الباحث القرآني
﴿وقالَ قَرِينُهُ هَذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾
الواوُ واوُ الحالِ والجُمْلَةُ حالٌ مِن تاءِ الخِطابِ في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ كُنْتَ في غَفْلَةٍ مِن هَذا﴾ [ق: ٢٢] (p-٣١٠)أيْ يُوَبَّخُ عِنْدَ مُشاهَدَةِ العَذابِ بِكَلِمَةِ ﴿لَقَدْ كُنْتَ في غَفْلَةٍ مِن هَذا﴾ [ق: ٢٢]، في حالِ قَوْلِ قَرِينِهِ ﴿هَذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ .
وهاءُ الغائِبِ في قَوْلِهِ ”قَرِينِهِ“ عائِدَةٌ إلى كُلِّ نَفْسٍ أوْ إلى الإنْسانِ.
”وقَرِينُ“ ”فَعِيلُ“ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، أيْ مَقْرُونٌ إلى غَيْرِهِ. وكَأنَّ فِعْلَ قَرَنَ مُشْتَقٌّ مِنَ القَرَنِ بِالتَّحْرِيكِ وهو الحَبْلُ وكانُوا يَقْرِنُونَ البَعِيرَ بِمِثْلِهِ لِوَضْعِ الهَوْدَجِ، فاسْتُعِيرَ القَرِينُ لِلْمُلازِمِ. وهَذا لَيْسَ بِالتِفاتٍ إذْ لَيْسَ هو تَغْيِيرَ ضَمِيرٍ ولَكِنَّهُ تَعْيِينُ أُسْلُوبِ الكَلامِ وأُعِيدَ عَلَيْهِ ضَمِيرُ الغائِبِ المُفْرَدِ بِاعْتِبارِ مَعْنى نَفْسٍ أيْ شَخْصٍ، أوْ غَلَبَ التَّذْكِيرُ عَلى التَّأْنِيثِ.
واسْمُ الإشارَةِ في قَوْلِهِ ”هَذا ما لَدَيَّ“ إلَخْ، يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ ﴿ما لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ .
و(ما) في قَوْلِهِ ”ما لَدَيَّ“ مَوْصُولَةٌ بَدَلٌ مِنِ اسْمِ الإشارَةِ. و”لَدَيَّ“ صِلَةٌ، و”عَتِيدٌ“ خَبَرٌ عَنِ اسْمِ الإشارَةِ.
واخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في المُرادِ بِالقَرِينِ في هَذِهِ الآيَةِ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ: فَقالَ قَتادَةُ والحَسَنُ والضَّحّاكُ وابْنُ زَيْدٍ ومُجاهِدٌ في أحَدِ قَوْلَيْهِ: هو المَلَكُ المُوَكَّلُ بِالإنْسانِ الَّذِي يَسُوقُهُ إلى المَحْشَرِ أيْ هو السّائِقُ الشَّهِيدُ. وهَذا يَقْتَضِي أنْ يَكُونَ القَرِينُ في قَوْلِهِ الآتِي ﴿قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أطْغَيْتُهُ﴾ [ق: ٢٧] بِمَعْنًى غَيْرِ مَعْنى القَرِينِ في قَوْلِهِ: ﴿وقالَ قَرِينُهُ هَذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ .
وعَنْ مُجاهِدٍ أيْضًا: أنَّ القَرِينَ شَيْطانُ الكافِرِ الَّذِي كانَ يُزَيِّنُ لَهُ الكُفْرَ في الدُّنْيا أيِ الَّذِي ورَدَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وقَيَّضْنا لَهم قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهم ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ﴾ [فصلت: ٢٥] .
وعَنِ ابْنِ زَيْدٍ أيْضًا: أنْ قَرِينَهُ صاحِبُهُ مِنَ الإنْسِ، أيِ الَّذِي كانَ قَرِينَهُ في الدُّنْيا.
وعَلى الِاخْتِلافِ في المُرادِ بِالقَرِينِ يَخْتَلِفُ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: ﴿هَذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ فَإنْ كانَ القَرِينُ المَلَكَ كانْتِ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ هَذا إلى العَذابِ المُوكَّلِ بِهِ ذَلِكَ المَلَكُ؛ وإنْ كانَ القَرِينُ شَيْطانًا أوْ إنْسانًا كانَتِ الإشارَةُ مُحْتَمَلَةً لِأنَ تَعُودَ إلى العَذابِ كَما في الوَجْهِ الأوَّلِ، أوْ أنْ تَعُودَ إلى مَعادِ ضَمِيرِ الغَيْبَةِ في قَوْلِهِ ”قَرِينُهُ“ (p-٣١١)وهُوَ في نَفْسِ الكافِرِ، أيْ هَذا الَّذِي مَعِي، فَيَكُونُ لَدَيَّ بِمَعْنى: مَعِي، إذْ لا يَخْلُو أحَدٌ مِن صاحِبٍ يَأْنَسُ بِمُحادَثَتِهِ والمُرادُ بِهِ قَرِينُ الشِّرْكِ المُماثِلِ.
وقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ مَن كانَ قَرِينًا لِلْمُؤْمِنِ مِنَ المُشْرِكِينَ واخْتِلافَ حالَيْهِما يَوْمَ الجَزاءِ بِقَوْلِهِ ﴿قالَ قائِلٌ مِنهم إنِّي كانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أئِنَّكَ لَمِنَ المُصَدِّقِينَ﴾ [الصافات: ٥١] الآيَةُ في سُورَةِ الصّافّاتِ. وقَوْلُ القَرِينِ ﴿هَذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ مُسْتَعْمَلٌ في التَّلَهُّفِ والتَّحَسُّرِ والإشْفاقِ، لِأنَّهُ لَمّا رَأى ما بِهِ العَذابَ عَلِمَ أنَّهُ قَدْ هُيِّئَ لَهُ، أوْ لَمّا رَأى ما قَدَّمَ إلَيْهِ قَرِينُهُ عَلِمَ أنَّهُ لاحِقٌ عَلى أثَرِهِ كَقِصَّةِ الثَّوْرَيْنِ الأبْيَضِ والأحْمَرِ اللَّذَيْنِ اسْتَعانَ الأسَدُ بِالأحْمَرِ مِنهُما عَلى أكْلِ الثَّوْرِ الأبْيَضِ ثُمَّ جاءَ الأسَدُ بَعْدَ يَوْمٍ لِيَأْكُلَ الثَّوْرَ الأحْمَرَ فَعَلا الأحْمَرُ رَبْوَةً وصاحَ: ألا إنَّما أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأبْيَضُ.
وتَقَدَّمَ مَعْنى ”عَتِيدٌ“ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٨]، وهو هُنا مُتَعَيِّنٌ لِلْمَعْنى الَّذِي فَسَّرَ عَلَيْهِ المُفَسِّرُونَ، أيْ مُعَدٌّ ومُهَيَّأٌ.
{"ayah":"وَقَالَ قَرِینُهُۥ هَـٰذَا مَا لَدَیَّ عَتِیدٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق