَذِهِ الآيَةِ بِحَرْفِ أنَّ المُشَدَّدَةِ لِاقْتِضاءِ المَقامِ أنْ يَقَعَ الإخْبارُ عَنْ سَعْيِ الإنْسانِ بِأنَّهُ (p-١٣٩)يُعْلَنُ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ وذَلِكَ مِن تَوابِعِ أنْ لَيْسَ لَهُ إلّا ما سَعى، فَلَمّا كانَ لَفْظُ سَعْيَهُ صالِحًا لِلْوُقُوعِ اسْمًا لِحَرْفِ أنَّ زالَ مُقْتَضى اجْتِلابِ ضَمِيرِ الشَّأْنِ فَزالَ مُقْتَضى أنِ المُخَفَّفَةِ. وقَدْ يَكُونُ مَضْمُونُ هَذِهِ الجُمْلَةِ في شَرِيعَةِ إبْراهِيمَ ما حَكاهُ اللَّهُ عَنْهُ مِن قَوْلِهِ ﴿ولا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ﴾ [الشعراء: ٨٧] .
ويَجُوزُ أنْ لا يَكُونَ في قَوْلِهِ مَضْمُونُ قَوْلِهِ وأنَّ سَعْيَهُ مَشْمُولًا لِما في صُحُفِ مُوسى وإبْراهِيمَ فَعَطْفُهُ عَلى ما المَوْصُولَةِ مِن قَوْلِهِ ﴿بِما في صُحُفِ مُوسى وإبْراهِيمَ﴾ [النجم: ٣٦]، عَطْفُ المُفْرَدِ عَلى المُفْرَدِ فَيَكُونُ مَعْمُولًا لِباءِ الجَرِّ في قَوْلِهِ في صُحُفِ مُوسى إلَخْ، والتَّقْدِيرُ: لَمْ يُنَبَّأْ بِأنَّ سَعْيَ الإنْسانِ سَوْفَ يُرى، أيْ: لا بُدَّ أنْ يُرى، أيْ: يُجازى عَلَيْهِ، أيْ: لَمْ يُنَبَّأْ بِهَذِهِ الحَقِيقَةِ الدِّينِيَّةِ وعَلَيْهِ فَلا نَتَطَلَّبُ ثُبُوتَ مَضْمُونِ هَذِهِ الجُمْلَةِ في شَرِيعَةِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وسَوْفَ حَرْفُ اسْتِقْبالٍ والأكْثَرُ أنْ يُرادَ بِهِ المُسْتَقْبَلُ البَعِيدُ.
ومَعْنى يُرى: يُشاهَدُ عِنْدَ الحِسابِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ووَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِرًا﴾ [الكهف: ٤٩]، فَيَجُوزُ أنْ تُجَسَّمَ الأعْمالُ فَتَصِيرَ مُشاهَدَةً، وأُمُورُ الآخِرَةِ مُخالِفَةٌ لِمُعْتادِ أُمُورِ الدُّنْيا. ويَجُوزُ أنْ تُجْعَلَ عَلاماتٍ عَلى الأعْمالِ يُعْلَنُ بِها عَنْها كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿نُورُهم يَسْعى بَيْنَ أيْدِيهِمْ وبِأيْمانِهِمْ﴾ [التحريم: ٨] . وما في الحَدِيثِ ”يُنْصَبُ لِكُلِّ غادَرٍ لِواءٌ يَوْمَ القِيامَةِ فَيُقالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانٍ فَيُقَدَّرُ مُضافٌ تَقْدِيرُهُ: وأنَّ عُنْوانَ سَعْيِهِ سَوْفَ يُرى.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإشْهارِ العَمَلِ والسَّعْيِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿أهَؤُلاءِ الَّذِينَ أقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الجَنَّةَ﴾ [الأعراف: ٤٩] الآيَةَ، وكَما قالَ النَّبِيءُ ﷺ «مَن سَمَّعَ بِأخِيهِ فِيما يَكْرَهُ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ سامِعَ خَلْقِهِ يَوْمَ القِيامَةِ»، فَتَكُونُ الرُّؤْيَةُ مُسْتَعارَةً لِلْعِلْمِ لِقَصْدِ تَحَقُّقِ العِلْمِ وإشْهارِهِ.
وحِكْمَةُ ذَلِكَ تَشْرِيفُ المُحْسِنِينَ بِحُسْنِ السُّمْعَةِ وانْكِسارِ المُسِيئِينَ بِسُوءِ الأُحْدُوثَةِ.
وقَوْلُهُ ﴿ثُمَّ يُجْزاهُ الجَزاءَ الأوْفى﴾ وهو المَقْصُودُ مِنَ الجُمْلَةِ.
(p-١٤٠)و“ ثُمَّ ”لِلتَّراخِي الرُّتْبِيِّ؛ لِأنَّ حُصُولَ الجَزاءِ أهَمُّ مِن إظْهارِهِ أوْ إظْهارِ المَجْزِيِّ عَنْهُ.
وضَمِيرُ النَّصْبِ في قَوْلِهِ“ يُجْزاهُ " عائِدٌ إلى السَّعْيِ، أيْ: يُجْزى عَلَيْهِ، أوْ يُجْزى بِهِ، فَحَذَفَ حَرْفَ الجَرِّ ونَصَبَ عَلى نَزْعِ الخافِضِ فَقَدْ كَثُرَ أنْ يُقالَ: جَزاهُ عَمَلُهُ، وأصْلُهُ: جَزاهُ عَلى عَمَلِهِ أوْ جَزاهُ بِعَمَلِهِ.
والأوْفى: اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنَ الوَفاءِ وهو التَّمامُ والكَمالُ، والتَّفْضِيلُ مُسْتَعْمَلٌ هُنا في القُوَّةِ، ولَيْسَ المُرادُ تَفْضِيلَهُ عَلى غَيْرِهِ. والمَعْنى: أنَّ الجَزاءَ عَلى الفِعْلِ مِن حَسَنٍ أوْ سَيِّئٍ مُوافِقٌ لِلْمَجَزِيِّ عَلَيْهِ، قالَ تَعالى ﴿فَأمّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهم ويَزِيدُهم مِن فَضْلِهِ﴾ [النساء: ١٧٣] وقالَ ﴿وإنّا لَمُوَفُّوهم نَصِيبَهم غَيْرَ مَنقُوصٍ﴾ [هود: ١٠٩] وقالَ ﴿ووَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفّاهُ حِسابَهُ﴾ [النور: ٣٩] وقالَ ﴿فَإنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكم جَزاءً مَوْفُورًا﴾ [الإسراء: ٦٣] .
وانْتَصَبَ الجَزاءَ الأوْفى عَلى المَفْعُولِ المُطْلَقِ المُبَيِّنِ لِلنَّوْعِ.
وقَدْ حَكى اللَّهُ عَنْ إبْراهِيمَ ولا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ.
{"ayahs_start":40,"ayahs":["وَأَنَّ سَعۡیَهُۥ سَوۡفَ یُرَىٰ","ثُمَّ یُجۡزَىٰهُ ٱلۡجَزَاۤءَ ٱلۡأَوۡفَىٰ"],"ayah":"وَأَنَّ سَعۡیَهُۥ سَوۡفَ یُرَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق