الباحث القرآني
﴿وبِكُفْرِهِمْ وقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتانًا عَظِيمًا﴾ ﴿وقَوْلِهم إنّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولَكِنْ شُبِّهَ لَهم وإنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفي شَكٍّ مِنهُ ما لَهم بِهِ مِن عِلْمٍ إلّا اتِّباعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧] .
عُطِفَ (وبِكُفْرِهِمْ) مَرَّةً ثانِيَةً عَلى قَوْلِهِ (فَبِما نَقْضِهِمْ) ولَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ ”﴿وكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٥٥]“، وأُعِيدَ مَعَ ذَلِكَ حَرْفُ الجَرِّ الَّذِي يُغْنِي عَنْهُ حَرْفُ العَطْفِ قَصْدًا لِلتَّأْكِيدِ، واعْتُبِرَ العَطْفُ لِأجْلِ بُعْدِ ما بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، ولِأنَّهُ في مَقامِ التَّهْوِيلِ لِأمْرِ الكُفْرِ؛ فالمُتَكَلِّمُ يَذْكُرُهُ ويُعِيدُهُ: يَتَثَبَّتُ ويُرِي أنَّهُ لا رِيبَةَ في إناطَةِ الحُكْمِ بِهِ، ونَظِيرُ هَذا التَّكْرِيرِ قَوْلُ لَبِيدٍ:
؎فَتَنازَعا سَبِطًا يَطِيرُ ظِلالُـهُ كَدُخانِ مُشْعَلَةٍ يَشِبُّ ضِرامُها
؎مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنابِتِ عَرْفَـجٍ ∗∗∗ كَدُخانِ نارٍ ساطِعٍ أسْنامُهَـا
(p-١٩)فَأعادَ التَّشْبِيهَ بِقَوْلِهِ (كَدُخانِ نارٍ) لِيُحَقِّقَ مَعْنى التَّشْبِيهِ الأوَّلِ. وفي الكَشّافِ ”تَكَرَّرَ الكُفْرُ مِنهم لِأنَّهم كَفَرُوا بِمُوسى ثُمَّ بِعِيسى ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فَعُطِفَ بَعْضُ كُفْرِهِمْ عَلى بَعْضٍ“، أيْ فالكَفْرُ الثّانِي اعْتُبِرَ مُخالِفًا لِلَّذِي قَبْلَهُ بِاعْتِبارِ عَطْفِ قَوْلِهِ (﴿وقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتانًا﴾) . ونَظِيرُهُ قَوْلُ عُوَيْفٍ القَوافِيِّ:
؎واللُّؤْمُ أكْرَمُ مِن وبْـرٍ ووالِـدِهِ ∗∗∗ واللُّؤْمُ أكْرَمُ مِن وبْرٍ وما ولَدا
إذْ عَطَفَ قَوْلَهُ (واللُّؤْمُ أكْرَمُ مِن وبْرٍ) بِاعْتِبارِ أنَّ الثّانِي قَدْ عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وما ولَدا) .
والبُهْتانُ مَصْدَرُ (بَهَتَهُ) إذا أتاهُ بِقَوْلٍ أوْ عَمَلٍ لا يَتَرَقَّبُهُ ولا يَجِدُ لَهُ جَوابًا، والَّذِي يَتَعَمَّدُ ذَلِكَ بَهُوتٌ، وجَمْعُهُ: بُهُتٌ وبُهْتٌ. وقَدْ زَيَّنَ اليَهُودُ ما شاءُوا في الإفْكِ عَلى مَرْيَمَ - عَلَيْها السَّلامُ - . أمّا قَوْلُهم إنّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ، فَمَحَلُّ المُؤاخَذَةِ عَلَيْهِمْ مِنهُ: هو أنَّهم قَصَدُوا أنْ يَعُدُّوا هَذا الإثْمَ في مَفاخِرِ أسْلافِهِمُ الرّاجِعَةِ إلى الإخْلافِ بِالعَهْدِ المُبِينِ في سَبِيلِ نَصْرِ الدِّينِ.
والمَسِيحُ كانَ لَقَبًا لِعِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ لَقَّبَهُ بِهِ اليَهُودُ تَهَكُّمًا عَلَيْهِ؛ لِأنَّ مَعْنى المَسِيحِ في اللُّغَةِ العِبْرِيَّةِ بِمَعْنى المَلِكِ. كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى (﴿اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [آل عمران: ٤٥]) في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ، وهو لَقَبٌ قَصَدُوا مِنهُ التَّهَكُّمَ، فَصارَ لَقَبًا لَهُ بَيْنَهم. وقَلَبَ اللَّهُ قَصْدَهم تَحْقِيرَهُ فَجَعَلَهُ تَعْظِيمًا لَهُ. ونَظِيرُهُ ما كانَ يُطْلِقُ بَعْضُ المُشْرِكِينَ عَلى النَّبِيءِ مُحَمَّدٍ ﷺ اسْمَ مُذَمَّمٍ، قالَتِ امْرَأةُ أبِي لَهَبٍ: مُذَمَّمًا عَصَيْنا، وأمْرَهُ أبَيْنا. فَقالَ النَّبِيءُ ﷺ «ألا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ ولَعْنَهم، يَشْتُمُونَ ويَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وأنا مُحَمَّدٌ» .
(p-٢٠)وقَوْلُهُ (رَسُولُ اللَّهِ) إنْ كانَ مِنَ الحِكايَةِ: فالمَقْصُودُ مِنهُ الثَّناءُ عَلَيْهِ والإيماءُ إلى أنَّ الَّذِينَ يَتَبَجَّحُونَ بِقَتْلِهِ أحْرِياءُ بِما رَتَّبَ لَهم عَلى قَوْلِهِمْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ نَصْبُ رَسُولِ اللَّهِ عَلى المَدْحِ، وإنْ كانَ مِنَ المَحْكِيِّ: فَوَصْفُهم إيّاهُ مِنهُ التَّهَكُّمَ، كَقَوْلِ المُشْرِكِينَ لِلنَّبِيءِ ﷺ (﴿يا أيُّها الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ [الحجر: ٦]) وقَوْلِ أهْلِ مَدْيَنَ لِشُعَيْبٍ (﴿أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أوْ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ إنَّكَ لَأنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ [هود: ٨٧]) فَيَكُونُ نَصْبُ رَسُولِ اللَّهِ عَلى النَّعْتِ لِلْمَسِيحِ.
وقَوْلُهُ (﴿وما قَتَلُوهُ﴾ [النساء: ١٥٧]) الخَ الظّاهِرُ أنَّ الواوَ فِيهِ لِلْحالِ، أيْ قَوْلِهِمْ ذَلِكَ في حالِ أنَّهم ما قَتَلُوهُ، ولَيْسَ خَبَرًا عَنْ نَفْيِ القَتْلِ لِأنَّهُ لَوْ كانَ خَبَرًا لاقْتَضى الحالُ تَأْكِيدَهُ بِمُؤَكِّداتٍ قَوِيَّةٍ، ولَكِنَّهُ لَمّا كانَ حالًا مِن فاعِلِ القَوْلِ المَعْطُوفِ عَلى أسْبابِ لَعْنِهِمْ ومُؤاخَذَتِهِمْ كانَتْ تِلْكَ الأسْبابُ مُفِيدَةً ثُبُوتَ كَذِبِهِمْ، عَلى أنَّهُ يَجُوزُ كَوْنُهُ خَبَرًا مَعْطُوفًا عَلى الجُمَلِ المُخْبَرِ بِها عَنْهم، ويَكُونُ تَجْرِيدُهُ مِنَ المُؤَكِّداتِ: إمّا لِاعْتِبارِ أنَّ المُخاطَبَ بِهِ هُمُ المُؤْمِنُونَ، وإمّا لِاعْتِبارِ هَذا الخَبَرِ غَنِيًّا عَنِ التَّأْكِيدِ، فَيَكُونُ تَرْكُ التَّأْكِيدِ تَخْرِيجًا عَلى خِلافِ مُقْتَضى الظّاهِرِ، وإمّا لِكَوْنِهِ لَمْ يُتَلَقَّ إلّا مِنَ اللَّهِ العالِمِ بِخَفِيّاتِ الأُمُورِ، فَكانَ أعْظَمَ مِن أنْ يُؤَكَّدَ.
وعَطَفَ (﴿وما صَلَبُوهُ﴾ [النساء: ١٥٧]) لِأنَّ الصَّلْبَ قَدْ يَكُونُ دُونَ القَتْلِ، فَقَدْ كانُوا رُبَّما صَلَبُوا الجانِيَ تَعْذِيبًا لَهُ ثُمَّ عَفَوْا عَنْهُ، وقالَ تَعالى ﴿إنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ ويَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسادًا أنْ يُقَتَّلُوا أوْ يُصَلَّبُوا﴾ [المائدة: ٣٣] .
والمَشْهُورُ في الِاسْتِعْمالِ: أنَّ الصَّلْبَ هو أنْ يُوثَقَ المَعْدُودُ لِلْقَتْلِ عَلى خَشَبَةٍ بِحَيْثُ لا يَسْتَطِيعُ التَّحَرُّكَ ثُمَّ يُطْعَنُ بِالرُّمْحِ أوْ يُرْمى بِسَهْمٍ، وكَذَلِكَ كانُوا يَزْعُمُونَ أنَّ عِيسى صُلِبَ ثُمَّ طُعِنَ بِرُمْحٍ في قَلْبِهِ.
وجُمْلَةُ (ولَكِنْ شُبِّهَ لَهُمُ) اسْتِدْراكٌ، والمُسْتَدْرَكُ هو ما أفادَهُ (وما قَتَلُوهُ) مِن كَوْنِ هَذا القَوْلِ لا شُبْهَةَ فِيهِ. وأنَّهُ اخْتِلاقٌ مَحْضٌ، فَبَيَّنَ بِالِاسْتِدْراكِ أنَّ أصْلَ ظَنِّهِمْ أنَّهم قَتَلُوهُ أنَّهم تَوَهَّمُوا أنَّهم قَتَلُوهُ، وهي شُبْهَةٌ أوْهَمَتِ اليَهُودَ (p-٢١)أنَّهم قَتَلُوا المَسِيحَ، وهي ما رَأوْهُ ظاهِرًا مِن وُقُوعِ قَتْلٍ وصَلْبٍ عَلى ذاتٍ يَعْتَقِدُونَها ذاتَ المَسِيحِ، وبِهَذا ورَدَتِ الآثارُ في تَأْوِيلِ كَيْفِيَّةِ مَعْنى الشَّبَهِ.
وقَوْلُهُ (شُبِّهَ لَهم) يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَعْناهُ: أنَّ اليَهُودَ الَّذِينَ زَعَمُوا قَتْلَهُمُ المَسِيحَ في زَمانِهِمْ قَدْ شُبِّهَ لَهم مُشَبَّهٌ بِالمَسِيحِ فَقَتَلُوهُ، ونَجّى اللَّهُ المَسِيحَ مِن إهانَةِ القَتْلِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ (شُبِّهَ) فِعْلًا مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، مُشْتَقًّا مِنَ الشَّبَهِ، وهو المُماثَلَةُ في الصُّورَةِ. وحُذِفَ المَفْعُولُ الَّذِي حَقُّهُ أنْ يَكُونَ نائِبَ فاعِلٍ (شُبِّهَ) لِدَلالَةِ فِعْلِ (شُبِّهَ) عَلَيْهِ؛ فالتَّقْدِيرُ: شُبِّهَ مُشَبَّهٌ فَيَكُونُ لَهم نائِبًا عَنِ الفاعِلِ. وضَمِيرُ (لَهم) عَلى هَذا الوَجْهِ عائِدٌ إلى الَّذِينَ قالُوا ﴿إنّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ [النساء: ١٥٧] وهم يَهُودُ زَمانِهِ، أيْ وقَعَتْ لَهُمُ المُشابَهَةُ، واللّامُ عَلى هَذا بِمَعْنى عِنْدَ كَما تَقُولُ: حَصَلَ لِي ظَنٌّ بِكَذا. والِاسْتِدْراكُ بَيِّنٌ عَلى هَذا الِاحْتِمالِ.
ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى ولَكِنْ شُبِّهَ لِلْيَهُودِ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ خَبَرُ صَلْبِ المَسِيحِ، أيِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمُ الكَذِبُ بِالصِّدْقِ، فَيَكُونُ مِن بابِ قَوْلِ العَرَبِ: خُيِّلَ إلَيْكَ، واخْتَلَطَ عَلى فُلانٍ. ولَيْسَ ثَمَّةَ شَبِيهٌ بِعِيسى ولَكِنَّ الكَذِبَ في خَبَرِهِ شَبِيهٌ بِالصِّدْقِ، واللّامُ عَلى هَذا لامُ الأجَلِ: أيْ لُبِسَ الخَبَرُ كَذِبُهُ بِالصِّدْقِ لِأجْلِهِمْ، أيْ لِتَضْلِيلِهِمْ، أيْ أنَّ كُبَراءَهُمُ اخْتَلَقُوهُ لَهم لِيُبَرِّدُوا غَلِيلَهم مِنَ الحَنَقِ عَلى عِيسى إذْ جاءَ بِإبْطالِ ضَلالاتِهِمْ. أوْ تَكُونُ اللّامُ بِمَعْنى (عَلى) لِلِاسْتِعْلاءِ المَجازِيِّ، كَقَوْلِهِ تَعالى (﴿وإنْ أسَأْتُمْ فَلَها﴾ [الإسراء: ٧]) . ونُكْتَةُ العُدُولِ عَنْ حَرْفٍ عَلى تَضْمِينِ فِعْلِ شُبِّهَ مَعْنى صُنِعَ، أيْ صَنَعَ الأحْبارُ هَذا الخَبَرَ لِأجْلِ إدْخالِ الشُّبْهَةِ عَلى عامَّتِهِمْ.
وفِي الأخْبارِ أنَّ يَهُوذا الِاسْخِرْيُوطِيَّ أحَدُ أصْحابِ المَسِيحِ، وكانَ قَدْ ضَلَّ ونافَقَ هو الَّذِي وشى بِعِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ وهو الَّذِي ألْقى اللَّهُ عَلَيْهِ شَبَهَ عِيسى، وأنَّهُ الَّذِي صُلِبَ، وهَذا أصْلُهُ في إنْجِيلِ بِرَنابِي أحَدُ تَلامِيذِ الحَوارِيِّينَ. وهَذا يُلائِمُ الِاحْتِمالَ الأوَّلَ.
ويُقالُ: إنَّ بِيلاطِسَ، والِيَ فِلَسْطِينَ، سُئِلَ في رُومَةَ عَنْ قَضِيَّةِ قَتْلِ عِيسى وصَلْبِهِ فَأجابَ بِأنَّهُ لا عِلْمَ لَهُ بِشَيْءٍ مِن هَذِهِ القَضِيَّةِ، فَتَأيَّدَ بِذَلِكَ اضْطِرابُ (p-٢٢)النّاسِ في وُقُوعِ قَتْلِهِ وصَلْبِهِ، ولَمْ يَقَعْ وإنَّما اخْتَلَقَ اليَهُودُ خَبَرَهُ، وهَذا يُلائِمُ الِاحْتِمالَ الثّانِي.
والَّذِي يَجِبُ اعْتِقادُهُ بِنَصِّ القُرْآنِ: أنَّ المَسِيحَ لَمْ يُقْتَلْ، ولا صُلِبَ، وأنَّ اللَّهَ رَفَعَهُ إلَيْهِ ونَجّاهُ مِن طالِبِيهِ، وأمّا ما عَدا ذَلِكَ فالأمْرُ فِيهِ مُحْتَمَلٌ. وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ في رَفْعِهِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿إنِّي مُتَوَفِّيكَ ورافِعُكَ إلَيَّ﴾ [آل عمران: ٥٥] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ.
وقَوْلُهُ ﴿وإنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفي شَكٍّ مِنهُ﴾ [النساء: ١٥٧] يَدُلُّ عَلى وُقُوعِ خِلافٍ في شَأْنِ قَتْلِ المَسِيحِ. والخِلافُ فِيهِ مَوْجُودٌ بَيْنَ المَسِيحِيِّينَ: فَجُمْهُورُهم يَقُولُونَ: قَتَلَتْهُ اليَهُودُ، وبَعْضُهم يَقُولُ: لَمْ يَقْتُلْهُ اليَهُودُ، ولَكِنْ قَتَلُوا يَهُوذا الِاسْخِرْيُوطِيَّ الَّذِي شُبِّهَ لَهم بِالمَسِيحِ، وهَذا الِاعْتِقادُ مَسْطُورٌ في إنْجِيلِ بِرْنابِي الَّذِي تَعْتَبِرُهُ الكَنِيسِيَّةُ اليَوْمَ كِتابًا مُحَرَّفًا فالمَعْنى أنَّ مُعْظَمَ النَّصارى المُخْتَلِفِينَ في شَأْنِهِ غَيْرُ مُؤْمِنِينَ بِصَلْبِهِ. بَلْ يُخالِجُ أنْفُسَهُمُ الشَّكُّ، ويَتَظاهَرُونَ بِاليَقِينِ، وما هو بِاليَقِينِ، فَما لَهم بِهِ مِن عِلْمٍ قاطِعٍ إلّا اتِّباعَ الظَّنِّ. فالمُرادُ بِالظَّنِّ هُنا: مَعْنى الشَّكِّ، وقَدْ أُطْلِقَ الظَّنُّ عَلى هَذا في مَواضِعَ كَثِيرَةٍ مِن كَلامِ العَرَبِ، وفي القُرْآنِ (﴿إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢])، وفي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إيّاكم والظَّنَّ فَإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَدِيثِ» . فالِاسْتِثْناءُ في قَوْلِهِ إلّا اتِّباعَ الظَّنِّ مُنْقَطِعٌ، كَقَوْلِ النّابِغَةِ:
؎حَلَفْتُ يَمِينًا غَيْرَ ذِي مَثْـنَـوِيَّةٍ ∗∗∗ ولا عِلْمَ إلّا حُسْنُ ظَنٍّ بِصاحِبِ
{"ayah":"وَبِكُفۡرِهِمۡ وَقَوۡلِهِمۡ عَلَىٰ مَرۡیَمَ بُهۡتَـٰنًا عَظِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق