الباحث القرآني

﴿قُلْ إنَّما أنا مُنْذِرٌ وما مِن إلَهٍ إلّا اللَّهُ الواحِدُ القَهّارُ﴾ ﴿رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما العَزِيزُ الغَفّارُ﴾ هَذا راجَعٌ إلى قَوْلِهِ ﴿وقاَلَ الكافِرُونَ هَذا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ [ص: ٤] إلى قَوْلِهِ ﴿أأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنا﴾ [ص: ٨] فَلَمّا ابْتَدَرَهُمُ الجَوابُ. عَنْ ذَلِكَ التَّكْذِيبِ بِأنْ نَظَّرَ حالَهَمْ بِحالِ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ مِن قَبْلِهِمْ ولِتَنْظِيرِ حالِ الرَّسُولِ ﷺ بِحالِ الأنْبِياءِ الَّذِينَ صَبَرُوا، واسْتَوْعَبَ ذَلِكَ بِما فِيهِ مَقْنَعٌ عادَ الكَلامُ إلى تَحْقِيقِ مَقامِ الرَّسُولِ ﷺ مَن قَوْمِهِ فَأمَرَهُ اللَّهُ أنْ يَقُولَ إنَّما أنا مُنْذِرٌ مُقابِلَ قَوْلِهِمْ ﴿هَذا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ [ص: ٤] (p-٢٩٥)وأنْ يَقُولَ ما مِنَ إلَهٌ إلّا اللَّهُ مُقابِلَ إنْكارِهِمُ التَّوْحِيدَ كَقَوْلِهِمْ ﴿أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا﴾ [ص: ٥] فالجُمْلَةُ اسْتِئْنافٌ ابْتِدائِيٌّ. وذِكْرُ صِفَةِ الواحِدِ تَأْكِيدٌ لِمَدْلُولِ ”مِن إلَهٍ إلّا اللَّهُ إيماءً إلى رَدِّ إنْكارِهِمْ. وذِكْرُ صِفَةِ“ القَهّارِ ”تَعْرِيضٌ بِتَهْدِيدِ المُشْرِكِينَ بِأنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى قَهْرِهِمْ، أيْ: غَلَبِهِمْ. وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى القَهْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وهُوَ القاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ﴾ [الأنعام: ١٨] في سُورَةِ الأنْعامِ. وإتْباعُ ذَلِكَ بِصِفَةِ ﴿رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما﴾ تَصْرِيحٌ بِعُمُومِ رُبُوبِيَّتِهِ وأنَّهُ لا شَرِيكَ لَهُ في شَيْءٍ مِنها. ووَصْفُ“ العَزِيزُ " تَمْهِيدٌ لِلْوَصْفِ بِـ الغَفّارِ، أيْ: الغَفّارُ عَنْ عِزَّةٍ ومَقْدِرَةٍ لا عَنْ عَجْزٍ ومَلَقٍ أوْ مُراعاةِ جانِبٍ مُساوٍ. والمَقْصُودُ مِن وصْفِ الغَفّارِ هُنا اسْتِدْعاءُ المُشْرِكِينَ إلى التَّوْحِيدِ بَعْدَ تَهْدِيدِهِمْ بِمُفادِ وصْفِ القَهّارِ لِكَيْ لا يَيْأسُوا مِن قَبُولِ التَّوْبَةِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ ما سِيقَ إلَيْهِمْ مِنَ الوَعِيدِ جَرْيًا عَلى عادَةِ القُرْآنِ في تَعْقِيبِ التَّرْهِيبِ بِالتَّرْغِيبِ والعَكْسِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب