الباحث القرآني
﴿والطُّورِ﴾ ﴿وكِتابٍ مَسْطُورٍ﴾ ﴿فِي رَقٍّ مَنشُورٍ﴾ ﴿والبَيْتِ المَعْمُورِ﴾ ﴿والسَّقْفِ المَرْفُوعِ﴾ ﴿والبَحْرِ المَسْجُورِ﴾ ﴿إنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ﴾ ﴿ما لَهُ مِن دافِعٍ﴾ .
القَسَمُ لِلتَّأْكِيدِ وتَحْقِيقِ الوَعِيدِ، ومُناسَبَةِ الأُمُورِ المُقْسَمِ بِها لِلْمُقْسَمِ عَلَيْهِ أنَّ هَذِهِ الأشْياءَ المُقْسَمَ بِها مِن شِئُونِ بِعْثَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ إلى فِرْعَوْنَ وكانَ هَلاكُ فِرْعَوْنَ ومِن مَعَهُ مِن جَرّاءِ تَكْذِيبِهِمْ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ.
(p-٣٧)والطُّورِ: الجَبَلُ بِاللُّغَةِ السِّرْيانِيَّةِ قالَهُ مُجاهِدٌ. وأُدْخِلَ في العَرَبِيَّةِ وهو مِنَ الألْفاظِ المُعَرَّبَةِ الواقِعَةِ في القُرْآنِ.
وغُلِّبَ عَلَمًا عَلى طُورِ سَيْناءَ الَّذِي ناجى فِيهِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وأُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيهِ الألْواحُ المُشْتَمِلَةُ عَلى أُصُولِ شَرِيعَةِ التَّوْراةِ.
فالقَسَمُ بِهِ بِاعْتِبارِ شَرَفِهِ بِنُزُولِ كَلامِ اللَّهِ فِيهِ ونُزُولِ الألْواحِ عَلى مُوسى وفي ذِكْرِ الطُّورِ إشارَةٌ إلى تِلْكَ الألْواحِ لِأنَّها اشْتُهِرَتْ بِذَلِكَ الجَبَلِ فَسُمِّيَتْ (طُورٌ) المُعَرَّبُ بِتَوْراةٍ.
وأمّا الجَبَلُ الَّذِي خُوطِبَ فِيهِ مُوسى مِن جانِبِ اللَّهِ فَهو جَبَلُ حُورِيبَ، واسْمُهُ في العَرَبِيَّةِ (الزُّبَيْرُ) ولَعَلَّهُ بِجانِبِ الطُّورِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿آنَسَ مِن جانِبِ الطُّورِ نارًا﴾ [القصص: ٢٩]، وتَقَدَّمَ بَيانُهُ في سُورَةِ القَصَصِ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ورَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ [البقرة: ٦٣] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
والقَسَمُ بِالطُّورِ تَوْطِئَةً لِلْقَسَمِ بِالتَّوْراةِ الَّتِي أُنْزِلَ أوَّلُها عَلى مُوسى في جَبَلِ الطُّورِ.
والمُرادُ بِ ﴿كِتابٍ مَسْطُورٍ﴾ ﴿فِي رَقٍّ مَنشُورٍ﴾ التَّوْراةُ كُلُّها الَّتِي كَتَبَها مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَ نُزُولِ الألْواحِ، وضَمَّنَها كُلَّ ما أوْحى اللَّهُ إلَيْهِ مِمّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ في مُدَّةِ حَياتِهِ إلى ساعاتٍ قَلِيلَةٍ قَبْلَ وفاتِهِ. وهي الأسْفارُ الأرْبَعَةُ المَعْرُوفَةُ عِنْدَ اليَهُودِ: سِفْرُ التَّكْوِينِ، وسِفْرُ الخُرُوجِ، وسِفْرُ العَدَدِ، وسِفْرُ التَّثْنِيَةِ، وهي الَّتِي قالَ اللَّهُ تَعالى في شَأْنِها ﴿ولَمّا سَكَتَ عَنْ مُوسى الغَضَبُ أخَذَ الألْواحَ وفي نُسْخَتِها هُدًى ورَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هم لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٤] في سُورَةِ الأعْرافِ. وتَنْكِيرُ كِتابٍ لِلتَّعْظِيمِ. وإجْراءُ الوَصْفَيْنِ عَلَيْهِ لِتَمْيِزِهِ بِأنَّهُ كِتابٌ مُشَرَّفٌ مُرادٌ بَقاؤُهُ مَأْمُورٌ بِقِراءَتِهِ إذِ المَسْطُورُ هو المَكْتُوبُ.
والسَّطْرُ: كِتابَةٌ طَوِيلَةٌ؛ لِأنَّها تُجْعَلُ سُطُورًا، أيْ: صُفُوفًا مِنَ الكِتابَةِ قالَ تَعالى ﴿وما يَسْطُرُونَ﴾ [القلم: ١]، أيْ: يَكْتُبُونَ.
والرَّقُّ: (بِفَتْحِ الرّاءِ بَعْدَها قافٌ مُشَدَّدَةٌ) الصَّحِيفَةُ تُتَّخَذُ مِن جِلْدٍ مُرَقَّقٍ أبْيَضَ (p-٣٨)لِيُكْتَبَ عَلَيْهِ. وقَدْ جَمَعَها المُتَلَمِّسُ في قَوْلِهِ:
؎فَكَأنَّما هي مِن تَقادُمِ عَهْدِها رَقٌّ أُتِيحَ كِتابُها مَسْطُورُ
والمَنشُورُ: المَبْسُوطُ غَيْرُ المَطْوِيِّ قالَ يَزِيدُ ابْنُ الطَّثَرِيَّةِ:
؎صَحائِفُ عِنْدِي لِلْعِتابِ طَوَيْتُها ∗∗∗ سَتُنْشَرُ يَوْمًا ما والعِتابُ يَطُولُ، أيْ: أُقْسِمُ بِحالِ نَشْرِهِ لِقِراءَتِهِ وهي أشْرَفُ أحْوالِهِ؛ لِأنَّها حالَةُ حُصُولِ الِاهْتِداءِ بِهِ لِلْقارِئِ والسّامِعِ.
وكانَ اليَهُودُ يَكْتُبُونَ التَّوْراةَ في رَقْرُوقٍ مُلْصَقٍ بَعْضُها بِبَعْضٍ أوْ مُخَيَّطٍ بَعْضُها بِبَعْضٍ، فَتَصِيرُ قِطْعَةً واحِدَةً ويَطْوُونَها طَيًّا أُسْطُوانِيًّا لِتُحْفَظَ، فَإذا أرادُوا قِراءَتَها نَشَرُوا مَطْوِيَّها، ومِنهُ ما في حَدِيثِ الرَّجْمِ فَنَشَرُوا التَّوْراةَ.
ولَيْسَ مُرادٌ بِكِتابٍ مَسْطُورٍ القُرْآنَ؛ لِأنَّ القُرْآنَ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ مَكْتُوبًا سُطُورًا ولا هو مَكْتُوبًا في رَقٍّ.
ومُناسَبَةُ القَسَمِ بِالتَّوْراةِ أنَّها الكِتابُ المَوْجُودُ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الجَزاءِ وإبْطالُ الشِّرْكِ ولِلْإشارَةِ إلى أنَّ القُرْآنَ الَّذِي أنْكَرُوا أنَّهُ مِن عِنْدِ اللَّهِ لَيْسَ بِدْعًا فَنَزَلَتْ قَبْلَهُ التَّوْراةُ وذَلِكَ؛ لِأنَّ المُقْسَمَ عَلَيْهِ وُقُوعُ العَذابِ بِهِمْ وإنَّما هو جَزاءٌ عَلى تَكْذِيبِهِمُ القُرْآنَ ومَن جاءَ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذِكْرِ العَذابِ ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [الطور: ١١] ﴿الَّذِينَ هم في خَوْضٍ يَلْعَبُونَ﴾ [الطور: ١٢] .
والقَسَمُ بِالتَّوْراةِ يَقْتَضِي أنَّ التَّوْراةَ يَوْمَئِذٍ لَمْ يَكُنْ فِيها تَبْدِيلٌ لِما كَتَبَهُ مُوسى: فَإمّا أنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ ذَلِكَ عَلى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ في تَفْسِيرِ مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ﴾ [النساء: ٤٦] أنَّهُ تَحْرِيفٌ بِسُوءِ فَهْمٍ ولَيْسَ تَبْدِيلًا لِألْفاظِ التَّوْراةِ، وإمّا أنْ يَكُونَ تَأْوِيلُهُ أنَّ التَّحْرِيفَ وقَعَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ حِينَ ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ المُحَمَّدِيَّةُ وجَبَهَتِ اليَهُودَ دَلالَةُ مَواضِعَ مِنَ التَّوْراةِ عَلى صِفاتِ النَّبِيءِ مُحَمَّدٍ ﷺ، أوْ يَكُونَ تَأْوِيلُهُ بِأنَّ القَسَمَ بِما فِيهِ مِنَ الوَحْيِ الصَّحِيحِ.
”والبَيْتِ المَعْمُورِ“: عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ الكَعْبَةُ وهَذا الأنْسَبُ بِعَطْفِهِ عَلى الطُّورِ، (p-٣٩)ووَصْفِهِ بِ ﴿المَعْمُورِ﴾؛ لِأنَّهُ لا يَخْلُو مِن طائِفٍ بِهِ، وعُمْرانُ الكَعْبَةِ هو عُمْرانُها بِالطّائِفِينَ قالَ تَعالى ﴿إنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ١٨] الآيَةَ.
ومُناسَبَةُ القَسَمِ سَبْقُ القَسَمِ بِكِتابِ التَّوْراةِ فَعَقَّبَ ذَلِكَ بِالقَسَمِ بِمَواطِنِ نُزُولِ القُرْآنِ فَإنَّ ما نَزَلَ بِهِ مِنَ القُرْآنِ أُنْزِلَ بِمَكَّةَ وما حَوْلَها مِثْلَ جَبَلِ حِراءَ. وكانَ نُزُولُهُ شَرِيعَةً ناسِخَةً لِشَرِيعَةِ التَّوْراةِ، عَلى أنَّ الوَحْيَ كانَ يَنْزِلُ حَوْلَ الكَعْبَةِ. وفي حَدِيثِ الإسْراءِ «بَيْنا أنا نائِمٌ عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرامِ إذْ جاءَنِي المَلَكانِ» إلَخْ، فَيَكُونُ تَوْسِيطُ القَسَمِ بِالكَعْبَةِ في أثْناءِ ما قَسَمَ بِهِ مِن شُئُونِ شَرِيعَةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ إدْماجًا.
وفِي الطَّبَرِيِّ: أنَّ عَلِيًّا سُئِلَ: ما البَيْتُ المَعْمُورُ ؟ فَقالَ: بَيْتٌ في السَّماءِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إلَيْهِ أبَدًا، يُقالُ لَهُ: الضُّراحُ. بِضَمِ الضّادِ المُعْجَمَةِ وتَخْفِيفِ الرّاءِ وحاءٍ مُهْمَلَةٍ، وأنَّ مُجاهِدًا والضَّحّاكَ وابْنَ زَيْدٍ قالُوا مِثْلَ ذَلِكَ. وعَنْ قَتادَةَ أنَّ النَّبِيءَ ﷺ قالَ: «هَلْ تَدْرُونَ ما البَيْتُ المَعْمُورُ ؟ قالَ: فَإنَّهُ مَسْجِدٌ في السَّماءِ تَحْتَهُ الكَعْبَةُ» إلى آخَرِ الخَبَرِ. وثَمَّةَ أخْبارٌ كَثِيرَةٌ مُتَفاوِتَةٌ في أنَّ في السَّماءِ مَوْضِعًا يُقالُ لَهُ: البَيْتُ المَعْمُورُ، لَكِنَّ الرِّواياتِ في كَوْنِهِ المُرادَ مِن هَذِهِ الآيَةِ لَيْسَتْ صَرِيحَةً.
وأمّا ”السَّقْفِ المَرْفُوعِ“: فَفَسَّرُوهُ بِالسَّماءِ لِقَوْلِهِ تَعالى ﴿وجَعَلْنا السَّماءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: ٣٢] وقَوْلِهِ ﴿والسَّماءَ رَفَعَها﴾ [الرحمن: ٧] فالرَّفْعُ حَقِيقِيٌّ ومُناسَبَةُ القَسَمِ بِها أنَّها مَصْدَرُ الوَحْيِ كُلِّهِ التَّوْراةِ والقُرْآنِ. وتَسْمِيَةُ السَّماءِ عَلى طَرِيقَةِ التَّشْبِيهِ البَلِيغِ.
”والبَحْرِ“: يَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ البَحْرُ المُحِيطُ بِالكُرَةِ الأرْضِيَّةِ. وعِنْدِي: أنَّ المُرادَ بَحْرُ القَلْزَمِ، وهو البَحْرُ الأحْمَرُ ومُناسَبَةُ القَسَمِ بِهِ أنَّهُ أُهْلِكَ بِهِ فِرْعَوْنُ وقَوْمُهُ حِينَ دَخَلَهُ مُوسى وبَنُو إسْرائِيلَ فَلَحِقَ بِهِمْ فِرْعَوْنُ.
و”المَسْجُورِ“: قِيلَ المَمْلُوءُ، مُشْتَقًّا مِنَ السَّجْرِ وهو المِلْءُ والإمْدادُ. فَهو صِفَةٌ كاشِفَةٌ قُصِدَ مِنها التَّذْكِيرُ بِحالِ خَلْقِ اللَّهِ إيّاهُ مَمْلُوءًا ماءً دُونَ أنْ تَمْلَأهُ أوْدِيَةٌ أوْ سُيُولٌ، أوْ هي لِلِاحْتِرازِ عَنْ إرادَةِ الوادِي إذِ الوادِي يَنْقُصُ فَلا يَبْقى عَلى مِلْئِهِ، وذَلِكَ دالٌّ عَلى عِظَمِ القُدْرَةِ. والظّاهِرُ عِنْدِي: أنَّ وصْفَهُ بِالمَسْجُورِ لِلْإيماءِ إلى (p-٤٠)الحالَةُ الَّتِي كانَ بِها هَلاكُ فِرْعَوْنَ بَعْدَ أنْ فَرَقَ اللَّهُ البَحْرَ لِمُوسى وبَنِي إسْرائِيلَ ثُمَّ أسْجَرَهُ، أيْ: أفاضَهُ عَلى فِرْعَوْنَ ومَلَئِهِ.
وعَذابُ اللَّهِ المُقْسَمُ عَلى وُقُوعِهِ وهو عَذابُ الآخِرَةِ لِقَوْلِهِ ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْرًا﴾ [الطور: ٩] إلى قَوْلِهِ ”تُكَذِّبُونَ“ . وأمّا عَذابُ المُكَذِّبِينَ في الدُّنْيا فَسَيَجِيءُ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذابًا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الطور: ٤٧] . وتَحْقِيقُ وُقُوعِ عَذابِ اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ إثْباتٌ لِلْبَعْثِ بِطَرِيقَةِ الكِنايَةِ القَرِيبَةِ، وتَهْدِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِطَرِيقَةِ الكِنايَةِ التَّعْرِيضِيَّةِ.
والواواتُ الَّتِي في هَذِهِ الآيَةِ واواتُ قَسَمٍ؛ لِأنَّ شَأْنَ القَسَمِ أنْ يُعادَ ويُكَرَّرَ، ولِذَلِكَ كَثِيرًا ما يُعِيدُونَ المُقْسَمَ بِهِ نَحْوَ قَوْلِ النّابِغَةِ: واللَّهِ واللَّهِ لَنِعْمَ الفَتى وإنَّما يَعْطِفُونَ بِالفاءِ إذا أرادُوا صِفاتِ المُقْسَمِ بِهِ.
ويَجُوزُ صَرْفُ الواوِ الأُولى لِلْقَسَمِ واللّاتِي بَعْدَها عاطِفاتٌ عَلى القَسَمِ، والمَعْطُوفُ عَلى القَسَمِ قَسَمٌ.
والوُقُوعُ: أصْلُهُ النُّزُولُ مِن عُلُوٍّ واسْتُعْمِلَ مَجازًا لِلتَّحَقُّقِ وشاعَ ذَلِكَ، فالمَعْنى: أنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَمُتَحَقِّقٌ.
وحُذِفَ مُتَعَلِّقُ ”لَواقِعٌ“، وتَقْدِيرُهُ: عَلى المُكَذِّبِينَ، أوْ بِالمُكَذِّبِينَ، كَما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [الطور: ١١]، أيْ: المُكَذِّبِينَ بِكَ بِقَرِينَةِ إضافَةِ رَبٍّ إلى ضَمِيرِ المُخاطَبِ المُشْعِرِ بِأنَّهُ مُعَذِّبُهم؛ لِأنَّهُ رَبُّكَ وهم كَذَّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبُوا رِسالَةَ الرَّبِّ. وتَضَمَّنَ قَوْلُهُ ﴿إنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ﴾ إثْباتَ البَعْثِ بَعْدَ كَوْنِ الكَلامِ وعِيدًا لَهم عَلى إنْكارِهِمْ أنْ يَكُونُوا مُعَذَّبِينَ.
وأتْبَعَ قَوْلَهُ ”لَواقِعٌ بِقَوْلِهِ ﴿ما لَهُ مِن دافِعٍ﴾، وهو خَبَرٌ ثانٍ عَنْ عَذابٍ أوْ حالٌ مِنهُ، أيْ: ما لِلْعَذابِ دافِعٌ يَدْفَعُهُ عَنْهم.
والدَّفْعُ: إبْعادُ الشَّيْءِ عَنْ شَيْءٍ بِاليَدِ وأُطْلِقَ هُنا عَلى الوِقايَةِ مَجازًا بِعَلاقَةِ (p-٤١)الإطْلاقِ ألّا يَقِيَهم مِن عَذابِ اللَّهِ أحَدٌ بِشَفاعَةٍ أوْ مُعارَضَةٍ.
وزِيدَتْ“ مِن " في النَّفْيِ لِتَحْقِيقِ عُمُومِ النَّفْيِ وشُمُولِهِ، أيْ: نَفْيُ جِنْسِ الدّافِعِ.
رَوى أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ «عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قالَ: قَدِمْتُ المَدِينَةَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِأُكَلِّمَهُ في أسارى بَدْرٍ فَدُفِعْتُ إلَيْهِ وهو يُصَلِّي بِأصْحابِهِ صَلاةَ المَغْرِبِ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ (والطُّورِ) إلى ﴿إنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ﴾ ﴿ما لَهُ مِن دافِعٍ﴾ فَكَأنَّما صُدِعَ قَلْبِي، وفي رِوايَةٍ: فَأسْلَمْتُ خَوْفًا مِن نُزُولِ العَذابِ وما كُنْتُ أظُنُّ أنْ أقْوَمَ مِن مَقامِي حَتّى يَقَعَ بِيَ العَذابُ» .
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلطُّورِ","وَكِتَـٰبࣲ مَّسۡطُورࣲ","فِی رَقࣲّ مَّنشُورࣲ","وَٱلۡبَیۡتِ ٱلۡمَعۡمُورِ","وَٱلسَّقۡفِ ٱلۡمَرۡفُوعِ","وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ","إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَ ٰقِعࣱ","مَّا لَهُۥ مِن دَافِعࣲ"],"ayah":"وَٱلطُّورِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق