الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إسْرائِيلَ مِنَ العَذابِ المُهِينِ﴾ ﴿مِن فِرْعَوْنَ إنَّهُ كانَ عالِيًا مِنَ المُسْرِفِينَ﴾
مَعْطُوفٌ عَلى الكَلامِ المَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﴿إنَّهم جُنْدٌ مُغْرَقُونَ﴾ [الدخان: ٢٤] الَّذِي تَقْدِيرُهُ: فَأغْرَقْناهم ونَجَّيْنا بَنِي إسْرائِيلَ كَما قالَ في سُورَةِ الشُّعَراءِ ﴿وأزْلَفْنا ثَمَّ الآخَرِينَ﴾ [الشعراء: ٦٤] ﴿وأنْجَيْنا مُوسى ومَن مَعَهُ أجْمَعِينَ﴾ [الشعراء: ٦٥] ﴿ثُمَّ أغْرَقْنا الآخَرِينَ﴾ [الشعراء: ٦٦] .
والمَعْنى: ونَجَّيْنا بَنِي إسْرائِيلَ مِن عَذابِ فِرْعَوْنَ وقَساوَتِهِ، أيْ فَكانَتْ آيَةُ البَحْرِ هَلاكًا لِقَوْمٍ وإنْجاءً لِآخَرِينَ.
والمَقْصُودُ مِن ذِكْرِ هَذا الإشارَةُ إلى أنَّ اللَّهَ تَعالى يُنْجِي الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ مِن عَذابِ أهْلِ الشِّرْكِ بِمَكَّةَ، كَما نَجّى الَّذِينَ اتَّبَعُوا مُوسى مِن عَذابِ فِرْعَوْنَ.
وجُعِلَ طُغْيانُ فِرْعَوْنَ وإسْرافُهُ في الشَّرِّ مَثَلًا لِطُغْيانِ أبِي جَهْلٍ ومَلَئِهِ ولِأجْلِ هَذِهِ الإشارَةِ أُكِّدَ الخَبَرُ بِاللّامِ. وقَدْ يُفِيدُ تَحْقِيقَ إنْجاءِ المُؤْمِنِينَ مِنَ العَذابِ المُقَدَّرِ لِلْمُشْرِكِينَ إجابَةً لِدَعْوَةِ ﴿رَبَّنا اكْشِفْ عَنّا العَذابَ إنّا مُؤْمِنُونَ﴾ [الدخان: ١٢] .
والعَذابُ المُهِينُ: هو ما كانَ يُعامِلُهم بِهِ فِرْعَوْنُ وقَوْمُهُ مِنَ الِاسْتِعْبادِ والإشْقاقِ عَلَيْهِمْ في السُّخْرَةِ، وكانَ يُكَلِّفُهم أنْ يَصْنَعُوا لَهُ اللَّبِنَ كُلَّ يَوْمٍ لِبِناءِ مَدِينَتَيِ (فَيْثُومَ) و(رَعْمَسِيسَ) وكانَ اللَّبِنُ يُصْنَعُ مِنَ الطُّوبِ والتِّبْنِ فَكانَ يُكَلِّفُهُمُ اسْتِحْضارَ التِّبْنِ اللّازِمِ لِصُنْعِ اللَّبِنِ ويَلْتَقِطُونَ مُتَناثِرَهُ ويُذِلُّونَهم ولا يَتْرُكُونَ لَهم راحَةً، فَذَلِكَ العَذابُ المُهِينُ لِأنَّهُ عَذابٌ فِيهِ إذْلالٌ.
(p-٣٠٥)وقَوْلُهُ ﴿مِن فِرْعَوْنَ﴾ الأظْهَرُ أنْ يَكُونَ بَدَلًا مُطابِقًا لِلْعَذابِ المُهِينِ فَتَكُونَ (مِن) مُؤَكِّدَةً لِـ (مِن) الأُولى المُعَدِّيَةِ لِـ ”نَجَّيْنا“ لِأنَّ الحَرْفَ الدّاخِلَ عَلى المُبْدَلِ مِنهُ يَجُوزُ أنْ يَدْخُلَ عَلى البَدَلِ لِلتَّأْكِيدِ. ويَحْسُنُ ذَلِكَ في نُكَتٍ يَقْتَضِيها المَقامُ وحُسْنُهُ هُنا، فَأُظْهِرَتْ (مِن) لِخَفاءِ كَوْنِ اسْمِ فِرْعَوْنَ بَدَلًا مِنَ العَذابِ تَنْبِيهًا عَلى قَصْدِ التَّهْوِيلِ لِأمْرِ فِرْعَوْنَ في جَعْلِ اسْمِهِ نَفْسَ العَذابِ المُهِينِ، أيْ في حالِ كَوْنِهِ صادِرًا مِن فِرْعَوْنَ.
وجُمْلَةُ ﴿إنَّهُ كانَ عالِيًا﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا لِبَيانِ التَّهْوِيلِ الَّذِي أفادَهُ جَعْلُ اسْمِ فِرْعَوْنَ بَدَلًا مِنَ العَذابِ المُهِينِ. والعالِي: المُتَكَبِّرُ العَظِيمُ في النَّسا، قالَ تَعالى ﴿إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأرْضِ﴾ [القصص: ٤] .
و﴿مِنَ المُسْرِفِينَ﴾ خَبَرٌ ثانٍ عَنْ فِرْعَوْنَ، والإسْرافُ: الإفْراطُ والإكْثارُ. والمُرادُ هُنا الإكْثارُ في التَّعالِي، يُرادُ الإكْثارُ في أعْمالِ الشَّرِّ بِقَرِينَةِ مَقامِ الذَّمِّ.
و﴿مِنَ المُسْرِفِينَ﴾ أشَدُّ مُبالَغَةً في اتِّصافِهِ بِالإسْرافِ مِن أنْ يُقالَ: مُسْرِفًا، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿قالَ أعُوذُ بِاللَّهِ أنْ أكُونَ مِنَ الجاهِلِينَ﴾ [البقرة: ٦٧] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
{"ayahs_start":30,"ayahs":["وَلَقَدۡ نَجَّیۡنَا بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ مِنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِینِ","مِن فِرۡعَوۡنَۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَالِیࣰا مِّنَ ٱلۡمُسۡرِفِینَ"],"ayah":"مِن فِرۡعَوۡنَۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَالِیࣰا مِّنَ ٱلۡمُسۡرِفِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق