الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ آتَيْنا بَنِي إسْرائِيلَ الكِتابَ والحُكْمَ والنُّبُوءَةَ ورَزَقْناهم مِنَ الطَّيِّباتِ وفَضَّلْناهم عَلى العالَمِينَ﴾ ﴿وآتَيْناهم بَيِّناتٍ مِنَ الأمْرِ فَما اخْتَلَفُوا إلّا مِن بَعْدِ ما جاءَهُمُ العِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهم إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ الوَجْهُ أنْ يَكُونَ سَوْقُ خَبَرِ بَنِي إسْرائِيلَ هُنا تَوْطِئَةً وتَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ ﴿ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فاتَّبِعْها﴾ [الجاثية: ١٨] أثارَ ذَلِكَ ما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ ﴿ويْلٌ لِكُلِّ أفّاكٍ أثِيمٍ﴾ [الجاثية: ٧] ﴿يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ﴾ [الجاثية: ٨] إلى قَوْلِهِ ”﴿اتَّخَذَها هُزُؤًا﴾ [الجاثية: ٩]“ ثُمَّ قَوْلِهِ ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيّامَ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ١٤] فَكانَ المَقْصِدُ قَوْلَهُ ﴿ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ﴾ [الجاثية: ١٨] ولِذَلِكَ عُطِفَتِ الجُمْلَةُ بِحَرْفِ (ثُمَّ) الدّالِّ عَلى التَّراخِي الرُّتْبِيِّ، أيْ عَلى أهَمِّيَّةِ ما عُطِفَ بِها.
ومُقْتَضى ظاهِرِ النَّظْمِ أنْ يَقَعَ قَوْلُهُ ﴿ولَقَدْ آتَيْنا بَنِي إسْرائِيلَ الكِتابَ﴾ الآيَتَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ ﴿جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ﴾ [الجاثية: ١٨] فَيَكُونَ دَلِيلًا وحُجَّةً لَهُ؛ فَأخْرَجَ النَّظْمَ عَلى خِلافِ مُقْتَضى الظّاهِرِ فَجُعِلَتِ الحُجَّةُ تَمْهِيدًا قَصْدًا لِلتَّشْوِيقِ لِما بَعْدَهُ، ولِيَقَعَ ما بَعْدَهُ مَعْطُوفًا بِـ (ثُمَّ) الدّالَّةِ عَلى أهَمِّيَّةِ ما بَعْدَها.
(p-٣٤٤)وقَدْ عُرِفَ مِن تَوَرُّكِ المُشْرِكِينَ عَلى النَّبِيءِ ﷺ في شَأْنِ القُرْآنِ ما حَكاهُ اللَّهُ عَنْهم في قَوْلِهِ﴿فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ مِن عِنْدِنا قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى﴾ [القصص: ٤٨] وقَوْلِهِمْ ”﴿لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً﴾ [الفرقان: ٣٢]“، فَمِن أجْلِ ذَلِكَ وقَعَ هَذا بَعْدَ قَوْلِهِ ﴿ويْلٌ لِكُلِّ أفّاكٍ أثِيمٍ﴾ [الجاثية: ٧] إلى قَوْلِهِ ﴿وإذا عَلِمَ مِن آياتِنا شَيْئًا اتَّخَذَها هُزُؤًا﴾ [الجاثية: ٩] وقَوْلِهِ ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيّامَ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ١٤]، فالجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى تِلْكَ الجُمَلِ.
وأُدْمِجَ في خِلالِها ما اخْتَلَفَ فِيهِ بَنُو إسْرائِيلَ عَلى ما دَعَتْهم إلَيْهِ شَرِيعَتُهم، لِما فِيهِ مِن تَسْلِيَةِ النَّبِيءِ ﷺ عَلى مُخالَفَةِ قَوْمِهِ دَعَوَتَهُ تَنْظِيرًا في أصْلِ الِاخْتِلافِ دُونَ أسْبابِهِ وعَوارِضِهِ.
ولَمّا كانَ في الكَلامِ ما القَصْدُ مِنهُ التَّسْلِيَةُ والِاعْتِبارُ بِأحْوالِ الأُمَمِ حَسُنَ تَأْكِيدُ الخَبَرِ بِلامِ القَسَمِ وحَرْفِ التَّحْقِيقِ، فَمَصَبُّ هَذا التَّحْقِيقِ هو التَّفْرِيعُ الَّذِي في قَوْلِهِ ﴿فَما اخْتَلَفُوا إلّا مِن بَعْدِ ما جاءَهُمُ العِلْمُ﴾ تَأْكِيدًا لِلْمُؤْمِنِينَ بِأنَّ اللَّهَ يَقْضِي بَيْنَهم وبَيْنَ المُشْرِكِينَ كَشَأْنِهِ فِيما حَدَثَ بَيْنَ بَنِي إسْرائِيلَ.
وقَدْ بُسِطَ في ذِكْرِ النَّظِيرِ مِن بَنِي إسْرائِيلَ مِن وصْفِ حالِهِمْ حِينَما حَدَثَ الِاخْتِلافُ بَيْنَهم، ومِنَ التَّصْرِيحِ بِالدّاعِي لِلِاخْتِلافِ بَيْنَهم ما طُوِيَ مِن مِثْلِ بَعْضِهِ مِن حالِ المُشْرِكِينَ حِينَ جاءَهُمُ الإسْلامُ فاخْتَلَفُوا مَعَ أهْلِهِ إيجازًا في الكَلامِ لِلِاعْتِمادِ عَلى ما يَفْهَمُهُ السّامِعُونَ بِطَرِيقِ المُقايَسَةِ عَلى أنَّ أكْثَرَهُ قَدْ وقَعَ تَفْصِيلُهُ في الآياتِ السّابِقَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ ﴿تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالحَقِّ﴾ [الجاثية: ٦] وقَوْلِهِ ”﴿هَذا هُدًى﴾ [الجاثية: ١١]“، فَإنَّ ذَلِكَ يُقابِلُ قَوْلَهُ هُنا ﴿ولَقَدْ آتَيْنا بَنِي إسْرائِيلَ الكِتابَ والحُكْمَ والنُّبُوَّةَ﴾ ومِثْلَ قَوْلِهِ ﴿وسَخَّرَ لَكم ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ [الجاثية: ١٣] فَإنَّهُ يُقابِلُ قَوْلَهُ هُنا ﴿ورَزَقْناهم مِنَ الطَّيِّباتِ﴾، ومِثْلَ قَوْلِهِ ﴿يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا﴾ [الجاثية: ٨] إلى ”لَهم ﴿عَذابٌ مُهِينٌ﴾ [الجاثية: ٩]“ فَإنَّهُ يُقابِلُ قَوْلَهُ هُنا ﴿وآتَيْناهم بَيِّناتٍ مِنَ الأمْرِ فَما اخْتَلَفُوا إلّا مِن بَعْدِ ما جاءَهُمُ العِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾، ومِثْلُ قَوْلِهِ ﴿لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الجاثية: ١٤] فَإنَّهُ مُقابِلُ قَوْلِهِ هُنا ﴿إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ .
(p-٣٤٥)والكِتابُ: التَّوْراةُ.
والحُكْمُ يَصِحُّ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى الحِكْمَةِ، أيِ الفَهْمِ في الدِّينِ وعِلْمِ مَحاسِنِ الأخْلاقِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿وآتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيًّا﴾ [مريم: ١٢]، يَعْنِي يَحْيى، ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى السِّيادَةِ، أيْ أنَّهم يَحْكُمُونَ أنْفُسَهم بِأنْفُسِهِمْ ولا تَحْكُمُهم أُمَّةٌ أُخْرى كَقَوْلِهِ تَعالى: ”﴿وجَعَلَكم مُلُوكًا﴾ [المائدة: ٢٠]“، والنُّبُوَّةُ أنْ يَقُومَ فِيهِمْ أنْبِياءٌ.
ومَعْنى إيتائِهِمْ هَذِهِ الأُمُورَ الثَّلاثَةَ: إيجادُها في الأُمَّةِ وإيجادُ القائِمِينَ بِها لِأنَّ نَفْعَ ذَلِكَ عائِدٌ عَلى الأُمَّةِ جَمْعاءَ فَكانَ كُلُّ فَرْدٍ مِنَ الأُمَّةِ كَمَن أُوتِيَ تِلْكَ الأُمُورَ.
وأمّا رَزَقَهم مِنَ الطَّيِّباتِ فَبِأنْ يَسَّرَ لَهُمُ امْتِلاكَ بِلادِ الشّامِ الَّتِي تُفِيضُ لَبَنًا وعَسَلًا كَما في التَّوْراةِ في وعْدِ إبْراهِيمَ والَّتِي تُجْبى إلَيْها ثَمَراتُ الأرْضِينَ المُجاوِرَةِ لَها وتَرِدُ عَلَيْها سِلَعُ الأُمَمِ المُقابِلَةِ لَها عَلى سَواحِلِ البَحْرِ فَتَزْخَرُ مَراسِيها بِمُخْتَلَفِ الطَّعامِ واللِّباسِ والفَواكِهِ والثِّمارِ والزَّخارِفِ، وذَلِكَ بِحُسْنِ مَوْقِعِ البِلادِ مِن بَيْنِ المَشْرِقِ بَرًّا والمَغْرِبِ بَحْرًا. والطَّيِّباتُ: هي الَّتِي تَطِيبُ عِنْدَ النّاسِ وتَحْسُنُ طَعْمًا ومَنظَرًا ونَفْعًا وزِينَةً.
وأمّا تَفْضِيلُهم عَلى العالَمِينَ فَبِأنْ جَمَعَ اللَّهُ لَهم بَيْنَ اسْتِقامَةِ الدِّينِ والخُلُقِ، وبَيْنَ حُكْمِ أنْفُسِهِمْ بِأنْفُسِهِمْ، وبَثِّ أُصُولِ العَدْلِ فِيهِمْ، وبَيْنَ حُسْنِ العَيْشِ والأمْنِ والرَّخاءِ، فَإنَّ أُمَمًا أُخْرى كانُوا في بُحْبُوحَةٍ مِنَ العَيْشِ ولَكِنْ يَنْقُصُ بَعْضَها اسْتِقامَةُ الدِّينِ والخُلُقِ، وبَعْضَها عِزَّةُ حُكْمِ النَّفْسِ وبَعْضَها الأمْنُ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الفِتَنِ.
والمُرادُ بِـ ”العالَمِينَ“: أُمَمُ زَمانِهِمْ وكُلُّ ذَلِكَ إخْبارٌ عَمّا مَضى مِن شَأْنِ بَنِي إسْرائِيلَ في عُنْفُوانِ أمْرِهِمْ لا عَمّا آلَ إلَيْهِ أمْرُهم بَعْدَ أنِ اخْتَلَفُوا واضْمَحَلَّ مُلْكُهم ونُسِخَتْ شَرِيعَتُهم.
و”بَيِّناتٌ“ صِفَةٌ نُزِّلَتْ مَنزِلَةَ الجامِدِ، فالبَيِّنَةُ: الحُجَّةُ الظّاهِرَةُ، أيْ آتَيْناهم حُجَجًا، أيْ عَلَّمْناهم بِواسِطَةِ كُتُبِهِمْ وبِواسِطَةِ عُلَمائِهِمْ حُجَجَ الحَقِّ والهُدى الَّتِي مِن شَأْنِها أنْ لا تَتْرُكَ لِلشَّكِّ والخَطَأِ إلى نُفُوسِهِمْ سُبُلًا إلّا سَدَّتْها.
والأمْرُ: الشَّأْنُ كَما في قَوْلِهِ ﴿وما أمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ﴾ [هود: ٩٧] والتَّعْرِيفُ في الأمْرِ (p-٣٤٦)لِلتَّعْظِيمِ، أيْ مِن شُئُونٍ عَظِيمَةٍ، أيْ شَأْنُ الأُمَّةِ وما بِهِ قِوامُ نِظامِها إذْ لَمْ يَتْرُكْ مُوسى والأنْبِياءُ مِن بَعْدِهِ شَيْئًا مُهِمًّا مِن مَصالِحِهِمْ إلّا وقَدْ وضَّحُوهُ وبَيَّنُوهُ وحَذَّرُوا مِنَ الِالتِباسِ فِيهِ.
و(مِن) في قَوْلِهِ مِنَ الأمْرِ بِمَعْنى (في) الظَّرْفِيَّةِ فَيَحْصُلُ مِن هَذا أنَّ مَعْنى ”﴿وآتَيْناهم بَيِّناتٍ مِنَ الأمْرِ﴾“: عَلَّمْناهم حُجَجًا وعُلُومًا في أمْرِ دِينِهِمْ ونِظامِهِمْ بِحَيْثُ يَكُونُونَ عَلى بَصِيرَةٍ في تَدْبِيرِ مُجْتَمَعِهِمْ وعَلى سَلامَةٍ مِن مَخاطِرِ الخَطَأِ والخَطَلِ.
وفُرِّعَ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿فَما اخْتَلَفُوا إلّا مِن بَعْدِ ما جاءَهُمُ العِلْمُ﴾ تَفْرِيعُ إدْماجٍ لِمُناسَبَتِهِ لِلْحالَةِ الَّتِي أُرِيدَ تَنْظِيرُها. وتَقْدِيرُ الكَلامِ: فاخْتَلَفُوا وما اخْتَلَفُوا إلّا مِن بَعْدِ ما جاءَهُمُ العِلْمُ، فَحُذِفَ المُفَرَّعُ لِدَلالَةِ ما بَعْدَهُ عَلَيْهِ عَلى طَرِيقَةِ الإيجازِ إذِ المَقْصُودُ هو التَّعْجِيبُ مِن حالِهِمْ كَيْفَ اخْتَلَفُوا حِينَ لا مَظَنَّةَ لِلِاخْتِلافِ إذْ كانَ الِاخْتِلافُ بَيْنَهم بَعْدَما جاءَهُمُ العِلْمُ المَعْهُودُ بِالذِّكْرِ آنِفًا مِنَ الكِتابِ والحُكْمِ والنُّبُوَّةِ والبَيِّناتِ مِنَ الأمْرِ، ولَوِ اخْتَلَفُوا قَبْلَ ذَلِكَ لَكانَ لَهم عُذْرٌ في الِاخْتِلافِ وهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿وأضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ﴾ [الجاثية: ٢٣] .
وهَذا الكَلامُ كِنايَةٌ عَنْ عَدَمِ التَّعْجِيبِ مِنِ اخْتِلافِ المُشْرِكِينَ مَعَ المُؤْمِنِينَ حَيْثُ إنَّ المُشْرِكِينَ لَيْسُوا عَلى عِلْمٍ ولا هُدًى لِيَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ مَلْطُوفٌ بِهِ في رِسالَتِهِ.
والبَغْيُ: الظُّلْمُ. والمُرادُ: أنَّ اخْتِلافَهم عَنْ عَمْدٍ ومُكابَرَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ولَيْسَ عَنْ غَفْلَةٍ أوْ تَأْوِيلٍ، وهَذا الظُّلْمُ هو ظُلْمُ الحَسَدِ فَإنَّ الحَسَدَ مِن أعْظَمِ الظُّلْمِ، أيْ فَكَذَلِكَ حالُ نُظَرائِهِمْ مِنَ المُشْرِكِينَ ما اخْتَلَفُوا عَلى النَّبِيءِ ﷺ إلّا بَغْيًا مِنهم عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِصِدْقِهِ بِدَلالَةِ إعْجازِ القُرْآنِ لَفْظًا ومَعانِيَ.
وانْتَصَبَ ”بَغْيًا“ إمّا عَلى المَفْعُولِ لِأجْلِهِ، وإمّا عَلى الحالِ بِتَأْوِيلِ المَصْدَرِ بِاسْمِ الفاعِلِ، وعَلى كِلا الوَجْهَيْنِ فالعامِلُ فِيهِ فِعْلُ ”اخْتَلَفُوا“، وإنْ كانَ مَنفِيًّا في اللَّفْظِ لِأنَّ الِاسْتِثْناءَ أبْطَلَ النَّفْيَ إذْ ما أُرِيدَ إلّا نَفْيُ أنْ يَكُونَ الِاخْتِلافُ في وقْتٍ (p-٣٤٧)قَبْلَ أنْ يَحُثَّهُمُ العِلْمُ فَلَمّا اسْتُفِيدَ ذَلِكَ بِالِاسْتِثْناءِ صارَ الِاخْتِلافُ ثابِتًا وما عَدا ذَلِكَ غَيْرُ مَنفِيٍّ.
وجُمْلَةُ ﴿إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا لِأنَّ خَبَرَهُمُ العَجِيبُ يُثِيرُ سُؤالًا في نَفْسِ سامِعِهِ عَنْ جَزاءِ اللَّهِ إيّاهم عَلى فِعْلِهِمْ، وهَذا جَوابٌ فِيهِ إجْمالٌ لِتَهْوِيلِ ما سَيُقْضى بِهِ بَيْنَهم في الخَيْرِ والشَّرِّ لِأنَّ الخِلافَ يَقْتَضِي مُحِقًّا ومُبْطِلًا.
ونَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ تَعالى ﴿ولَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إسْرائِيلَ مُبَوَّأ صِدْقٍ ورَزَقْناهم مِنَ الطَّيِّباتِ فَما اخْتَلَفُوا حَتّى جاءَهُمُ العِلْمُ إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [يونس: ٩٣] في سُورَةِ يُونُسَ.
{"ayahs_start":16,"ayahs":["وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقۡنَـٰهُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِ وَفَضَّلۡنَـٰهُمۡ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ","وَءَاتَیۡنَـٰهُم بَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ یَقۡضِی بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فِیمَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ"],"ayah":"وَءَاتَیۡنَـٰهُم بَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ یَقۡضِی بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فِیمَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق