الباحث القرآني

﴿ويَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلى النّارِ ألَيْسَ هَذا بِالحَقِّ قالُوا بَلى ورَبِّنا قالَ فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ مَوْقِعُ هَذا الكَلامِ أنَّ عَرْضَ المُشْرِكِينَ عَلى النّارِ مِن آثارِ الجَزاءِ الواقِعِ بَعْدَ البَعْثِ، فَلَمّا ذَكَرَ في الآيَةِ الَّتِي قَبْلَها الِاسْتِدْلالَ عَلى إمْكانِ البَعْثِ، أعْقَبَ بِما (p-٦٦)يَحْصُلُ لَهم يَوْمَ البَعْثِ جَمْعًا بَيْنَ الِاسْتِدْلالِ والإنْذارِ، وذَكَرَ مِن ذَلِكَ ما يُقالُ لَهم مِمّا لا مَندُوحَةَ لَهم عَنْ الِاعْتِرافِ بِخَطَئِهِمْ جَمْعًا بَيْنَ ما رَدَّ بِهِ في الدُّنْيا مِن قَوْلِهِ ”قالُوا“ وما يَرُدُّونَ في عِلْمِ أنْفُسِهِمْ يَوْمَ الجَزاءِ بِقَوْلِهِمْ بَلى ورَبِّنا. والجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ﴾ [الأحقاف: ٣٣] إلَخْ. وأوَّلُ الجُمْلَةِ المَعْطُوفَةِ قَوْلُهُ ﴿ألَيْسَ هَذا بِالحَقِّ﴾ لِأنَّهُ مَقُولُ فِعْلِ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: ويُقالُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا يَوْمَ يُعْرَضُونَ عَلى النّارِ. وتَقْدِيمُ الظَّرْفِ عَلى عامِلِهِ لِلِاهْتِمامِ بِذِكْرِ ذَلِكَ اليَوْمِ لِزِيادَةِ تَقْرِيرِهِ في الأذْهانِ. وذِكْرُ الَّذِينَ كَفَرُوا إظْهارٌ في مَقامِ الإضْمارِ لِلْإيماءِ بِالمَوْصُولِ إلى عِلَّةِ بِناءِ الخَبَرِ، أيْ يُقالُ لَهم ذَلِكَ لِأنَّهم كَفَرُوا. والإشارَةُ إلى عَذابِ النّارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ﴿قالَ فَذُوقُوا العَذابَ﴾ . والحَقُّ: الثّابِتُ. والِاسْتِفْهامُ تَقْرِيرِيٌّ وتَنْدِيمٌ عَلى ما كانُوا يَزْعُمُونَ أنَّ الجَزاءَ باطِلٌ وكَذِبٌ، وقالُوا وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ، وإنَّما أقْسَمُوا عَلى كَلامِهِمْ بِقَسَمِ ”ورَبِّنا“ قَسَمًا مُسْتَعْمَلًا في النَّدامَةِ والتَّغْلِيطِ لِأنْفُسِهِمْ وجَعَلُوا المُقْسَمَ بِهِ بِعُنْوانِ الرَّبِّ تَحَنُّنًا وتَخَضُّعًا. وفَرَّعَ عَلى إقْرارِهِمْ فَذُوقُوا العَذابَ. والذَّوْقُ مَجازٌ في الإحْساسِ. والأمْرُ مُسْتَعْمَلٌ في الإهانَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب