الباحث القرآني
﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لِيَقُولُنَّ خَلْقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ﴾
لَمّا كانَ قَوْلُهُ: ﴿وكَمْ أرْسَلْنا مِن نَبِيٍّ في الأوَّلِينَ﴾ [الزخرف: ٦] مُوَجَّهًا إلى الرَّسُولِ ﷺ لِلتَّسْلِيَةِ والوَعْدِ بِالنَّصْرِ، عَطَفَ عَلَيْهِ خِطابَ الرَّسُولِ ﷺ صَرِيحًا بَقَوْلِهِ ولَئِنْ سَألْتَهم الآيَةَ، لِقَصْدِ التَّعْجِيبِ مِن حالِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ فَإنَّهم إنَّما كَذَّبُوهُ لِأنَّهُ دَعاهم إلى عِبادَةِ إلَهٍ واحِدٍ ونَبْذِ عِبادَةِ الأصْنامِ، ورَأوْا ذَلِكَ عَجَبًا مَعَ أنَّهم يُقِرُّونَ لِلَّهِ تَعالى بِأنَّهُ خالِقُ العَوالِمِ وما فِيها. وهَلْ يَسْتَحِقُّ العِبادَةَ غَيْرُ خالِقِ العابِدِينَ، ولِأنَّ الأصْنامَ مِن جُمْلَةِ ما خَلَقَ اللَّهُ في الأرْضِ مِن حِجارَةٍ، فَلَوْ سَألَهُمُ الرَّسُولُ ﷺ في مُحاجَّتِهِ إيّاهم عَنْ خالِقِ الخَلْقِ لَما اسْتَطاعُوا غَيْرَ الإقْرارِ بِأنَّهُ اللَّهُ تَعالى.
فَجُمْلَةُ ولَئِنْ سَألْتَهم مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿وكَمْ أرْسَلْنا مِن نَبِيٍّ في الأوَّلِينَ﴾ [الزخرف: ٦] عَطْفَ الغَرَضِ، وهو انْتِقالٌ إلى الِاحْتِجاجِ عَلى بُطْلانِ الإشْراكِ بِإقْرارِهِمُ الضِّمْنِيِّ: أنَّ أصْنامَهم خالِيَةٌ عَنْ صِفَةِ اسْتِحْقاقِ أنْ تُعْبَدَ.
وتَأْكِيدُ الكَلامِ بِاللّامِ المُوطِئَةِ لِلْقَسَمِ ولامِ الجَوابِ ونُونِ التَّوْكِيدِ لِتَحْقِيقِ أنَّهم يُجِيبُونَ بِذَلِكَ تَنْزِيلًا لِغَيْرِ المُتَرَدِّدِ في الخَبَرِ مَنزِلَةَ المُتَرَدِّدِ، وهَذا التَّنْزِيلُ كِنايَةٌ عَنْ جَدارَةِ حالَتِهِمْ بِالتَّعْجِيبِ مِنِ اخْتِلالِ تَفْكِيرِهِمْ وتَناقُضِ عَقائِدِهِمْ وإنَّما فَرَضَ الكَشْفَ عَنْ عَقِيدَتِهِمْ في صُورَةِ سُؤالِهِمْ عَنْ خالِقِهِمْ لِلْإشارَةِ إلى أنَّهم غافِلُونَ عَنْ ذَلِكَ في (p-١٦٨)مَجْرى أحْوالِهِمْ وأعْمالِهِمْ ودُعائِهِمْ حَتّى إذا سَألَهُمُ السّائِلُ عَنْ خالِقِهِمْ لَمْ يَتَرَيَّثُوا أنْ يُجِيبُوا بِأنَّهُ اللَّهُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إلى شِرْكِهِمْ.
وتاءُ الخِطابِ في سَألْتَهم لِلنَّبِيءِ ﷺ وهو ظاهِرُ سِياقِ التَّسْلِيَةِ، أوْ يَكُونُ الخِطابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِيَعُمَّ كُلَّ مُخاطَبٍ يَتَصَوَّرُ مِنهُ أنْ يَسْألَهم.
والعَزِيزُ العَلِيمُ هو اللَّهُ تَعالى. ولَيْسَ ذِكْرُ الصِّفَتَيْنِ العَلِيَّتَيْنِ مِن مَقُولِ جَوابِهِمْ وإنَّما حُكِيَ قَوْلُهم بِالمَعْنى، أيْ لَيَقُولُنَّ خَلْقَهُنَّ الَّذِي الصِّفَتانِ مِن صِفاتِهِ، وإنَّما هم يَقُولُونَ: خَلَقَهُنَّ اللَّهُ، كَما حُكِيَ عَنْهم في سُورَةِ لُقْمانَ. ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ . وذَلِكَ هو المُسْتَقْرَئُ مِن كَلامِهِمْ نَثْرًا وشِعْرًا في الجاهِلِيَّةِ.
وإنَّما عَدَلَ عَنِ الِاسْمِ العَلِيِّ إلى الصِّفَتَيْنِ زِيادَةً في إفْحامِهِمْ بِأنَّ الَّذِي انْصَرَفُوا عَنْ تَوْحِيدِهِ بِالعِبادَةِ عَزِيزٌ عَلِيمٌ، فَهو الَّذِي يَجِبُ أنْ يَرْجُوَهُ النّاسُ لِلشَّدائِدِ لِعِزَّتِهِ، وأنْ يُخْلِصُوا لَهُ باطِنَهم لِأنَّهُ لا يَخْفى عَلَيْهِ سِرُّهم، بِخِلافِ شُرَكائِهِمْ فَإنَّها أذِلَّةٌ لا تَعْلَمُ، وإنَّهم لا يُنازَعُونَ وصْفَهُ بِـ (العَزِيزُ والعَلِيمُ) .
وتَخْصِيصُ هاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ بِالذِّكْرِ مِن بَيْنِ بَقِيَّةِ الصِّفاتِ الإلَهِيَّةِ لِأنَّها مُضادَّةٌ لِصِفاتِ الأصْنامِ فَإنَّ الأصْنامَ عاجِزَةٌ عَنْ دَفْعِ الأيْدِي.
والتَّقْدِيرُ: ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لِيَقُولُنَّ اللَّهُ، وإنْ سَألْتَهم: أهْوَ العَزِيزُ العَلِيمُ.
{"ayah":"وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَیَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡعَلِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق