الباحث القرآني
﴿أمْ لَهم شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهم مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾
(أمْ) لِلْإضْرابِ الِانْتِقالِيِّ وهو انْتِقالٌ مِنَ الكَلامِ عَلى تَفَرُّقِ أهْلِ الشَّرائِعِ السّالِفَةِ في شَرائِعِهِمْ مَنِ انْقَرَضَ مِنهم ومَن بَقِيَ كَأهْلِ الكِتابَيْنِ إلى الكَلامِ عَلى ما يُشابِهُ ذَلِكَ مِن الِاخْتِلافِ عَلى أصْلِ الدِّيانَةِ، وتِلْكَ مُخالَفَةُ المُشْرِكِينَ لِلشَّرائِعِ كُلِّها وتَلَقِّيهِمْ دِينَ الإشْراكِ مِن أئِمَّةِ الكُفْرِ وقادَةِ الضَّلالِ.
ومَعْنى الِاسْتِفْهامِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ (أمْ) الَّتِي لِلْإضْرابِ هو هُنا لِلتَّقْرِيعِ والتَّهَكُّمِ، فالتَّقْرِيعُ راجِعٌ إلى أنَّهم شَرَعُوا مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، والتَّهَكُّمُ راجِعٌ إلى مَن شَرَعُوا لَهُمُ الشِّرْكَ، فَسُئِلُوا عَمَّنْ شَرَعَ لَهم دِينَ الشِّرْكِ: أهم شُرَكاءُ آخَرُونَ اعْتَقَدُوهم شُرَكاءَ لِلَّهِ في الإلَهِيَّةِ وفي شَرْعِ الأدْيانِ كَما شَرَعَ اللَّهُ لِلنّاسِ الأدْيانَ ؟ وهَذا تَهَكُّمٌ بِهِمْ لِأنَّ هَذا النَّوْعَ مِنَ الشُّرَكاءِ لَمْ يَدَّعِهِ أهْلُ الشِّرْكِ مِنَ العَرَبِ. وهَذا المَعْنى هو الَّذِي يُساعِدُ تَنْكِيرَ (شُرَكاءَ) ووَصْفَهُ بِجُمْلَةِ ﴿شَرَعُوا لَهم مِنَ الدِّينِ﴾ .
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَسْئُولُ عَنِ الَّذِي شَرَعَ لَهم هو الأصْنامَ الَّتِي يَعْبُدُونَها، وهو الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ المُفَسِّرُونَ، فَيَكُونَ (لَهم) في مَوْضِعِ الحالِ مِن (شُرَكاءَ) .
والمَقْصُودُ: فَضْحُ فَظاعَةِ شِرْكِهِمْ بِعُرُوِّهِ عَنْ الِانْتِسابِ إلى اللَّهِ، أيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا مِنَ الإلَهِ الحَقِّ فَهو مَشْرُوعٌ مِنَ الآلِهَةِ الباطِلَةِ وهي الشُّرَكاءُ. وظاهِرٌ أنَّ تِلْكَ الآلِهَةَ لا تَصْلُحُ لِتَشْرِيعِ دِينٍ لِأنَّها لا تَعْقِلُ ولا تَتَكَلَّمُ، فَتَعَيَّنَ أنَّ دِينَ الشِّرْكِ دِينٌ لا مُسْتَنَدَ لَهُ. وقَرِيبٌ مِن هَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلَ أوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٧] .
(p-٧٧)وقِيلَ المُرادُ بِالشُّرَكاءِ: أئِمَّةُ دِينِ الشِّرْكِ أُطْلِقَ عَلَيْهِمُ اسْمُ الشُّرَكاءِ مَجازًا بِعَلاقَةِ السَّبَبِيَّةِ.
وضَمِيرا (لَهم) عائِدانِ إلى ﴿الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها﴾ [الشورى: ١٨] أوْ إلى ﴿الَّذِينَ يُحاجُّونَ في اللَّهِ﴾ [الشورى: ١٦] .
والتَّعْرِيفُ في (الدِّينِ) لِلْجِنْسِ، أيْ شَرَعُوا لَهم مِن جِنْسِ الدِّينِ ما - أيْ دِينًا - لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، أيْ لَمْ يَأْذَنْ بِشَرْعِهِ، أيْ لَمْ يُرْسِلْ بِهِ رَسُولًا مِنهُ ولا أوْحى بِهِ بِواسِطَةِ مَلائِكَتِهِ.
* * *
﴿ولَوْلا كَلِمَةُ الفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾
هُوَ كَقَوْلِهِ فِيما تَقَدَّمَ ﴿ولَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَبِّكَ إلى أجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ١٤] .
وكَلِمَةُ الفَصْلِ هي: ما قَدَّرَهُ اللَّهُ وأرادَهُ مِن إمْهالِهِمْ. والفَصْلُ: الفاصِلُ، أيِ الَّذِي لا تَرَدُّدَ فِيهِ.
* * *
﴿وإنَّ الظّالِمِينَ لَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾
عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿ولَوْلا كَلِمَةُ الفَصْلِ﴾ والمَقْصُودُ تَحْقِيقُ أنَّ إمْهالَهم إلى أجَلٍ مُسَمًّى لا يُفْلِتُهم مِنَ المُؤاخَذَةِ بِما ظَلَمُوا. والمُرادُ بِالظّالِمِينَ المُشْرِكُونَ ﴿إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣] .
والعَذابُ الألِيمُ: عَذابُ الآخِرَةِ لِجَمِيعِهِمْ، وعَذابُ الدُّنْيا بِالسَّيْفِ والذُّلِّ لِلَّذِينِ أُخِّرُوا إلى إبّانِ حُلُولِهِ مِثْلَ قَتْلِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ.
وتَوْكِيدُ الخَبَرِ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ لِأنَّ هَذا الخَبَرَ مُوَجَّهٌ إلَيْهِمْ لِأنَّهم يَسْمَعُونَ هَذا الكَلامَ ويَعْلَمُونَ أنَّهُمُ المَقْصُودُونَ بِهِ.
{"ayah":"أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰۤؤُا۟ شَرَعُوا۟ لَهُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا لَمۡ یَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ ٱلۡفَصۡلِ لَقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق