الباحث القرآني
﴿إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وإنْ تَكُ حَسَنَةٌ يُضاعِفْها ويُؤْتِ مِن لَدُنْهُ أجْرًا عَظِيمًا﴾ .
اسْتِئْنافٌ بَعْدَ أنْ وصَفَ حالَهم، وأقامَ الحُجَّةَ عَلَيْهِمْ، وأراهم تَفْرِيطَهم مَعَ سُهُولَةِ أخْذِهِمْ بِالحَيْطَةِ لِأنْفُسِهِمْ لَوْ شاءُوا، بَيَّنَ أنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنِ الظُّلْمِ القَلِيلِ، بَلْهَ الظُّلْمِ الشَّدِيدِ، فالكَلامُ تَعْرِيضٌ بِوَعِيدٍ مَحْذُوفٍ هو مِن جِنْسِ العِقابِ، وأنَّهُ في حَقِّهِمْ عَدْلٌ، لِأنَّهُمُ اسْتَحَقُّوهُ بِكُفْرِهِمْ، وقَدْ دَلَّتْ عَلى ذَلِكَ المُقَدَّرِ أيْضًا مُقابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وإنْ تَكُ حَسَنَةٌ﴾ ولَمّا كانَ المَنفِيُّ الظُّلْمَ، عَلى أنَّ مِثْقالَ ذَرَّةٍ تَقْدِيرٌ لِأقَلِّ ظُلْمٍ، فَدَلَّ عَلى أنَّ المُرادَ أنَّ اللَّهَ لا يُؤاخِذُ المُسِيءَ بِأكْثَرِ مِن جَزاءِ سَيِّئَتِهِ.
وانْتَصَبَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ بِالنِّيابَةِ عَنِ المَفْعُولِ المُطْلَقِ، أيْ لا يَظْلِمُ ظُلْمًا مُقَدَّرًا بِمِثْقالِ ذَرَّةٍ، والمِثْقالُ ما يَظْهَرُ بِهِ الثِّقَلُ، فَلِذَلِكَ صِيغَ عَلى وزْنِ اسْمِ الآلَةِ، والمُرادُ بِهِ المِقْدارُ.
والذَّرَّةُ تُطْلَقُ عَلى بَيْضَةِ النَّمْلَةِ، وعَلى ما يَتَطايَرُ مِنَ التُّرابِ عِنْدَ النَّفْخِ، وهَذا أحْقَرُ ما يُقَدَّرُ بِهِ، فُعُلِمَ انْتِفاءُ ما هو أكْثَرُ مِنهُ بِالأوْلى. وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو جَعْفَرٍ ”حَسَنَةٌ“ بِالرَّفْعِ عَلى أنَّ ”تَكُ“ مُضارِعُ كانَ التّامَّةِ، أيْ إنْ تُوجَدْ حَسَنَةٌ. وقَرَأهُ الجُمْهُورُ بِنَصْبِ (حَسَنَةً) عَلى الخَبَرِيَّةِ لِـ ”تَكُ“ عَلى اعْتِبارِ كانَ ناقِصَةً، واسْمُ كانَ المُسْتَتِرُ عائِدٌ إلى مِثْقالِ ذَرَّةٍ، وجِيءَ بِفِعْلِ الكَوْنِ بِصِيغَةِ فِعْلِ المُؤَنَّثِ مُراعاةً لِلَفْظِ ”ذَرَّةٍ“ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ (مِثْقالُ) لِأنَّ لَفْظَ ”مِثْقالَ“ مُبْهَمٌ لا يُمَيِّزُهُ إلّا لَفْظُ ذَرَّةٍ فَكانَ كالمُسْتَغْنى عَنْهُ.
(p-٥٦)والمُضاعَفَةُ إضافَةُ الضِّعْفِ بِكَسْرِ الضّادِ أيِ المَثَلِ، يُقالُ: ضاعَفَ وضَعَّفَ وأضْعَفَ، وهي بِمَعْنًى واحِدٍ عَلى التَّحْقِيقِ عِنْدَ أيِمَّةِ اللُّغَةِ، مِثْلِ أبِي عَلِيٍّ الفارِسِيِّ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ (ضاعَفَ) يَقْتَضِي أكْثَرَ مِن ضِعْفٍ واحِدٍ و(ضَعَّفَ) يَقْتَضِي ضِعْفَيْنِ. ورُدَّ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُضاعَفْ لَها العَذابُ ضِعْفَيْنِ﴾ [الأحزاب: ٣٠] . وأمّا دَلالَةُ إحْدى الصِّيَغِ الثَّلاثِ عَلى مِقْدارِ التَّضْعِيفِ فَيُؤْخَذُ مِنَ القَرائِنِ لِحِكْمَةِ الصِّيغَةِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ: يُضاعِفْها، وقَرَأهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ، وأبُو جَعْفَرٍ: (يُضَعِّفْها) بِدُونِ ألِفٍ بَعْدَ العَيْنِ وبِتَشْدِيدِ العَيْنِ.
والأجْرُ العَظِيمُ ما يُزادُ عَلى الضِّعْفِ، ولِذَلِكَ أضافَهُ اللَّهُ تَعالى إلى ضَمِيرِ الجَلالَةِ، فَقالَ ”مِن لَدُنْهُ“ إضافَةَ تَشْرِيفٍ. وسَمّاهُ أجْرًا لِكَوْنِهِ جَزاءً عَلى العَمَلِ الصّالِحِ، وقَدْ رُوِيَ أنَّ هَذا نَزَلَ في ثَوابِ الهِجْرَةِ.
{"ayah":"إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةࣰ یُضَـٰعِفۡهَا وَیُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق