الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ جاءَكم يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ في شَكٍّ مِمّا جاءَكم بِهِ حَتّى إذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا﴾ .
تَوَسُّمَ فِيهِمْ قِلَّةَ جَدْوى النُّصْحِ لَهم وأنَّهم مُصَمِّمُونَ عَلى تَكْذِيبِ مُوسى فارْتَقى في مَوْعِظَتِهِمْ إلى اللَّوْمِ عَلى ما مَضى، ولِتَذْكِيرِهِمْ بِأنَّهم مِن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ كَذَّبُوا يُوسُفَ لَمّا جاءَهم بِالبَيِّناتِ، فَتَكْذِيبُ المُرْشِدِينَ إلى الحَقِّ شَنْشَنَةٌ مَعْرُوفَةٌ في أسْلافِهِمْ فَتَكُونُ سَجِيَّةً فِيهِمْ.
وتَأْكِيدُ الخَبَرِ بِ (قَدْ) ولامِ القِسْمِ لِتَحْقِيقِهِ لِأنَّهم مَظِنَّةٌ أنْ يُنْكِرُوهُ لِبُعْدِ عَهْدِهِمْ بِهِ.
فالمَجِيءُ في قَوْلِهِ جاءَكم مُسْتَعارٌ لِلْحُصُولِ والظُّهُورِ والباءُ لِلْمُلابَسَةِ، أيْ ولَقَدْ ظَهَرَ لَكم يُوسُفُ بِبَيِّناتٍ. ولا يَلْزَمُ أنْ يَكُونَ إظْهارُ البَيِّناتِ مُقارِنًا دَعْوَةً إلى شَرْعٍ لِأنَّهُ لَمّا أظْهَرَ البَيِّناتِ وتَحَقَّقُوا مَكانَتَهُ كانَ عَلَيْهِمْ بِحُكْمِ العَقْلِ السَّلِيمِ أنْ يَتَبَيَّنُوا آياتِهِ ويَسْتَهْدُوا طَرِيقَ الهُدى والنَّجاةِ، فَإنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ يُوسُفَ بِأنْ يَدْعُوَ فِرْعَوْنَ وقَوْمَهُ، لِحِكْمَةٍ لَعَلَّها هي انْتِظارُ الوَقْتِ والحالِ المُناسِبِ الَّذِي ادَّخَرَهُ اللَّهُ لِمُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ.
والبَيِّناتُ: الدَّلائِلُ البَيِّنَةُ المُظْهِرَةُ أنَّهُ مُصْطَفى مِنَ اللَّهِ لِلْإرْشادِ إلى الخَيْرِ، فَكانَ عَلى كُلِّ عاقِلٍ أنْ يَتَّبِعَ خُطاهُ ويَتَرَسَّمَ آثارَهُ ويَسْألَهُ عَمّا وراءَ هَذا العالَمِ (p-١٣٩)المادِّيِّ، بِناءً عَلى أنَّ مَعْرِفَةَ الوَحْدانِيَّةِ واجِبَةٌ في أزْمانِ الفَتَراتِ: إمّا بِالعَقْلِ، أوْ بِما تَواتَرَ بَيْنَ البَشَرِ مِن تَعالِيمِ الرُّسُلِ السّابِقِينَ عَلى الخِلافِ بَيْنَ المُتَكَلِّمِينَ.
والبَيِّناتُ: إخْبارُهُ بِما هو مَغِيبٌ عَنْهم مِن أحْوالِهِمْ بِطَرِيقِ الوَحْيِ في تَعْبِيرِ الرُّؤى، وكَذَلِكَ آيَةُ العِصْمَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِها مِن بَيْنِهِمْ وشَهِدَتْ لَهُ بِها امْرَأةُ العَزِيزِ وشاهِدُ أهْلِها حَتّى قالَ المَلِكُ ﴿ائْتُونِي بِهِ اسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي﴾ [يوسف: ٥٤]، فَكانَتْ دَلائِلُ نُبُوءَةِ يُوسُفَ واضِحَةً ولَكِنَّهم لَمْ يَسْتَخْلِصُوا مِنها اسْتِدْلالًا يَقْتَفُونَ بِهِ أثَرَهُ في صَلاحِ آخِرَتِهِمْ، وحَرَصُوا عَلى الِانْتِفاعِ بِهِ في تَدْبِيرِ أُمُورِ دُنْياهم فَأوْدَعُوهُ خَزائِنَ أمْوالِهِمْ وتَدْبِيرَ مَمْلَكَتِهِمْ، فَقالَ لَهُ المَلِكُ ﴿إنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أمِينٌ﴾ [يوسف: ٥٤] .
ولَمْ يَخْطُرْ بِبالِهِمْ أنْ يَسْتَرْشِدُوا بِهِ في سُلُوكِهِمُ الدِّينِيِّ.
فَإنْ قُلْتَ: إذا لَمْ يَهْتَدُوا إلى الِاسْتِرْشادِ بِيُوسُفَ في أُمُورِ دِينِهِمْ وألْهاهُمُ الِاعْتِناءُ بِتَدْبِيرِ الدُّنْيا عَنْ تَدْبِيرِ الدِّينِ فَلِماذا لَمْ يَدْعُهم يُوسُفُ إلى الِاعْتِقادِ بِالحَقِّ واقْتَصَرَ عَلى أنْ سَألَ مِنَ المَلِكِ ﴿اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الأرْضِ إنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٥٥] .
قُلْتُ: لِأنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالدَّعْوَةِ لِلْإرْشادِ إلّا إذا سُئِلَ مِنهُ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ كَما عَلِمْتَ آنِفًا، فَأقامَهُ اللَّهُ مَقامَ المُفْتِي والمُرْشِدِ لِمَنِ اسْتَرْشَدَ لا مَقامَ المُحْتَسِبِ المُغَيِّرِ لِلْمُنْكَرِ، و”﴿اللَّهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالاتِهِ﴾ [الأنعام: ١٢٤]“، فَلَمّا أقامَهُ اللَّهُ كَذَلِكَ وعَلِمَ يُوسُفُ مِن قَوْلِ المَلِكِ ﴿إنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أمِينٌ﴾ [يوسف: ٥٤] أنَّ المَلِكَ لا يُرِيدُ إلّا تَدْبِيرَ مَمْلَكَتِهِ وأمْوالِهِ، لَمْ يَسْألْهُ أكْثَرَ مِمّا يَفِي لَهُ بِذَلِكَ. وأمّا وُجُوبُ طَلَبِهِمُ المَعْرِفَةَ والِاسْتِرْشادَ مِنهُ فَذَلِكَ حَقٌّ عَلَيْهِمْ، فَمَعْنى ﴿فَما زِلْتُمْ في شَكٍّ مِمّا جاءَكم بِهِ﴾ الإنْحاءُ عَلى أسْلافِهِمْ في قِلَّةِ الِاهْتِمامِ بِالبَحْثِ عَنِ الكَمالِ الأعْلى وهو الكَمالُ النَّفْسانِيُّ بِاتِّباعِ الدِّينِ القَوِيمِ، أيْ فَما زالَ أسْلافُكم يَشْعُرُونَ بِأنْ يُوسُفَ عَلى أمْرٍ عَظِيمٍ مِنَ الهُدى غَيْرِ مَأْلُوفٍ لَهم ويُهْرَعُونَ إلَيْهِ في مُهِمّاتِهِمْ ثُمَّ لا تَعْزِمُ نُفُوسُهم عَلى أنْ يَطْلُبُوا مِنهُ الإرْشادَ في أُمُورِ الدِّينِ. فَهم مِن أمْرِهِ في حالَةِ شَكٍّ، أيْ كانَ حاصِلُ ما بَلَغُوا إلَيْهِ في شَأْنِهِ أنَّهم في شَكٍّ مِمّا يَكْشِفُ لَهم عَنْ واجِبِهِمْ نَحْوَهُ فانْقَضَتْ مُدَّةُ حَياةِ يُوسُفَ بَيْنَهم وهم في شَكٍّ مِنَ الأمْرِ.
(p-١٤٠)فالمَلامُ مُتَوَجِّهٌ عَلَيْهِمْ لِتَقْصِيرِهِمْ في طَلَبِ ما يُنْجِيهِمْ بَعْدَ المَوْتِ قالَ تَعالى ﴿مَن كانَ يُرِيدُ العاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها﴾ [الإسراء: ١٨] الآيَتَيْنِ.
و(حَتّى) لِلْغايَةِ وغايَتُها هو مَضْمُونُ الجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَها وهي جُمْلَةُ (إذا هَلَكَ)، وإذا هُنا اسْمٌ لِزَمانِ المُضِيِّ مَجْرُورَةٌ بِ (حَتّى) ولَيْسَتْ بِظَرْفٍ، أيْ حَتّى زَمَنِ هَلاكِ يُوسُفَ قُلْتُمْ: لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا، أيْ قالَ أسْلافُكم في وقْتِ وفاةِ يُوسُفَ: لا يَبْعَثُ اللَّهُ في المُسْتَقْبَلِ أبَدًا رَسُولًا بَعْدَ يُوسُفَ، يَعَنُونَ: أنّا كُنّا مُتَرَدِّدِينَ في الإيمانِ بِيُوسُفَ فَقَدِ اسْتَرَحْنا مِنَ التَّرَدُّدِ فَإنَّهُ لا يَجِيءُ مَن يَدَّعِي الرِّسالَةَ عَنِ اللَّهِ مِن بَعْدِهِ، وهَذا قَوْلٌ جَرى مِنهم عَلى عادَةِ المُعانِدِينَ والمُقاوِمِينَ لِأهْلِ الإصْلاحِ والفَضْلِ أنْ يَعْتَرِفُوا بِفَضْلِهِمْ بَعْدَ المَوْتِ تَنَدُّمًا عَلى ما فاتَهم مِن خَيْرٍ كانُوا يَدْعُونَهم إلَيْهِ.
وفِيهِ ضَرْبٌ مِنَ المُبالَغَةِ في الكَمالِ في عَصْرِهِ كَما يُقالُ: خاتِمَةُ المُحَقِّقِينَ، وبَقِيَّةُ الصّالِحِينَ، ومَن لا يَأْتِي الزَّمانُ بِمِثْلِهِ، وحاصِلُهُ أنَّهم كانُوا في شَكٍّ مِن بَعْثَةِ رَسُولٍ واحِدٍ، وأنَّهم أيْقَنُوا أنَّ مَن يَدَّعِي الرِّسالَةَ بَعْدَهُ كاذِبٌ فَلِذَلِكَ كَذَّبُوا مُوسى.
ومَقالَتُهم هَذِهِ لا تَقْتَضِي أنَّهم كانُوا يُؤْمِنُونَ بِأنَّهُ رَسُولٌ ضَرُورَةَ أنَّهم كانُوا في شَكٍّ مِن ذَلِكَ وإنَّما أرادُوا بِها قَطْعَ هَذا الِاحْتِمالِ في المُسْتَقْبَلِ وكَشْفِ الشَّكِّ عَنْ نُفُوسِهِمْ، وظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ أنْ يُوسُفَ كانَ رَسُولًا لِظاهِرِ قَوْلِهِ ﴿قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا﴾ أنَّ رَسُولًا حالٌ مِن ضَمِيرِ (مِن بَعْدِهِ)، والوَجْهُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ (رَسُولًا) مَفْعُولَ (يَبْعَثُ) وأنَّهُ لا يَقْتَضِي وصْفَ يُوسُفَ بِهِ فَإنَّهُ لَمْ يَرِدْ في الأخْبارِ عَدُّهُ في الرُّسُلِ ولا أنَّهُ دَعا إلى دِينٍ في مِصْرَ وكَيْفَ واللَّهِ يَقُولُ ﴿ما كانَ لِيَأْخُذَ أخاهُ في دِينِ المَلِكِ إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ﴾ [يوسف: ٧٦] ولا شَكَّ في أنَّهُ نَبِيءٌ إذا وجَدَ مَساغًا لِلْإرْشادِ أظْهَرُهُ كَقَوْلِهِ ﴿يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أأرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أمِ اللَّهُ الواحِدُ القَهّارُ﴾ [يوسف: ٣٩] ﴿ما تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إلّا أسْماءً سَمَّيْتُمُوها أنْتُمْ وآباؤُكم ما أنْزَلَ اللَّهُ بِها مِن سُلْطانٍ﴾ [يوسف: ٤٠] وقَوْلُهُ ﴿إنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ [يوسف: ٣٧] ﴿واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إبْراهِيمَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ [يوسف: ٣٨] .
(p-١٤١)وعُدِّيَ فِعْلُ (جاءَكم) إلى ضَمِيرِ المُخاطَبِينَ. وأُسْنِدَ (فَما زِلْتُمْ) و(قُلْتُمْ) إلى ضَمِيرِهِمْ أيْضًا، وهو ما كانُوا مَوْجُودِينَ حِينَئِذٍ قَصْدًا لِحَمْلِ تَبِعَةِ أسْلافِهِمْ عَلَيْهِمْ وتَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِأنَّ التَّكْذِيبَ لِلنّاصِحِينَ واضْطِرابَ عُقُولِهِمْ في الِانْتِفاعِ بِدَلائِلِ الصِّدْقِ قَدْ ورِثُوهُ عَنْ أسْلافِهِمْ في جِبِلَّتِهِمْ وتَقَرَّرَ في نُفُوسِهِمْ فانْتِقالُهُ إلَيْهِمْ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ كَما تَقَدَّمَ في خِطابِ بَنِي إسْرائِيلَ في سُورَةِ البَقَرَةِ ﴿وإذْ نَجَّيْناكم مِن آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [البقرة: ٤٩] ونَحْوِهُ.
* * *
﴿كَذَلِكَ يَضِلُّ اللَّهُ مَن هو مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ ﴿الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أتاهم كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ﴾ .
جَرى أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ هَذِهِ الجُمَلَ حِكايَةً لِبَقِيَّةِ كَلامِ المُؤْمِنِ وبَعْضُهم جَعَلَ بَعْضَها مِن حِكايَةِ كَلامِ المُؤْمِنِ وبَعْضَها كَلامًا مِنَ اللَّهِ تَعالى، وذَلِكَ مِن تَجْوِيزِ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ﴿الَّذِينَ يُجادِلُونَ﴾ إلَخْ بَدَلًا أوْ مُبْتَدَأً، وسَكَتَ بَعْضُهم عَنْ ذَلِكَ مُقْتَصِرًا عَلى بَيانِ المَعْنى دُونَ تَصَدٍّ لِبَيانِ اتِّصالِها بِما قَبْلَها.
والَّذِي يَظْهَرُ أنَّ قَوْلَهُ ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن هو مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ إلى قَوْلِهِ (جَبّارٍ) كُلُّهُ مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى مُعْتَرِضٌ بَيْنَ كَلامِ المُؤْمِنِ وكَلامٍ فِرْعَوْنَ فَإنَّ هَذا مِنَ المَعانِي الإسْلامِيَّةِ قُصِدَ مِنهُ العِبْرَةُ بِحالِ المُكَذِّبِينَ بِمُوسى تَعْرِيضًا بِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ، أيْ كَضَلالِ قَوْمِ فِرْعَوْنِ يُضِلُّ اللَّهُ مَن هو مُسْرِفٌ مُرْتابٌ أمْثالَكم، فَكَذَلِكَ يَكُونُ جَزاؤُكم، ويُؤَيِّدُ هَذا الوَجْهَ قَوْلُهُ في آخِرِها ﴿وعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فَإنَّ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُؤْمِنٌ بِمُوسى وهارُونَ غَيْرُهُ، وهَذا مِن بابِ تَذَّكُّرِ الشَّيْءِ بِضِدِّهِ. ومِمَّ يَزِيدُ يَقِينًا بِهَذا أنَّ وصْفَ ﴿الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِ اللَّهِ﴾ تَكَرَّرَ أرْبَعَ مَرّاتٍ مَن أوَّلِ السُّورَةِ، ثُمَّ كانَ هُنا وسَطًا في قَوْلِهِ ﴿إنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أتاهم إنْ في صُدُورِهِمْ إلّا كِبْرٌ ما هم بِبالِغِيهِ﴾ [غافر: ٥٦]، ثُمَّ كانَ خاتِمَةً في قَوْلِهِ ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِ اللَّهِ أنّى يُصْرَفُونَ﴾ [غافر: ٦٩] .
(p-١٤٢)والإشارَةُ في قَوْلِهِ (كَذَلِكَ) إلى الضَّلالِ المَأْخُوذِ مِن قَوْلِهِ (يُضِلُّ اللَّهُ) أيْ مِثْلَ ذَلِكَ الضَّلالِ يَضِلُّ اللَّهُ المُسْرِفِينَ المُرْتابِينَ، أيْ أنَّ ضَلالَ المُشْرِكِينَ في تَكْذِيبِهِمْ مُحَمَّدًا ﷺ مِثْلَ ضَلالِ قَوْمِ فِرْعَوْنَ في تَكْذِيبِهِمْ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ.
والخِطابُ بِالكافِ المُقْتَرِنَةِ بِاسْمِ الإشارَةِ خِطابٌ لِلْمُسْلِمِينَ.
والمُسْرِفُ: المُفْرِطُ في فِعْلٍ لا خَيْرَ فِيهِ. والمُرْتابُ: شَدِيدُ الرَّيْبِ، أيِ الشَّكِّ.
وإسْنادُ الإضْلالِ إلى اللَّهِ كَإسْنادِ نَفْيِ الهِدايَةِ إلَيْهِ في قَوْلِهِ ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَن هو مُسْرِفٌ كَذّابٌ﴾ [غافر: ٢٨]، وتَقَدَّمَ آنِفًا.
وقَوْلُهُ ﴿الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِ اللَّهِ﴾ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ ﴿كَبُرَ مَقْتًا﴾ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ بَدَلًا مِن (مَن) في قَوْلِهِ ﴿مَن هو مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ فَبَيَّنَ أنَّ ماصَدَقَ (مَن) جَماعَةٌ لا واحِدٌ، فَرُوعِيَ في ﴿مَن هو مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ لَفَظُ (مَن) فَأُخْبِرَ عَنْهُ بِالإفْرادِ ورُوعِيَ في البَدَلِ مَعْنى (مَن) فَأُبْدِلَ مِنهُ مَوْصُولُ الجَمْعِ. وصِلَةُ (الَّذِينَ) عُرِفَ بِها المُشْرِكِينَ قالَ تَعالى ﴿إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ في آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا﴾ [فصلت: ٤٠] وقالَ في هَذِهِ السُّورَةِ ﴿ما يُجادِلُ في آياتِ اللَّهِ إلّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهم في البِلادِ﴾ [غافر: ٤] .
واخْتِيارُ المُضارِعِ في (يُجادِلُونَ) لِإفادَةِ تَجَدُّدِ مُجادَلَتِهِمْ وتَكَرُّرِها وأنَّهم لا يَنْفَكُّونَ عَنْها. وهَذا صَرِيحٌ في ذَمِّهِمْ وكِنايَةٌ عَنْ ذَمِّ جِدالِهِمْ الَّذِي أوْجَبَ ضَلالَهم.
وفِي المَوْصُولِيَّةِ إيماءٌ إلى عِلَّةِ إضْلالِهِمْ، أيْ سَبَبُ خَلْقِ الضَّلالِ في قُلُوبِهِمِ الإسْرافُ بِالباطِلِ وتَكَرُّرُ مُجادَلَتِهم قَصْدًا لِلْباطِلِ.
والمُجادَلَةُ تَكْرِيرُ الِاحْتِجاجِ لِإثْباتِ مَطْلُوبِ المُجادِلِ وإبْطالِ مَطْلُوبِ مَن يُخالِفُهُ قالَ تَعالى ﴿وجادِلْهم بِالَّتِي هي أحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥]، فَمِنَ المُجادَلَةِ في آياتِ اللَّهِ المُحاجَّةُ لِإبْطالِ دَلالَتِها، ومِنها المُكابَرَةُ فِيها كَما قالُوا (p-١٤٣)﴿قُلُوبُنا في أكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إلَيْهِ وفي آذانِنا وقْرٌ ومِن بَيْنِنا وبَيْنِكَ حِجابٌ﴾ [فصلت: ٥]، ومِنها قَطْعُ الِاسْتِماعِ لَها، كَما قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولٍ في وقْتِ صَراحَةِ كُفْرِهِ لِلنَّبِيءِ ﷺ «وقَدْ جاءَ النَّبِيءُ ﷺ مَجْلِسًا فِيهِ ابْنُ سَلُولٍ فَقَرَأ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ سَلُولٍ لا أُحْسِنُ مِمّا تَقُولُ أيُّها المَرْءُ ولا تَغُشُّنا بِهِ في مَجْلِسِنا واجْلِسْ في رَحَّلَكَ فَمَن جاءَكَ فاقْرَأْ عَلَيْهِ» .
و﴿بِغَيْرِ سُلْطانٍ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِ (يُجادِلُونَ)، والباءُ لِلِاسْتِعانَةِ، والسُّلْطانِ: الحُجَّةُ. والمَعْنى: أنَّهم يُجادِلُونَ بِما لَيْسَ بِحُجَّةٍ ولَكِنْ بِاللَّجاجِ والِاسْتِهْزاءِ.
و(أتاهم) صِفَةٌ لِ (سُلْطانٍ)، والإتْيانُ مُسْتَعارٌ لِلظُّهُورِ والحُصُولِ.
وحُصُولُ الحُجَّةِ هو اعْتِقادُها ولَوْحُها في العَقْلِ، أيْ يُجادِلُونَ جَدَلًا لَيْسَ مِمّا تُثِيرُهُ العُقُولُ والنَّظَرُ الفِكْرِيُّ ولَكِنَّهُ تَمْوِيهٌ وإسْكاتٌ.
وجُمْلَةُ ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ﴾ خَبَرُ (إنَّ) مِن بابِ الإخْبارِ بِالإنْشاءِ، وهي إنْشاءُ ذَمِّ جِدالِهِمُ المَقْصُودِ مِنهُ كَمُّ فَمِ الحَقِّ، أيْ كَبُرَ جِدالُهم مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ، فَفاعِلُ (كَبُرَ) ضَمِيرُ الجِدالِ المَأْخُوذِ مِن يُجادِلُونَ عَلى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ ﴿اعْدِلُوا هو أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ [المائدة: ٨] .
و(مَقْتًا) تَمْيِيزٌ لِلْكِبَرِ وهو تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ مُحَوَّلٌ عَنِ الفاعِلِ، والتَّقْدِيرُ: كَبُرَ مَقْتُ جِدالِهِمْ.
وفِعْلُ (كَبُرَ) هُنا مُلْحَقٌ بِأفْعالِ الذَّمِّ مِثْلِ: ساءَ، لِأنَّ وزْنَ فَعُلَ بِضَمِّ العَيْنِ يَجِيءُ بِمَعْنى: نِعْمَ وبِئْسَ، ولَوْ كانَتْ ضَمَّةُ عَيْنِهِ أصْلِيَّةً وبِهَذا تَفْظِيعٌ بِالصَّراحَةِ بَعْدَ أنِ اسْتُفِيدَ مِن صِلَةِ المَوْصُولِ أنَّ جِدالَهم هو سَبَبُ إضْلالِهِمْ ذَلِكَ الإضْلالَ المَكِينَ، فَحَصَلَ بِهَذا الِاسْتِئْنافِ تَقْرِيرُ فَظاعَةِ جِدالِهِمْ بِطَرِيقَيِ الكِنايَةِ والتَّصْرِيحِ.
والكِبْرُ: مُسْتَعارٌ لِلشِّدَّةِ، أيْ مَقَتَ جِدالَهَمْ مَقْتًا شَدِيدًا.
والمَقْتُ: شِدَّةُ البُغْضِ، وهو كِنايَةٌ عَنْ شِدَّةِ العِقابِ عَلى ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ. وكَوْنُهُ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ تَشْنِيعٌ لَهُ وتَفْظِيعٌ.
(p-١٤٤)أمّا عَطْفُ ﴿وعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فَلَمْ أرَ في التَّفاسِيرِ الكَثِيرَةِ الَّتِي بَيْنَ يَدِيَّ مَن عَرَّجَ عَلى فائِدَةِ عَطْفِ ﴿وعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ماعَدا المَهائِمِيَّ في تَبْصِرَةِ الرَّحْمَنِ إذْ قالَ ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ﴾ وهو مُوجِبٌ لِلْإضْلالِ ويَدُلُّ عَلى أنَّهُ كَبُرَ مَقْتًا أنَّهُ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا وهم المَظاهِرُ الَّتِي يَظْهَرُ فِيها ظُهُورُ الحَقِّ اهـ. وكَلِمَةُ المَهائِمِيِّ كَلِمَةٌ حَسَنَةٌ يَعْنِي أنَّ كَوْنَهُ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ لا يَحْصُلُ في عِلْمِ النّاسِ إلّا بِالخَبَرِ فَزِيدَ الخَبَرُ تَأْيِيدًا بِالمُشاهَدَةِ فَإنَّ الَّذِينَ آمَنُوا عَلى قِلَّتِهِمْ يَوْمَئِذٍ يَظْهَرُ بَيْنَهم بُغْضُ مُجادَلَةِ المُشْرِكِينَ وعِنْدِي: أنَّ أظْهَرَ مِن هَذا أنَّ اللَّهَ أرادَ التَّنْوِيهَ بِالمُؤْمِنِينَ ولَمْ يَرِدْ إقْناعَ المُشْرِكِينَ فَإنَّهم لا يَعْبَأُونَ بِبُغْضِ المُؤْمِنِينَ ولا يُصَدِّقُونَ بِبُغْضِ اللَّهِ إيّاهم، فالمَقْصُودُ الثَّناءُ عَلى المُؤْمِنِينَ بِأنَّهم يَكْرَهُونَ الباطِلَ، كَما قالَ ﴿والمُؤْمِنُونَ والمُؤْمِناتُ بَعْضُهم أوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ﴾ [التوبة: ٧١] مَعَ الإشارَةِ إلى تَبْجِيلِ مَكانَتِهِمْ بِأنْ ضُمَّتْ عِنْدِيَّتُهم إلى عِنْدِيَّةِ اللَّهِ تَعالى عَلى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿شَهِدَ اللَّهُ أنَّهُ لا إلَهَ إلّا هو والمَلائِكَةُ وأوْلَوُا العِلْمَ﴾ [آل عمران: ١٨] وقَوْلِهِ ﴿يا أيُّها النَّبِيءُ حَسْبُكَ اللَّهُ ومَن اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ٦٤] وقَوْلِهِ ﴿هُوَ الَّذِي أيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وبِالمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ٦٢] ونَحْوِ قَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ لِما ذَكَرَ حَدِيثَ كَلامِ الذِّئْبِ فَتَعَجَّبَ بَعْضُ مَن حَضَرَ فَقالَ آمَنَتْ بِذَلِكَ وأبُو بَكْرٍ ولَمْ يَكُنْ أبُو بَكْرٍ في المَجْلِسِ.
وفِي إسْنادِ كَراهِيَةِ الجِدالِ في آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ لِلْمُؤْمِنِينَ تَلْقِينٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالإعْراضِ عَنْ مُجادَلَةِ المُشْرِكِينَ عَلى نَحْوِ ما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أعْرَضُوا عَنْهُ﴾ [القصص: ٥٥]، وقَوْلِهِ ﴿وإذا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا﴾ [الفرقان: ٦٣] وقَوْلِهِ ﴿وإذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرامًا﴾ [الفرقان: ٧٢] .
والقَوْلُ في ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ﴾ كالقَوْلِ في ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن هو مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ .
والطَّبْعُ: الخَتْمُ، وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ [البقرة: ٧] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
والخَتْمُ والطَّبْعُ والأكِنَّةُ: خَلْقُ الضَّلالَةِ في القَلْبِ، أيِ النَّفْسِ.
والمُتَكَبِّرُ: ذُو الكِبْرِ المُبالَغِ فِيهِ ولِذَلِكَ اسْتُعِيرَتْ صِيغَةُ التَّكَلُّفِ.
(p-١٤٥)والجَبّارُ: مِثالُ مُبالَغَةٍ مِنَ الجَبْرِ، وهو الإكْراهُ، فالجَبّارُ: الَّذِي يُكْرِهُ النّاسَ عَلى ما لا يُحِبُّونَ عَمَلَهُ لِظُلْمِهِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ﴾ بِإضافَةِ (قَلَبِ) إلى (مُتَكَبِّرٍ)، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو وحْدَهُ وابْنُ ذَكْوانَ عَنْ عامِرٍ بِتَنْوِينِ (قَلْبِ) عَلى أنْ يَكُونَ (مُتَكَبِّرٍ) و(جَبّارٍ) صِفَتَيْنِ لِ (قَلْبِ)، ووَصْفُ القَلْبِ بِالتَّكَبُّرِ والجَبْرِ مَجازٌ عَقْلِيٌّ. والمَقْصُودُ وصْفُ صاحِبِهِ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣] لِأنَّهُ سَبَبُ الإثْمِ كَما يُقالُ: رَأتْ عَيْنِي وسَمِعَتْ أُذُنِي.
{"ayahs_start":34,"ayahs":["وَلَقَدۡ جَاۤءَكُمۡ یُوسُفُ مِن قَبۡلُ بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَمَا زِلۡتُمۡ فِی شَكࣲّ مِّمَّا جَاۤءَكُم بِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَن یَبۡعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِهِۦ رَسُولࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ مُّرۡتَابٌ","ٱلَّذِینَ یُجَـٰدِلُونَ فِیۤ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَیۡرِ سُلۡطَـٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۚ كَذَ ٰلِكَ یَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرࣲ جَبَّارࣲ"],"ayah":"وَلَقَدۡ جَاۤءَكُمۡ یُوسُفُ مِن قَبۡلُ بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَمَا زِلۡتُمۡ فِی شَكࣲّ مِّمَّا جَاۤءَكُم بِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَن یَبۡعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِهِۦ رَسُولࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ مُّرۡتَابٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق