الباحث القرآني
(p-١٠٩)﴿وما أرْسَلْنا مِن رَسُولٍ إلّا لِيُطاعَ بِإذْنِ اللَّهِ﴾ .
جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ في خِلالِ الخَبَرِ عَنْ قَضِيَّةِ المُنافِقِ الَّذِي تَحاكَمَ إلى الطّاغُوتِ. وهو رُجُوعٌ إلى الغَرَضِ الأوَّلِ، وهو الإنْحاءُ عَلَيْهِمْ في إعْراضِهِمْ عَنِ التَّحاكُمِ إلى الرَّسُولِ، وأنَّ إعْراضَهم ذَلِكَ مُؤْذِنٌ بِنِفاقِهِمْ: بِبَيانِ أنَّ مَعْنى الإيمانِ الرِّضا بِحُكْمِ الرَّسُولِ إذْ ما جاءَ الرَّسُولُ إلّا لِيُطاعَ فَكَيْفَ يُعْرَضُ عَنْهُ.
وقَوْلُهُ بِإذْنِ اللَّهِ في مَوْضِعِ الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ في (يُطاعَ) أيْ مُتَلَبِّسًا في ذَلِكَ بِإذْنِ اللَّهِ أيْ بِأمْرِهِ ووِصايَتِهِ، إذْ لا تَظْهَرُ فائِدَةُ الشَّرائِعِ بِدُونِ امْتِثالِها. فَمِنَ الرُّسُلِ مَن أُطِيعَ، ومِنهم مَن عُصِيَ تارَةً أوْ دائِمًا، وقَدْ عُصِيَ مُوسى في مَواقِعَ، وعُصِيَ عِيسى في مُعْظَمِ أمْرِهِ، ولَمْ يُعْصَ مُحَمَّدٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِهِ المُحِقِّينَ إلّا بِتَأوُّلٍ مِثْلِ ما وقَعَ في يَوْمِ أُحُدٍ إذْ قالَ اللَّهُ تَعالى ”وعَصَيْتُمْ“، وإنَّما هو عِصْيانٌ بِتَأوُّلٍ، ولَكِنَّهُ اعْتُبِرَ عِصْيانًا لِكَوْنِهِ في الواقِعِ مُخالَفَةً لِأمْرِ الرَّسُولِ؛ ولِذَلِكَ كانَ أكْمَلُ مَظاهِرِ الرِّسالَةِ تَأْيِيدَ الرَّسُولِ بِالسُّلْطانِ، وكَوْنَ السُّلْطانِ في شَخْصِهِ لِكَيْلا يَكُونَ في حاجَةٍ إلى غَيْرِهِ، وإنَّما تَمَّ هَذا المَظْهَرُ في رِسالَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ ولِذَلِكَ وُصِفَ بِأنَّهُ نَبِيءُ المَلاحِمِ، وقَدِ ابْتَدَأتْ بَوارِقُ ذَلِكَ في رِسالَةِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ -، ولَمْ تُسْتَكْمَلْ، وكَمُلَتْ لِمُحَمَّدٍ ﷺ . قالَ تَعالى ﴿لَقَدْ أرْسَلْنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وأنْزَلْنا مَعَهُمُ الكِتابَ والمِيزانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالقِسْطِ وأنْزَلْنا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ ولِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنْصُرُهُ ورُسُلَهُ بِالغَيْبِ﴾ [الحديد: ٢٥] ولا أحْسَبُهُ أرادَ بِرُسُلِهِ إلّا رَسُولَهُ مُحَمَّدًا ﷺ وكانَ هو المُرادُ مِنَ الجَمْعِ لِأنَّهُ الأكْمَلُ فِيهِمْ.
* * *
﴿ولَوْ أنَّهم إذْ ظَلَمُوا أنْفُسَهم جاءُوكَ فاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوّابًا رَحِيمًا﴾ .
عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿فَكَيْفَ إذا أصابَتْهم مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ﴾ [النساء: ٦٢] تَوْبِيخًا لَهم عَلى تَحاكُمِهِمْ إذْ كانَ ذَلِكَ عِصْيانًا عَلى عِصْيانٍ، فَإنَّهم ما كَفاهم أنْ أعْرَضُوا عَنْ تَحْكِيمِ الرَّسُولِ حَتّى زادُوا فَصَدُّوا عَمَّنْ قالَ لَهم: ﴿تَعالَوْا إلى ما أنْزَلَ اللَّهُ وإلى الرَّسُولِ﴾ [النساء: ٦١] . فَلَوِ (p-١١٠)اسْتَفاقُوا حِينَئِذٍ مِن غُلَوائِهِمْ لَعَلِمُوا أنَّ إرادَتَهم أنْ يَتَحاكَمُوا إلى الكُفّارِ والكَهَنَةِ جَرِيمَةٌ يَجِبُ الِاسْتِغْفارُ مِنها ولَكِنَّهم أصَرُّوا واسْتَكْبَرُوا. وفي ذِكْرِ ”لَوْ“ وجَعْلِ ﴿لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوّابًا رَحِيمًا﴾ جَوابًا لَها إشارَةٌ إلى أنَّهم لَمّا لَمْ يَفْعَلُوا فَقَدْ حُرِمُوا الغُفْرانَ.
وكانَ فِعْلُ هَذا المُنافِقِ ظُلْمًا لِنَفْسِهِ، لِأنَّهُ أقْحَمَها في مَعْصِيَةِ اللَّهِ ومَعْصِيَةِ الرَّسُولِ، فَجَرَّ لَها عِقابَ الآخِرَةِ وعَرَّضَها لِمَصائِبِ الِانْتِقامِ في العاجِلَةِ.
{"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِیُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ جَاۤءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُوا۟ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُوا۟ ٱللَّهَ تَوَّابࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق