الباحث القرآني
﴿إنَّ المُتَّقِينَ في جَنّاتٍ ونَعِيمٍ﴾ ﴿فاكِهِينَ بِما آتاهم رَبُّهم ووَقاهم رَبُّهم عَذابَ الجَحِيمِ﴾ ﴿كُلُوا واشْرَبُوا هَنِيئًا بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ .
اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ بَعْدَ أنْ ذَكَرَ حالَ المُكَذِّبِينَ وما يُقالُ لَهم، فَمِن شَأْنِ السّامِعِ أنْ يَتَساءَلَ عَنْ حالِ أضْدادِهِمْ وهُمُ الفَرِيقُ الَّذِينَ صَدَّقُوا الرَّسُولَ ﷺ فَما جاءَ بِهِ القُرْآنُ وخاصَّةً إذْ كانَ السّامِعُونَ المُؤْمِنِينَ، وعادَةُ القُرْآنِ تَعْقِيبُ الإنْذارِ بِالتَّبْشِيرِ وعَكْسِهِ، والجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ ما قَبْلَها وجُمْلَةِ ﴿أمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ﴾ [الطور: ٣٠] .
وتَأْكِيدُ الخَبَرِ بِ ”إنَّ“ لِلِاهْتِمامِ بِهِ. وتَنْكِيرُ ﴿جَنّاتٍ ونَعِيمٍ﴾ لِلتَّعْظِيمِ، أيْ: في أيَّةِ جَنّاتٍ وأيِّ نَعِيمٍ.
وجَمْعُ ”جَنّاتٍ“ تَقَدَّمَ في سُورَةِ الذّارِياتِ.
والفاكِهُ: وصْفٌ مِن فَكِهَ كَفَرِحَ، إذا طابَتْ نَفْسُهُ وسُرَّ.
(p-٤٦)وقَرَأ الجُمْهُورُ ”فاكِهِينَ“ عَلى صِيغَةِ اسْمِ الفاعِلِ، وقَرَأهُ أبُو جَعْفَرٍ (فَكِهِينَ) بِدُونِ ألِفٍ.
والباءُ في ﴿بِما آتاهم رَبُّهُمْ﴾ لِلسَّبَبِيَّةِ والمَعْنى: أنَّ رَبَّهم أرْضاهم بِما يُحِبُّونَ.
واسْتِحْضارُ الجَلالَةِ بِوَصْفِ رَبِّهِمْ لِلْإشارَةِ إلى عَظِيمِ ما آتاهم، إذِ العَطاءُ يُناسِبُ حالَ المُعْطِي، وفي إضافَةِ رَبٍّ إلى ضَمِيرِهِمْ تَقْرِيبٌ لَهم وتَعْظِيمٌ. وجُمْلَةُ ﴿ووَقاهم رَبُّهم عَذابَ الجَحِيمِ﴾ في مَوْضِعِ الحالِ، والواوُ حالِيَّةٌ، أوْ عاطِفَةٌ عَلى مُتَّكِئِينَ الَّذِي هو حالٌ، والتَّقْدِيرُ: وقَدْ وقاهم رَبُّهم عَذابَ الجَحِيمِ، وهو حالٌ مِنَ المُتَّقِينَ. والمَقْصُودُ مِن ذِكْرِ هَذِهِ الحالَةِ: إظْهارُ التَّبايُنِ بَيْنَ حالِ المُتَّقِينَ وحالِ المُكَذِّبِينَ زِيادَةً في الِامْتِنانِ، فَإنَّ النِّعْمَةَ تَزْدادُ - حُسْنَ وقْعٍ في النَّفْسِ - عِنْدَ مُلاحَظَةِ ضِدِّها.
وفِيهِ أيْضًا: أنَّ وِقايَتَهم عَذابَ الجَحِيمِ عَدْلٌ؛ لِأنَّهم لَمْ يَقْتَرِفُوا ما يُوجِبُ العِقابَ. وأمّا ما أُعْطُوهُ مِنَ النَّعِيمِ فَذَلِكَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ وإكْرامٌ مِنهُ لَهم.
وفِي قَوْلِهِ ”رَبُّهم“ ما تَقَدَّمَ قُبَيْلَهُ.
وجُمْلَةُ ﴿كُلُوا واشْرَبُوا﴾ إلى آخِرِها مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ في مَوْضِعِ الحالِ أيْضًا، تَقْدِيرُهُ: يُقالُ: لَهم، أوْ مَقُولًا لَهم. وهَذا القَوْلُ مُقابِلُ ما يُقالُ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴿اصْلَوْها فاصْبِرُوا أوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكم إنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: ١٦] .
وحَذْفُ مَفْعُولِ ﴿كُلُوا واشْرَبُوا﴾ لِإفادَةِ النَّعِيمِ، أيْ: كُلُوا ما يُؤْكَلُ واشْرَبُوا كُلَّ ما يُشْرَبُ، وهو عُمُومٌ عُرْفِيٌّ، أيْ: مِمّا تَشْتَهُونَ.
وهَنِيئًا: اسْمٌ عَلى وزْنِ فَعِيلٍ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، وقَعَ وصْفًا لِمَصْدَرَيْنِ لِفِعْلَيْ ﴿كُلُوا واشْرَبُوا﴾، أكْلًا وشُرْبًا، فَلِذَلِكَ لَمْ يُؤَنَّثِ الوَصْفُ؛ لِأنَّ فَعِيلًا إذا كانَ بِمَعْنى مَفْعُولٍ يَلْزَمُ الإفْرادَ والتَّذْكِيرَ. وتَقَدَّمَ في سُورَةِ النِّساءِ؛ لِأنَّهُ سالِمٌ مِمّا يُكَدِّرُ الطَّعامَ والشَّرابَ.
وما مَوْصُولَةٌ، والباءُ سَبَبِيَّةٌ، أيْ: بِسَبَبِ العَمَلِ الصّالِحِ الَّذِي يُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُهُ ”المُتَّقِينَ“ وفي هَذا القَوْلِ زِيادَةُ كَرامَةٍ لَهم (p-٤٧)بِإظْهارِ أنَّ ما أُتُوهُ مِنَ الكَرامَةِ عِوَضٌ عَنْ أعْمالِهِمْ كَما آذَنَتْ بِهِ باءُ السَّبَبِيَّةِ وهو نَحْوُ قَوْلِ مَن يُسْدِي نِعْمَةً إلى المُنْعَمِ عَلَيْهِ: لا فَضْلَ لِي عَلَيْكَ وإنَّما هو مالُكَ، أوْ نَحْوُ ذَلِكَ.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["إِنَّ ٱلۡمُتَّقِینَ فِی جَنَّـٰتࣲ وَنَعِیمࣲ","فَـٰكِهِینَ بِمَاۤ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ وَوَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِیمِ","كُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ هَنِیۤـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"كُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ هَنِیۤـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق