الباحث القرآني
﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْنًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كَرْهًا ووَضَعَتْهُ كَرْهًا وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾
تَطَلَّبَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ وجْهَ مُناسِبَةِ وُقُوعِ هَذِهِ الآيَةِ عَقِبَ الَّتِي قَبْلَها، وذَكَرَ القُرْطُبِيُّ عَنِ القُشَيْرِيِّ أنَّ وجْهَ اتِّصالِ الكَلامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ أنَّ المَقْصُودَ بَيانُ أنَّهُ لا يَبْعُدُ أنْ يَسْتَجِيبَ بَعْضُ النّاسِ لِلنَّبِيءِ ﷺ ويَكْفُرُ بِهِ بَعْضُهم كَما اخْتَلَفَ حالُ النّاسِ مَعَ الوالِدَيْنِ. وقالَ ابْنُ عَساكِرَ: لَمّا ذَكَرَ اللَّهُ التَّوْحِيدَ والِاسْتِقامَةَ عَطَفَ الوَصِيَّةَ بِالوالِدَيْنِ كَما هو مَقْرُونٌ في غَيْرِ ما آيَةٍ مِنَ القُرْآنِ. وكِلا هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ غَيْرُ مُقْنِعٍ في وجْهِ الِاتِّصالِ.
ووَجْهُ الِاتِّصالِ عِنْدِي أنَّ هَذا الِانْتِقالَ إلى قَوْلٍ آخَرَ مِن أقْوالِ المُشْرِكِينَ وهو كَلامُهم في إنْكارِ البَعْثِ وجِدالِهِمْ فِيهِ فَإنَّ ذَلِكَ مِن أُصُولِ كُفْرِهِمْ بِمَحَلِّ القَصْدِ، مِن هَذِهِ الآياتِ قَوْلُهُ ﴿والَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما﴾ [الأحقاف: ١٧] إلى قَوْلِهِ خاسِرِينَ.
وصِيغَ هَذا في أُسْلُوبِ قِصَّةِ جِدالٍ بَيْنَ والِدَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ ووَلَدٍ كافِرٍ، وقِصَّةِ جِدالٍ بَيْنَ ولَدٍ مُؤْمِنٍ ووالِدَيْنِ كافِرَيْنِ لِأنَّ لِذَلِكَ الأُسْلُوبِ وقْعًا في أنْفُسِ السّامِعِينَ مَعَ ما رُوِيَ إنَّ ذَلِكَ إشارَةٌ إلى جِدالٍ جَرى بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَبْلَ إسْلامِهِ وبَيْنَ والِدَيْهِ كَما سَيَأْتِي. ولِذَلِكَ تَعَيَّنَ أنْ يَكُونَ ما قَبْلَهُ تَوْطِئَةً وتَمْهِيدًا لِذِكْرِ هَذا الجِدالِ.
وقَدْ رَوى الواحِدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ قَوْلَهُ ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْنًا إلى قَوْلِهِ يُوعَدُونَ نَزَلَ في أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وغَيْرُ واحِدٍ: نَزَلَتْ في (p-٢٩)أبِي بَكْرٍ وأبِيهِ أبِي قُحافَةَ وأُمِّهِ أُمِّ الخَيْرِ أسْلَمَ أبَواهُ جَمِيعًا.
وقَدْ تَكَرَّرَتِ الوِصايَةُ بِبِرِّ الوالِدَيْنِ في القُرْآنِ وحَرَّضَ عَلَيْها النَّبِيءُ ﷺ في مَواطِنَ عَدِيدَةٍ فَكانَ البِرُّ بِالوالِدَيْنِ أجْلى مَظْهَرًا في هَذِهِ الأُمَّةِ مِنهُ في غَيْرِها وكانَ مِن بَرَكاتِ أهْلِها بِحَيْثُ لَمْ يَبْلُغُ بِرُّ الوالِدَيْنِ مَبْلَغًا في أُمَّةٍ مَبْلَغَهُ في المُسْلِمِينَ.
وتَقَدَّمَ ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ [العنكبوت: ٨] في سُورَةِ العَنْكَبُوتِ.
والمُرادُ بِالإنْسانِ الجِنْسُ، أيْ وصَّيْنا النّاسَ وهو مُرادٌ بِهِ خُصُوصُ النّاسِ الَّذِينَ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ بِوَصايا اللَّهِ والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وذَلِكَ هو المُناسِبُ لِقَوْلِهِ في آخِرِها (﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يُتَقَبَّلُ عَنْهم أحْسَنُ ما عَمِلُوا﴾ [الأحقاف: ١٦]) الآيَةَ.
وكَذَلِكَ هو فِيما ورَدَ مِنَ الآياتِ في هَذا الغَرَضِ كَما في سُورَةِ العَنْكَبُوتِ وفي سُورَةِ لُقْمانَ بِصِيغَةٍ واحِدَةٍ.
والحُسْنُ: مَصْدَرُ حَسُنَ، أيْ وصَّيْناهُ بِحُسْنِ المُعامَلَةِ. وقَرَأهُ الجُمْهُورُ كَذَلِكَ. وقَرَأهُ عاصِمٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ (إحْسانًا) . والنَّصْبُ عَلى القِراءَتَيْنِ إمّا بِنَزْعِ الخافِضِ وهو الباءُ وإمّا بِتَضْمِينِ وصَّيْنا مَعْنى: ألْزَمْنا.
والكُرْهُ: بِفَتْحِ الكافِ وبِضَمِّها مَصْدَرُ أكْرَهُ، إذا امْتَعَضَ مِن شَيْءٍ، أيْ كانَ حَمْلُهُ مَكْرُوهًا لَهُ، أيْ حالَةَ حَمْلِهِ ووِلادَتِهِ لِذَلِكَ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ ”كَرْهًا“ في المَوْضِعَيْنِ بِفَتْحِ الكافِ. وقَرَأهُ عاصِمُ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وابْنُ ذِكْوانَ عَنِ ابْنِ عامِرٍ ويَعْقُوبُ بِضَمِّ الكافِ في المَوْضِعَيْنِ. وانْتَصَبَ ”كَرْهًا“ عَلى الحالِ، أيْ كارِهَةً أوْ ذاتَ كُرْهٍ.
والمَعْنى: أنَّها حَمَلَتْهُ في بَطْنِها مُتْعَبَةً مِن حَمْلِهِ تَعَبًا يَجْعَلُها كارِهَةً لِأحْوالِ ذَلِكَ الحَمْلِ.
ووَضَعَتْهُ بِأوْجاعٍ وآلامٍ جَعَلَتْها كارِهَةً لِوَضْعِهِ. وفي ذَلِكَ الحَمْلِ والوَضْعِ فائِدَةٌ لَهُ هي فائِدَةُ وُجُودِهِ الَّذِي هو كَمالُ حالِ المُمْكِنِ وما تَرَتَّبَ عَلى وُجُودِهِ مِنَ الإيمانِ والعَمَلِ الصّالِحِ الَّذِي بِهِ حُصُولُ النِّعَمِ الخالِدَةِ.
وأُشِيرَ إلى ما بَعْدَ الحَمْلِ مِن إرْضاعِهِ الَّذِي بِهِ عِلاجُ حَياتِهِ ودَفْعُ ألَمِ الجُوعِ عَنْهُ (p-٣٠)وهُوَ عَمَلٌ شاقٌّ لِأُمِّهِ فَذُكِرَتْ مُدَّةُ الحَمْلِ والإرْضاعِ لِأنَّها لِطُولِها تَسْتَدْعِي صَبْرَ الأُمِّ عَلى تَحَمُّلِ كُلْفَةِ الجَنِينِ والرَّضِيعِ.
والفِصالُ: الفِطامُ، وذُكِرَ الفِصالُ لِأنَّهُ انْتِهاءُ مُدَّةِ الرِّضاعِ فَذَكَرَ مَبْدَأ مُدَّةِ الحَمْلِ بِقَوْلِهِ ”وحَمْلُهُ“ وانْتِهاءَ الرِّضاعِ بِقَوْلِهِ ”وفِصالُهُ“ . والمَعْنى: وحَمْلُهُ وفِصالُهُ بَيْنَهُما ثَلاثُونَ شَهْرًا.
وقَرَأ يَعْقُوبُ ”وفَصْلُهُ“ بِسُكُونِ الصّادِ، أيْ فَصْلُهُ عَنِ الرَّضاعَةِ بِقَرِينَةِ المَقامِ.
ومِن بَدِيعِ مَعْنى الآيَةِ جَمْعُ مُدَّةِ الحَمْلِ إلى الفِصالِ في ثَلاثِينَ شَهْرًا لِتُطابِقَ مُخْتَلَفَ مُدَدِ الحَمْلِ إذْ قَدْ يَكُونُ الحَمْلُ سِتَّةَ أشْهُرٍ وسَبْعَةَ أشْهُرٍ وثَمانِيَةَ أشْهُرٍ وتِسْعَةً وهو الغالِبُ، قِيلَ: كانُوا إذا كانَ حَمْلُ المَرْأةِ تِسْعَةَ أشْهُرٍ وهو الغالِبُ أرْضَعَتِ المَوْلُودَ أحَدَ وعِشْرِينَ شَهْرًا، وإذا كانَ الحَمْلُ ثَمانِيَةَ أشْهُرٍ أرْضَعَتِ اثْنَيْنِ وعِشْرِينَ شَهْرًا، وإذا كانَ الحَمْلُ سَبْعَةَ أشْهُرٍ أرْضَعَتْ ثَلاثَةً وعِشْرِينَ شَهْرًا، وإذا كانَ الحَمْلُ سِتَّةَ أشْهُرٍ أرْضَعَتْ أرْبَعَةً وعِشْرِينَ شَهْرًا، وذَلِكَ أقْصى أمَدُ الإرْضاعِ فَعَوَّضُوا عَنْ نَقْصِ كُلِّ شَهْرٍ مِن مُدَّةِ الحَمْلِ شَهْرًا زائِدًا في الإرْضاعِ لِأنَّ نُقْصانَ مُدَّةِ الحَمْلِ يُؤَثِّرُ في الطِّفْلِ هُزالًا.
ومِن بَدِيعِ هَذا الطَّيِّ في الآيَةِ أنَّها صالِحَةٌ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّ مُدَّةَ الحَمْلِ قَدْ تَكُونُ دُونَ تِسْعَةِ أشْهُرٍ ولَوْلا أنَّها تَكُونُ دُونَ تِسْعَةِ أشْهُرٍ لَحَدَّدَتْهُ بِتِسْعَةِ أشْهُرٍ لِأنَّ الغَرَضَ إظْهارُ حَقِّ الأُمِّ في البِرِّ بِما تَحَمَّلَتْهُ مِن مَشَقَّةِ الحَمْلِ فَإنَّ مَشَقَّةَ مُدَّةِ الحَمْلِ أشَدُّ مِن مَشَقَّةِ الإرْضاعِ فَلَوْلا قَصْدُ الإيماءِ إلى هَذِهِ الدَّلالَةِ لَكانَ التَّحْدِيدُ بِتِسْعَةِ أشْهُرٍ أجْدَرَ بِالمَقامِ.
وقَدْ جَعَلَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذِهِ الآيَةَ مَعَ آيَةِ سُورَةِ البَقَرَةِ ﴿والوالِداتُ يُرْضِعْنَ أوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] دَلِيلًا عَلى أنَّ الوَضْعَ قَدْ يَكُونُ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ، ونُسِبَ مِثْلُهُ إلى ابْنِ عَبّاسٍ. ورَوَوْا عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الجُهَنِيِّ قالَ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنّا امْرَأةً مِن جُهَيْنَةَ فَوَلَدَتْ لِتَمامِ سِتَّةِ أشْهُرٍ فانْطَلَقَ زَوْجُها إلى عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ فَذَكَرَ لَهُ فَبَعَثَ إلَيْها عُثْمانُ، فَلَمّا أُتِيَ بِها أمَرَ بِرَجْمِها فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا (p-٣١)فَأتاهُ فَقالَ: أما تَقْرَأُ القُرْآنَ قالَ: بَلى. أما سَمِعْتَ قَوْلَهُ وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا، وقالَ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ فَلَمْ نَجِدْهُ بَقِيَ إلّا سِتَّةَ أشْهُرٍ. فَرَجَعَ عُثْمانُ إلى ذَلِكَ وهو اسْتِدْلالٌ بُنِيَ عَلى اعْتِبارِ أنَّ شُمُولَ الصُّوَرِ النّادِرَةِ الَّتِي يَحْتَمِلُها لَفْظُ القُرْآنِ هو اللّائِقُ بِكَلامِ عَلّامِ الغُيُوبِ الَّذِي أنْزَلَهُ تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ مِن مِثْلِ هَذا.
وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى أحْكامِ الحَمْلِ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
* * *
﴿حَتّى إذا بَلَغَ أشُدَّهُ وبَلَغَ أرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أوْزِعْنِيَ أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلى والِدَيَّ وأنْ أعْمَلَ صالِحًا تَرْضاهُ وأصْلِحْ لِي في ذُرِّيَّتِي إنِّي تُبْتُ إلَيْكَ وإنِّي مِنَ المُسْلِمِينَ﴾
(حَتّى) ابْتِدائِيَّةٌ ومَعْناها مَعْنى فاءُ التَّفْرِيعِ عَلى الكَلامِ المُتَقَدِّمِ، وإذْ كانَتْ (حَتّى) لا يُفارِقُها مَعْنى الغايَةِ كانَتْ مُؤْذِنَةً هُنا بِأنَّ الإنْسانَ تَدَرَّجَ في أطْوارِهِ مِن وقْتِ فِصالِهِ إلى أنْ بَلَغَ أشُدَّهُ، أيْ هو مُوصًى بِوالِدَيْهِ حُسْنًا في الأطْوارِ المُوالِيَةِ لِفِصالِهِ، أيْ يُوصِيهِ ولِيُّهُ في أطْوارِ طُفُولَتِهِ ثُمَّ عَلَيْهِ مُراعاةُ وصِيَّةِ اللَّهِ في وقْتِ تَكْلِيفِهِ.
ووُقُوعُ (إذا) بَعْدَ (حَتّى) لِيُرَتَّبَ عَلَيْها تَوْقِيتُ ما بَعْدَ الغايَةِ مِنَ الخَبَرِ، أيْ كانَتِ الغايَةُ وقْتَ بُلُوغِهِ الأشُدَّ، وقَدْ تَقَدَّمَتْ نَظائِرُ ذَلِكَ قَرِيبًا وبَعِيدًا مِنها قَوْلُهُ - تَعالى - ﴿حَتّى إذا فَشِلْتُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٢] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ.
ولَمّا كانَ (إذا) ظَرْفًا لِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ كانَ الفِعْلُ الماضِي بَعْدَها مُنْقَلِبًا إلى الِاسْتِقْبالِ، وإنَّما صِيغَ بِصِيغَةِ الماضِي تَشْبِيهًا لِلْمُؤَكَّدِ تَحْصِيلُهُ بِالواقِعِ، فَهو اسْتِعارَةٌ.
و(إذا) تَجْرِيدٌ لِلِاسْتِعارَةِ، والمَعْنى: حَتّى يَبْلُغَ أشُدَّهُ، أيْ يَسْتَمِرَّ عَلى الإحْسانِ إلَيْهِما إلى أنْ يَبْلُغَ أشُدَّهُ فَإذا بَلَغَهُ ﴿قالَ رَبِّ أوْزِعْنِي﴾، أيْ طَلَبَ العَوْنَ مِنَ اللَّهِ عَلى زِيادَةِ الإحْسانِ إلَيْهِما بِأنْ يُلْهِمَهُ الشُّكْرَ عَلى نِعَمِهِ عَلَيْهِ وعَلى والِدَيْهِ.
ومِن جُمْلَةِ النِّعَمِ عَلَيْهِ أنْ ألْهَمَهُ الإحْسانَ لِوالِدَيْهِ.
(p-٣٢)ومِن جُمْلَةِ نِعَمِهِ عَلى والِدَيْهِ أنْ سَخَّرَ لَهُما هَذا الوَلَدَ لِيُحْسِنَ إلَيْهِما، فَهاتانِ النِّعْمَتانِ أوَّلُ ما يَتَبادَرُ عَنْ عُمُومِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وعَلى والِدَيْهِ لِأنَّ المَقامَ لِلْحَدِيثِ عَنْهُما.
وهَذا إشارَةٌ إلى أنَّ الفِعْلَ المُؤَقَّتَ بِبُلُوغِ الأشُدِّ وهو فِعْلُ ﴿قالَ رَبِّ أوْزِعْنِي﴾ مِن جُمْلَةِ ما وُصِّيَ بِهِ الإنْسانُ، أيْ أنْ يُحْسِنَ إلى والِدَيْهِ في وقْتِ بُلُوغِهِ الأشُدَّ. فالمَعْنى: ووَصَّيْنا الإنْسانَ حُسْنًا بِوالِدَيْهِ حَتّى في زَمَنِ بُلُوغِهِ الأشُدَّ، أيْ أنْ لا يَفْتُرَ عَنِ الإحْسانِ إلَيْهِما بِكُلِّ وجْهٍ حَتّى بِالدُّعاءِ لَهُما.
وإنَّما خَصَّ زَمانَ بُلُوغِهِ الأشُدَّ لِأنَّهُ زَمَنٌ يَكْثُرُ فِيهِ التَّكَلُّفُ بِالسَّعْيِ لِلرِّزْقِ إذْ يَكُونُ لَهُ فِيهِ زَوْجَةٌ وأبْناءٌ وتَكْثُرُ تَكالِيفُ المَرْأةِ فَيَكُونُ لَها فِيهِ زَوْجٌ وبَيَّتٌ وأبْناءٌ فَيَكُونانِ مَظِنَّةَ أنْ تَشْغَلَهَما التَّكالِيفُ عَنْ تَعَهُّدِ والِدَيْهِما والإحْسانِ إلَيْهِما فَنُبِّها بِأنْ لا يَفْتُرا عَنِ الإحْسانِ إلى الوالِدَيْنِ.
ومَعْنى ﴿قالَ رَبِّ أوْزِعْنِي﴾ أنَّهُ دَعا رَبَّهُ بِذَلِكَ، ومَعْناهُ: أنَّهُ مَأْمُورٌ بِالدُّعاءِ إلَيْهِما بِأنَّهُ لا يَشْغَلُهُ الدُّعاءُ لِنَفْسِهِ عَنِ الدُّعاءِ لَهُما وبِأنَّهُ يُحْسِنُ إلَيْهِما بِظَهْرِ الغَيْبِ مِنهُما حِينَ مُناجاتِهِ رَبَّهُ، فَلا جَرَمَ أنَّ إحْسانَهُ إلَيْهِما في المُواجَهَةِ حاصِلٌ بِفَحْوى الخِطابِ كَما في طَرِيقَةِ الفَحْوى في النَّهْيِ عَنْ أذاهُما بِقَوْلِهِ - تَعالى - ﴿فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ﴾ [الإسراء: ٢٣] .
وحاصِلُ المَعْنى: أنَّ اللَّهَ أمَرَ بِالإحْسانِ إلى الوالِدَيْنِ في المُشاهَدَةِ والغَيْبَةِ وبِجَمِيعِ وسائِلِ الإحْسانِ الَّذِي غايَتُهُ حُصُولُ النَّفْعِ لَهُما، وهو مَعْنى قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿وقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٤] وأنَّ اللَّهَ لَمّا أمَرَ بِالدُّعاءِ لِلْأبَوَيْنِ وعَدَ بِإجابَتِهِ عَلى لِسانِ رَسُولِهِ ﷺ لِقَوْلِهِ: «إذا ماتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلّا مِن ثَلاثٍ: صَدَقَةٌ جارِيَةٌ، وعِلْمٌ بَثَّهُ في صُدُورِ الرِّجالِ، ووَلَدٌ صالِحٌ يَدْعُو لَهُ بِخَيْرٍ» .
وما شُكْرُ الوَلَدِ رَبَّهُ عَلى النِّعْمَةِ الَّتِي أنْعَمَها اللَّهُ عَلى والِدَيْهِ إلّا مِن بابِ نِيابَتِهِ عَنْهُما في هَذا الشُّكْرِ، وهو مِن جُمْلَةِ العَمَلِ الَّذِي يُؤَدِّيهِ الوَلَدُ عَنْ والِدَيْهِ.
وفِي حَدِيثِ الفَضْلِ بْنِ عَبّاسٍ «أنَّ المَرْأةَ الخَثْعَمِيَّةَ قالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ حَجَّةِ الوَداعِ: إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلى عِبادِهِ في الحَجِّ أدْرَكَتْ أبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَثْبُتُ (p-٣٣)عَلى الرّاحِلَةِ أفَيُجْزِئُ أنْ أحُجَّ عَنْهُ، قالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهُ»، وهو حَجٌّ غَيْرُ واجِبٍ عَلى أبِيها لِعَجْزِهِ.
والأشُدُّ: حالَةُ اشْتِدادِ القُوى العَقْلِيَّةِ والجَسَدِيَّةِ وهو جَمْعٌ لَمْ يُسْمَعْ لَهُ بِمُفْرَدٍ. وقِيلَ مُفْرَدُهُ: شِدَّةٌ بِكَسْرِ الشِّينِ وهاءِ التَّأْنِيثِ، مِثْلُ نِعْمَةٍ جَمْعُها أنْعُمٌ، ولَيْسَ الأشُدُّ اسْمًا لِعَدَدٍ مِن سِنِي العُمْرِ وإنَّما سِنُو العُمْرِ مَظِنَّةً لِلْأشُدِّ. ووَقْتُهُ ما بَعْدَ الثَلاثِينَ سَنَةً وتَمامُهُ عِنْدَ الأرْبَعِينَ سَنَةً ولِذَلِكَ عَطَفَ عَلى ﴿بَلَغَ أشُدَّهُ﴾ قَوْلَهُ ﴿وبَلَغَ أرْبَعِينَ سَنَةً﴾ أيْ بَلَغَ الأشُدَّ ووَصَلَ إلى أكْمَلِهِ فَهو كَقَوْلِهِ - تَعالى - ﴿ولَمّا بَلَغَ أشُدَّهُ واسْتَوى﴾ [القصص: ١٤]، وتَقَدَّمَ في سُورَةِ يُوسُفَ، ولَيْسَ قَوْلُهُ ﴿وبَلَغَ أرْبَعِينَ سَنَةً﴾ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ ﴿بَلَغَ أشُدَّهُ﴾ لِأنَّ إعادَةَ فِعْلِ بَلَغَ تُبْعِدُ احْتِمالَ التَّأْكِيدِ وحَرْفُ العَطْفِ أيْضًا يُبْعِدُ ذَلِكَ الِاحْتِمالَ.
و﴿أوْزِعْنِي﴾: ألْهِمْنِي. وأصْلُ فِعْلِ أوزَعَ الدَّلالَةُ عَلى إزالَةِ الوَزَعِ، أيِ الِانْكِفافِ عَنْ عَمَلٍ ما، فالهَمْزَةُ فِيهِ لِلْإزالَةِ، وتَقَدَّمَ في سُورَةِ النَّمْلِ.
و”نِعْمَتَكَ“ اسْمُ مَصْدَرٍ مُضافٍ يَعُمُّ، أيْ ألْهِمْنِي شُكْرَ النِّعَمِ الَّتِي أنْعَمْتَ بِها عَلَيَّ وعَلى والِدِيَّ مِن جَمِيعِ النِّعَمِ الدِّينِيَّةِ كالإيمانِ والتَّوْفِيقِ ومِنَ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ كالصِّحَّةِ والجِدَّةِ.
وما ذُكِرَ مِنَ الدُّعاءِ لِذُرِّيَّتِهِ بِقَوْلِهِ ﴿وأصْلِحْ لِي في ذُرِّيَّتِي﴾ اسْتِطْرادٌ في أثْناءِ الوِصايَةِ بِالدُّعاءِ لِلْوالِدَيْنِ بِأنْ لا يَغْفُلَ الإنْسانُ عَنِ التَّفَكُّرِ في مُسْتَقْبَلِهِ بِأنْ يَصْرِفَ عِنايَتَهُ إلى ذُرِّيَّتِهِ كَما صَرَفَها إلى أبَوَيْهِ لِيَكُونَ لَهُ مِن إحْسانِ ذُرِّيَّتِهِ إلَيْهِ مِثْلُ ما كانَ مِنهُ لِأبَوَيْهِ، وإصْلاحُ الذُّرِّيَّةِ يَشْمَلُ إلْهامَهُمُ الدُّعاءَ إلى الوالِدِ.
وفِي إدْماجِ تَلْقِينِ الدُّعاءِ بِإصْلاحِ ذُرِّيَّتِهِ مَعَ أنَّ سِياقَ الكَلامِ في الإحْسانِ إلى الوالِدَيْنِ إيماءٌ إلى أنَّ المَرْءَ يَلْقى مِن إحْسانِ أبْنائِهِ إلَيْهِ مِثْلَ ما لَقِيَ أبَواهُ مِن إحْسانِهِ إلَيْهِما، ولِأنَّ دَعْوَةَ الأبِ لِابْنِهِ مَرْجُوَّةُ الإجابَةِ. وفي حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ: «ثَلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٍ لا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الوالِدِ عَلى ولَدِهِ، ودَعْوَةُ المُسافِرِ، ودَعْوَةُ المَظْلُومِ»، وفي رِوايَةٍ لِوَلَدِهِ وهو حَدِيثٌ حَسَنٌ مُتَعَدِّدَةٌ طُرُقُهُ.
(p-٣٤)واللّامُ في ﴿وأصْلِحْ لِي﴾ لامُ العِلَّةِ، أيْ أصْلَحْ في ذُرِّيَّتِي لِأجْلِي ومَنفَعَتِي كَقَوْلِهِ - تَعالى - ﴿ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح: ١] . ونُكْتَةُ زِيادَةِ هَذا في الدُّعاءِ أنَّهُ بَعْدَ أنْ أشارَ إلى نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ وعَلى والِدَيْهِ تَعَرَّضَ إلى نَفَحاتِ اللَّهِ فَسَألَهُ إصْلاحَ ذُرِّيَّتِهِ وعَرَّضَ بِأنَّ إصْلاحَهم لِفائِدَتِهِ، وهَذا تَمْهِيدٌ لِبِساطِ الإجابَةِ كَأنَّهُ يَقُولُ: كَما ابْتَدَأْتَنِي بِنِعْمَتِكَ وابْتَدَأْتَ والِدِيَّ بِنِعْمَتِكَ ومَتَّعْتَهُما بِتَوْفِيقِي إلى بِرِّهِما، كَمِّلْ إنْعامَكَ بِإصْلاحِ ذُرِّيَّتِي فَإنَّ إصْلاحَهم لِي. وهَذِهِ تَرْقِياتٌ بَدِيعَةٌ في دَرَجاتِ القُرْبِ.
ومَعْنى ظَرْفِيَّةِ في ذُرِّيَّتِي أنَّ ذُرِّيَّتَهُ نَزَلَتْ مَنزِلَةَ الظَّرْفِ يَسْتَقِرُّ فِيهِ ما هو بِهِ الإصْلاحُ ويَحْتَوِي عَلَيْهِ، وهو يُفِيدُ تَمَكُّنَ الإصْلاحِ مِنَ الذُّرِّيَّةِ وتَغَلْغُلَهُ فِيهِمْ. ونَظِيرُهُ في الظَّرْفِيَّةِ قَوْلُهُ - تَعالى - ﴿وجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِهِ﴾ [الزخرف: ٢٨] .
وجُمْلَةُ: ﴿إنِّي تُبْتُ إلَيْكَ﴾ كالتَّعْلِيلِ لِلْمَطْلُوبِ بِالدُّعاءِ تَعْلِيلَ تَوَسُّلٍ بِصِلَةِ الإيمانِ والإقْرارِ بِالنِّعْمَةِ والعُبُودِيَّةِ.
وحَرْفُ (إنَّ) لِلِاهْتِمامِ بِالخَبَرِ كَما هو ظاهِرٌ، وبِذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ حَرْفُ (إنَّ) في مَقامِ التَّعْلِيلِ ويُغْنِي غِناءَ الفاءِ.
والمُرادُ بِالتَّوْبَةِ: الإيمانُ لِأنَّهُ تَوْبَةٌ مِنَ الشِّرْكِ، وبِكَوْنِهِ مِنَ المُسْلِمِينَ أنَّهُ تَبِعَ شَرائِعَ الإسْلامِ وهي الأعْمالُ. وقالَ مِنَ المُسْلِمِينَ دُونَ أنْ يَقُولَ: وأسْلَمْتُ كَما قالَ تُبْتُ إلَيْكَ لِما يُؤْذِنُ بِهِ اسْمُ الفاعِلِ مِنَ التَّلَبُّسِ بِمَعْنى الفِعْلِ في الحالِ وهو التَّجَدُّدُ لِأنَّ الأعْمالَ مُتَجَدِّدَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، وأمّا الإيمانُ فَإنَّما يَحْصُلُ دُفْعَةً فَيَسْتَقِرُّ لِأنَّهُ اعْتِقادٌ، وفِيهِ الرَّعْيُ عَلى الفاصِلَةِ. هَذا وجْهُ تَفْسِيرِ الآيَةِ بِما تُعْطِيهِ تَراكِيبُها ونَظْمُها دُونَ تَكَلُّفٍ ولا تَحَمُّلٍ، وهي عامَّةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أهْلٍ لِوِصايَةِ اللَّهِ - تَعالى - بِوالِدَيْهِ والدُّعاءِ لَهُما إنْ كانا مُؤْمِنَيْنِ.
{"ayah":"وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ إِحۡسَـٰنًاۖ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ كُرۡهࣰا وَوَضَعَتۡهُ كُرۡهࣰاۖ وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَـٰلُهُۥ ثَلَـٰثُونَ شَهۡرًاۚ حَتَّىٰۤ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَرۡبَعِینَ سَنَةࣰ قَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَصۡلِحۡ لِی فِی ذُرِّیَّتِیۤۖ إِنِّی تُبۡتُ إِلَیۡكَ وَإِنِّی مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق